من وقت لآخر ينفذ تنظيم القاعدة عمليات تستهدف ضباطاً وجنود عسكريين وأمنيين دون أن يكون لتوقيت ذلك تفسير معين سوى التذكير بحضوره. الأسبوع الجاري نشط التنظيم ميدانياً في المحافظات الشرقية والجنوبية باستهداف أمنيين وعسكريين وسياسياً بعث برسالة إلى المسلمين السنة يحذرهم فيها مما اسماه الحلف "النصراني الرافضي" ضدهم. هذا التحذير أطلقه الرجل الثاني في تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب الذي يتخذ من اليمن مقراً له سعيد الشهري وذلك في رسالة صوتية بثتها مواقع إسلامية. الرسالة التي استغرقت مدتها بضع دقائق ، قال فيها الشهري المعروف أيضا بأبي سفيان الازدي الذي أمضى ست سنوات في سجن غوانتانامو الأميركي "أصبحت أمريكاوإيران حلفا واحدا ضد الشعوب السنية في المنطقة".مضيفاً إن "ما شاهدناه في المنامة بين وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ووزير الخارجية الايراني السابق منوشهر متكي في الاجتماع الذي عقد لحرب الإرهاب في اليمن وحضره أكثر من عشرين دولة لهو أكبر شاهد على الحلف النصراني الرافضي". ويشير الشهري إلى حوار المنامة وهو منتدى حول الأمن الإقليمي عقد في بداية ديسمبر المنصرم في العاصمة البحرينية وشاركت فيه كلينتون ومتكي الذي عزل منذ ذلك الحين. وقال الشهري "ها هي إيران اليوم تتهيأ لحرب عدوها الأول من أهل السنة والذين ليس للرافضة عدو سواهم". وتساءل الشهري "أين هي صواريخ كروز" الأميركية التي استخدمت في ضربات على اليمن من حزب الله الشيعي اللبناني الذي يتجمع في لبنان "بعشرات الآلاف يوم عاشوراء". وقال الازدي "نحن يا إخواننا من أهل السنة سهامكم في كل مكان، فارموا بنا حيث شئتم تحت ظل شريعة ربنا، ولن نخذلكم كما خذلكم الرئيس اليمني علي عبدالله صالح وآل سعود وحكومتهم، بل والله إنا اعددنا رجالا للدفاع عنكم يبتغون الموت مضانة ويبحثون عنه ليل نهار إرضاءً لله". وطلب نائب زعيم تنظيم «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» إلى القبائل اليمنية نصرة التنظيم و"الجهاد في سبيل الله" ضد «الحوثيين الرافضة» محذراً من خطرهم قائلا إنهم أحد رؤوس الشر، التي نواجهها في جزيرة العرب في صعدة والجوف كونهم «يمثلون المد الفارسي القادم من إيران». وخاطب قبائل اليمن عامة وفي صعدة وعمران ورازح والجوف خاصة، قائلاً: «لقد رفعنا رايات الجهاد (ضد الحوثيين الرافضة) بعدما سقطت وانسحبت رايات الردة العلمانية»، في إشارة إلى القوات اليمنية والسعودية التي خاضت حرباً مع الحوثيين هناك قبل الإعلان عن وقف إطلاق النار في شباط (فبراير) 2010. وهاجم الشهري حكومات المنطقة، التي وصفها ب»العميلة والخائنة» واتهمها بموالاة اليهود والنصارى» وأن الحكام «تشاغلوا بحرب أهل الجهاد وتركوا الرافضة يسرحون ويمرحون». واتهم جماعة الحوثي بأنهم «يهنأون بالعيش بسفك دماء إخواننا من أهل السنة (في مناطق شمال اليمن) وتهجيرهم من أراضيهم وهدم بيوتهم على رؤوسهم وأخذ مساجدهم السنية بالقوة وتحويلها إلى مساجد وحسينيات رافضية وثنية يستغيثون فيها بغير الله». ودعا أهل السنة إلى حمل السلاح وشرائه للدفاع عن أنفسهم تحسباً لأي مجازر يتوقع أن يرتكبها «الرافضة» ضدهم، على حد وصفه. وتابع الشهري بأنه لولا أن «القاعدة» في مواجهة مع ما وصفها ب»الصهيوصليبية العالمية» لما جعلوا لهم قراراً في أرض الجزيرة». وتحدث عن اعتقال اثنين من أعضائه على أيدي الحوثيين، وتسليمهما إلى الدولة، هما: مشهور الأهدل وحسين التيس، مشيراً إلى أن التفجيرين اللذين تبناهما «التنظيم» ضد مواكب الحوثيين جاءا استجابة لدعوات أهل السنة بنصرتهم، ورداً على تعاون الحوثيين مع الحكومة اليمنية ضد عناصر القاعدة. وفيما يتعلق بالنشاط الميداني للتنظيم ، فقد نصبت عناصر تابعة له كميناً استهدف طقماً عسكرياً بالقرب من منطقة صافر بمحافظة مأرب مطلع الأسبوع الجاري. وقالت مصادر محلية إن مسلحين – يعتقد بانتمائهم للتنظيم - نصبوا كميناً لطقم عسكري بالقرب من صافر ، لقي جندي على إثره مصرعه وأصيب أربعة آخرون، فيما لاذ الجناة بالفرار. وقد قامت وحدات من الجيش بانتشار كثيف على مداخل مدينة مأرب، كما انتشرت دوريات على الخط ما بين مأرب وصافر لتعقب الجناة. يشار إلى أن هذه المنطقة القريبة من صافر شهدت حوادث مماثلة لاستهداف أطقم عسكرية في فترات سابقة من قبل عناصر التنظيم. وقالت رواية أخرى إن المسلحين كانوا يستقلون سيارة أطلقوا النار على دورية تابعة للشرطة في منطقة العرقين. وفيما لم تعلن القاعدة تبنيها للعملية ، إلا أن مسؤولاً محلياً قال إن الهجوم يحمل بصمات تنظيم القاعدة. يأتي هذا الهجوم بعد 6 أيام من اغتيال نائب مدير الأدلة الجنائية بمحافظة مأرب المساعد نبيل عقلان في هجوم مسلح بمأرب. وفي محافظة حضرموت أعلنت وزارة الداخلية إلقاء القبض على 6 يشتبه في تنفيذهم لجريمة تقطع على سيارة تابعة للبريد وقتل 4 جنود وموظف حكومي يوم الأربعاء الماضي. وقالت الداخلية في بيان نشر على موقعها الإلكتروني إن الأجهزة الأمنية قامت بعملية تمشيط واسعة في نطاق مدينة الشحر بحثاً عن الجناة المتهمين بقتل الجنود الأربعة، وقد أسفرت عملية التمشيط التي تمت "بشكل سريع وفاعل" عن ضبط 6 مشبوهين بالضلوع في الجريمة تتراوح أعمارهم بين 25-35 عاماً. وأضافت إنها أحالت المشتبه بهم لإجراءات التحقيق، مشيرة إلى أن التحريات ما زالت متواصلة. ولم يذكر البيان ما إذا كان المتهمون ينتمون إلى تنظيم القاعدة.لكن مصادر أمنية أكدت وقوف القاعدة وراء الحادثة. وكان أربعة جنود وموظف بريد قتلوا الأربعاء الماضي برصاص مسلحين، حينما اعترضوا سيارة تابعة لبريد حضرموت كانت تنقل أموالاً من مدينة المكلا إلى الشحر، وأطلقوا عليها الرصاص الكثيف. وقالت مصادر محلية إن الجماعة المسلحة نهبت الأموال التي كانت على متن السيارة وتقدر بأكثر من 10 ملايين ريال، وهي عبارة عن مرتبات موظفي مكتبي التربية والصحة في مديرية الشحر للشهر الفائت. ويحاول اليمن القضاء على تنظيم القاعدة ، غير أن توسع هجمات الأخير وتوقيتها المباغت في أغلب العمليات تعمل على تشتيت الجهود الأمنية المبذولة لمكافحته وهو ما يمكن ملاحظته من خلال التطورات الواقعة خلال الشهر الماضي ،حيث أعلنت وزارة الداخلية في الخامس والعشرين من يناير عن اعتقال خمسة مسلحين من المشتبه بانتمائهم للتنظيم بعدما حاولوا مهاجمة دورية للشرطة في لودر التابعة لمحافظة أبين التي تشهد اضطرابات وأكدت أن احد المقبوض عليهم أمين المكسر القيادي في التنظيم.وفي ذات اليوم توفي نائب رئيس إدارة الطب الشرعي بالبحث الجنائي في محافظة مارب متأثرا باصابات بأعيرة نارية أطلقها على سيارته قاعديون ثم لاذوا بالفرار، كما أصيب جندي أثناء ملاحقتهم. وفي الثالث والعشرين من يناير قتل جندي في لودر أبين برصاص أحد عناصر القاعدة دون أن تتمكن السلطات الأمنية من القبض عليه . وفي الحادي عشر من ذات الشهر هاجم مسلحون من أتباع القاعدة في محافظة لحج سيارة تقل قائداً عسكرياً فأصابوه وقبلها بيوم هاجم مسلحون ملثمون يقودون دراجات نارية مكتب فرع مؤسسة الكهرباء مما أدى إلى مقتل ثلاثة عاملين وألقى مسؤول محلي باللوم في هذا الهجوم على تنظيم القاعدة. -في ال8 يناير قتل متشددون مسلحون أربعة جنود في هجوم على نقطة تفتيش في الجنوب وقبلها بيوم هاجم متشددون يشتبه في انتمائهم لتنظيم القاعدة قافلة عسكرية مما أسفر عن مقتل 12 جندياً وإصابة ثلاثة آخرين. -السلطات تعلن عزمها تأسيس فروع لوحدة مكافحة الإرهاب في أربع من المحافظات المضطربة للتصدي لتنظيم القاعدة وذلك بعد يوم من تصريح واشنطن بأن مستشاراً أمريكياً كبيراً بمجال مكافحة الإرهاب حث صنعاء على تكثيف جهودها لمحاربة القاعدة كونها خطراً يهدد العالم.وكانت الأجهزة الأمنية في منتصف الشهر المنصرم قالت إنها منعت قاعديا من تفجير سيارة تابعة للسفارة الأمريكية في صنعاء كانت تقل موظفين في السفارة. وكان التنظيم تبنى تنفيذ 49 عملية خلال النصف الثاني من العام المنصرم متوعداً من اسماهم بالمتعاونين مع القوى الخارجية وفي مقدمتها أمريكا بالمزيد من الضربات ووفقا لإحصائية نشرتها مجلة صدى الملاحم فإن تلك الهجمات استهدفت مقاراً ودوريات ونقاطاً عسكريةً وأمنيةً.وتركزت معظم هذه العمليات في محافظات أبين وشبوة. وبَيَّن التنظيم أنه نفذ 13 عملية، استهدفت ضباطاً وقيادات أمنية في خمس محافظات راح فيها عدد من الضباط وأفراد الأمن، إضافة إلى اختطاف نائب الأمن السياسي بصعدة العقيد على محمد صلاح الحسام. الذي تتهمه بأنه "كان يدير شبكات تجسس على المسلمين منذ 20 عاما". وتنوعت العمليات الأخرى التي تبناها تنظيم القاعدة والبالغ مجموعها 36 عملية، بين هجمات شنها مقاتلوه على مقار الأجهزة الأمنية في محافظتي أبينولحج، وبين كمائن وهجمات استهدفت دوريات الشرطة والثكنات والنقاط الأمنية والعسكرية في محافظات: أبين وشبوة، ولحج، والعاصمة صنعاء وأن ست عمليات كانت من نصيب محافظة أبين قتل فيها 13 ضابطا وعنصراً أمنياً بينهم شقيق محافظ محافظة أبين".وفيما أقر التنظيم بمقتل خمسة من عناصره وجرح أربعة آخرين فقط خلال تلك العمليات ذكر إنه أعد خطة نشاطه للعام الجاري 2011 . ومن ضمن المحاولات التي بذلتها السلطة -لما قالت إنها مساع لتجفيف منابع الإرهاب- فتح حوار مع المنتمين للتنظيم ممن تم القبض عليهم غير أن معظم من أظهروا استجابتهم للحوار الفكري عادوا للنشاط القاعدي بعد إطلاق سراحهم وهو الحال ذاته تكرر مع من صدرت بحقهم أحكام قضائية.