تتجه الأزمة السياسية بين السلطة وأحزاب المشترك نحو مزيد من التعقيد خاصة بعد تحفظ رئيس الجمهورية على بعض بنود صيغة مشروع تنفيذ اتفاق فبراير التي توافق عليها المشترك والمؤتمر أواخر الأسبوع الفائت واستمرار الطرفين في التصعيد الإعلامي . ففيما كان اجتماع ضم الأربعاء من الأسبوع الماضي ممثلي الأحزاب الموقعة على اتفاق فبراير 2009م في منزل الدكتور عبدالكريم الارياني وتم خلاله التوافق بين ممثلي المؤتمر والمشترك على مشروع صيغة لتنفيذ اتفاق فبراير على أن يتم عرضه على الهيئات القيادية في الطرفين قبل التوقيع عليه ، إلا انه لم تمضي ساعات على انتهاء الاجتماع حتى بدأت أطراف تتحدث عن تحفظ جهات في المؤتمر عن بعض بنوده خاصة ما يتعلق بنقطتي إطلاق المعتقلين وتحييد الإعلام الرسمي اللتين قدمهما المشترك . وقالت المعلومات إن رئيس الجمهورية هو من اعترض على النقطتين باعتبار الأولى تشمل من عليهم قضايا بانتهاك الدستور والثانية تشترط عدم توجيه انتقادات لأحزاب المشترك فيما إعلامها مستمر في مهاجمة الحكومة . وتشير المعلومات إلى أن الصفقات الجانبية وخاصة ما يتعلق بإطلاق المعتقلين على ذمة الاحتجاجات الجنوبية تريد السلطة أن تستخدمها في إطار صفقة يرتب لها مع الحراك . وعبر المجلس الأعلى لأحزاب اللقاء المشترك عن قلقه البالغ من الأسلوب الذي تعاملت به قيادات المؤتمر الشعبي العام مع صيغة التوافق الذي جرى معهم بشأن آليات الحوار الوطني في الاجتماع المشترك الذي عقد يوم الأربعاء الموافق 21 ابريل 2010م . وأكد المجلس حرصه الدائم على تطبيق بنود اتفاق فبراير نصاً وروحاً وفي مقدمتها تهيئة الأجواء والمناخات السياسية الملائمة لإجراء حوار وطني يخرج البلاد من الأزمة الراهنة ويضمن شراكة كل أطراف العمل السياسي والوطني دون استثناء. وجدد المجلس تمسكه بالإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين ووقف الحملات في وسائل الإعلام الرسمية وامتناع الحكومة عن كل ما من شأنه الحد أو الانتقاص من ممارسات الحريات السياسية والإعلامية وحق الرأي والتعبير والالتزام بما تضمنه الدستور فيما يخص حيادية الإعلام الرسمي المرئية والمسموعة والمقروءة على وجه الخصوص. وعبر المجلس عن استهجانه الشديد للممارسات المخلة بالدستور والقانون وحريات الرأي والتعبير التي تمارسها الحكومة ( المجورية )- حد وصفه- والجائرة , ومن ذلك ممارسات القسر والإجبار للطلاب والموظفين وعاملي الأوقاف ومنتسبي أجهزة الأمن وإخراجهم إلى المظاهرات لتأييد سياساتها التجويعية وبرامجها الفاشلة وفقا للبيان الصادر عنه. هذه الأجواء المشحونة بالتوتر تؤكد عدم وجود نية حقيقية لدى الطرفين للدخول في حوار حقيقي مع أنه بات المتفق عليه أكثر مما هو مختلف مما سيفوت الفرصة لإيجاد مراحل قانونية لتنفيذ اتفاق فبراير الذي تحتاج بعض مواده لاستفتاء شعبي تجاوز مدته الدستورية وهو ما سيجعل كل الاحتمالات مفتوحة . وعلى ذات الصعيد سخرت السلطة إمكانياتها للرد على مهرجانات المشترك واحتجاجات الحراك الجنوبي بتنظيم مهرجان حاشد قالت انه للاحتفال بعيد الوحدة الذي يتبقى على موعده ما يقارب الشهر . واحتشد في المهرجان الذي نظمه المؤتمر الشعبي العام والأحزاب المتحالفة معه مطلع الأسبوع الحالي الآلاف من المواطنين معظمهم من الموظفين الحكوميين وطلاب المدارس وهو ما وجد فيه اللقاء المشترك منفذاً لتوجيه النقد للسلطة وحزبها الحاكم بتجاوز الدستور والقانون . وركز المهرجان على توجيه عدة رسائل لأحزاب المشترك ومعارضة الخارج وحراك الجنوب وتمرد صعدة وبدأ رئيس الوزراء الدكتور علي محمد مجور بشن هجوم على اتفاق المشترك مع الحوثيين الذي وقع مؤخراً بقوله " إن من يصفون أنفسهم بالمعارضة قد دخلوا في تحالفات مشبوهة خارجة عن القانون والدستور" معتبرا ذلك مؤشراً واضحاً على "تشابه الأفكار وتلاقي الأهداف واتحاد الغايات النهائية المشبوهة للطرفين". وأشار مجور إلى أن من يسمون أنفسهم معارضة يفتقدون يوماً وراء يوم القدرة على المضي في درب الديمقراطية ويشعرون أن الديمقراطية فوق احتمالهم . وقال رئيس الوزراء : إن الإخوة في المشترك صموا آذانهم عن الدعوات المتكررة والمخلصة من قبل فخامة الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية من أجل حوار وطني شامل تحت سقف الدستور والوحدة " مؤكداً أن استنتاجاً واحداً فقط يمكن لأي عاقل أن يخرج به جراء تقييمه لمواقف المعارضة وتحولاتها وتبدلاتها هو أن المعارضة ليست جادة في الدخول في حوار حقيقي من أجل الوطن لأنها لا تنظر إلى أبعد من أنفها ولا تضع سوى مصالحها الضيقة في الاعتبار. وخاطب مجور الحشد بقوله "إن وجودكم في هذه الساحة هو صرخةٌ قويةٌ في وجه، تلك المجاميع التي سلكت طريق الشيطان وتمسكت بخيار الأعمال غير المشروعة والخارجة عن النظام والدستور والقانون سبيلاً لتحقيق أهدافها الماكرة"مضيفاً: إن هتافاتكم تُقّزم وتُدين بكل قوةٍ المشاريعَ الخبيثةَ المرتهنة إلى الخارج تلك المشاريع التي كانت وراء من رفعوا السلاح في وجه الدولة وقدموا أنفسهم خصوماً للوطن ومصالحه وأمنه واستقراره في صعدة. وأشار رئيس مجلس الوزراء إلى أن المهرجان مثل إدانة لكل من رفعوا السلاح في بعض مديريات المحافظات الجنوبية، وخاصة أولئك الذين امتهنوا أعمال التقطع والنهب والسلب في محافظتي لحج والضالع. وقال: إن هتافاتكم بقدر ما تدين أولئك الذين رفعوا أعلاماً شطرية مهترئة فإنها أيضاً تدوي كالرعد فوق رؤوسهم تدينهم وتُلحق بهم الخزي والعار كيف لا وقد تنكروا لوطنهم ونالوا من وحدته وأمنه واستقراره وهرولوا خلف السراب.. إنهم يستحقون أشد أنواع الإدانة جراء ما ارتكبوه من أعمال إجرامية مشينة". وبلهجة تهديدية خاطب مجور القوى المعارضة لسياسات السلطة قائلاً " اليوم نقول لكم رهانكم الداخلي والخارجي خاسر والوطن قوي بشعبه وقواته المسلحة والأمن". وفي المهرجان الذي شارك فيه كبار المسئولين الحكوميين وقيادات الحزب الحاكم وعدد من الشخصيات الاجتماعية والبرلمانية للمؤتمر الشعبي العام , فرق محافظ صنعاء نعمان دويد في كلمته بين من اعتبرهم يرسمون صورة جيدة للوحدة اليمنية وبين من يتآمرون عليها في مجالس المراهقة السياسية _حسب تعبيره-. وقال دويد "فريق جمعهم الحب والتنمية, وفريق لم تساعدهم قاماتهم حتى يشاهدوا قمم الأشياء" مشيرا إلى أنهم أرادوا الملك بدون وجه حق. وبالمقابل استنكرت أحزاب اللقاء المشترك تسخير السلطة لعدد من الوزارات الحكومية وفي مقدمتها التربية والخدمة المدنية والأوقاف للحشد لمهرجان المؤتمر ، واعتبر المشترك "التعاميم التي أصدرتها الخدمة المدنية لمختلف الإدارات في العاصمة ومحافظة صنعاء وتلك التي وزعتها وزارة الأوقاف على خطباء الجمعة وتهديدات مكتبي التربية بأمانة العاصمة ومحافظة صنعاء للمعلمين وطلاب المدارس للمشاركة في مهرجان خاص بالمؤتمر إجراءات مفضوحة وخارجة عن القانون والدستور". وقال الناطق الرسمي للمشترك محمد النعيمي إن تعطيل الدوام الرسمي في مؤسسات الدولة وإصدار تعاميم رسمية تجبر موظفي الدولة وطلاب ومعلمي المدارس على الاحتشاد في مهرجان حزبي يكشف للداخل والخارج ما ذهب إليه المشترك دوماً من اختطاف المؤتمر للدولة في اليمن وتسخيره إمكاناتها ومؤسساتها المختلفة من إعلام وجيش ومال عام ووظيفة عامة لصالحه". وأضاف الناطق باسم المشترك بأن لجوء السلطة إلى تلك الإجراءات والتهديدات بحق الموظفين يعكس عزوف الشعب عن المؤتمر، وفشله في حشد الجماهير حول سياساته الفاشلة، مؤكداُ بأن المشترك مع حرية التعبير المكفولة دستورياً لكن دون إملاءات وتهديد للموظفين والتلويح بالأقساط الوظيفية". وتحدى النعيمي المؤتمر الحاكم أن يحشد تلك الجموع بعيداً عن الوظيفة العامة والمال العام وبدون إمكانات الدولة وأثناء إجازة الطلاب وبدون مشاركة أبناء القوات المسلحة والأمن. ويمضي المشترك في تنفيذ اعتصاماته المنددة بالسياسات الحكومية والتي كان أعلن عنها في وقت سابق وقال انه سيجعل من ابريل شهراً للغضب الجماهيري ، ومن ذلك تنظيمه الخميس الماضي اعتصاماً جماهيرياً في محافظة حجة الذي انتهى ببيان دان فيه " الخطاب التحريضي للسلطة والذي لا يعبر إلا عن الإفلاس الذي وصل إليه الحزب الحاكم وعجزه عن القيام بمسئولياته في إدارة شئون المجتمع ومعالجة الاختلالات التي تنشأ عن ذلك العجز والفشل " وأضاف البيان: "إن اللقاء المشترك ولجنة الحوار الوطني سائران قدما للتحضير لمؤتمر الحوار الوطني باعتباره إستراتيجية ثابتة لا تكتيكاً مرحلياً" وفيما يتعلق بالمعتقلين السياسيين طالب المعتصمون في بيانهم بإطلاقهم، محذرا من عواقب ذلك، كما دعا الاعتصام كافة أبناء الشعب إلى الوقوف بقوة في وجه سياسة الفقر والإفقار ورفض الجرع وإدارة البلاد بالحروب والأزمات. وعبر المشاركون في الاعتصام عن تضامنهم مع المطالب الحقوقية السلمية المدنية المشروعة لأبناء المحافظات الجنوبية. وفي محافظة الحديدة ندد اعتصام نظمه المشترك بأعمال العنف والقتل والنهب وانتهاك الحقوق والمصادرة لحريات المواطنين في المحافظات الشمالية والجنوبية. وردد المعتصمون هتافات تندد بنهب الأراضي في الحديدة وبالانفلات الأمني وتدهور المعيشة والغلاء وتدهور الخدمات وقال بيان صادر عن المعتصمين : إن الجميع أدرك حجم الكارثة المحدقة بأبناء المحافظة فيما يتعلق بنهب الأراضي التي كشفتها اللجنة البرلمانية مع أنها شطبت بعضا من رموز وقادة كبار الناهبين ". وأعلن المعتصمون تضامنهم مع المواطنين في المحافظات الجنوبية، مطالبين السلطة برفع الحصار عن محافظة الضالع وإيقاف مسلسل القتل اليومي والإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين والصحفيين.