وجهت دراسات وأبحاث صادرة عن مؤسسات رسمية إيرانية دعوات متكررة لضرورة التوصل لاتفاقية أمنية في الخليج، وركزت الدراسات التي رصدتها الجزيرة نت على أن التحديات القائمة لا يمكن للجمهورية الإسلامية مواجهتها إلا بترتيبات أمنية واقتصادية وسياسية تجري بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي والعراق، واقترحت بعض الدراسات إشراك اليمن في هذه الترتيبات. وتؤكد دراسات أخرى نشرها قسم أبحاث العلاقات الدولية التابع لمركز دراسات مجمع تشخيص مصلحة النظام مطلع العام الحالي أن السياسات الأمنية والعسكرية للولايات المتحدة الأميركية في منطقة الخليج ووجود قواتها المكثف بعد العام 1990 سبب أساسي في تعزيز مأزق الأمن في هذه المنطقة، وأنها تقف عائقا يضعف السعي للتقارب بين إيران والدول العربية. ويدعو بحث -عالج التعاون العسكري والأمني بين الولاياتالمتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي- الإدارة الإيرانية إلى إدامة سياسة التقارب مع الدول العربية الخليجية. ويرى أن الخطة المقترحة من قبل الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أثناء اجتماع مجلس التعاون -الذي عقد في قطر العام الماضي- تصلح أرضية لمواصلة الحوار، وتتضمن الخطة الإيرانية 12 بندا تدعو إلى اتفاقات تجارية وأمنية بين دول المنطقة. ويقول تقرير بحثي حول المسألة ذاتها حمل رقم 196 من وثائق المركز وكتبه أمين روان، إن واشنطن سعت على الدوام لإيجاد جو نفسي وسياسي معاد لإيران ونواياها في منطقة الخليج العربي واستخدمت ذلك بفعالية لإضفاء المشروعية على حضورها العسكري المكثف. أهمية الخليج وتؤكد الدراسة أن سعي الجمهورية الإسلامية للوصول إلى الطاقة النووية واستخدامها في المجال السلمي ومعارضتها القوية للسياسات الأميركية تضاعف من أهمية منطقة الخليج بالنسبة لطهران. ويشدد بحث موسع أعده الدكتور محمود واعظي ونشره مركز الدراسات الإستراتيجية حول الترتيبات الأمنية لمنطقة الخليج، على ضرورة تكثيف التحرك الإيراني في المنطقة بالتركيز على موضوع الطاقة والأمن كمفاتيح أساسية وإستراتيجية لهذا التحرك. واعتبر واعظي أن إيران والمملكة العربية السعودية كانتا في العقود الأخيرة عامودي أمن المنطقة وشكلت تحولات العراق العامل الأساسي المؤثر على حاضر الخليج ومستقبله. وتجمع البحوث الإيرانية على أن مسألة الأمن كانت محورا أساسيا في عمل مجلس التعاون الخليجي منذ تأسيسه مع بدايات الحرب العراقيةالإيرانية، وحكمت هذه المسألة سلوك الدول الخليجية وعبرت عن نفسها بشيوع حالة من "إيران فوبيا" التي غذتها الولاياتالمتحدة وأدت لدعم غير محدود للنظام العراقي في عهد الرئيس الراحل صدام حسين، وهو الدعم الذي استمر إلى أن أقدم على احتلال الكويت.
حلف عسكري ويشير الدكتور واعظي إلى أن المنظرين الأميركيين قدموا في السنوات الأخيرة طرحا يتضمن تشكيل اتحاد دفاعي بمشاركة مجلس التعاون الخليجي والعراقوالولاياتالمتحدة الأميركية. ويهدف الاتحاد إلى إقصاء إيران عن أية ترتيبات أمنية تخص منطقة الخليج، ورأت في ذلك مدخلا لإعطاء المشروعية لوجودها العسكري على الأراضي العربية. ويجمع المحللون السياسيون على أن حلفا مثل حلف شمال الأطلسي (ناتو) غير ممكن في منطقة الخليج العربي وأن عضوية واشنطن بشكل رسمي في أي ترتيبات أمنية للمنطقة أمر غير بناء وتضع الأبحاث الإيرانية خروج إيران من المعسكر الغربي بعد انتصار الثورة الإسلامية وعدم دخولها أي معسكر آخر في مقدمة الأسباب التي أوجدت حالة من العداء للجمهورية الإسلامية في الخليج العربي. وتؤكد أن الغرب ساهم في إيجاد حالة الخوف من النظام الإسلامي في إيران بسبب إمكانية تصدير الثورة، وهو ما جعل هذه الدول ترى في دعم نظام البعث في العراق آلية لصد هذا الخطر. وتؤكد أبحاث أن استمرار الوجود الأميركي في المنطقة بحجة محاربة "الإرهاب" رتب ظروفا أمنية جديدة تشكل ثقلا على الجمهورية الإسلامية، وهو ما يجعل من سعي إيران لإيجاد اتفاق أمني مع دول الخليج مسألة في غاية الأهمية، وتميل طهران إلى نموذج الأمن المشترك كآلية لذلك وفق تلك الأبحاث. الجزيرة نت