قال عبد الله المعلمي، مندوب السعودية الدائم لدى الأممالمتحدة، إن الرياض ستستمر في التواصل مع مسؤولي الأممالمتحدة بغرض توضيح الملابسات حول تقريرهم الأخير الذي اتهم التحالف العربي بالمسؤولية عن مقتل وإصابة 683 طفلاً في اليمن، مشدداً على أن التقرير حوى معلومات غير دقيقة ومضللة، بالاعتماد على مصادر ضعيفة. وقال إن الأممالمتحدة لم تتحرك لإيجاد مصادر قوية للمعلومات يمكن الاستناد عليها. وأبان المعلمي في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أن على الأممالمتحدة البحث عن مصادر قوية يمكن من خلالها استقاء المعلومات بشكل واضح، وألا تعتمد على معلومات غير دقيقة ومضللة، منوهاً بأن الحقائق والمعلومات عند استقائها من الأراضي اليمنية تمكن الأممالمتحدة من مراقبة الوضع الإنساني بشكل أفضل. وأشار إلى أن هناك ضعفاً واضحاً في التقرير الأممي، وتهماً لا تستند على مصادر موثوقة، داعياً إلى عمل ميداني يجب أن تنفذه الأممالمتحدة، وذلك لمعرفة الحقائق التي تجري على الأرض. فيما اتهم الدكتور أحمد بن مبارك، سفير اليمن لدى أميركا، الأممالمتحدة، بأنها تستقي المعلومات من مصادر مضللة، مشيراً إلى أن المصادر الأولية للمعلومات الصادرة في تقرير الأممالمتحدة ليست حقيقية، وأن المعلومات تستند إلى تقارير صادرة من منظمات تعمل ميدانياً بشكل منحاز وفي معظمها مسيسة، وتعمل بالقرب إما من الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، أو الميليشيا الحوثية. وأبان مبارك ل«الشرق الأوسط» أن المؤسسات الإغاثية التي تم الاستيلاء عليها من قبل قوى الانقلاب في اليمن، عمدت إلى تزييف الحقائق واتهام الحكومة الشرعية والجهات المساعدة لها بعدد من التهم التي لا أساس لها من الصحة، مشدداً على أن تلك المعلومات اعتمدت على أساس أنها مصادر حقيقية. وقال: «من المضحك تماماً اتهام الحكومة اليمنية أنها تجند الأطفال بينما العالم كله يشهد على عمليات يومية لتجنيد الأطفال، ولم تعر أي اهتمام، بل ولم تدن عمليات التجنيد للأطفال واستخدام الميليشيا الحوثية للأطفال دروعاً بشرية والزج بهم بالمعارك العسكرية». وأوضح بن مبارك أن الحكومة اليمنية أنشأت بالتعاون مع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مراكز لإعادة تجنيد الأطفال وإعادتهم للحياة من جديد، مستغرباً عدم ذكر هذه الحقائق في التقرير، إضافة إلى عدم ذكر حقيقة ما يجري في المناطق التي فرضت القوى الانقلابية حصاراً عليها، وعلى رأسها تعز. وشدد الدبلوماسي اليمني على أن هناك توظيفاً من بعض المنظمات الإنسانية واستغلال الجوانب الإنسانية للابتزاز السياسي، مدللاً على ذلك بمساعي تدويل القضية الإنسانية في مجلس حقوق الإنسان بجنيف، إلا أن الدبلوماسية العربية بقيادة السعودية أسهمت في إفشال مخططات التدويل، منوهاً بأن إطلاق التقرير في هذا التوقيت يأتي بعد الهزيمة في جنيف عبر إفشال مشروع تدويل القضية الإنسانية باليمن. وعن الخطوات المستقبلية التي ستتخذها الحكومة اليمنية، قال الدكتور أحمد بن مبارك، إنه يجري بشكل مستمر عقد لقاءات من أجل تفنيد الادعاءات التي تروج، وإيضاح الحقائق من مصادرها الميدانية الحيادية، كاشفاً عن دراسة كل المعلومات المضللة التي تم إيرادها في التقرير الأممي بغرض تفنيدها وإيضاح الصورة الحقيقية أمام الرأي العام العالمي والمحلي في أميركا. ولفت إلى أن الحكومة اليمنية سبق أن حذرت بأن كثيراً من مصادر المعلومات الأولية الميدانية للمنظمات التي توجد مقارها في العاصمة صنعاء هي معلومات غير حقيقية وتستند على أفراد غير محايدين ويعملون لخدمة أغراض سياسية يرجونها، مؤكداً انعقاد لقاءات مع مختلف الجهات الأممية، إضافة إلى تنسيق مع ممثلية اليمن في نيويورك من أجل توضيح تلك الحقائق، مضيفاً: «المنظمات الدولية ليس لديها أي كادر دولي في الأرض قادر على إيضاح المعلومات والحقائق الميدانية، كما أنها تخضع إلى سلطة الانقلاب في اليمن، إضافة إلى عدم نزولها للميدان والذهاب إلى المناطق المحررة تحت سيطرة القوى الشرعية في اليمن». من جهتها، أكدت بعثة دولة الإمارات لدى الأممالمتحدة في نيويورك، وقوف دولة الإمارات بحزم مع المملكة العربية السعودية وباقي أعضاء التحالف العربي، في رفض المعلومات والإحصاءات غير الدقيقة الواردة في تقرير الأمين العام بشأن الأطفال والنزاع المسلح في اليمن، معربة عن تحفظها الشديد بشأن مضمون التقرير. وشددت البعثة في بيان صحافي، على التزام التحالف حماية جميع المدنيين أثناء النزاع وخصوصاً الأطفال، مشيرة إلى أن «التحالف يعتبر خسارة أي طفل أو حتى تعرضه للإصابة خسارة فادحة يجب تجنبها»، مؤكدة أن «التحالف العربي سيظل ملتزماً بواجباته وفق القانون الدولي أثناء عملياته». ورحبت بعثة الإمارات باعتراف الممثلة الخاصة للأمين العام للأطفال والنزاعات المسلحة، فيرجينيا غامبا، أثناء مؤتمرها الصحافي، بالجهود التي يبذلها التحالف وإبرازها الخطوات الإيجابية التي اتخذها التحالف والتي شملت مراجعة قواعد الاشتباك، وإنشاء وتفعيل الفريق المشترك لتقييم الحوادث واقتراح الإجراءات التصحيحية اللازمة، بالإضافة إلى إنشاء وحدة لحماية الأطفال. وفيما يتعلق بالتقرير، تؤكد بعثة دولة الإمارات أنها لا تشكك في نزاهة أهداف حماية الأطفال حول العالم باعتبارها إحدى القضايا المهمة التي تلتزم بها الإمارات، ولكن هناك تساؤلات عن فاعلية هذه الآلية واعتمادها على مصادر غير موثوقة، حيث ترى أن الطريقة المثلى لتعزيز حماية الأطفال هي اتباع آلية تضمن المشاركة المستمرة للدول الأعضاء من أجل تجنب أي معلومات مغلوطة. من جهته، أشار مصدر يمني مطلع إلى أن الأممالمتحدة التي أُنشِئَت أساساً لدعم السلم والأمن، أخفقت منذ تأسيسها في إحداث أي اختراقات إيجابية حيال القضايا العربية والإسلامية، وحتى النزاعات الدولية، ولعِبَت دور المتفرج مما أسهم وبشكل كبير في الإخلال بالأسس والمعايير التي أنشئت من اجلها. وأضاف المصدر: «عندما تقلد الأمين العام غوتيريش منصبه، شهدت الأممالمتحدة اضمحلالاً وتقاعساً كبيراً وقمة في الخذلان، وأصبحت رهينة التقارير المغلوطة»، مدللاً على أن «أكبر دليل على ذلك إدراجها التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن في القائمة السوداء، في تخبُّط واضح في سياساتها حيث لم يرتكز القرار على أسس قانونية مهنية ومعايير دولية على الإطلاق». وذكَّر بأن التحالف تدخل في اليمن بطلب من الرئيس اليمني لإنقاذ الشرعية، وبضوء أخضر من المنظمة الدولية عبر القرار «2216»، وتابع: «سلوك المنظمة وتخبطها لن يسهم فقط في انهيار أخلاقيات المنظمة الأممية بل وإحداث حالة من الانشقاقات داخلها بسبب قراراتها التي لا تتماشى مع أبسط قواعد الشرعية والمبادئ الدولية». وأكد المصدر أن «أداء وفاعلية الأممالمتحدة منذ أن تقلد غوتيريش مهامّه بدا ضعيفاً ومهزوزاً ولم يستطِع إعادة الهيبة للمنظمة الأممية، حيث أعاد غوتيريش المنظمة إلى مرحلة التخبط والانهزامية بسبب الإخفاقات في عدد من القضايا، وعلى رأسها الأزمة اليمنية التي استمدت قوتها من القرار الأممي (2216)، التي اعتمدت المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني والقرار (2216)، كمرجعيات لحل الأزمة»، مشيراً إلى أن كثيراً من المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة تتبنى تقارير عبر مصادر معلومات غير موثوقة وليست مستقلة، وهذا ما أدى إلى إضعاف تقاريرها واتخاذها قرارات خطيرة جدّاً. .....