مقتل "أربعة عمّال يمنيين" بقصف على حقل للغاز في كردستان العراق    مركبة مرسيدس بنز ذاتية القيادة من المستوى 3    "نهائي عربي" في بطولة دوري أبطال أفريقيا    اليوم السبت : سيئون مع شبام والوحدة مع البرق في الدور الثاني للبطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت    مقاتلو المغرب على موعد مع التاريخ في "صالات الرياض الخضراء"    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    جماعة الحوثي توجه تحذيرات للبنوك الخاصة بصنعاء من الأقدام على هذه الخطوة !    تقرير مروع يكشف عن عدد ضحايا " القات" في اليمن سنويا ويطلق تحذيرا !    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    لماذا يخوض الجميع في الكتابة عن الافلام والمسلسلات؟    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    مقتل وإصابة أربعة جنود في اشتباكات مع مسلحين خلال مداهمة مخزن أسلحة شرقي اليمن    حادث مروع .. ارتطام دراجة نارية وسيارة ''هليوكس'' مسرعة بشاحنة ومقتل وإصابة كافة الركاب    كان يرتدي ملابس الإحرام.. حادث مروري مروع ينهي حياة شاب يمني في مكة خلال ذهابه لأداء العمرة    قتلوه برصاصة في الرأس.. العثور على جثة منتفخة في مجرى السيول بحضرموت والقبض على عدد من المتورطين في الجريمة    بعد القبض على الجناة.. الرواية الحوثية بشأن مقتل طفل في أحد فنادق إب    مأرب تقيم عزاءً في رحيل الشيخ الزنداني وكبار القيادات والمشايخ في مقدمة المعزين    السلفيون في وفاة الشيخ الزنداني    تعرف على آخر تحديث لأسعار صرف العملات في اليمن    أمطار غزيرة على صنعاء في الأثناء    عشرات الشهداء والجرحى في غارات إسرائيلية على وسط وجنوب قطاع غزة    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    رفض قاطع لقرارات حيدان بإعادة الصراع إلى شبوة    قوات دفاع شبوة تحبط عملية تهريب كمية من الاسلحة    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    قذارة الميراث الذي خلفه الزنداني هي هذه التعليقات التكفيرية (توثيق)    ما الذي كان يفعله "عبدالمجيد الزنداني" في آخر أيّامه    لا يجوز الذهاب إلى الحج في هذه الحالة.. بيان لهيئة كبار العلماء بالسعودية    ريال مدريد يقترب من التتويج بلقب الليغا    توني كروس: انشيلوتي دائما ما يكذب علينا    وزارة الحج والعمرة السعودية تكشف عن اشتراطات الحج لهذا العام.. وتحذيرات مهمة (تعرف عليها)    فرع العاب يجتمع برئاسة الاهدل    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن: نبذ حكم القانون جانباً باسم الأمن
نشر في التغيير يوم 09 - 07 - 2004


24 سبتمبر/ أيلول 2003 رقم الوثيقة :MDE 31/006/2003
المحتويات
مقدمة
خلفية
الاعتقال التعسفي والاحتجاز
الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي ومزاعم التعذيب وسوء المعاملة
الاعتقال لأجل غير مسمى من دون تهمة أو محاكمة
الإبعاد السري والقسري للمواطنين الأجانب
مضايقة الصحفيين واحتجازهم
مجتمع مدني يُبعث من مناخ الخوف
تبرير الحكومة ودور الولايات المتحدة
اتصال منظمة العفو الدولية بالحكومتين
خاتمة
توصيات
1. مقدمة
في 16 يوليو/ تموز 2003، أبلغ وزير الداخلية اليمني البرلمان بأنه تم إطلاق سراح 95 شخصاً متهمين بالانتماء إلى تنظيم "القاعدة" لأنهم "غيروا أفكارهم"، وأن 195 آخرين ظلوا رهن الاعتقال لأنهم "يصرون على التمسك بأفكارهم التي يؤمنون بها". ولكنه لم يشر إلى إتاحة أي إجراءات قضائية لهؤلاء المعتقلين لأن حكم القانون نُحي جانباً. فهؤلاء محتجزون تحت رحمة الحكومة وقوات الأمن كلياً، ومستبعدون تماماً عن المراجعة القضائية لحالاتهم.
إن حالة هؤلاء المعتقلين تعكس تراجعاً كبيراً في سياسة الحكومة وممارساتها في مجال حقوق الإنسان منذ هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 على الولايات المتحدة التي شجبتها منظمة العفو الدولية بلا تحفظ. وبعد مرور عشرة أيام على تلك الهجمات صرح رئيس الوزراء اليمني قائلاً: "لقد قررنا إجراء تحقيق مع كل شخص كانت له أي صلات بأفغانستان"1
وفي الأسابيع والأشهر التي تلت ذلك التصريح، نفذت قوات الأمن عمليات اعتقال جماعية استهدفت مواطنين يمنيين وأجانب، بينهم نساء وأطفال بعضهم لم يتجاوز الثانية عشرة من العمر. وقد نفُذت عمليات الاعتقال من دون إشراف قضائي بحسب ما يقتضي القانون، واعتُقل هؤلاء بمعزل عن العالم الخارجي لفترات مطولة، حيث زعموا أنهم تعرضوا للتعذيب أو سوء المعاملة. واحتُجز معظم اليمنيين الذين قُبض عليهم لعدة أسابيع أو أشهر قبل إطلاق سراحهم من دون تهمة أو محاكمة. أما الباقون فقد ظلوا محتجزين إلى أجل غير مسمى، وخارج أي أطر قانونية معترف بها، من دون توجيه تهم إليهم أو وضعهم تحت إشراف قضائي. وتم إبعاد معظم المواطنين الأجانب بعد أسابيع أو أشهر من استجوابهم أثناء اعتقالهم بمعزل عن العالم الخارجي. وقد حُرموا من الاستفادة من إجراءات اللجوء أو القضاء للطعن في قرارات إبعادهم، ولم يُعرف أنه أُجري أي تقييم لمخاطر تعرضهم للتعذيب أو الإعدام في البلدان التي أُرسلوا إليها.
إن الخطاب السياسي الحكومي، إلى جانب تصرف قوات الأمن خارج الرقابة القضائية مع الإفلات التام من العقاب، قد خلقا مناخاً من الخوف في صفوف المجتمع المدني، الذي كان يتطور قُدماً بشكل حيوي نحو إحداث تغييرات إيجابية في مجال حقوق الإنسان. ففي البداية التزم هذا المجتمع المدني الصمت في وجه الازدراء الصارخ للإنجازات التي حققها اليمن في مجال حقوق الإنسان في السنوات الأخيرة. وقد أدى هذا الصمت إلى تسهيل ظهور نمط من المضايقة المستمرة للصحفيين. إن نقل أخبار الأحداث في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/ أيلول تطلَّب التحلي بالحذر الشديد من جانب الصحفيين كي يتجنبوا التحذيرات أو التهديدات أو الاعتقال على أيدي قوات الأمن. إلا أن ما يشجع منظمة العفو الدولية هو عودة صوت المجتمع المدني، ومن بينهم الصحفيون، إلى الظهور داعياً إلى استعادة حكم القانون واحترام التزامات اليمن الدولية في مجال حقوق الإنسان.
وخلال العام 2002 زار مندوبو منظمة العفو الدولية اليمن مرتين، في فبراير/ شباط، وأغسطس/ آب، وعقدوا محادثات مع السلطات الحكومية بشأن تدهور أوضاع حقوق الإنسان في البلاد. وحاججت السلطات، التي اعترفت بأنها انتهكت التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، بالإضافة إلى القوانين التي وضعتها، بأن سبب الانتهاكات يعود إلى اضطرارها إلى "محاربة الإرهاب" وكي تتجنب مخاطر وقوع عمل عسكري ضد اليمن من جانب الولايات المتحدة في أعقاب أحداث 11 سبتمبر/ أيلول. إن منظمة العفو الدولية، في الوقت الذي تتفهم فيه التحديات الجديدة التي تفرضها الأوضاع الأمنية والعلاقات الدولية التي يواجهها اليمن، فإنها تعتقد أن التصدي لهذه التحديات لا يكمن في التضحية بحقوق الإنسان وحكم القانون. إذ أنه في أوقات الأزمات الأمنية، من قبيل الأزمة التي سببتها أحداث 11 سبتمبر/ أيلول، فإن ثمة حاجة إلى زيادة حماية حقوق الإنسان، وليس إلى تقليصها.
2. خلفية
لقد حقق اليمن، على مدى العقد المنصرم، تقدما قانونياً مؤسسياً ملحوظاً في مجال حقوق الإنسان. فقد أصبح دولة طرفاً في معظم الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، وأصبحت تشريعاته التي تنظم عمليات القبض على الأشخاص واحتجازهم متسقة مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. وصاحبَ ذلك نمو كبير في المؤسسات الحكومية لحقوق الإنسان، أسفر عن تعيين وزير دولة لشؤون حقوق الإنسان في العام 2001، ثم رفع مستوى المنصب إلى مستوى وزاري في العام 2003. كما نشأ عدد كبير من المنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان، وظهر مجتمع مدني مهتم بقضايا العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.
وفتحت الحكومة أيضاً حواراً جوهرياً مع المنظمات غير الحكومية الدولية لحقوق الإنسان، ومنها منظمة العفو الدولية، وتعاونت مع الآليات الموضوعية المعنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ومع مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان. وسُمح لمنظمات حقوق الإنسان بدخول اليمن لإجراء تحقيقات في انتهاكات حقوق الإنسان، ومنها اعتقال سجناء الرأي والتعذيب وعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء وعقوبة الإعدام وحالات "الاختفاء" والتمييز ضد المرأة وبواعث القلق المتعلقة بقضاء الأحداث والقوانين التي لا تتسق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. بيد أن هذا التقدم معرَّض، للأسف، لخطر التغييرات التي طرأت على السياسة الإقليمية والدولية، والتي سببتها هجمات 11 سبتمبر/ أيلول. وإن السياسات الأمنية التي اعتمدتها الحكومة في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/ أيلول تمثل تراجع خطير عن تعهداتها التقدمية السابقة، وابتعاداً عن التزاماتها بمقتضى المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، ومنها المادة (1) 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تنص على أن "لكل فرد الحق في الحرية والسلامة الشخصية. ولا يجوز القبض على أحد واعتقاله بشكل تعسفي. كما لا يجوز حرمان أحد من حريته إلا على أساس من القانون وطبقاً للإجراءات المقررة فيه".
3. الاعتقال التعسفي والاحتجاز
تنص المادة 47 (ب) من الدستور على منع القبض على أحد منعاً باتاً من دون مذكرة توقيف صادرة عن قاضٍ أو مدعٍ عام. وتتعزز هذه الحماية من الاعتقال التعسفي بالضمانات الواردة في قانون الإجراءات الجنائية. إذ تنص المادة 7 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه لا يجوز القبض على أحد إلا بسبب ارتكابه أفعالاً يعاقب عليها القانون. كما تنص المادتان 70 و 72 من هذا القانون على ألا يُنفذ الاعتقال إلا بأمر كتابي موقع من سلطة مختصة. ويجوز أن يكون الأمر شفوياً، إلا أن ذلك غير مسموح به إلا إذا نُفذ الاعتقال بحضور السلطة المختصة التي ستصدر أمر الاعتقال.2 وبالإضافة إلى ذلك فإن المادة 246 من قانون العقوبات تنص على توقيع عقوبة السجن لمدة أقصاها خمس سنوات على أي مسؤول يُخضع أي شخص للاعتقال التعسفي. أما في الواقع، فإن عدداً قليلاً من المعتقلين السياسيين قُبض عليهم بطريقة تتماشى مع القانون. وبدلاً عن ذلك، جرت عمليات اعتقال من دون إشراف قضائي على أيدي أفراد الأمن السياسي، وهي قوة أمنية تابعة اسمياً لوزارة الداخلية. وفي العديد من الأماكن في شتى أنحاء البلاد، كان النمط الشائع يتمثل في قيام أفراد الأمن، بالزي الرسمي أو بملابس مدنية، باقتياد الشخص من منزله أو مكان عمله في فترة ما بعد الظهيرة أو في وقت مبكر من المساء من دون إبداء أي سبب أو إشارة إلى الوُجهة التي سيقتادونه إليها.
وفي أعقاب أحداث 11 سبتمبر/ أيلول، كان من بين المقبوض عليهم بهذه الطريقة العديد من الأشخاص الذين لهم صلات بأفغانستان، وآخرون لا صلة لهم بها. ومن بين هؤلاء علي ميكون، وهو مواطن بريطاني عمره 17 عاماً وحاصل على تأشيرة طالب سارية المفعول من 21 فبراير/ شباط 2001 وحتى 21 فبراير/ شباط 2002. وكان مع ثلاثة من أصدقائه، وهم أيضاً مواطنون بريطانيون ويبلغ أحدهم الخامسة عشرة من العمر. وكان قد قُبض على هؤلاء الأربعة في 31 ديسمبر/ كانون الأول 2001 في الساعة الحادية عشرة مساء في فندق اليرموك في صنعاء واقتيدوا إلى مقر قيادة الأمن السياسي. واحتُجزوا حتى 30 يناير/ كانون الثاني 2002، حيث تم إبعادهم إلى المملكة المتحدة. ولم تُوجه إليهم أي تهمة جنائية. وأثناء فترة اعتقالهم كانوا محتجزين في زنزانات جماعية مع أطفال وبالغين آخرين، بينهم إسماعيل شحادة ، وهو مواطن إندونيسي عمره 12 عاماً، كان قد قُبض عليه مع 42 إندونيسياً آخر واحتجزوا لعدة أسابيع أو حتى أشهر قبل إطلاق سراحهم. وتشكل هذه الممارسة انتهاكاً لاتفاقية حقوق الطفل، التي صادق عليها اليمن. وفي العام 1999، عندما فحصت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل تقرير اليمن حول تنفيذ هذه الاتفاقية، أعربت اللجنة عن قلقها بشأن الأوضاع العامة لإدارة قضاء الأحداث في اليمن.3
وكان الأكاديميان، الدكتور عبد السلام نور الدين، وهو مواطن بريطاني يعمل مديراً لمركز دراسات البحر الأحمر في جامعة أكستر بالمملكة المتحدة، وزميله الدكتور أحمد سيف، وهو مواطن يمني، في زيارة عمل رسمي إلى اليمن تهدف إلى إنشاء مشاريع تعاون مشتركة بين مركز دراسات البحر الأحمر والجامعة اليمنية عندما اعتُقلا. وكانا قبل القبض عليهما قد عقدا اجتماعات مع وزراء وغيرهم من المسؤولين الحكوميين، كان العديد منهم يعرفونهما شخصياً. وقد قبض عليهما أفراد من قوة الأمن السياسي في 26 أكتوبر/ تشرين الأول 2001، في فندقهما بصنعاء، واحتُجزا بمعزل عن العالم الخارجي مدة ثلاثة أيام. وتم استجوابهما بشأن زيارتهما إلى اليمن وآرائهما بأسامة بن لادن. ولم يُطلق سراحهما إلا بعد تدخل عدد من المسؤولين الحكوميين اليمنيين. وكان قد قُبض عليهما من دون مذكرة اعتقال، ولم يمثلا أمام قاضٍ.
وفي بعض الحالات، احتُجز بعض أقرباء الشخص المطلوب لقوات الأمن في محاولة لإرغام ذلك الشخص على تسليم نفسه. إن منظمة العفو الدولية تعتبر أن الشخص الذي يُحتجز لمجرد أن له صلة قرابة مع شخص آخر هو سجين رأي، وبالتالي يجب إطلاق سراحه فوراً وبلا قيد أو شرط. ففي مساء 21 سبتمبر/ أيلول 2001 توجه أفراد من الأمن السياسي في إب إلى منزل رشاد محمد سعيد إسماعيل لإلقاء القبض عليه. وعندما لم يعثروا عليه، اقتادوا والده محمد إسماعيل، وعمره 47 عاماً، واحتجزوه. وبعد يومين اعتقلوا حماه المدعو عبد الكريم محمد ناجي البعداني، وعمره 60 عاماً. ونتيجة لذلك، قام رشاد بتسليم نفسه في 27 سبتمبر/ أيلول، وأُطلق سراح قريبيه من دون توجيه أي تهمة لهما. وفي حادثة أخرى وقعت في الحديدة في ديسمبر/ كانون الأول 2001، أبلغ قريب أحد المعتقلين 4 منظمة العفو الدولية بأن "رجال الأمن جاءوا إلى منزله في الساعة 11 صباحاً وهم يستقلون أربع عربات، ثم كسروا الباب وداهموا المنزل بينما كانت الأم تغسل الملابس. سألوها: "أين سليمان؟"، فأجابتهم بأنه خرج. فردّ أحد أفراد الأمن: "إما أن تحضريه لنا أو أننا سنأخذك أنت وباقي أفراد العائلة بدلاً عنه".
وقد جرت عمليات الاعتقال المذكورة آنفاً من دون مذكرة قضائية أو أي إشراف قضائي. ومع أن الاعتقال التعسفي، ولا سيما على أيدي الأمن السياسي، يعتبر نمطاً قديماً من أنماط انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، فإنه تفاقم أكثر فأكثر منذ أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، حيث شهد ثلاثة تطورات جديدة هي:
قبل 11 سبتمبر/ أيلول 2001، عندما كانت سلطات الاعتقال تتصرف مع التمتع بالحصانة من العقاب، فإنها كانت تفعل ذلك من دون شرعية سياسية صريحة. أما بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول، فإن مثل عمليات الاعتقال تلك أصبحت سياسة علنية متعمدة للحكومة.
قبل أحداث 11 سبتمبر/ أيلول كانت ممارسات الاعتقال على أيدي قوات الأمن تكاد تقتصر أساساً على المعارضين السياسيين ومنتقدي الدولة، من قبيل أعضاء الأحزاب السياسية والصحفيين والكتاب. أما بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول، واسترشاداً بالمصطلح الغامض "مكافحة الإرهاب"، وبالتعاون مع قوات أمنية أخرى في المنطقة وخارجها، مثل قوات الأمن في الولايات المتحدة، فإن ممارسة الاعتقال على أيدي قوات الأمن اليمنية قد أصبحت بلا حدود على نحو مطرد. فقد أبلغ العديد من أقرباء المعتقلين منظمة العفو الدولية بأن الأمن السياسي كثيراً ما يهدد بتسليم المعتقلين إلى قوات الأمن الأمريكية كي ترسلهم إلى خليج غوانتناموا.
ثمة تغيير ملحوظ في رسالة الحكومة التي تعبر عنها في حوارها مع منظمة العفو الدولية. فقبل أحداث 11 سبتمبر/ أيلول، كانت الحكومة تقول إنه، على الرغم من أنها لا تتمتع بالكمال، فإن أي حالة اعتقال تعسفي تقع في البلاد لم تكن نتيجة لسياسة حكومية. أما بعد 11 سبتمبر/ أيلول، فقد أصبحت الرسالة التي تعبر عنها الحكومة إلى منظمة العفو الدولية تتمثل في "مكافحة الإرهاب" للمحافظة على أمن البلاد، مما يقتضي أن تتخذ سلطات الاعتقال إجراءات تتجاوز حدود القانون والتزامات اليمن الدولية في مجال حقوق الإنسان.
4. الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي ومزاعم التعذيب وسوء المعاملة
كان محمد، شقيق خالد صلاح عبد الله، يعمل معلماً في مدينة الحديدة الصغيرة. وفي سبتمبر/ أيلول 2001 قُبض عليه في منزله بعد اصطحابه ثلاثة أصدقاء للحصول على تأشيرات لدخول المملكة العربية السعودية. وبعد 20 يوماً، علمت عائلته أن بإمكانها رؤيته ، بيد أنه عندما حاول خالد وشقيق آخر له زيارته في مكاتب الأمن السياسي، قُبض عليهما. وقد احتُجز خالد وشقيقه الآخر لمدة ثلاثة أشهر من دون إشعار عائلتهما بذلك، ومن دون السماح لهما بالاتصال بمحامين. وورد أنه أثناء وجودهما في الحجز عُصبت عيناهما وجرى استجوابهما بشأن مكان وجود جواز سفر شقيقهما.
وكثيراً ما يتعرض الأشخاص المعتقلون لدى الأمن السياسي إلى الاحتجاز لفترات مطولة في البداية، حيث يُحرمون من الاتصال بالعالم الخارجي. وفي العديد من الحالات يضطر أفراد عائلات المعتقلين إلى الانتظار لأسابيع أو أشهر قبل أن يعرفوا مكان احتجاز أقربائهم. وذكرت عائلات عديدة أنها لم تتمكن من زيارة أبنائها إلا بعد أن أصبح الأمن السياسي مستعداً للاعتراف بأنهم محتجزون لديه. أما بالنسبة لأولئك الذين اعتُقلوا بعد 11 سبتمبر/ أيلول 2001، فيبدو في العديد من الحالات أنه لم يجر التحقق من مكان وجود المعتقلين إلا بعد البحث الدؤوب من قبل أفراد عائلاتهم وأصدقائهم. ففي إحدى الحالات مثلاً، وهي حالة صالح مناع النجار، أبلغ أقرباؤه منظمة العفو الدولية أنهم تمكنوا من معرفة مكان وجوده بالصدفة فقط. ففي 18 أكتوبر/ تشرين الأول 2001، قُبض على صالح مناع النجار من صنعاء. وقد زار أقرباؤه أماكن اعتقال عديدة في صنعاء، وطلبوا مساعدة أحد الضباط في الأمن السياسي لمعرفة مكان وجوده، لكن دون جدوى. وبعد ثلاثة أسابيع، وبينما كان ذووه يبحثون عنه في صنعاء، أبلغهم شخص ما بأنه رأى صالح مقيد اليدين على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية اليمنية متجهة من صنعاء إلى عدن. وقال أحد أفراد عائلته لمنظمة العفو الدولية: "عندما تلقينا هذه المعلومة ذهبنا مباشرة إلى مدير الأمن السياسي في عدن وسألناه عن صالح ... وقد دُهش المدير لمعرفتنا بذلك..وأخبرنا أن قضية صالح في صنعاء". وقد سُمح لوالديه بزيارته مرة كل شهر تقريباً بعد القبض عليه.
وبسبب الممارسة المنظمة للاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي والسرية التي تحيط بمصير المعتقلين، لم تتمكن منظمة العفو الدولية من الحصول على معلومات كافية تساعدها على إجراء تقييم دقيق لدرجة التعذيب وسوء المعاملة ووتيرتهما. إلا أنها تلقت عدداً من الشكاوى بشأن تعرض بعض هؤلاء للتعذيب وسوء المعاملة، من بينهم الدكتور عبد السلام نور الدين وعلي ميكون مثلاً.
وورد أن د. عبد السلام نور الدين كان يُرغم على الوقوف وهو معصوب العينين ويداه مضغوطتان على الجدار، وتعرض للضرب بعصى على ظهره واللكم على صدره. كما قيل إنه احتُجز في حبس انفرادي في زنزانة صغيرة تفتقر إلى التهوية وحُرم من الذهاب إلى المرحاض بشكل منتظم ومن الحصول على مياه الشرب أحياناً، وتلقى تهديدات بمزيد من التعذيب والإعدام و "الاختفاء".
وقال علي ميكون لمنظمة العفو الدولية: "ذات صباح ... شعرت بمغص شديد في معدتي، وكنت بحاجة ماسة إلى استخدام المرحاض، لكن الحارس رفض لأن معتقلين آخرين كانوا يستخدمونه. فاضطررت إلى استخدام دلو، وصديقي ممسك ببطانية كي يخفيني عن عيون المعتقلين الآخرين في الزنزانة ... وعندما أخرجت الدلو ضربني الحارس على صدري... وهدد بإرغامي على استخدام الدلو مرة أخرى في المرة القادمة".
وقالت لجنة تحقيق خاصة أنشأها البرلمان اليمني في سبتمبر/ أيلول 2002 للنظر في أوضاع المعتقلين الذين احتُجزوا بسبب الهجوم على المدمرة يو إس إس كول الذي وقع في 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2000، والذين احتُجزوا في أعقاب حادثة 11 سبتمبر/ أيلول 2001، إن "بعض المعتقلين قالوا إنهم لم يتعرضوا للتعذيب... بينما قال آخرون إنهم تعرضوا للضرب بالهراوات الكهربائية وكُبِّلت أيديهم وأرجلهم بالأغلال والأصفاد وتعرضوا للإهانات وإساءة المعاملة اللفظية. وقال آخرون إنهم تعرضوا للتهديد بحبس قريباتهم النساء إذا لم يعترفوا".5
5. الاعتقال إلى أجل غير مسمى من دون تهمة أو محاكمة
ينص النظام القانوني اليمني على ضمانات مهمة ضد الاعتقال لفترة غير محددة، وهو في هذا الصدد يتسق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. فبموجب المادة 76 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 47 (ج) من الدستور، فإن لكل شخص الحق في المثول أمام قاض أو مدع عام خلال 24 ساعة من اعتقاله، وله الحق في الطعن في الأساس القانوني لاعتقاله. وتنص المادتان 77 , 73 من قانون الإجراءات الجنائية على حق المشتبه به في طلب مساعدة قانونية فورية.
بيد أن هذه الأحكام نادراً ما تُحترم عندما يكون المعتقلون محتجزين لدى الأمن السياسي. وقد تفاقم هذا النمط من انتهاكات حقوق الإنسان بسبب السياسة الأمنية للحكومة في أعقاب أحداث 11 سبتمبر/ أيلول. فلم يُعرف أن أحداً ممن قُبض عليهم بعد 11 سبتمبر/ أيلول قد اتُهم بأي جريمة جنائية، وهم يُحرمون من الاتصال بمحامين ومن فرصة اتخاذ إجراءات قانونية أمام القضاء للطعن في مشروعية اعتقالهم، ولكنها لم تجد لدى أي من السلطتين اهتماماً بحقوق هؤلاء المعتقلين.
وفي الاجتماعات التي عقدتها المنظمة مع النائب العام ووزير العدل في فبراير/ شباط 2002 طلبت المنظمة منهما توضيحاً للعملية القانونية المتبعة في هذه الحالات، بالإضافة إلى دور القضاء في عمليات القبض على المعتقلين واحتجازهم. وادعى المسؤولان أن لا علم لهما بأي عمليات اعتقال ولا دور لهما في الإجراءات.
وفي اجتماع ثانٍ مع النائب العام عُقد في أغسطس/ آب 2002، طلبت منظمة العفو الدولية، مرة أخرى، توضيحاً لدور القضاء فيما يتعلق بمصير المعتقلين. وسأل مندوبو المنظمة تحديداً عما إذا كانت قد بدأت أي إجراءات قانونية لتمكين المعتقلين من الاتصال بمحامييهم أو الطعن في مشروعية اعتقالهم إذا لم تكن قد وُجهت إليهم تهم جنائية معترف بها وأُتيحت لهم محاكمات عاجلة وعادلة. وأبلغ النائب العام مندوبينا بأن المعتقلين لم يكونوا خاضعين لولايته القضائية، ولكنه فهم أن قضية 14 شخصاً كانوا محتجزين بسبب الهجوم على المدمرة يو إس إس كول على وشك أن تُحول إلى مكتبه للبدء بإجراءات محاكمتهم. إلا أنه، حتى في هذه القضية، لم يُعرف ما إذا كان قد بُدئ بأي إجراءات محاكمة بعد مضي نحو ثلاث سنوات على اعتقالهم.
وقدم مندوبو منظمة العفو الدولية إلى النائب العام نسخة من شكوى موجهة إليه من قبل محامين ينتمون إلى المنظمة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات، ممن حصلوا على وكالات من نحو 30 من أقارب المعتقلين. وقد صاغ المحامون شكواهم بموجب المادة 13 (الفقرة الأولى) من قانون الإجراءات الجنائية، التي تنص على أن: "كل من يعلم بالقبض على أي شخص آخر من دون سبب، أو باعتقاله في أماكن غير تلك المخصصة لهذا الغرض، يجب أن يبلغ أحد أفراد الإدعاء العام". وقال المحامون إن موكليهم اعتُقلوا بصورة غير قانونية، واستشهدوا بالمادتين 172 , 76 من قانون الإجراءات الجنائية. وتنص المادة 76 على أن: "أي شخص يعتقل مؤقتاً للاشتباه في أنه ارتكب جريمة، يجب أن يمثل أمام القضاء في غضون فترة أقصاها 24 ساعة بعد وقت القبض عليه. وعلى القاضي أو عضو الادعاء العام أن يبلغه بأسباب القبض عليه والتحقيق معه وتمكينه من تقديم دفاعه أو اعتراضاته، وأن يصدر أمراً فورياً يتضمن مبرر اعتقاله الوقائي أو إطلاق سراحه. وعلى أي حال، يُمنع استمرار الاعتقال أكثر من سبعة أيام من دون أمر قضائي."6
وحث المحامون النائب العام على الاضطلاع بمسؤوليته ومعالجة حالات موكليهم وفقاً للمادتين (2) 7 و 13 من قانون الإجراءات الجنائية. وتنص المادة (2) 7 على أن الادعاء يجب أن ... "يطلق سراح كل شخص تعرض لتقييد حريته بشكل غير قانوني، أو وُضع قيد الاعتقال الوقائي لفترة أطول مما يسمح به القانون أو قررته المحكمة أو أمر به القاضي". وبموجب المادة 13، يُطلب من الادعاء العام الإفراج الفوري عن أي شخص محتجز بصورة غير قانونية.
وطلب مندوبو منظمة العفو الدولية من النائب العام اتخاذ خطوات لمعالجة شكوى المحامين وضمان السماح لهم بالاتصال بموكليهم المعتقلين. بيد أن الوعد الوحيد الذي قطعه في هذا الشان هو أنه سيكتب رسالة إلى مدير الأمن السياسي يثير فيها هذه القضايا. إن غياب أي التزام بمعالجة القضايا المتعلقة بشرعية الاعتقال توضح مدى استبعاد حكم القانون، وتزايد السلطات الممنوحة للسلطات الأمنية.
وفيما يتعلق بأولئك المحتجزين بسبب الهجوم على المدمرة يو إس إس كول، فقد أشار مسؤولون يمنيون أمام منظمة العفو الدولية إلى أن الحكومة كانت تخطط لتقديمهم إلى المحاكمة، ولكنها واجهت اعتراضات قوية من جانب حكومة الولايات المتحدة. ولا يزال المتهمون في هذه القضية قيد الاعتقال منذ نحو ثلاث سنوات من دون توجيه تهمة رسمية إليهم أو السماح لهم بالاتصال بمحامييهم. ومن بين هؤلاء مراد صالح السروري، وعمره 22 عاما. ووفقاً لأقوال أقاربه، فقد احتُجز للاشتباه في أنه كان شاهداً في قضية إصدار أوراق هوية مزيفة استخدمها أحد المشتبه في مشاركتهم في الهجوم على المدمرة الأمريكية. وتم تفتيش منزله بعد القبض عليه مباشرة، وقال أحد أشقائه إن عملاء في مكتب التحقيقات الفدرالي في الولايات المتحدة استجوبوه. وقد عيَّن بعض أقرباء المعتقلين محامياً لهم، بيد أنه لم يُسمح له بالاتصال بالمعتقلين، وهو ما يشكل انتهاكاً للمبدأ 1 من المبادئ الأساسية المتعلقة بدور المحامين، الذي ينص على أن "لكل شخص الحق في طلب مساعدة محام من اختياره لحماية حقوقه وتعريفه بها وللدفاع عنه في جميع مراحل الإجراءات الجنائية".
ومع نبذ حكم القانون جانباً وإغلاق باب القضاء بإحكام في وجوههم، فإن أقارب المعتقلين لا يعرفون من يلجؤون إليه طلباً للعدالة والإنصاف. وقال العديد من أقرباء المعتقلين لمنظمة العفو الدولية إنهم قضوا وقتاً طويلاً وهم يتنقلون من مركز اعتقال إلى آخر من مراكز الاعتقال التابعة للأمن السياسي بحثاً عن أحبائهم أو لمعرفة سبب احتجازهم وما سيحُّل بهم. وفي عدد من الحالات، تمكَّن الأقرباء، بدعم من مجتمعاتهم المحلية، من تقديم التماسات مكتوبة إلى الأمن السياسي، من بينها الالتماس الذي قدمته عائلة المعتقل عبد الله عبده عبد الله الخطيب، وجاء فيه ما يلي:
"السيد مدير الأمن السياسي في الحديدة،
نحن الموقعين أدناه على هذه الرسالة نشهد أن عبد الله عبده عبد الله الخطيب ... قد عاد من المملكة العربية السعودية في سبتمبر/ أيلول 2001 لاستكمال الترتيبات المتعلقة بعقد عمل في السعودية. وقد فوجئنا عندما علمنا أن بعض الغرباء جاءوا إلى منزله في منطقة الشاهرية (في الحديدة) واقتادوه منه، ولم يكن لدينا أدنى علم إلى أين أخذوه أو لماذا. وبعد شهر علمنا أنه معتقل لدى الأمن السياسي في الحديدة. ونحن سكان منطقة الشاهرية، نشهد أمام الله وأمامكم، ونعتبر ذلك بمثابة قول عدل نُسأل عنه حتى يوم القيامة، أن عبد الله كان دائماً حسن السلوك والسيرة، ولم يرتكب أي عمل يخلُّ بالشرف تجاه عائلته أو تجاه قوات الأمن. وعبد الله هو المعيل الوحيد لأسرته التي تتألف من والده العجوز وثمانية أفراد آخرين.
إننا إذ نبعث إليكم بهذا الالتماس، يحدونا الأمل والثقة بالله تعالى وبعدالتكم، لنحثكم على النظر في قضيته وإطلاق سراحه من أجل تحقيق العدالة والنظر بعين العطف إلى والديه وأشقائه الصغار. والله على ما نقول شهيد."
وفي الوقت نفسه، يتعين على أفراد العائلة، فضلاً عن المعتقل، أن يتعايشوا مع معاناة انعدام اليقين. فبالنسبة للعديد من العائلات، يتفاقم الكرب العاطفي بسبب الصعوبات الاقتصادية، إذ أن المعتقل، في العديد من الحالات، هو مصدر الدخل الوحيد لأسرة محدودة الإمكانات. وتنتج هذه الكلفة الإنسانية عن ازدراء الحكومة المتعمد لحكم القانون والالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان، ولا سيما تلك المكرسة في المادة (3) 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص على أنه "يجب تقديم المقبوض عليه أو الموقوف بتهمة جنائية فوراً أمام قاض أو أي موظف مخوَّل قانونياً بممارسة صلاحيات قضائية، ويكون من حقه أن يُقدم إلى المحاكمة خلال فترة زمنية معقولة أو أن يُطلق سراحه ..." وبالمثل، فإن المادة (3) 14 من العهد الدولي المذكور تنص على حق كل شخص متهم بتهمة جنائية في أن يُقدم إلى محاكمة عاجلة وعادلة.
6. الإبعاد السري والقسري للمواطنين الأجانب
ما انفك اليمن لسنوات عدة، يوفر ملجأً لآلاف اللاجئين الفارين من وجه الاضطهاد في عدد من البلدان، ولا سيما تلك الواقعة في القرن الأفريقي. إلا أن القوانين والممارسات الحكومية تجاه الفارين من الاضطهاد ظلت تقوم على اعتبارات سياسية، حتى عندما تشكل هذه الاعتبارات انتهاكاً فاضحاً للمعايير الدولية، مثل الاتفاقية المتعلقة بوضع اللاجئين للعام 1951.
وبموجب القانون 47 للعام 1991، يجوز طرد المواطنين الأجانب من البلاد إذا اعتُبروا "... خطراً على الأمن الداخلي أو الخارجي أو على سلامة الدولة أو اقتصادها الوطني أو الصحة العامة أو الأخلاق العامة..." إن الإجاءات التي يمكن أن تستخدم لطرد الشخص لا علاقة لها بالقضاء وليس فيها أي ضمانات تتعلق باستخدام إجراءات اللجوء واحترام مبدأ عدم الإعادة القسرية (منع إعادة الشخص إلى حيث يواجه التعذيب أو غيره من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان). إن هذا الإطار القانوني يزداد ضعفاً بسبب الاتفاقيات الأمنية الثنائية أو المتعددة الأطراف التي تخلو من أي ضمانات دولية لحماية الأشخاص الذين يفرون من وجه الاضطهاد في بلدانهم. ومن هذه الاتفاقيات الأمنية الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب.7
ففي العام 1998، على سبيل المثال، سلَّمت السلطات اليمنية قسراً المواطن القطري عبد الله جاسم المالكي إلى الحكومة القطرية، التي طلبت تسليمه بسبب محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في العام 1996. ولم تُتح له فرصة طلب اللجوء. وعند عودته إلى قطر، ورد أنه تعرض للتعذيب وحُكم عليه بالإعدام إثر محاكمة جائرة. وأدت أحداث 11 سبتمبر/ أيلول إلى تفاقم حالة الضعف التي يتسم بها نظام حماية الحقوق الإنسانية للمواطنين الأجانب. ومنذ ذلك الحين، ما فتئت عمليات الإبعاد الجماعي للمواطنين الأجانب تُنفذ سراً. وكان معظمهم هدفاً للاعتقال بسبب جنسيتهم ودينهم، وكانوا يُحتجزون بمعزل عن العالم الخارجي لأسابيع أو أشهر، ثم يُطردون بعد استجوابهم. ولم يُعرف أن أحداً منهم قد أُتيحت له فرصة الطعن في قرار الحكومة أمام المحاكم، أو طلب المساعدة القانونية خلال أي إجراءات اتبَّعتها الحكومة في طردهم.
وعندما طلبت منظمة العفو الدولية توضيحاً لأسباب عمليات الطرد، قيل لها ببساطة إن هؤلاء "يقيمون بصورة غير مشروعة". إلا أن المنظمة حصلت على تفاصيل حول إبعاد بعض الأشخاص مع أن تصاريح إقامتهم كانت سارية المفعول، وعلمت أن السبب الوحيد لإبعادهم يبدو مرتبطاً بحملة الحكومة ضد الجماعات الإسلامية والمدارس الدينية الإسلامية.
وطلبت منظمة العفو الدولية قائمة بأسماء جميع المبعدين مع أسماء البلدان التي أًرسلوا إليها، بغية متابعة حالاتهم والحصول على ضمانات بألا يتعرضوا للتعذيب والإعدام في تلك البلدان. بيد أن الحكومة لم تزودنا بهذه المعلومات. ومن المعروف أن من بين المبعدين مواطنين من كل من الجزائر ومصر وليبيا وباكستان والسودان والعربية السعودية وإندونيسيا والصومال والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا.
وفي ضوء السرية التي تحاط بها عمليات الإبعاد هذه وسجلات حقوق الإنسان للعديد من البلدان التي أُرسل إليها المبعدون، فإن المنظمة يساورها القلق حيال مصير هؤلاء المبعدين وأماكن وجودهم. ففي العربية السعودية مثلاً، تعتبر عمليات التعذيب 8 والإعدام من بواعث القلق الخطيرة. ففي سبتمبر/ أيلول 2002 أعلن وزير الداخلية في المملكة العربية السعودية بأن الحكومة اليمنية سلَّمت إلى بلاده مواطنين سعوديين، وإن هؤلاء قيد الاعتقال والاستجواب. ونُقل عنه قوله: "إننا سنعلن التفاصيل بشأنهم في الوقت المناسب".9 ولم ترد أي معلومات حول إطلاق سراحهم منذ ذلك الحين. ومن المعتاد أن يُحرم مثل هؤلاء المعتقلين في العربية السعودية من الاتصال بمحامييهم، وأن يُحتجزوا من دون تهمة أو محاكمة، وحتى عندما يُقدمون إلى المحاكمة، فإن ذلك يتم سراً ومن دون أي مساعدة قانونية.
ولا تزال عمليات الإبعاد مستمرة. ففي يوليو/ تموز 2003، ذُكر أن سبعة من مواطني العربية السعودية قد سُلموا إلى حكومة بلادهم. وورد أنهم سُلموا مقابل ثمانية مواطنين يمنيين كانوا محتجزين في السعودية. ولم يُعرف أن أياً من هؤلاء الأشخاص السبعة أو من سبقهم قد أُتيحت له فرصة ممارسة حقه في طلب اللجوء أو الاعتراض على تسليمه على أساس احتمال التعرض لخطر التعذيب أو الإعدام. إن محاولات مندوبي منظمة العفو الدولية التي بذلوها خلال اجتماعاتهم مع المسؤولين الحكوميين اليمنيين في فبراير/ شباط وأغسطس/ آب 2002 بهدف تحديد الإطار القانوني المتبع في عمليات الإبعاد، لم تفلح في إلقاء الضوء على ماهية الإجراءات المتبعة ولا على كيفية حماية حقوق المبعدين بموجب المعايير الدولية لحقوق الإنسان. ولا تزال الحكومة اليمنية مستمرة في تسليم المواطنين الأجانب بازدراء تام لالتزاماتها الدولية، التي تقضي بضرورة إجراء تقييم جدي لمخاطر تعرض الشخص للتعذيب في البلد الذي يتم إبعاده إليه. وتقضي المادة (2) 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب بأنه عند تقييم أسس مخاطر التعذيب يجب على "... السلطات المختصة أن تأخذ بعين الاعتبار جميع الاعتبارات ذات الصلة، بما في ذلك في حالة الانطباق، وجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في الدولة المعنية".
وعقب فحصها لتقرير اليمن في يوليو/ تموز 2002، أعربت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وهي لجنة الخبراء التي تتولى مراقبة تنفيذ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، عن "... قلقها بشأن حالات طرد الأجانب المشتبه في صلتهم بالإرهاب، من دون إعطائهم فرصة الطعن القانوني بمثل هذه التدابير. كما أن مثل عمليات الطرد هذه يمكن أن تتقرر من دون الأخذ بعين الاعتبار الخطر على السلامة البدنية وأرواح الأشخاص المعنيين في البلد الذي يتم إبعادهم إليه".10
7. مضايقة الصحفيين واعتقالهم
إن حرية الصحافة مكفولة بموجب الدستور اليمني. أما في الواقع، فإن هامش حرية الصحافة يتسع أو يضيق وفقاً للظروف السياسية السائدة في حينه. وفي هذا السياق، فإن حرية الصحفيين قد ضاقت في أعقاب أحداث 11 سبتمبر/ أيلول.
وفي الوقت الذي يكفل الدستور حرية التعبير والتفكير، 11 فإن هذه الحرية تتقوض بسبب القوانين المعمول بها، ومنها قوانين العقوبات، التي تسهِّل استهداف الصحفيين ومنتقدي سياسة الدولة. كما أن القوانين التي تنظم حرية التعبير، كثيراً ما تحدُّ من هذه الحرية من خلال العبارات المصاغة بشكل غامض، مثل "... ضمن حدود القانون"، ومصلحة "الأمن القومي". وبالإضافة إلى هذه القيود التي يمكن أن تنطبق على أي أوضاع، فإن حرية التعبير مقيدة بالعديد من المواد الأخرى المفتوحة للتأويل. فعلى سبيل المثال، تذكر المادة 103 من القانون رقم 25 للعام 1990، اثني عشر قيداً، يتضمن أحدها منع نشر "... كل ما يؤدي إلى إشاعة أفكار مضادة لمبادئ الثورة اليمنية أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو تشويه التراث اليمني للحضارة الإسلامية والعربية". وتصل العقوبة على الأفعال التي تعتبر منافية لأحكام هذه المادة إلى دفع غرامة مقدارها 10.000 ريال يمني (حوالي 40 دولار أمريكي)، أو السجن لمدة أقصاها سنة واحدة بمقتضى المادة 104 من القانون نفسه. ويمكن أن تكون العقوبة أشد إذا وُجهت التهمة بموجب قانون العقوبات. فعلى سبيل المثال، إذا اعتُبرت الجريمة أنها تصل إلى حد الردة، فإن العقوبة هي الإعدام بموجب المادة 259 من هذا القانون.
لقد أدت القيود القانونية العديدة المفروضة على حرية الرأي والتعبير إلى تسهيل وقوع نمط من مضايقة الصحفيين ومنتقدي سياسة الدولة. ففي سبتمبر/ أيلول 2001 أبلغ وزير الدولة لشؤون حقوق الإنسان اتحاد الصحفيين اليمنيين أن "حرية الصحافة وحقوق الإنسان وجهان لعملة واحدة". ومع ذلك، تم استدعاء ثمانية محررين في الصحف، بعد مرور شهرين فقط على تصريح الوزير، للمثول أمام محكمة غرب صنعاء لمواجهة دعاوى قانونية مرفوعة ضدهم. وكان من بينها دعوى رفعتها وزارة الإعلام ضد جريدة "الشورى" بسبب نشرها مقتطفات من رواية اعتبرتها الوزارة "غير منسجمة مع الدين الإسلامي". ومن العواقب التي جرَّتها هذه القيود على مختلف الصحف: الغرامات وتعليق الصدور واستمرار التهديد بحبس المحررين أو المالكين.
كما تستهدف قوات الأمن بعض الصحفيين على شكل تحذيرات أو تهديدات أو حتى إلقاء القبض عليهم واحتجازهم في حالة اعتبار نقلهم للأخبار أو نقدهم للحكومة انتهاكاً لتلك القيود العديدة. لقد أدت أحداث 11 سبتمبر/ أيلول إلى تضييق هامش التسامح الحكومي مع حرية الصحفيين في التعبير. وقد لمس وفد منظمة العفو الدولية الذي زار صنعاء في فبراير/ شباط 2002، التأثير الضار لهذا الأمر على دور الصحفيين. فقد أبلغ العديد من الصحفيين وفد المنظمة بأنهم امتنعوا عن توثيق حالات الاعتقالات الجماعية في اليمن والبلدان المجاورة بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول، وذلك خوفاً من اعتبار آرائهم متطابقة مع آراء المعتقلين، وبالتالي تعرضهم للاعتقال. وقد قال الصحفيون الذين كتبوا عن عمليات الاعتقال لوفد المنظمة إنهم تعرضوا للاستجواب وتلقوا تحذيرات من أفراد سلطات الاعتقال ولا سيما الأمن السياسي.
ومن بين الذين قُبض عليهم واحتُجزوا حسن الزيدي ونبيل الكميم. ففي أعقاب أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، اعتقل الأمن السياسي الصحفي حسن الزيدي، الذي يعمل في الجريدة الأسبوعية "ذي يمن تايمز"، واحتُجز مدة ثلاثة أسابيع بسبب مقابلة أجراها مع أحد قادة جماعة إسلامية ونُشرت في أغسطس/ آب 2001. وقد أبلغ منظمة العفو الدولية أن نشر المقابلة لم يثر اهتمام قوات الأمن إلا بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول. وأن ذلك هو السبب الرئيسي للقبض عليه واحتجازه. وفي 29 أبريل/ نيسان 2002، قُبض على نبيل الكميم، وهو مراسل جريدة "الراية القطرية" في صنعاء، واحتُجز لعدة ساعات في الليل، حيث جرى استجوابه خلالها بشأن ما يعرفه عن تنظيم "القاعدة" في اليمن. وقد جرى استجوابه إثر نشره خبراً أشار فيه إلى تقرير إخباري لصحيفة أخرى ادعى أن عدداً من أفراد "القاعدة" كانوا يعملون في صفوف قوات الأمن الحكومية. وتنص المادة (2) 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن "لكل فرد الحق في حرية التعبير، وهذا الحق يشمل حرية البحث عن المعلومات أو الأفكار من أي نوع وتلقيها ونقلها بغض النظر عن الحدود، وذلك إما شفاهةً أو كتابة أو طباعة، وسواء كان ذلك في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها".
وفي يوليو/ تموز 2002، أعربت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن قلقها حيال القيود القانونية المفروضة على حرية الصحافة في اليمن و "حيال الصعوبات التي يواجهها الصحفيون أثناء مزاولة مهنتهم، وخصوصاً عندما يعبرون عن انتقادهم للسلطات". ودعت اللجنة الحكومية اليمنية إلى "ضمان احترام أحكام المادة 19 من العهد الدولي".12
8. مجتمع مدني يُبعث من مناخ الخوف
تتمثل إحدى النكسات التي سببتها أحداث 11 سبتمبر/ أيلول وما تلاها من إقصاء لحكم القانون في التأثير السلبي لتلك الأحداث على المجتمع المدني ودوره كحامٍ لحقوق الإنسان. وقد أدت عمليات الاعتقال الجماعية والاحتجاز والإبعاد، التي يدعمها الخطاب السياسي لمسؤولين حكوميين من أرفع المستويات، والتي صوَّرت أولئك المستهدفين من قبل قوات الأمن على أنهم "إرهابيون"، إلى خلق مناخ من الخوف. وتفاقم ذلك المناخ بسبب تفشي المزيد من مشاعر الخوف على نطاق واسع في صفوف المجتمع، وتحديداً الخوف من هجوم عسكري أو عقوبات اقتصادية ضد البلد. وفي مواجهة تلك المخاوف، شعر أفراد المجتمع المدني بأنه ما من خيار أمامهم سوى التزام الصمت في وجه تلك الهجمة العنيفة على حقوق الإنسان من قِبل قوات الأمن.
وقد شعر بهذا التأثير مندوبو منظمة العفو الدولية الذين زاروا البلاد في فبراير/ شباط 2002. فخلال إقامتهم في صنعاء، اكتشف المندوبون أنه في الوقت الذي كان يُقبض على الأشخاص ويُحتجزون ويُبعدون بالمئات، فإنه لم يتقدم أحد لإعطائنا معلومات، ولا حتى أقرباء المتضررين مباشرة. وهذا وضع لم يسبق لمنظمة العفو الدولية أن واجهته في اليمن، ولا حتى إبان الحرب الأهلية في العام 1994. فلطالما كان أفراد المجتمع المدني بمثابة ذُخر يمكنه اختراق جدران السرية. إن هذا وضع يمكن أن يخلق تربة خصبة لانتهاكات حقوق الإنسان. إلا أنه بعد أشهر من الصمت، بدأ المجتمع المدني باستعادة الأرض التي يقف عليها. وقد لعبت المنظمة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات، التي يقودها المحامي وعضو البرلمان اليمني محمد ناجي علاو، دوراً قيادياً في هذا الأمر. فقد شكلت تلك المنظمة نقطة محورية بالنسبة لأقرباء المعتقلين، وحظيت باهتمام كبير من جانب الصحافة اليمنية.
وتضامناً مع المجتمع المدني، قامت منظمة العفو الدولية في أغسطس/ آب 2002 بتنظيم حوار علني بعنوان "حقوق الإنسان للجميع". وشاركت في الحوار منظمات حقوق الإنسان، ومنها جماعات حقوق المرأة، ومنظمات غير حكومية وصحفيون وكتاب ومحامون. وبدأ الحوار بمناقشة مسألة شمولية حقوق الإنسان من جانب المنصة، وحضر الجلسة أكثر من 130 شخصاً. وعقب العروض التي قدمها المتحدثون من المنصة، أثار المشاركون أسئلة حول المعتقلين الذين تحتجزهم السلطات اليمنية، من قبيل: ما هي ظروف اعتقال الأشخاص المحتجزين؟ هل وُجهت إليهم أي تهم؟ متى سيتم توجيه تهم إليهم أو محاكمتهم أو إطلاق سراحهم؟ كما أثاروا الأسئلة نفسها بشأن أوضاع المعتقلين اليمنيين الذين تحتجزهم الولايات المتحدة في معسكر إكس راي في خليج غوانتنامو بكوبا، وأكدوا على ضرورة عدم وجود معايير مزدوجة. وقد حظي الحوار بتغطية إعلامية واسعة في اليمن وبلدان الخليج الأخرى.
إن عودة المجتمع المدني إلى الظهور بدأ يولِّد الضغط من أجل استعادة حكم القانون. ففي سبتمبر/ أيلول 2002، أنشأ البرلمان لجنة مهمتها النظر في أوضاع المعتقلين. وكانت اللجنة هي السلطة المدنية الأولى والوحيدة التي سُمح لها بالاتصال بالمعتقلين بهدف التحقيق في انتهاكات حقوقهم. إن الرسالة التي يمثلها انبعاث المجتمع المدني من جديد رسالة واضحة مفادها أنه لا يمكن مقايضة الأمن بحقوق الإنسان.
9. تبرير الحكومة ودور الولايات المتحدة
1.9 رد الحكومة اليمنية
أبلغت الحكومة اليمنية منظمة العفو الدولية بأن ليس لها من"خيار" سوى الاستمرار في ممارسة اعتقال هؤلاء الأشخاص من دون تهمة أو محاكمة وعدم منحهم فرصة الاتصال بالمحامين أو اللجوء إلى القضاء للطعن في مشروعية اعتقالهم. وحاجج المسؤولون بأن السبب الرئيسي للقبض على الأشخاص واحتجازهم هو أولوية الأمن وليس العدالة. وأوضحوا أن المخاطر الأمنية التي يمثلها المعتقلون بالنسبة للحكومة تكمن في "آرائهم المتطرفة" في الإسلام. وقالت الحكومة لمنظمة العفو الدولية إنها تخطط لتغيير "الآراء المتطرفة" للمعتقلين وليس لمحاكمتهم، وإنها بدأت بالفعل برنامجاً لإعادة تثقيفهم. وكانت الحكومة قد شكلت لجنة من العلماء المسلمين ليشاركوا في المناقشات الرامية إلى تغيير آرائهم بشأن قضايا من قبيل "الجهاد" وأتباع الديانات الأخرى. وأضافت السلطات تقول إن اعتقالهم أسهم في تسهيل تحقيق مهمة الحكومة. وأوضحت الحكومة منطقها واستراتيجيتها على النحو التالي:
1.1.9 تسببت الحرب في أفغانستان في بروز خطريْن على الأقل على أمن اليمن واستقراره. الأول يتمثل في الخوف من أن يلجأ بعض عناصر الحركات الإسلامية في اليمن إلى ارتكاب أعمال عنف، ولا سيما ضد مواطنين من بلدان غربية، وذلك دعماً لحركة طالبان. أما الثاني فهو الخوف من قيام الولايات المتحدة بعمل عسكري ضد اليمن بسبب تورط بعض المواطنين اليمنيين في هجمات 11 سبتمبر/ أيلول على نيويورك وواشنطن، فضلاً عن التقارير الإعلامية بشأن وجود أشخاص يُشتبه في أنهم أعضاء في تنظيم القاعدة في اليمن. وقالت الحكومة اليمنية إنها في مواجهة هذه الأخطار اضطرت لاتخاذ إجراءات لطمأنة حكومة الولايات المتحدة من جديد على تعاونها الكامل معها ضد "الإرهاب" وذلك من أجل تجنب شن عمل عسكري ضد اليمن من قبل الولايات المتحدة.
2.1.9 بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول دعا المجتمع الدولي الدول الأعضاء إلى الوقوف بحزم في مواجهة "الإرهاب". وقالت الحكومة إن اليمن لا يستطيع التخلي عن مسؤوليته تجاه المجتمع الدولي، وهو ليس البلد الوحيد الذي يعتمد التدابير التي اتخذها. فقد اتخذت بلدان في أوروبا وأمريكا الشمالية تدابير مماثلة. وتعرض المواطنون اليمنيون الذين يعيشون في تلك البلدان للاعتقال التعسفي والاحتجاز لا لشيء إلا بسبب جنسيتهم. كما حُرم المواطنون اليمنيون الذين يدرسون في الولايات المتحدة، ممن عادوا إلى اليمن أثناء إجازاتهم لزيارة عائلاتهم، من الحصول على تأشيرات العودة إلى الولايات المتحدة لإكمال دراستهم.
وفي الوقت الذي تعي فيه المنظمة جيداً التغييرات التي طرأت على المناخ السياسي الدولي والضغوط التي سببتها على اليمن، وخاصة من جانب الولايات المتحدة، فإنها لا تعتقد بأن ذلك يجوز أن يُستخدم من قبل الحكومة لتبرير انتهاكات حقوق الإنسان. بل على العكس من ذلك، فإن المنظمة تؤمن بأن حقوق الإنسان، في الظروف السياسية الصعبة، بحاجة إلى مزيد من الحماية وليس العكس. إذ أنه باسم "الأمن" جرى اعتقال الأطفال وإسكات صوت المعارضة السلمية وإبعاد الأشخاص إلى بلدان يمكن أن يتعرضوا فيها للتعذيب أو الإعدام، واحتجاز المشتبه فيهم لمدد غير محددة من دون تهمة أو محاكمة أو السماح لهم بالاتصال بالمحامين أو اللجوء إلى القضاء.
وقد ذكَّرت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الحكومة اليمنية بهذا الخطر عند فحصها لتقرير اليمن بشأن الالتزام بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، حيث قالت:
"في الوقت الذي تتفهم فيه اللجنة مقتضيات الأمن المرتبطة بأحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، فإنها تعرب عن قلقها بشأن آثار هذه الحملة على أوضاع حقوق الإنسان في اليمن، سواء فيما يتعلق بالمواطنين اليمنيين أو الأجانب. وفي هذا الشأن، يساور اللجنة القلق حيال موقف قوات الأمن، ومنها جهاز الأمن السياسي، التي تسارع إلى القبض على أي شخص يشتبه في أن له صلة بالإرهاب واحتجازه، الأمر الذي يعتبر انتهاكاً للضمانات التي ينص عليها العهد الدولي (المادة 9). كما تعرب اللجنة عن قلقها بشأن حالات طرد الأجانب المشتبه في علاقتهم بالإرهاب من دون إتاحة الفرصة لهم للطعن قانونياً بهذه التدابير. بل إن مثل عمليات الطرد هذه تتقرر من دون الأخذ بعين الاعتبار المخاطر التي تهدد السلامة الجسدية وأرواح الأشخاص المعنيين في البلد الذي يُبعدون إليه (المادتان 6 و 7).
ومضت اللجنة في تعليقها لتحث الحكومة اليمنية على "... ضمان أن تكون التدابير المتخذة باسم حملة مكافحة الإرهاب ضمن حدود قرار مجلس الأمن رقم 1373، وأن تتسق تماماً مع أحكام العهد الدولي". وطلبت اللجنة من الحكومة "ضمان ألا يصبح الخوف من الإرهاب مصدراً للانتهاكات".13 وأكدت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على ضرورة أن "تكفل الدول أن أي تدابير تتخذها لمكافحة الإرهاب يجب أن تتماشى مع التزاماتها بموجب القانون الدولي، ولا سيما القانون الدولي لحقوق الإنسان واللاجئين والقانون الإنساني الدولي".14
2.9 دور الولايات المتحدة
إن للعلاقات اليمنية الأمريكية صلة مباشرة بتدهور أوضاع حقوق الإنسان منذ أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001. وفي أعقاب هذه الأحداث أقام البلدان تعاوناً عسكرياً وأمنياً خاصاً. ويتجلى تأثير مثل هذا التعاون على حقوق الإنسان في عمليات الاعتقال وتدريب قوات الأمن اليمنية والقتل المحتمل خارج نطاق القضاء لستة رجال في نوفمبر/ تشرين الثاني 2002 (انظر أدناه).
إن حكومة الولايات المتحدة تحتجز حالياً عشرات المواطنين اليمنيين في خليج غوانتنامو في أوضاع تتنافى مع القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.15 وكان أقرباء هؤلاء المعتقلين ممن قابلتهم منظمة العفو الدولية في صنعاء قد أبلغوا المنظمة بأنهم لم يتلقوا أي توضيح من حكومة الولايات المتحدة أو الحكومة اليمنية بشان الوضع القانوني للمعتقلين أو مصيرهم. وقد أثارت منظمة العفو الدولية حالاتهم مع المسؤولين اليمنيين، ولكنهم لم يقدموا توضيحاً دقيقاً للعملية القانونية المتَّبعة في هذه الحالات ولا بشأن اتصال عائلاتهم بهم أو تلقي معلومات عن مصيرهم. وفي قضية فيروز عباسي، وهو مواطن من المملكة المتحدة محتجز في خليج غوانتنامو، طعنت محكمة الاستئناف في المملكة المتحدة في ظروف اعتقاله. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2002، أشارت محكمة الاستئناف، وهي ثاني أعلى محكمة في إنجلترا وويلز، إلى اعتقال فيروز عباسي في خليج غوانتنامو بأنه "يتعارض بشكل واضح مع المبادئ الأساسية المعترف بها من قبل الولايتين القضائيتين (للولايات المتحدة والمملكة المتحدة) ومن قبل القانون الدولي".16
وكما ذكرنا آنفاٌ، فقد شاركت قوات الأمن التابعة للولايات المتحدة بشكل مباشر في استجواب المحتجزين بسبب قضية تفجير المدمرة يو إس إس كول على الأقل. وبالإضافة إلى ذلك، فإن السلطات اليمنية قالت لمنظمة العفو الدولية إن خططها لتقديم هؤلاء إلى المحاكمة قد عرقلتها سلطات الولايات المتحدة. ومن عواقب ذلك على المعتقلين، الذين مضى على اعتقال معظمهم حوالي ثلاث سنوات، أنهم حُرموا من حقهم في تلقي المساعدة القانونية وفي اللجوء إلى القضاء للطعن في شرعية اعتقالهم، وما زالوا محرومين منه. وقد اعترفت الحكومتان بتدريب قوات الأمن اليمنية على أيدي قوات الأمن الأمريكية. وصرح وزير دفاع الولايات المتحدة دونالد رامسفيلد للصحفيين قائلاً: " إن لنا أناساً في ذلك البلد يعملون مع الحكومة ويساعدونها على التفكير بأساليب القيام بالأمور. لقد كان تعاوناً جيداً بيننا ..."17 وبالمثل فقد نُقل عن وزير الخارجية اليمني قوله: "... ليس هناك اتفاقية أمنية مع الولايات المتحدة ... ولكن ثمة تعاوناً أمنياً في مجال التدريب وتبادل المعلومات ... وهناك مدربون من الولايات المتحدة لتدريب القوات الخاصة وقوات الأمن (بالإضافة إلى) تبادل الأسماء، وخصوصاً هذه الأيام".18
ونظراً للقلق الذي يساور منظمة العفو الدولية من أن عمليات نقل الخبرات والتدريب في المجالين العسكري والشرطي يجب ألا تسهم في انتهاكات حقوق الإنسان، فقد طلبت المنظمة توضيحاً من سلطات الولايات المتحدة في رسالة مؤرخة في 6 يونيو/ حزيران 2003 وموجهة إلى وزير الخارجية كولن باول (انظر الفقرة 10 أدناه). وطرحت المنظمة الأسئلة التالية على وجه التحديد: ما هي قوات الأمن اليمنية التي تتلقى مثل هذا التدريب؟ وهل جهاز الأمن السياسي من بينها؟ هل خضع الأفراد الذين تلقوا التدريب على أيدي سلطات الولايات المتحدة للتدقيق فيما يتعلق بتورطهم في السابق في ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، وذلك وفقاً للفقرة 556 من القانون العام للولايات المتحدة رقم 105 – 107 وما هي الأحكام الخاصة بحقوق الإنسان التي تتضمنها برامج التدريب؟
وفي رسالة موجهة إلى منظمة العفو الدولية بتاريخ 11 يوليو/ تموز 2003، اعترفت وزارة خارجية الولايات المتحدة بأن "الولايات المتحدة وفَّرت التدريب العسكري لقوات مكافحة الإرهاب اليمنية كجزء من تعاوننا في الحرب الدولية على الإرهاب". وأضافت الوزارة تقول: "لا يُقدم ... أي تمويل أو تدريب إلى أي قوات أمن يمنية يتوفر دليل موثوق به على أنها ارتكبت انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان". إلا أن الرسالة لم تتضمن أي تفاصيل حول فروع الأجهزة الأمنية التي تلقت تمويلاً أو مساعدات تدريبية، وحول ما إذا كان التمويل والتدريب قد شمل جهاز الأمن السياسي أو استثناه. إن هذا الفرع من فروع سلطات الاعتقال لا يزال يعتبر المرتكب الرئيسي لانتهاكات حقوق الإنسان ويتمتع بالحصانة من العقاب.
ولعل أكثر المؤشرات وضوحاً على ازدراء حقوق الإنسان في إطار التعاون الأمني بين اليمن والولايات المتحدة هو قتل ستة رجال في محافظة مأرب في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2002. وكان الرجال الستة يستقلون سيارة عندما انفجرت بهم جراء صاروخ أطلقته طائرة من دون طيار تتحكم بها وكالة المخابرات المركزية بحسب ما ورد. وقد زُعم أنه كان يشتبه في انتماء تلك المجموعة إلى تنظيم القاعدة، وكان من بينهم علي قائد سنان الحارثي، وهو مواطن يمني، زُعم أنه عضو قيادي في التنظيم.
وخوفاً من أن يكون الرجال الستة ضحايا لعملية قتل خارج نطاق القضاء، طلبت منظمة العفو الدولية من حكومتي الولايات المتحدة واليمن توضيحاً عاجلاً للملابسات التي أحاطت بعملية القتل. وكتبت المنظمة رسائل إلى الحكومتين سألتهما فيها عما إذا كانت عملية القتل فد نُفذت كنتيجة للتعاون بين الحكومتين أو بموافقة الحكومة اليمنية أو معرفتها؛ وما إذا بُذلت أي محاولات للقبض على الرجال الستة؛ وما هو الخطر الذي يمثله أولئك المشتبه فيهم، إذا كان ثمة خطراً أصلاً، على قوات الأمن أو غيرها في وقت تنفيذ عملية القتل. وقالت منظمة العفو الدولية إنه إذا كان الهجوم نوعاً من القتل المتعمد، بدلاً عن الاعتقال، في ظروف لم يشكل فيها أولئك الرجال أي خطر مباشر، فإن عملية القتل تصل إلى حد الإعدام خارج نطاق القضاء، الأمر الذي يشكل انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان.19 ودعت المنظمة إلى التحقيق في عملية القتل، وتقديم كل من تثبت مسؤوليته عن ارتكاب عملية إعدام خارج نطاق القضاء إلى العدالة.
بيد أن منظمة العفو الدولية لم تتلق أي رد مباشر من أي من الحكومتين. إلا أن الحكومة اليمنية ما فتئت تصرح علناً، منذ ذلك الوقت، بأنها تعاونت مع حكومة الولايات المتحدة. ونُقل عن وزير الداخلية قوله في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2002 أن عملية مطاردة المجموعة التي انتهت بمقتل أفرادها ... وقعت في إطار التعاون الأمني والتنسيق بين اليمن والولايات المتحدة في مجال محاربة الإرهاب."20 وكرر الرئيس اليمني في الآونة الأخيرة الحديث عن دور حكومته في تلك العملية خلال مقابلة مع محطة "الجزيرة" للتلفزة. وفي رده على سؤال حول كيفية مهاجمة قوات الولايات المتحدة للرجال الستة، أجاب: "بالتعاون معنا ... بالتعاون معنا ..." وفيما يتعلق بالقتلى، قال الرئيس اليمني إن "هؤلاء يمثلون أقلية ضارة ... إنهم يعيثون في الأرض فساداً، ويتلاعبون بالاقتصاد الوطني، ويسعون إلى تحويل البلد إلى بلد إرهابي ... فليذهب (ليمت) ثلاثة أشخاص أو أربعة أو خمس وعشرون في سبيل البلاد ... ليذهب إلى الجحيم أي خائن ... أي شخص يعرِّض أمن البلد للخطر".21 ولم يشر مطلقاً إلى أي محاولة من جانب حكومتي اليمن و الولايات المتحدة لمراعاة المعايير الدولية لحقوق الإنسان عند تنفيذ تلك العملية.
ورفضت حكومة الولايات المتحدة أن تكون عملية القتل ضرباً من الإعدام خارج نطاق القضاء. ورداً على المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء والإعدام التعسفي وبإجراءات موجزة، رفضت حكومة الولايات المتحدة اعتبار "العمليات العسكرية ضد مقاتلي العدو نوعاً من الإعدام خارج نطاق القضاء"، وأضافت تقول: "إن ما ينظم سلوك الحكومة في العمليات العسكرية المشروعة، سواء كانت ضد تنظيم "القاعدة" أو أي هدف عسكري مشروع آخر، هو القانون الدولي للنزاعات المسلحة". وخلصت إلى القول "إنه يجوز مهاجمة مقاتلي العدو ما لم يستسلموا أو إلا إذا اعتبُروا عاجزين عن القتال"، وأن أي "إرهابيين تابعين لتنظيم القاعدة يواصلون التخطيط لشن هجمات على الولايات المتحدة يصبحون أهدافاً قانونية للهجمات المسلحة في الظرف المناسبة". وقالت إن صلاحيات المقرر الخاص لا تشمل "المزاعم التي تنشأ عن العمليات العسكرية التي تقع في مجرى النزاع المسلح مع تنظيم القاعدة، وأن كلا المقرر الخاص ولجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لا يتمتعان بصلاحية "معالجة القضايا من هذا النوع، التي تنشأ بموجب قانون النزاعات المسلحة".22 ومن وجهة نظر منظمة العفو الدولية، ليس من الواضح أبداً لماذا يجب أن تنطبق قوانين الحرب على هذه الحالة. فبموجب القانون الإنساني الدولي الحالي، ليس من الممكن أن يكون هناك نزاع مسلح دولي بين دولة من جهة وبين جهة فاعلة غير تابعة لدولة من جهة أخرى، إذا لم تكن الجماعة المسلحة تشكل جزءاً من القوات المسلحة لأحد الأطراف في اتفاقيات جنيف. إن اتفاقيات جنيف تنطبق على حالات "النزاع المسلح الذي يمكن أن ينشب بين اثنين أو أكثر من الأطراف السامية المتعاقدة".23 وليس ثمة نزاع مسلح بين الولايات المتحدة واليمن. ومن الواضح أن الحكومة اليمنية تعاونت في شن تلك الضربة الجوية. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه ليس ثمة نزاع مسلح داخلي بين الحكومة اليمنية (بدعم من قوات الولايات المتحدة) وتنظيم القاعدة". وعليه، فإن المعايير الملائمة التي تنطبق على هذه الحالة هي المعايير الخاصة بإنفاذ القوانين، والتي كان يجب على حكومتي اليمن والولايات المتحدة أن تتعاونا من أجل محاولة القبض على المشتبه فيهم وليس قتلهم.
ومن المعايير الخاصة بإنفاذ القوانين المعمول بها: المبادئ الأساسية للأمم المتحدة المتعلقة باستخدام القوة والأسلحة النارية على أيدي الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، ومدونة قواعد السلوك للموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين. وتنص هاتان الوثيقتان بوضوح على القيود التي تُفرض على استخدام القوة في حالات إنفاذ القوانين، وبالتحديد ما يتعلق بعدم جواز استخدام الأسلحة النارية إلا إذا كان هناك خطر على الأرواح، وفي حالة عدم توفر وسائل أخرى. وينص المبدأ الأساسي 9 على أنه "لا يجوز استخدام الأسلحة النارية بصورة مميتة ومتعمدة، في أي ظرف من الظروف، إلا إذا كان ذلك لا بد منه لحماية أرواح الناس". وينص المبدأ 8 على أنه "لا يجوز التذرع بظروف استثنائية، مثل حالة عدم الاستقرار السياسي الداخلي أو أي طوارئ عامة أخرى، لتبرير أي انحراف عن هذه المبادئ الأساسية. "كما أن المبدأ الأول من مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بالمنع الفعال لعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء والإعدام التعسفي وبإجراءات موجزة والتحقيق فيها ينص على أن "الحكومات يجب أن تمنع قانونياً جميع عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء والإعدام التعسفي وبإجراءات موجزة، وأن تكفل اعتبار هذه العمليات جرائم بموجب القوانين الجنائية، وتوقع عليها العقوبات الملائمة التيتأخذ في الحسبان مدى خطورة مثل هذه الجرائم. ولا يجوز اعتبار الظروف الاستثنائية، من قبيل حالة الحرب أو التهديد بالحرب أو انعدام الاستقرار السياسي الداخلي أو أي حالة طوارئ، كذريعة لارتكاب مثل عمليات الإعدام هذه.
10. اتصال منظمة العفو الدولية بالحكومتين
أثناء التحقيقات التي أجرتها منظمة العفو الدولية في انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، اتصلت المنظمة بالسلطات اليمنية وسلطات الولايات المتحدة للحصول منهما على معلومات وتوضيح للسياسات فيما يتعلق ببواعث القلق الواردة في هذا التقرير. وفيما يتعلق بالسلطات اليمنية أثارت المنظمة القضايا التالية:
سألت منظمة العفو الدولية تلك السلطات عن ردها على الادعاء الشائع بأن جهاز الأمن السياسي كان يعمل بشكل وثيق مع مكتب التحقيقات الفدرالي في عمليات الاعتقال الجماعية التي نفذتها، وأن ذلك التعاون شمل مشاركة مكتب التحقيقات الفدرالي في استجواب المعتقلين. بيد أن السلطات اليمنية، على الرغم من إقرارها بأنها تعاونت تعاوناً تاماً مع الولايات المتحدة في الحرب على "الإرهاب"، فإنها نفت نفياً قاطعاً ما ادعاه مكتب التحقيقات الفدرالي بأنه شارك مباشرة في استجواب المعتقلين. إلا أن لجنة التحقيق البرلمانية الخاصة، وهي السلطة المدنية الوحيدة التي سُمح لها بالاتصال بالمعتقلين حتى الآن، زعمت أن المحتجزين بسبب الهجوم على المدمرة يو إس إس كول قد تعرضوا للاستجواب من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي عبر محققين يمنيين.24 ووفقاً للنتائج التي توصلت إليها لجنة التحقيق، فإن المحققين الأمريكيين أبلغوا المعتقلين بحقهم في عدم الموافقة على الاستجواب إلا بحضور محامٍ، ويبدو أنهم عرضوا عليهم تعيين محاميين لهم مجاناً. ولكن المحققين اليمنيين أرغموا المعتقلين على رفض ذلك العرض على ما يبدو، وتم استجوابهم من قبل المحققين الأمريكيين من خلال المحققين اليمنيين، من دون أي مساعدة قانونية.
لقد طلبت منظمة العفو الدولية السماح لها بالاتصال بالمعتقلين، بيد أن طلبها رُفض. وبالإضافة إلى ذلك، طلبت المنظمة الحصول على قوائم بالمعتقلين، مع تفاصيل حول أسباب القبض عليهم والسلطة التي أصدرت أمر القبض عليهم. وعلمت منظمة العفو الدولية أن ذلك لم يكن ممكناً، لأن القوائم كانت تتغير باستمرار.
أعربت منظمة العفو الدولية عن بواعث قلقها بشأن انتهاك حقوق الأشخاص الذين تحتجزهم سلطات الولايات المتحدة في خليج غوانتنامو، وطلبت توضيحات لأي تدابير تتخذها الحكومة اليمنية لضمان تطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني على مواطنيها المعتقلين هناك. وقد أثارت المنظمة هذه القضية في اجتماعاتها مع مسؤولين حكوميين في مناسبتين: الأولى في فبراير/ شباط 2002، عندما كان وفد حكومي يستعد للسفر إلى خليج غوانتنامو. وسألت منظمة العفو الدولية عما إذا كان نطاق صلاحيات الزيارة يشمل النظر في حقوق المعتقلين، وإذا كان الجواب بنعم، ما إذا كان الوفد يضم محامين وأطباء. وأُبلغت المنظمة أن الوفد واجه صعوبات في الحصول على تصريح من حكومة الولايات المتحدة، وأن إضافة محامين وأطباء إلى الوفد من شأنه أن يؤدي إلى تعقيد المسالة أكثر فأكثر. أما المناسبة الثانية فكانت في أغسطس/ آب 2002، بعد زيارة الوفد الحكومي اليمني إلى خليج غوانتنامو. وسألت المنظمة عما إذا كان الوفد قد أثار قضية حقوق المعتقلين، وطلبت عقد اجتماع مع أعضاء الوفد في صنعاء. بيد أن المنظمة لم تتلق أي توضيح باستثناء أن الوفد حمل معه أدوية للمعتقلين، ولم يتم ترتيب أي اجتماع.
وبالمثل، فقد قامت منظمة العفو الدولية بالاتصال بسلطات الولايات المتحدة عبر سفارة الأخيرة في صنعاء، وطلبت في رسالتها الموجهة إلى وزير الخارجية كولن باول والمؤرخة في 6 يونيو/ حزيران 2003، توضيحاً للقضايا التالية، فضلاً عن البرنامج التدريبي لقوات الأمن اليمنية المشار إليه آنفاً:
في الفترة التي أعقبت 11 سبتمبر/ أيلول 2001، أعربت حكومات عديدة، ومنها حكومة الولايات المتحدة، عن قلقها لأن جهاز الأمن السياسي اليمني لم يبلغها بالقبض على بعض مواطنيها واحتجازهم، ثم إبعادهم. ووفقاً لأقوال سفارات عديدة في صنعاء، فقد كانت أسباب تلك الاعتقالات، بحسب التوضيحات التي قدمها الأمن السياسي، تعود إلى "كونهم مسلمين" أو لأنهم طلبة في مدارس إسلامية معينة. وفي ضوء هذا المصير الذي حلَّ بالمواطنين اليمنيين، ما هو موقف الولايات المتحدة بشأن اليمنيين المعتقلين حالياً لدى جهاز الأمن السياسي في ظل ظروف تشكل انتهاكاً لحكم القانون والتزامات اليمن الدولية بحقوق الإنسان؟
أبلغت مصادر موثوق بها منظمة العفو الدولية أن عمليات القبض والاحتجاز على نطاق واسع من دون تهمة أو محاكمة، والتي نفذها جهاز الأمن السياسي في أعقاب أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، وقعت تحت ضغط الولايات المتحدة، وأن أي استفسار حول أسباب مثل هذه الاعتقالات يجب أن يوجه إلى حكومة الولايات المتحدة نفسها. فما هو الدور الذي لعبته حكومة الولايات المتحدة في تلك الاعتقالات وفي الاعتقالات الراهنة لعشرات الأشخاص وخاصة في صنعاء؟ وما هي الجهود التي بذلتها حكومة الولايات المتحدة لضمان احترام المسؤولين في اليمن للمعايير الوطنية والدولية لحقوق الإنسان فيما يتعلق بالإجراءات الواجبة؟ ما هو رد الولايات المتحدة على التصور العام الذي يربطها بتدهور أوضاع حقوق الإنسان في اليمن منذ 11 سبتمبر/ أيلول 2001؟
في رسالتها المؤرخة في 11 يوليو/ تموز 2003 رداً على منظمة العفو الدولية، قالت وزارة خارجية الولايات المتحدة "إن الحكومة اليمنية، بالتنسيق مع شركائها في الحرب على الإرهاب، اعتقلت بعض المشتبه فيهم من المتهمين بأن لهم صلات بالإرهاب، إثر الهجوم على المدمرة يو إس إس كول في أكتوبر/ تشرين الأول وبعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001. وقد أُطلق سراح العديد من المعتقلين بعد التحقيق معهم، وبدأت بعض الحالات تتجه نحو إجراء محاكمات". ولم تعط أي تفاصيل حول مثل تلك المحاكمات. أما عمليات الاعتقال المشار إليها هنا، فهي تلك المفصَّلة في الفقرات السابقة من هذا التقرير، والتي نُفذت من دون إشراف قضائي، حيث وضع المعتقلون قيد الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي لفترات مطوَّلة. وأما الذين ما زالوا قيد الاحتجاز فلا يُسمح لهم بالاتصال بمحامين أو اللجوء إلى القضاء للطعن في شرعية اعتقالهم. وكما ذكرنا آنفاً، لم تحدد الرسالة ما إذا كان جهاز الأمن السياسي قد تلقى تدريباً وتمويلاً من الولايات المتحدة. إلا أن الرسالة أضافت تقول: "إن التقرير القطري للعام 2002 بشأن ممارسات حقوق الإنسان في اليمن يشير إلى قلق الولايات المتحدة حيال عمليات الاعتقال التعسفي، والاعتقال فترات طويلة من دون تهمة، والاعتقال في الفترة التي تسبق المحاكمة، من بين قضايا مهمة أخرى ... ولمعالجة النواقص الواردة في التقرير، فإن الولايات المتحدة ستواصل تقديم المساعدة المباشرة لتعزيز الجهود الرامية إلى إجراء إصلاحات قضائية في اليمن وتحقيق التنمية الديمقراطية والتوعية بحقوق الإنسان من جانب قوات الأمن". إن منظمة العفو الدولية ترحب بأي مبادرة تهدف إلى وضع حد لإقصاء حكم القانون، وذلك بالعمل على استعادة القضاء لواجبه الصحيح في المحافظة على حكم القانون.
11. خاتمة
يساور منظمة العفو الدولية القلق لأن الحكومة اليمنية نبذت حكم القانون والتزاماتها تجاه حقوق الإنسان جانباً باسم "مكافحة الإرهاب" و "الأمن القومي". وقد أعطت الحكومة الضوء الأخضر لقوات الأمن، ولا سيما جهاز الأمن السياسي، للتصرف والإفلات من العقاب في ازدراء تام لحكم القانون ولدور القضاء. فقد وقعت عمليات اعتقال تعسفي جماعي واحتجاز وإبعاد للأشخاص، ولا تزال تقع حتى الآن. وظل قيد الاحتجاز من دون تهمة أو محاكمة أكثر من 200 شخص، كان قد قُبض على العديد منهم منذ حوالي سنتين، ولا يُسمح لهم بالاتصال بمحامين أو اللجوء إلى المحاكم طلباً للعدالة.
ولعل الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لانتهاكات حقوق الإنسان هذه يتمثل في أن هذه الانتهاكات ترتكبها الحكومة كسياسة متعمدة. أما الأسباب التي ساقتها السلطات اليمنية لمنظمة العفو الدولية فإنها تتلخص في أنه لا خيار أمام الحكومة سوى انتهاك قوانينها والتزاماتها الدولية بحقوق الإنسان كي تتمكن من "مكافحة الإرهاب" واحتواء مخاطر تعرض اليمن لضربة عسكرية من جانب الولايات المتحدة. إن منظمة العفو الدولية تعتقد أن التضحية بحقوق الإنسان لا يمكن أن تشكل حلاً.
لا يمكن تبرئة الحكومة اليمنية من انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت وما زالت تقع في البلاد مند 11 سبتمبر/ أيلول 2001. بيد أن منظمة العفو الدولية تعتقد أن السياسة الأمنية لحكومة الولايات المتحدة تجاه اليمن لعبت دوراً مهماً في تدهور أوضاع حقوق الإنسان في البلاد: فقد نفذت عمليات قتل خارج نطاق القضاء واضحة في اليمن؛ وهي تقيم تعاوناً أمنياً وثيقاً مع قوات الأمن اليمنية، من دون أي اعتبار للالتزام بحقوق الإنسان الشاملة؛ وهي تحتجز عشرات المواطنين اليمنيين في غوانتنامو، بازدراء تام لحقوقهم الإنسانية الأساسية؛ كما أنها غضَّت الطرف عن الممارسات المماثلة التي تقوم بها السلطات اليمنية في بلدها، كما في أي بلد آخر.
إن منظمة العفو الدولية تقر بواجب أي دولة في أن تقدم إلى العدالة أي شخص يشتبه في ارتكابه جرائم جنائية معترف بها، بيد أن ذلك يجب أن يتماشى دائماً مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. وتعارض المنظمة، بلا قيد أو شرط، الاعتقال التعسفي أو الاحتجاز لأجل غير مسمى من دون تهمة أو محاكمة، أو حبس الأشخاص بسبب آرائهم السياسية أو الدينية أو لونهم أو أصلهم العرقي أو لغتهم أو جنسهم أو أي هوية أخرى. كما تعارض المنظمة، بالقدر نفسه، التعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء وعقوبة الإعدام والإبعاد القسري لأي شخص إلى أي بلد يمكن أن يواجه فيه انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، ومنها التعذيب والإعدام. وتدعو المنظمة، في هذا الصدد، حكومتي الولايات المتحدة واليمن إلى ضمان ألا يكون تعاونهما الأمني على حساب حقوق الإنسان، وتحثها على اتخاذ خطوات فورية لاستعادة حكم القانون والحقوق الإنسانية للمعتقلين في اليمن وفي خليج غوانتنامو. إن منظمة العفو الدولية تحث المجتمع الدولي على ممارسة الضغط على حكومتي اليمن والولايات المتحدة لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان الموثَّقة في هذا التقرير.
12. توصيات
1.12 إلى الحكومة اليمنية
تدعو منظمة العفو الدولية السلطات اليمنية إلى ما يلي:
1.1.12 الإفراج الفوري عن كل شخص محتجز بسبب تعبيره السلمي عن معتقداته التي يعتنقها بدافع من الضمير ليس إلا، وذلك لأن مثل هذا الاحتجاز يشكل انتهاكاً للمادة (1) 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛
2.1.12 ضمان السماح لجميع المعتقلين لدى جهاز الأمن السياسي بتهم جنائية باللجوء إلى القضاء فوراً، وذلك وفقاً للمادة (3) 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛
3.1.12 ضمان السماح لجميع المعتقلين بالاتصال فوراً بالمحامين واللجوء إلى القضاء للطعن في شرعية اعتقالهم وفقاً للمادة (4) 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛
4.1.12 اتخاذ خطوات عاجلة لضمان تنفيذ عمليات القبض والاعتقال تحت إشراف قضائي مستقل ومحايد، وذلك لحماية المشتبه فيهم من إلقاء القبض عليهم واحتجازهم بسبب معتقداتهم السياسية والدينية أو غيرها من المعتقدات أو أصلهم العرقي أو لأي أسباب تمييزية أخرى من قبيل استهداف الصحفيين لانتقادهم الدولة؛
5.1.12 إجراء تحقيق في مزاعم التعذيب وتقديم كل من تثبت مسؤوليته عن تلك المزاعم إلى العدالة، وفقاً للمادتين 12 و 13 من اتفاقية مناهضة التعذيب. وينبغي أن تقوم بمثل هذه التحقيقات هيئة مستقلة ومحايدة؛
6.1.12 وقف طرد المواطنين الأجانب إلى بلدان يمكن أن يواجهوا فيها انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، كالتعذيب أو الإعدام، وضمان حقوق اللاجئين وطالبي اللجوء وفقاً لالتزامات اليمن بموجب اتفاقية اللاجئين للعام 1951، وغيرها من المعاهدات ذات الصلة؛
7.1.12 تنفيذ توصيات الآليات الموضوعية للأمم المتحدة ولجنة حقوق الإنسان.
2.12 إلى حكومة الولايات المتحدة
1.2.12 التحقيق في عمليات القتل خارج نطاق القضاء التي وقعت في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2002 لستة أشخاص يُشتبه في انتمائهم إلى تنظيم "القاعدة"، وتقديم كل من يُشتبه في مسؤوليته عن تلك العمليات إلى العدالة؛
2.2.12 ضمان التقيد الصارم بمعايير حقوق الإنسان في سياق التعاون بين قوات الأمن الأمريكية وقوات الأمن اليمنية، ولا سيما في علميات القبض على المعتقلين واستجوابهم، ومراعاة مثل هذه المعايير في برامج تدريب القوات اليمنية؛
3.2.12 اتخاذ خطوات عاجلة لاستعادة حقوق المواطنين اليمنيين وغيرهم من مواطني البلدان الأخرى المعتقلين في خليج غوانتنامو، وحث الحكومة اليمنية على فعل الشيء نفسه تجاه المعتقلين في اليمن في ظروف مشابهة.
3.12 إلى المجتمع الدولي
تدعو منظمة العفو الدولية المجتمع الدولي إلى:
1.3.12 حث حكومتي اليمن والولايات المتحدة على تنفيذ التوصيات المذكورة آنفاً.
هوامش
1 انظر، مثلاً، جريدة "الأيام" اليمنية الأسبوعية بالعربية، بتاريخ 22 سبتمبر/ أيلول 2001.
2 للاطلاع على تحليل تفصيلي للضمانات القانونية ضد الاعتقال التعسفي في اليمن، انظر تقرير منظمة العفو الدولية المعنون ب: "اليمن، مصادقة بلا تنفيذ: أوضاع حقوق الإنسان في اليمن"، MED 31/01/97، مارس/ آذار 1997، ص 10 – 5.
3 انظر الملاحظات الختامية للجنة حقوق الطفل: اليمن، CRC/C/15/Add.102/0/05/99، الفقرة 34.
4 نحجم عن ذكر الأسماء بناء على طلب أصحابها.
5 انظر تقرير لجنة التحقيق البرلمانية الخاصة حول قضية المعتقلين بسبب الهجوم على المدمرة يو إس إس كول وهجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، بتاريخ 24 سبتمبر/ أيلول 2002، ص 13.
6 ترجمة منظمة العفو الدولية للمادة 76 من قانون الإجراءات الجنائية.
7 للاطلاع على أحكام الاتفاقية، انظر تقرير منظمة العفو الدولية المعنون ب "الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب تهديد خطير لحقوق الإنسان"، IOR 51/001/2002 .
8 لمزيد من التفاصيل، انظر تقرير منظمة العفو الدولية المعنون ب "المملكة العربية السعودية لا تزال تشكل تربة خصبة للتعذيب والإفلات من العقاب"، MDE 23/004/2002، مايو/ أيار 2002. انظر أيضاً تقرير منظمة العفو الدولية: "المملكة العربية السعودية: تحدي الاتجاهات العالمية – استخدام عقوبة الإعدام على نطاق واسع في العربية السعودية"، MDE 23/015/201، نوفمبر/ تشرين الثاني 2001.
9 انظر مثلاً تقرير وكالة الصحافة الفرنسية في 2002/9/11.
10 انظر الملاحظات الختامية للجنة حقوق الإنسان: اليمن CCPR/CO/75، بتاريخ 2002/07/26، الفقرة 18.
11 تنص المادة (3) 42 من الدستور على أن "لكل مواطن الحق في المشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وعلى الدولة أن تكفل حرية التفكير والتعبير عن الرأي شفوياً أو كتابياً أو فنياً ضمن حدود القانون".
12 انظر الملاحظات الختامية للجنة حقوق الإنسان: اليمن، CCPR/CO/75، بتاريخ 2002/07/26، الفقرة 21.
13 انظر الملاحظات الختامية للجنة حقوق الإنسان: اليمن، CCPR/CO/75، بتاريخ 2002/07/26، الفقرة 1.
14 انظر قرار لجنة حقوق الإنسان رقم 2003/68 الذي اعتمدته في 25 أبريل/ نيسان 2003، الفقرة 3.
15 جاءت بواعث قلق منظمة العفو الدولية بشأن المعتقلين في خليج غوانتنامو لأن حكومة الولايات المتحدة قامت بما يلي:
- نقلت أشخاصاً واحتجزتهم في أوضاع يمكن أن تصل إلى حد المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وتشكل انتهاكاً للمعايير الدنيا للاحتجاز؛
- رفضت السماح للمحتجزين لديها بالاتصال بمحامين، بما في ذلك أثناء استجوابهم من قبل سلطات الولايات المتحدة وغيرها؛
- رفضت السماح للمحتجزين لديها باللجوء إلى المحاكم للطعن في عدم قانونية احتجازهم؛
- قوَّضت مبدأ افتراض البراءة من خلال اتباع نمط من التعليقات العلنية بشأن افتراض الذنب بالنسبة للأشخاص المحتجزين لديها في خليج غوانتنامو؛
- تقاعست عن تسهيل اتصالاتهم فوراً بأفراد عائلاتهم أو السماح لهم بذلك؛
- قوَّضت مبدأ العملية الواجبة وحماية الأشخاص عن طريق تسليمهم كما في حالات الأشخاص الذين احتجزوا خارج أفغانستان ونقلوا إلى خليج غوانتنامو؛


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.