اتجهت حدة الخلافات بين السلطة والمعارضة نحو مزيد من التصعيد خاصة بعد أن صوتت كتلة حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم مطلع الأسبوع الحالي لصالح مشروع تعديل قانون الانتخابات العامة والاستفتاء وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات من القضية وسط رفض الكتل البرلمانية لأحزاب المعارضة والمستقلين. أحزاب المشترك وكرد فعل منها على خطوة الحزب الحاكم بإقرار مشروع قانون الانتخابات بشكل منفرد، أعلنت السير قدماً في الحوار الوطني وتحديد موعد انعقاده في الثلث الأول من العام القادم 2011م وبتمثيل شعبي واسع يمنحه شعبية شرعية تمكنه من تحديد آليات التغيير وتنفيذها – حسب قولها-. جاء ذلك في بيان أصدرته أحزاب المشترك الاثنين الفائت أثناء مؤتمر صحفي دعت فيه جميع أفراد الشعب إلى "هبة غضب شعبية متواصلة وشاملة لا تهدأ إلا باستعادة خياراته الوطنية الديمقراطية المشروعة وحقه في التغيير وتحقيق الشراكة الوطنية في السلطة والثروة وفي العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية". وكان رئيس مجلس النواب في بداية جلسة التصويت على القانون التي شهدت حضوراً لافتاً لأعضاء كتلة المؤتمر، اقترح على القاعة تعديلين مضافين إلى مشروع تعديل قانون الانتخابات أولهما إضافة مادة انتقالية إلى نهاية مشروع التعديل تنص على اعتبار جداول الناخبين وقت صدور قانون الانتخابات هي الجداول النهائية التي يعتد بها لإجراء الانتخابات النيابية في 27 أبريل 2011م، فيما تضمن التعديل الثاني تصحيح التاريخ الوارد في البند (7) من الفقرة (ب) بحيث يكون 2011م بدلا من 2009م، وبعدها تم التصويت على مشروع التعديل في صيغته النهائية بالأغلبية المطلوبة. وتعبيراً عن رفضهم التصويت على قانون الانتخابات نفذ أعضاء كتل اللقاء المشترك والمستقلين وقفة احتجاجية أمام منصة هيئة رئاسة المجلس واضعين على صدورهم لافتات تؤكد رفضهم التنصل من اتفاق فبراير، وتدعو إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة، مؤكدين استمرارهم في الاعتصام في قاعة البرلمان لحين تراجع كتلة المؤتمر عن قرارها وهو مالم يأبه له الحاكم الذي سارع للمصادقة على القانون رئاسياً. وفيما امتنع نواب المشترك والمستقلون من العودة إلى مقاعدهم والتعبير عن آرائهم بناءً على دعوة الراعي أثار رئيس كتلة المستقلين النائب علي عبد ربه القاضي الحديث قائلا: " أشهد لله أن المؤتمر تنصل عن اتفاق فبراير، وأنه لا يريد ديمقراطية حقيقية وإنما ديمقراطية شكلية فقط"، داعيا كتلة المؤتمر للعودة للصواب والاستمرار في الحوار والعمل بما جاء في ورقة الدكتور عبدالكريم الإرياني، حد تعبيره. من جانبه اتهم النائب عبدالكريم شيبان أعضاء كتلة المؤتمر بالتفكير في مصالحهم الذاتية وتقديمها على مصالح البلد العليا، معتبراً التصويت على تعديل قانون الانتخابات والانفراد في انتخابات 2011م تنكراً من قبل الحزب الحاكم لكافة الاتفاقات، ابتداءً باتفاق 23 فبراير 2009م وانتهاءً باتفاق 17 يوليو 2010م. بينما قال عضو اللجنة الدستورية والنائب عن كتلة الإصلاح محمد الحاج الصالحي إن قرارات كتلة المؤتمر لا يعتد بها، كون المجلس الحالي انتهت شرعيته من الناحية الدستورية في 2009م وأنه حاليا ليس سوى مجلس وفاق سياسي بين الأحزاب. وفيما يخص قانون الانتخابات فقد اعتبره الصالحي غير شرعي وملغي باتفاق فبراير. وكانت الكتل البرلمانية لأحزاب اللقاء المشترك قد اعتبرت في بيان صادر عنها إصرار الحزب الحاكم على السير في الإجراءات أنه" امتداد للسياسات الخاطئة للحزب الحاكم التي أوصلت البلاد إلى هذه الأوضاع المأساوية". ورأت كتل المشترك البرلمانية أن توقيت إنزال مشروع قانون الانتخابات للتصويت عليه وتشكيل لجنة انتخابات من القضاء ليس إلا "ذر الرماد في العيون ومحاولة من الحزب الحاكم لتضليل الشركاء الدوليين، وإصرارا على التفرد الكامل بالعملية الانتخابية"، محذرة من أن ذلك التصرف سيزيد الأمور سوءاً وتعقيداً. ووصفت شروع حزب المؤتمر في هذه الإجراءات بأنه "استخفاف بالتعامل مع القضايا الوطنية الهامة، كما أنه يمثل استمراراً لنهج سياسة تنصل الحزب الحاكم من كافة الاتفاقات المبرمة مع شركاء الحياة السياسية". رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المؤتمر دافع عن تصويت حزبه على مشروع القانون متهما المعارضة بممارسة الإرهاب الفكري بحق حزبه. واشترط البركاني على المعارضة تحديد شهر ابريل القادم موعدا لإجراء الانتخابات مقابل العودة إلى طاولة الحوار . وعلى غير المعتاد شهدت قاعة البرلمان في جلسة السبت الفائت حشداً لكافة أعضاء الكتلة البرلمانية للمؤتمر بما فيهم وزراء لا يزالون يحتفظون بمقاعدهم كنواب في المجلس للتصويت النهائي على مشروع القانون، بعد إضافة فقرة إلى المادة 12 من القانون تعتبر جداول الناخبين التي ستتم بها إجراء الانتخابات نهائية مع صدور هذا القانون. وكان المؤتمر الشعبي العام حذر ممثليه في البرلمان من عدم التصويت لصالح مشروع القانون الانتخابي وقال في بيان نشره في موقعه الاخباري على الانترنت إن غياب أي عضو من أعضاء المؤتمر في مجلس النواب عن عملية التصويت أو التلاعب أو التلكؤ في ذلك نتيجة أي حسابات خاصة سوف يجعل هذا العضو موضع المساءلة التنظيمية كونه يمثل إخلالا بالتزامه التنظيمي وانتمائه للمؤتمر الذي دعم ترشيحه وفاز ونال ثقة الناخبين تحت شعاره. وأضاف بان هذا الموقف السلبي والعدائي من جانب هذا العضو سوف يجعله في موضع الندم عليه وسوف ينعكس دون شك على موقف التنظيم منه والتعامل معه خلال الفترة المقبلة على ضوء ذلك الموقف الذي سوف يتخذه ومدى التزامه أو مخالفته لسياسة المؤتمر الشعبي العام وتوجهاته. وكانت صحيفة الثورة الرسمية استبقت التصويت على القانون بشن هجوم لاذع في افتتاحيتها على أحزاب المشترك و قالت: إنها –(أحزاب المشترك)- تبحث عن الارتداد على الديمقراطية والتعددية والانقلاب على المؤسسات الدستورية وإحداث فراغ دستوري في البلاد يضعها على كف عفريت وأمام خطر ماحق ، مؤكدة عدم بحث المشترك عن انتخابات حرة ونزيهة أو ضمانات قانونية أو إصلاحات تفضي إلى تطوير النظام الانتخابي ،مشيرة إلى أن قانون الانتخابات الذي تم التصويت عليه في البرلمان وسط احتجاج نواب المشترك سبق وان نوقش وأُقر مادة مادة بمشاركة الكتل البرلمانية للمعارضة وان معظم مواده اقترحت من قبل تلك الاحزاب. من جهته حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) حذر السلطة من إجراء انتخابات في ظل الأوضاع القائمة في البلد. وقال في بلاغ صحفي إن إجراء الانتخابات لن ينتج عنها إلا إعادة إنتاج لما هو قائم بصورة أكثر تشوهاً، وأكثر خطورة على البلاد والعباد.، مضيفا أن التذرع بحدوث فراغ دستوري فيه مغالطة كبيرة . وتابع " إن البلاد عاشت لعقود، وتعيش أوضاعاً لاعلاقة حقيقية فيها بدستور بل ينتهك في كل حين وأنها تحتاج إلى نظام دولة ومنظومة دولة، وحكم طبقاً لدستور لايسمح بتجاوزه" مؤكدا بأنه لا خوف عليها من فراغ دستوري بل الخوف من استمرار الأوضاع طبقاً لنظام الدولة المركزية البسيطة المدمر والذي سيقودها حتماً إلى تمزق. كما ذكر بموقفه السابق حول عدم شرعية اتفاق فبراير ، معتبرا ما أسماها الحوارات البتراء والمنقوصة ، لن تأتي إلا بمزيد من الإحباط والتدهور ولن تعالج إلا قضايا خاصة بالمتحاورين، أو متعلقة بآليات وأدوات مؤسسات السلطة، دون معالجة أسس وجذور الأزمات المعقدة. وشدد على ضرورة اعتماد نظام الدولة المركبة ، والذي اعتبره المفتاح لتفكيك تعقيدات الأزمات المركبة القائمة وذلك بإعادة هيكلة الدولة على أساس فيدرالي من الإقليمين الشمالي والجنوبي.