إلى جانب طبيعتها الخضراء وناسها البسطاء تشتهر العدين الواقعة غرب محافظة إب بمسافة 30 كم بمشيخ يتمتع بنفوذ وسلطة تصل حد أن يصبح مسؤول الدولة ضحية له أسوء من المواطن " الرعوي "،يظهر ذلك من خلال تطويع معظم رجال الدولة سلطاتهم لمشيئة المشيخ ورغباته الآثمة،وغض الطرف عن جرائمه مهما بدت مظلمة وخارج العقل والمنطق،وهي حقيقة وان تجلت مخجلة ومحرجة بكل النواميس والمقاييس فهي من زاوية أخرى مرعبة للغاية،فضلاً عن كون المكان الحاضن له يصبح خصباً لاندلاع قيامة كبرى وليس مجرد انتفاضة لم تبلغ بعد طور الثورة. يوجز المواطن عبدالله احمد (50 عاماً ) حضور الدولة في العدين بقوله: " من يوم اعرف نفسي والشيخ في العدين هو الكل بالكل ، ينهب يبطش يسجن يشرد يقتل يحكم والدولة تزيد تدعمه " . ويضيف " نريد دولة ، سئمنا تسلط المشايخ وعيالهم " يقول ذلك ساخطاً قبل أن يزيد وبصره نحو السماء " غِير علينا يا رب ". مؤخراً دعا تقرير حكومي فخامة رئيس الجمهورية المشير عبد ربه منصور هادي ودولة رئيس الوزراء الأستاذ المناضل محمد سالم باسندوه إلى ضرورة الحد من سلطات المشايخ في العدين وعدم اعتبار الشيخ كبديل لسلطة الدولة بحسب ما ورد في التقرير الذي نحتفظ بنسخة منه. كما دعا التقرير الصادر عن لجنة وزارة حقوق الإنسان إلى بسط سلطة ونفوذ الدولة وحماية المواطنين وإيقاف نزيف الدم في مديرية العدين في إشارة إلى ما تشهده العدين من غياب واضح للأجهزة الأمنية وتسيد الفوضى فيها. وبناًءً على الشكاوي التي تلقتها اللجنة من أهالي مواطنين تم اختطافهم والزج بهم في سجن خاص وشهادات مريرة لسجناء خلص التقرير الوزاري في توصياته إلى إغلاق السجون الخاصة التابعة لمشايخ ومنع تكرار ظاهرتها حفاظاً على ما قال عنه : " كرامة الإنسان وأدميته". وكون المسؤولية الأولى تقع على عاتق مدير عام المديرية رئيس السلطة المحلية فيها ومدير الأمن في المديرية أوصى التقرير في ذات السياق بتغيير مديري المديرية والأمن وتعين أو تكليف بدلاً عنهما في موقعيهما من أصحاب الكفاءة والنزاهة ممن تراهما السلطات العليا، ومساءلتهما ووكيل النيابة المختصة حول القضايا الواقعة داخل المديرية وأسباب عدم قيام الأجهزة الأمنية بدورها في ضبط الجناة المتورطين في قضايا جنائية وتسليمهم إلى الجهات المختصة، وإحالة أعضاء النيابة العامة في المديرية للتفتيش القضائي ومساءلتهم عن عدم اتخاذ الإجراءات القانونية الكفيلة التي تحفظ حقوق الناس في المديرية . واستشعاراً من اللجنة لخطورة الأوضاع في العدين وخشية أن يؤدي الإهمال والتعامل الرخو من قبل أجهزة الدولة في إنصاف الضحايا إلى تطورها وصعوبة السيطرة عليها لاحقاً دعت اللجنة بصورة عاجلة إلى تشكيل لجنة من مكتب النائب العام ووزارة الداخلية ووزارة حقوق الإنسان وذلك للتحقيق في كافة الجرائم والانتهاكات المرتكبة بحق المواطنين وضبط ومعاقبة مرتكبيها مهما تكن صفتهم ووضعهم الاجتماعي ،بالإضافة إلى بحث حقيقة الأوضاع داخل العدين ووضع الحلول الناجعة لها . وكانت اللجنة المكلفة من قبل معالي وزيرة حقوق الإنسان بالنزول الميداني إلى العدين للاطلاع على الأوضاع هناك عن كثب ومعرفة حقيقة الشكوى المقدمة من عدد من أهالي العدين بخصوص تعرض مواطنين لجرائم واعتداءات متواصلة تنوعت بيت القتل والإعاقة والاختطاف وحجز الحريات في سجون خاصة وإحراق وتدمير الممتلكات التقت خلال زيارتها العدين أواخر مارس الماضي عدد من أولياء دم المجني عليهم والضحايا والمواطنين ومسؤولين في المديرية والمحافظة وبعض من وجهت لهم الاتهامات في ارتكاب تلك الجرائم، واستوضحت من الجميع أقوالهم في تلك الوقائع والردود عليها. وأورد ت اللجنة المكونة من مدير عام العلاقات العامة في الإدارة العامة للبلاغات والشكاوي صادق النبهاني والمختص القانوني في الوزارة المحامي أمين قائد الخديري نماذج موجزة من قصص القتل التي شهدتها العدين على لسان بعض أولياء الدم ، بالإضافة إلى ذكر أسماء من أصحاب الإصابات النازفة في القصف الذي استهدف المنازل ،ونماذج من الأضرار التي أصابت ممتلكات بعض المواطنين جراء إطلاق أعيرة نارية مختلفة الأحجام عليها. كما تضمن التقرير حالات إنسانية تعرضت للاختطاف وحجز الحريات والتكبيل بالقيود الحديدية والزج بها في سجن خاص علاوة على الإشارة إلى وجود ظلم وتسلط يتعرض له المواطنين وسيطرة مشيخية على كافة أجهزة الدولة بالمديرية ومركز المحافظة. وبحسب التقرير حاز الشيخ صادق علي محسن باشا ونجله جبران على النصيب الأوفر من اتهامات أولياء الدم والضحايا وأصحاب الشكاوي في ارتكاب العديد من الوقائع سالفة الذكر لدرجة أنها تعدت إلى اتهام قيادات أمنية في العدين لهما بالتسلط وإضعاف هيبة الدولة وإعاقة رجال الأمن في الوصول إلى الجناة المتواجدين لديهم في معقل إقامتهما عزلة ( قصع حليان) . وفيما أشار التقرير نقلاُ عن مساعد مدير البحث إلى أن إدارة الأمن وثقت كل قضايا القتل التي شهدتها العدين لديها والبعض منها أحالتها إلى النيابة العامة ذكر التقرير على لسان نائب مدير امن المديرية المقدم جميل غالب عبده ياسين قوله " إن إدارة الأمن عاجزة عن القيام بواجبها في حفظ امن واستقرار المنطقة وحفظ حقوق الناس بسبب عدم توفر ابسط الإمكانيات ابتداءً من تهاون مدير الأمن بمهامه ومروراً بعدم توفر المتطلبات الآنية من أفراد وذخيرة وانعدام الإرادة لدى قيادة امن المحافظة في فرض هيبة الدولة داخل المديرية وفي الوقت الذي رفض مدير عام المديرية العقيد عبدالله علي البخيتي مقابلة اللجنة لمعرفة وجهة نظره والاستيضاح منه حول تلك الوقائع أشار التقرير إلى وجود" سلبية وواضحة " يتمتع بها مدير المديرية " في التعامل مع قضايا المواطنين " بناءً على إفادة جبران باشا . وأفادت اللجنة في تقريرها أنها التقت بالأمين العام للمجلس المحلي بالمحافظة أمين الورافي في إطار حرصها على اللقاء بقيادات المحافظة وطرحت عليه شكاوي المواطنين في العدين وقضاياهم إلا انه بحسب اللجنة " لم يعطِ الإجابة الواضحة الصريحة وحمل الأجهزة الأمنية كافة المسؤولية عن أي اخلالات " . وأضافت أن الورافي عمد إلى إدخال اللجنة في قضايا لا علاقة لها بما تم طرحه وبعيدة عن العدين قبل أن يوجه نائب مدير امن المحافظة الذي كان يتواجد حينها معهم بالجلوس مع اللجنة والإجابة على استفساراتها إلا أن الأخير تهرب من الإجابة ولم تخرج اللجنة منه بشيء طبقاً لتعبيرها . يشار إلى أن العدين تشهد منذ 7يناير من العام الجاري أحداث انتفاضة أطلق عليها مسمى " نصرة المظلوم " تتواصل احتجاجاتها للمطالبة ببسط سلطة الدولة عوضاً عن تسلط المشيخ ،وضبط كافة المتورطين في عديد جرائم قتل وإعاقة مواطنين من أبنائها كانت العدين مسرحاً لوقوعها أخرها جريمة قتل المواطنين احمد محمد غالب (جعوش) وولده برصاص نجل شيخ حضر مسرح الجريمة مع شخص ثالث مسلح قريب لهما. ورغم صدور عديد أوامر بالقبض على كافة المتورطين في تلك الجرائم ،وحصول أولياء دم الضحايا على تعهدات مسؤولة بإيصالهم للعدالة إلا أن الجناة الحقيقيين ما زالوا طلقاء كونهم إما مشايخ أو تابعين لهم.