أكد بليغ المخلافي عضو الهيئة العليا للتكتل الوطني لإنقاذ اليمن والناطق الرسمي لحزب العدالة والبناء الليبرالي على أهمية استمرار الدور العربي في دعم اليمن خلال عملية "إعادة الأمل" مشيراً إلى عدم إنقضاء العمليات العسكرية وأن بدء العملية الجديدة يعني المزج بين المسار السياسي والعسكري. وأضاف المخلافي خلال حوار اجرته معه جريدة "الدستور" المصرية، ويعيد التغيير نشره، أن "الحوثي" سيرضخ بالنهاية للحل السياسي وسيخضع لشروطه التي تتضمن تسليم السلاح للسلطات الرسمية، كاشفاً عن وجود اتفاق سياسي سيتم الإعلان عنه خلال الأيام القادم، مؤكداً أن إيران تخلت بالفعل عن "الحوثي" واكتفت بالشجب والإدانة ودعمه عن طريق المبادرات السياسية. وأوضح أن دعم "علي عبد الله صالح" "للحوثي" كان أحد أهم الأسباب في تنامي قوة الحوثيين قائلاً "إن صالح على استعداد أن يتحالف مع الشيطان للعودة مجدداً إلى الواجهة السياسية، مضيفاً أن تكوين التحالف العربي أعاد صياغة التاريخ وتشكيل القوى بالمنطقة بما يكفي لدحر مطامع طهران بالمنطقة وبعث رسالة إلى إسرائيل مفادها أن عرب اليوم ليسوا كالسابق. -كيف تطور الأمر سريعاً في اليمن وأصبحت الغلبة للحوثيين على حساب الدولة؟ إذا ما عدنا إلى بداية عام 2013 خلال مؤتمر الحوار الوطني الذي دخل الحوثيين إليه بصفتهم أحد المكونات السياسية وكان تمثيلهم بنسبة 35% وهو تمثيل كبير ومهم جداً بالنسبة لهم إذ تساووا بأحزاب كبيرة وقديمة مثل الحزب الاشتراكي والحزب الناصري؛ وتمكنوا خلال وجودهم في الحوار من نسج علاقات قوية مع عدد من المكونات الأخرى خاصة في ظل أن الحوثيين يعرضون رؤى متقدمة خلال جلسات الحوار الوطني، كما استطاعوا تكوين تحالفات مع عدد من منظمات المجتمع المدني وبعض الأحزاب الأخرى؛ تطور الأمر فيما بعد المؤتمر وفي ظل إخفقات حكومة الوفاق الوطني التي كانت محاصصة بين المؤتمر الشعبي العام –الحزب الذي قامت ضده الثورة- وأحزاب اللقاء المشترك –الذين شكلوا الحامل السياسي للثورة. الممارسات السيئة لحكومة الوفاق والأحزاب التي أتت على حساب الثورة وفرت المناخ والحاضن الشعبي الملائم للاستقطاب لصالح جماعة الحوثي؛ وبدأت تلك الجماعة تصور نفسها على أنها المطالب بمصالح وحقوق الشعب المظلوم وبدأت تكتسب شعبية على الأرض، وفي نهايات عام 2013 عندما كان هناك توجه دولي وإقليمي لإبعاد الإخوان المسلمين عن المشاركة في الحكم بدول الربيع العربي استغل الحوثيين هذه الفرصة نجحوا في الخلاص من السلفيين بمنطقة "دماج" وهي منطقة داخل محافظة "صعدة" وتشتهر بانتشار السلفيين بها منذ ستينيات القرن الماضي، إلا أن الحوثيون تمكنوا باتفاق سياسي مع الرئاسة اليمنية والأشقاء في المملكة السعودية على إخراج السلفيين من "دماج" إلى صنعاء. كل هذه المعطيات أعطت قوة كبيرة للحوثيين الذين بدؤوا في التوجه جنوباً نحو "عمران" ونجحوا أيضا في التخلص من مشايخ "آل الأحمر" وبعدها ضعفت القوة الشعبية لأغلب معارضيهم، وألتزمت حينها ألوية الجيش الحياد ولم تتعامل كالعادة مع الأمر، وتتلخص الأسباب الرئيسية في تمكن الحوثيين من اليمن هو عدة أسباب هي؛ أولا تركيبة الجيش اليمني التي كانت بالأساس مهترئة وتعتمد على الولائات الطبقية القبلية والشخصية ، ثاني الأسباب هو ضعف حكومة الوفاق وممارساتها فعلى الرغم من أنها الحكومة التي جاءت عقب الثورة إلا أن ممارساتها كانت بالسوء الذي وفر للحوثيين مناخ ملائم لما فعلوه، أم السبب الثالث فهو سلمية الرئيس هادي الذي لم يتعامل مع هذه الجماعة بحزم واستخدام القوة بل بالعكس كان مسالماً لدرجة مكنتهم من ابتلاع الدولة. أما السبب الرابع فيرجع إلى تحالف الحوثيين مع "علي عبد الله صالح"، وهذه الأسباب هي التي أنجحت الحوثيين في تغولهم الرهيب في الدولة اليمنية. -وما الدافع لدى "صالح" لعقد هذا التحالف؟ علي عبد الله صالح على استعداد للتحالف مع الشيطان نفسه في سبيل العودة إلى الحكم أو أن يبقى في الواجهة السياسية، "فصالح" يفترض أنه خرج من الحياة السياسية لكن المبادرة الخليجية وفرت له حصانة استمر بموجبها رئيساً للمؤتمر الشعبي العام، ولدنيا إشكالية في اليمن تتعلق ب"الهضبة" التي تتحكم في حكم البلاد وهي منطقة جغرافية تحكم اليمن منذ 1100 عام وعندما خرج الحكم من هذه المنطقة إبان الثورة بدأت مراكز القوى تعيد حساباتها القديمة وتنسى خلافاتها سعياً للتكتل والاتحاد لاستعادة الحكم، وهذا كان جزء من اتفاق علي "عبدالله صالح" مع جماعة الحوثي. -كيف ينظر اليمنيون إلى عاصفة الحزم والحرب التي شنها التحالف العربي ضد الحوثيين؟ قبل الحديث عن التدخل في اليمن يجب أن نشير إلى أن النتائج تأتي دوماً وفقاً لمسببات وأسباب التدخل العربي في اليمن هو وجود جماعة استولت على السلاح والمحافظات والمؤسسات وحاصرت الرئيس في مقر إقامته أكثر من شهر كما وضعت الحكومة ورئيسها تحت الإقامة الجبرية وألتهمت الدولة اليمنية بالنهاية؛ فماذا نتوقع بعد كل هذا ! خاصة أنها وجهت سلاح الدولة إلى صدور اليمنيين كما أنه تشن حرب أشبه ما تكون بالطائفية على بعض محافظات الجنوب، والشعب اليمني رحب وتفاعل مع عاصفة الحزم بسبب ممارسات الحوثيين واستخدامهم للسلاح في اجتياح المحافظات. -هل التمسك بالرئيس هادي منصور لشخصه أم للشرعية التي يعكسها؟ الحديث عن الشرعية ليس حديثًا عن الأشخاص وإنما حديث عن مؤسسات، فالرئيس "هادي منصور" يحكم اليوم ومن ثم سيذهب وسيأتي غداً شخص آخر، لكن إسقاط المؤسسات وإنهاء عملها هو ما يمثل مشكلة حقيقية يجب أن نتعامل معه، والحديث عن الشرعية في اليمن اليوم لا تعني شخص "هادي" ولكن تعني الحديث عن مبادرة خليجية واتفاقات ومخرجات مؤتمر حوار وعملية إنتقالية كانت مرتبة ولها خطوات وآليات و"هادي" كان أحد هذه الآليات. -البعض يتساءل ماذا بعد انتهاء "عاصفة الحزم"؟ وهل "إعادة الأمل" تعني انقضاء دور التحالف العربي؟ انتهاء عاصفة الحزم وبدء عملية "إعادة الأمل" لا يعني إنقضاء الأعمال العسكرية ولكن دخول المسار السياسي بالتوازي مع العسكري، ودور التحالف العربي لم ينته وسيستمر موجود حتى استقرار العملية السياسة في اليمن وعودة السلطة الشرعية إلى مسارها، وبالتأكيد سيتكلف اليمن وقتاً طويلاً حتى يبني جيشه ومؤسساته من جديد وباعتقادي أن نواة الجيش أصبحت موجودة من المعسكرات التي أعلنت ولائها للرئيس هادي بالإضافة إلى بعض رجال المقاومة الشعبية. وهناك اتفاق سياسي سيعلن عنه خلال الأيام القادمة وإيران من خلال حلفائها في المنطقة عُمان والجزائر تقدمت بمشروع تسوية سياسية وفي النهاية سيرضخ "الحوثي" للاتفاق السياسي والشروط اللازمة لذلك، وعملية "إعادة الأمل" ستمزج بين العمل العسكري والسياسي لمنع "الحوثي" من أي تحرك عسكري ممكن. أما فيما بعد انتهاء العاصفة.. فكنا قد عقدنا مؤتمر حوار في اليمن دام لمدة 10 أشهر ولدينا مخرجات كفيلة بأن تبني دولة حقيقية قائمة على الشراكة والمواطنة المتساوية ومبادئ تنمية حقيقية وشاملة في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إذا ما عاد اليمنيون إلى مخرجات حوارهم، والمشكلة آتت بعد انتهاء مؤتمر الحوار الوطني والانقلاب الذي حصل من جماعة الحوثي على مخرجات الحوار والعملية السياسية برمتها، وبالعودة لتلك المخرجات فإن مستقبل اليمن سيكون أفضل بكثير في ظل الدعم الحاصل من الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي والعالم بأثره. -هل ترى أنه من الممكن الوصول لحل سياسي ينهي الخيارات العسكرية تماماً؟ وما هي شروط هذا الحل؟الحديث عن حل سياسي في ظل تعنت الحوثي واستمراره في الممارسات الهمجية في عدن وشبوة وتعز أمر صعب ولن يكون هناك حل سياسي إلا من خلال إعلان "الحوثي" التخلي عن السلاح وتسليمه للدولة والسلطات الشرعية والإلتزام بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني بما فيها مخرجات لجنة تحديد الأقاليم وكذا الإلتزام بمسودة الدستور التي كان مشاركاً في إعدادها وتحوله إلى حزب سياسي، وبهذه الأمور وحدها يمكن الحديث عن حل سياسي أما الحديث عن هذا الحل في ظل تغوله بعدن مع الممارسات التي ينتهجها أمر صعب ولا يمكن الحديث بأي حال من الأحوال عن حل سياسي في ظل امتلاك الجماعة للسلاح، ومنذ تحركات "الحوثي" الأخيرة كانت هناك مباحثات سياسية كثيرة ولم تسفر عن أي تقدم. -هل هناك مخاوف من أي تصعيد عسكري أو تدخل إيراني مباشر في الوضع اليمني؟ إيران ليست بقدر الغباء الذي يوصلها إلى مواجهة مع 10 دول عربية، وما كانت تريده من "الحوثي" هو استخدامه في تقوية شروطها التفاوضية حول برنامجها النووي، وأنا متأكد أن إيران لن ترد في اليمن ولن تتدخل عسكرياً وستكتفي ببيانات الشجب والإدانة وتقديم المبادرات، وكل ما يهم إيران هو برنامجها النووي وإنهاء اتفاقها مع أمريكا ورفع العقوبات عنها لتتمكن من إحداث التنمية لمواطنيها كما يهمها بشكل أكبر السيطرة على العراق التي تعتبرها بحيرة نفط وتشكل عمقًا مذهبيًا وطائفيًا لها لذا ستتمسك بشكل أكبر بالعراق وتتخلى عن الحوثي لا محالة وهي قد تخلت عنها أساساً، وما تصدره من تصريحات ومبادرات هو جزء من الجانب الأخلاقي فقط للعملية وكأنها تقول للحوثيين "نحن معكم وسنظل نضغط عن طريق حليفنا الدولي روسيا ومحاولة تقديم مبادرات عن طريق عُمان والجزائر". -وماذا عن دور الإخوان المسلمين خلال الفترة التي شهدت اضطرابات سياسية قبل الانقلاب الحوثي وبعده؟ الإخوان المسلمون في اليمن شركاء في الحكم منذ عام 1978 مع "علي عبد الله صالح" وتجربتهم في اليمن تختلف عن باقي الدول؛ في اليمن كانوا شركاء أصليين في الحكومة وجزء من منظومة "صالح" وحصل الاختلاف بعد عام 2000 وتوجه "صالح" إلى إقصاء كل الأحزاب وبدء عمليات التوريث لأبنائه، فشكل الإخوان المسلمون وحزب التجمع اليمني للإصلاح تحالف يسمى "اللقاء المشترك" الذي ضم أحزاب يسارية وقومية وكان تجربة رائعة للعمل السياسي، وآتى الدور السلمي للإخوان المسلمين في ثورة 2011 عندما ألتهمواالثورة وتمكنوا من قيادتها وتشكيل الحامل السياسي لها وشاركوا في الحكم وأثبتوا فشلهم في إدارة الدولة وأنهم غير جاهزين لذلك وأنه لا مشروع لديهم سوى مشروعهم الضيق. وعليه فقد الإخوان كثيرًا من قاعدتهم الشعبية وباعتقادي أنهم أصبحوا اليوم جزء من الماضي السياسي في اليمن كما هم كذلك في مصر وتونس، ومن يقول أن عاصفة الحزم ستنهي على الحوثيين لصالح الإخوان المسلمين فهو واهم فقد أصبحوا جزءًا من الماضي السياسي ولا يمكن أن يعودوا إلى الواجهة أو الحكم، قد يكونوا متواجدين كشركاء ولكن هامشيين وليسوا رئيسيين. -برأيك لماذا كانت المملكة العربية السعودية أول من هرع لتكوين التحالف ضد الحوثيين؟ السعودية تملك خطًا حدوديًا طويلًا للغاية مع اليمن إذ يقارب ما بين 1500 وحتى 2000 كيلو متر، والسعودية لها عمق تاريخي وثقافي في اليمن وأغلب القبائل بالمناطق الحدودية مشتركة أي أنها قبائل واحدة يعيش منها جزء بالمنطقة السعودية وأخرى باليمنية، وما يحدث في اليمن يؤثر بالتبعية على المملكة العربية واستقرارها، ولا يمكن القول بأن ما يحدث في اليمن لا يعني السعودية وإنما ما يحدث في اليمن قد لا يعني إيران وهو بالفعل كذلك إذ لا يربط اليمنيونبإيران أي روابط، وعدم استقرار اليمن ينعكس على أمن السعودية وفي حالة الاحتراب في اليمن سيكون النزوح إلى السعودية. وعندما سيطر "الحوثي" على السلاح بدأت تكبر مطامعه وبعد السيطرة على الدولة اليمنية نمت بشكل أكبر وبدأ تنفيذ مناورات عسكرية على الحدود السعودية، فتهديد الحوثي كان يشير بالدرجة الأولى إلى المملكة العربية ومن ثم الأقليم العربي بشكل عام من خلال تديده لباب المندب وتمكين إيران من السيطرة عليه، لذلك أتى دور المملكة السعودية ومصر في هذا الشأن.
-منذ متى تسعى إيران إلى التدخل في الشأن اليمني؟ إيران تدعم الحوثيين منذ الثمانينات أي في بداية نشأة "الشباب المؤمن" واستمر الدعم خلال التسعينيات لكنه كان دعم سري ومحدود لا يمكن ملاحظته أو الخوف منه حيث كان الحوثيين محاصريين في صعدة وكانت تشن عليهم الحروب من قبل "علي عبدالله صالح"، لكن فيما بعد 2011 بدأت طهران في دعم الحوثيين بشكل علني ببواخر من السلاح والذخيرة والمال وبدأ المتدربون يذهبون بشكل علني صريح إلى بيروت ومن ثم إلى إيران لتلقي التدريب، وحتى المدربون الإيرانيون بدءوا يأتون إلى اليمن بشكل علني وصريح. أتعتقد أنه من الممكن بتر اليد الإيرانية في اليمن قبل محاكة التجربة اللبنانية؟ التركيبة في اليمن تختلف تماماً والفكر الغريب مرفوض في اليمن وغير مقبول اجتماعياً وما حصل كان لأسباب مختلفة ذكرناها في البداية، لكن اليمن لا يوجد بها طائفية أو مذهبية ولهذا أعتقد أنه من السهل إنهاء النفوذ الإيراني في اليمن ومن المستحيل استنساخ التجربة اللبنانية مع الوضع اليمني. ما هي توقعاتك لمستقبل العملية السياسية في اليمن والتحركات العسكرية؟ وهل تعتقد أن القضاء على الحركة الحوثية سيرد مطامع طهران في استنساخ التجربة بأي دولة عربية أخرى؟ هناك صفحة جديدة في تاريخ الأمة العربية بدأت تكتب منذ القمة ال26 في شرم الشيخ وكان سطرها الأول الاتفاق على العربي للدفاع المشترك، واليوم هناك إعادة رسم لخارطة القوى في المنطقة؛ أثبتت المملكة العربية السعودية أنها قادرة على قيادة المنطقة ومعها مصر وباقي الأشقاء، والتحالف العربي الموجود اليوم يشكل بداية لأمة عربية جديدة ولتجربة أتمنى أن تكون مشابهة لتجربة الاتحاد الأوروبي وهذا كله يقضي على مطامع إيران وغيرها وحتى إسرائيل نفسها التي نواجه صراعًا معها منذ الأربعينيات، وأيضا هذا التحالف يقول لإسرائيل أن العرب اليوم ليسوا هم عرب السابق.