كثفت طائرات التحالف والطائرات الأميركية من دون طيار (درون)٬ اليومين الماضيين٬ ضرباتها الجوية التي تستهدف مواقع لعناصر يشتبه بصلتها بتنظيم «القاعدة» في جزيرة العرب والذين يتمركزون في بعض المناطق الجنوبية٬ ويعتقد أنهم على صلة بالتفجيرات الانتحارية التي تشهدها العاصمة المؤقتة عدن ومحافظات يمنية جنوبية أخرى٬ والذين يتوسعون في السيطرة على المناطق ويستغلون حالة الفراغ جراء الحرب بين قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية٬ من جهة٬ والميليشيات الحوثية والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح٬ من جهة أخرى. وقتل٬ فجر أمس٬ نحو 10 من مسلحي التنظيم المتشدد في غارة جوية لطائرة من دون طيار٬ يعتقد أنها أميركية٬ استهدفت موقعا لتلك العناصر في مديرية المحفد بمحافظة أبين٬ وهي المديرية القريبة من محافظة شبوة٬ وقال شهود عيان ومصادر محلية ل«الشرق الأوسط» إن ثلاث غارات استهدفت الموقع الذي يتمركز فيه مسلحو «القاعدة»٬ وأسفرت عن مقتل عدد منهم وإصابة آخرين٬ وإن هذه الغارات جاءت عقب تحليق مكثف للطائرات الأميركية من دون طيار٬ وذكر الخبير العسكري العميد مساعد الحريري ل«الشرق الأوسط» أن المنطقة التي استهدفت بالقصف٬ تحتوي على معسكرات لتنظيم «القاعدة» منذ عام .1994 وخلال الساعات ال48 الماضية٬ قتل عدد من عناصر «القاعدة» في سلسلة غارات جوية نفذها طيران التحالف٬ بقيادة المملكة العربية السعودية٬ على مواقعهم في محافظة أبين (55 كيلومترا٬ شرق عدن) وفي محافظة لحج (30 كيلومترا٬ شمال عدن)٬ كما قصف طيران التحالف مواقع للمسلحين المتشددين في مدينة عدن٬ في المنصورةوالمدينة الخضراء٬ وأسفرت تلك الغارات عن سقوط قتلى وجرحى وتدمير آليات عسكرية٬ خلال الأيام القليلة الماضية. ويعود وجود «القاعدة»٬ في جنوباليمن٬ إلى نحو أكثر من عقدين٬ ويتهم المسؤولون اليمنيون الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح باستقطاب العناصر المتطرفة وزرعها في المحافظاتالجنوبية منذ ما بعد قيام الوحدة اليمنية بين شطري البلاد٬ الشمالي والجنوبي٬ مطلع عقد التسعينات من القرن الماضي٬ واستخدام تلك العناصر في الصراعات السياسية٬ إضافة إلى استخدام وجود «القاعدة» كمبرر لاجتياح الجنوب مطلع العام الماضي٬ في الحرب التي تدور رحاها حاليا٬ كما جاء على لسان محافظ عدن٬ اللواء عيدروس الزبيدي في كلمة له بمناسبة مرور عام على انطلاق عملية «عاصفة الحزم» لإعادة الشرعيةإلى اليمن. واتسع نطاق الهجمات الانتحارية التي تشهدها عدن منذ تحريرها من قبضة المسلحين الحوثيين والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح في يوليو (تموز) الماضي وحتى اللحظة٬ وتمثلت تلك الهجمات في عمليات انتحارية بسيارات مفخخة وأحزمة ناسفة٬ إضافة إلى سلسلة عمليات اغتيالات منظمة٬ طالت كثيرا من القادة العسكريين والضباط في الجيش وقوات الشرطة وأجهزة المخابرات والقضاة٬ وقادة المقاومة الشعبية٬ ويؤكد خبراء محليون أن هذه الجماعات المسلحة٬ بمختلف مسمياتها٬ ترتبط بالرئيس السابق علي صالح٬ ويدلل الخبراء على صحة طروحاتهم بأن الجماعات التي تنشط تحت مسمى «القاعدة» و«داعش»٬ في الجنوب٬ لم تشارك في الحرب ضد الحوثيين٬ رغم الخلاف العقائدي والمذهبي الواضح بين الجانبين. ويرجع الخبير العسكري اليمني٬ العميد متقاعد فيصل حلبوب٬ تصاعد هجمات هذه الجماعات المسلحة في عدن٬ اليومين الماضيين٬ من خلال محاولة استهداف مقر القوات التحالف (القوات الإماراتية) في البريقة بثلاث عمليات انتحارية وغيرها من العمليات التي جرت في أنحاء متفرقة من المدينة٬ إلى ما وصفه بالتسابق٬ ويقول ل«الشرق الأوسط» إنه وبعد الاتفاق على عقد المفاوضات في دولة الكويت الشهر المقبل٬ «هناك تسابق من قبل هذه الجماعات والرهان على من يظهر نفسه أمام العالم بأن لديه القدرة على التأثير في الأمور في الميدان»٬ واعتبر أن مهاجمة مقر قوات التحالف «هي محاولة لخلط الأوراق في عدن وإظهار الوضع في المدينة بأنه هش وأن الأمن غير موجود وأن المحافظات والمناطق المحررة غير مهيأة وغير جاهزة لحكم وإدارة نفسهابنفسها أمنيا أو اقتصاديا». ويقول محمد قاسم نعمان٬ رئيس مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان في عدن إن هذه الضربات المشتركة لقوات التحالف وللطيران الأميركية التي استهدفت «القاعدة» في أبينولحجوعدن وحضرموت٬ تزامنت مع تزايد «المخاطر والتهديدات التي يمثلها التنظيم على الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لوقف وإنهاء الحرب والصراع الدائر في اليمن»٬ وذلك «من أجل العودة إلى العملية السياسية تحت إشراف المجتمع الدولي ممثلا في مجلس الأمن». ويضيف نعمان ل«الشرق الأوسط» أن هذه العمليات «تأتي٬ أيضا٬ لمواجهة مخطط لتنظيم (القاعدة) يستهدف التوسع في عملياته لدول المنطقة وخارجها وانطلاقه من قواعده عدة في هذه المناطق التي جرى استهدافها بالضربات المنسقة للتحالف والأميركيين»٬ ويؤكد نعمان أن هذه الضربات تعد٬ أيضا٬ «رسائل مشتركة لمن يقف مع هذا التنظيم الإرهابي المتطرف٬ ليتم التأكيد٬ من خلالها٬ أنه سيواجه بقوة لما يشكله من خطر على المنطقة وعلى السلم العالمي»٬ ويردف أنه «وبحسب المعلومات المتداولة٬ داخل اليمن وخارجه٬ فإن من يقف داعما لهذا التنظيم في اليمن هو الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح بإسناد ودعم الجمهورية إيرانية التي تقوم بدعم هذا التنظيم بغرض توظيفه لتنفيذ سياساتها وممارسة إرهاب على أنظمة المنطقة لتحقيق مآربها٬ إضافة إلى دعمها للمتمردين الحوثيين في اليمن». وكانت سلسلة غارات أميركية من طائرات دون طيار قتلت في 22 مارس (آذار) الحالي ما لا يقل عن 70 مسلحا من عناصر «القاعدة»٬ عندما استهدفت تلك الغارات معسكرا تدريبيا للتنظيم غرب مدينة المكلا٬ عاصمة محافظة حضرموت٬ التي تخضع لسيطرة مسلحي التنظيم منذ مطلع أبريل (نيسان) العام الماضي.