فيما لا يزال الغموض يلف مستقبل الوضع السياسي في البلاد ، تتواصل المشاورات على مستوى الداخل والخارج لمناقشة الترتيبات اللازمة للخروج من الوضع الراهن والذي توج الأحد الفائت بلقاء بين القائم بأعمال رئيس الجمهورية وقيادة اللقاء المشترك ،لكن الثوار الشباب في الساحات يصرون على مطلبهم بتشكيل مجلس انتقالي مؤقت لإدارة شؤون البلاد. بالمقابل لا تزال الأنباء بشأن صحة الرئيس علي عبد الله صالح متضاربة، فبينما يتحدث المسؤولون عن أنه في صحة جيدة وأن حالته مستقرة، تتحدث المصادر الطبية عن أنه ما زال في وضع "صحي سيئ". ونفى مصدر مسؤول في الرئاسة ما تردد حول تدهور صحة الرئيس علي عبد الله صالح، مؤكداً انه في حالة جيدة .وقال المصدر، الذي لم يكشف عن اسمه، في بيان صحافي إن "الرئيس في تحسن مستمر وصحة جيدة والتقى بوزير الصحة الدكتور عبد الكريم راصع في الجناح الملكي المخصص له والذي أوضح أن الرئيس صالح يقضي بعض الوقت للاستراحة". وزادت وسائل إعلام السلطة على ذلك بالقول إن الرئيس بدأ يمارس تمارينه الرياضية. وكانت وكالة الصحافة الفرنسية نقلت عن مصدر يمني في العاصمة السعودية الرياض ان الرئيس صالح ما زال في وضع "صحي سيئ"، مؤكدا أنه يعاني من "مشاكل في الرئة والتنفس"، ويحتاج لوقت أطول في مرحلة التعافي.وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه إن "ما يؤكد ذلك منع العديد من الوزراء اليمنيين الذين حاولوا زيارته ورُفض طلبهم". وفيما يتعلق بالمسؤولين الآخرين الذين أصيبوا في استهداف القصر الرئاسي الجمعة قبل الماضي، قال المصدر إن "حالة رئيس الوزراء علي مجور تتجه نحو الأسوأ ومعه رئيس مجلس الشورى عبد العزيز عبد الغني"، وأوضح أنهما "شوهدا والضمادات البيضاء تلف جسديهما بشكل كامل بحيث لا يرى منهما شيء"، كما توجد معلومات بأن الحادث ألحق أضرارا بقدرتهما على الإبصار. وعلى ما يبدو فإن استماتة المسؤولين في نفي الوضع الصحي الحرج للرئيس هو لرفع الروح المعنوية لأنصاره . وقال يحيى محمد عبدالله صالح رئيس أركان قوات الأمن المركزي إن الرئيس سيعود لممارسة مهامه كرئيس للجمهورية وإن هناك استعدادات شعبية لاستقباله. ونقلت بي بي سي عن يحيى قوله "إن التحقيقات مستمرة لتحديد الجهات المسؤولة عن محاولة اغتيال صالح". وأكد أن القرار بيد صالح لتحديد الموقف من المبادرة الخليجية بعد عودته مضيفا " إن الأمر بيد الشعب وفقا للدستور والشعب اليمني لا يقبل إملاءات من الخارج".وردا على سؤال بشأن أقارب الرئيس الذين يشغلون مناصب رسمية قال العميد يحيى "نحن ضباط محترفون ننفذ التوجيهات الصادرة إلينا من الجهات السياسية". عندما غادر الرئيس علي عبد الله صالح، البلاد للعلاج في نهاية الأسبوع قبل الماضي إلى المملكة العربية السعودية، سلم مقاليد الحكم إلى نائبه، لكن في الحقيقة من يدير شؤون الدولة حاليا هم أقرباؤه. ويمثل هذا بالنسبة إلى الكثيرين إشارة واضحة إلى أن صالح وأبناء عمومته عازمون على التمسك بالحكم في غيابه، على الرغم من تزايد الدعوات لانتقال سريع للسلطة. وبحسب تقرير ل(BBC ) فإن مكانة أحمد وأبناء عمومته الرفيعة في الجيش تمنع عبدربه منصور هادي من إدارة البلاد في هذه المرحلة الحرجة، مما يضطره إلى اللجوء للحفاظ على توازنات دقيقة، بحيث لا يتخطى الحدود التي وضعتها عائلة علي عبد الله صالح. وتقول كاثرين زيمرمان، المحللة في مشروع التهديدات الخطيرة في معهد «إنتربرايز» الأميركي بواشنطن: «يبعث تولي ابن الرئيس مقاليد الأمور برسالة إلى كل من المعارضة والموالاة تؤكد عدم تخلي نظام صالح عن السلطة، وأن أي محاولة لتحدي النظام ستقابل على الأرجح برد فعل عنيف من قبل الجيش». ودوت طوال ليلة الأربعاء الماضي أصوات ألعاب وطلقات نارية من أسلحة يستخدمها في العادة جنود، احتفالا وابتهاجا بنبأ عن تحسن صحة صالح. وأسفرت تلك الطلقات عن إصابة المئات. وبقدر ما كانت العملية بحد ذاتها بالنسبة لمن تبقى من أركان النظام محاولة لتجاوز هزائمهم الميدانية كي يقنعوا الناس بأن نجمهم مازال يلمع في السماء فقد تحولت إلى حالة سخط عميق في أوساط المواطنين ،ففي الوقت الذي كان قتلة المحتجين العزل يحتفلون بنجاة زعيمهم، كان عشرات من المواطنين يتساقطون جرحى في مختلف مناطق البلاد جراء الرصاص العائد من الجو، وكان الرعب يتملك نفوس المواطنين والعائلات التي لم تعرف في البداية ما يحدث. نحو 6 قتلى وأكثر من 120 جريحاً سقطوا في الاحتفال بوهم إفاقة صالح .. حتى الاحتفال بتعافيه يستلزم إسالة دم مواطنيه! وبالرغم من أن السلطة كانت تهدف من ذلك رفع الروح المعنوية لأنصارها خاصة أنها كانت تحضر لإخراج الحشود لما أسمته بجمعة الوفاء للقائد ، فإن هدفها لم يتحقق –باستثناء أمانة العاصمة- حيث فشل الحزب الحاكم في محافظة عدن، في تنظيم مسيرة مؤيدة للرئيس علي عبد الله صالح، بعد فترة وجيزة من إقالة رئيس فرع الحزب الحاكم، عبد الكريم شائف، بسبب فشله في تنظيم مسيرات مؤيدة للنظام، خلال الأشهر الماضية، فكل ما تمكن رئيس فرع الحزب الحاكم، المعين خلفا لشائف، مهدي عبد السلام من حشده قادة الحزب الحاكم والسلطة الملحية بالمحافظة، لم يتجاوز عددهم 15 شخصا، اكتفى الرئيس الجديد لفرع الحزب الحاكم، بمصافحتهم، وتلاوة بيان استنكار لمحاولة اغتيال الرئيس صالح وهو ما جعل الفضائية اليمنية تتحاشى عرض صور لما وصفته بالحفل الذي نظم في محافظة عدن، تأييدا للرئيس صالح، واكتفت بنقل مباشر للبيان الذي ألقاه رئيس فرع الحزب الحاكم. أما أنصار شباب التغيير فقد خرجوا في تظاهرات حاشدة بمختلف محافظات الجمهورية للمطالبة بمجلس انتقالي ومحاكمة رموز النظام.وجددت الجماهير التي خرجت في كل من (أمانة العاصمة، تعز، إب، حجه، الحديدة، ذمار ، المكلا، والضالع ، وكرش بلحج، وعدن، شبوة، صعدة، مأرب) جددت عهد لوفاء لأهداف الثورة. وأدى الحشد الجماهيري بأمانة العاصمة قسم الوفاء لأهداف الثورة.ورددوا شعارات منها "لن نرضى بالوضع الحالي مطلبنا مجلس انتقالي""الشعب يريد بناء يمن جديد""الشعب يواصل إسقاط النظام". وترى الولايات المتحدة وحلفاؤها أن مبادرة مجلس التعاون الخليجي، التي تدعو صالح إلى تسليم السلطة إلى نائبه الذي سوف يشكل بدوره حكومة انتقالية إلى حين إجراء انتخابات، هو أفضل الخيارات المتاحة من أجل الانتقال السلمي للسلطة. ويقول بعض قادة المعارضة إنهم لم يتلقوا حتى هذه اللحظة أي رد على المبادرة من هادي ما يشير إلى أن قادة الحزب الحاكم لن يتخذوا مثل هذه الخطوة دون موافقة أبناء صالح وأبناء إخوته الذين ينتظرون بدورهم تعليمات من صالح، على حد قول بعض المراقبين.وهو ما أكده نائب وزير الإعلام عبده الجندي من أن أي حديث عن نقل للسلطة سابق لأوانه, وأن أمراً كهذا مرتبط بعودة الرئيس علي عبدالله صالح. والتقى عبدربه منصور هادي أمس الأول بحضور أميني المؤتمر سلطان البركاني وبن دغر قيادة اللقاء المشترك وتم خلال اللقاء -بحسب بيان للمشترك- "تداول الآراء بشفافية ووضوح وبروح عالية من المسئولية الوطنية حول الأوضاع الراهنة في البلاد ووسائل الخروج من الأزمة المتفاقمة التي تهدد أمن واستقرار البلاد ووحدتها الوطنية والطرق الكفيلة باحتواء تداعياتها، وتهدئة الأوضاع أمنيا وإعلامياً كخطوة على طريق السير في العملية السياسية التي تحقق تطلعات الشعب اليمني بكافة قواه السياسية والاجتماعية والمدنية والشبابية". وتبدي السلطة حساسية شديدة من الحديث عن انتهاء سلطة علي عبدالله صالح وهو ما يتبين من خلال طريقة نفيها لخبر عن مغادرة عائلته إلى الخارج حيث قالت صحيفة وزارة الدفاع إن ما ذكرته صحيفة القدس العربي عن نقل عائلة صالح إلى الامارات العربية المتحدة تمهيداً لنقل السلطة "مزاعم كاذبة وافتراءات باطلة لا أساس لها من الصحة". ونقلت عن مصدر مسؤول لم تذكر اسمه، نفيه صحة هذا الخبر، مؤكداً "أن أيا من أفراد أسرة الرئيس لم يغادروا إلى خارج اليمن سواء كانوا من أبنائه أو من أحفاده أو غيرهم". وكانت جريدة القدس العربي قالت إن السلطات اليمنية بدأت منذ الثلاثاء قبل الماضي بإجلاء أفراد عائلة الرئيس المصاب علي عبد الله صالح من ابنائه وأحفاده من العاصمة صنعاء إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي، عبر طائرات خاصة وبتكتم شديد. ونقلت الصحيفة عن مصادر قالت إنها وثيقة الإطلاع قولها "إن العاصمة الإماراتية أبوظبي استقبلت خلال الأيام الماضية العديد من رحلات الطيران الخاصة القادمة من اليمن، تقل أفرادا من عائلة الرئيس علي عبد الله صالح من أبنائه واحفاده، وفي مقدمتهم أبناء نجله الأكبر العميد أحمد علي، قائد الحرس الجمهوري، الذي يسيطر حاليا على دار الرئاسة بصنعاء، وكذا أحفاده من أبناء بناته، بالإضافة إلى أسر وأبناء أنجال شقيق الرئيس صالح البارزين الذين يسيطرون على الأجهزة الأمنية في البلاد". وأوضحت أن افراد العائلة الحاكمة الذين تم إجلاؤهم من العاصمة اليمنية صنعاء إلى الإمارات العربية المتحدة، يشمل الزوجات والأبناء والأحفاد الذكور والإناث، وانه يتم استقبالهم بتكتم شديد في مطار أبوظبي بواسطة السفير اليمني شخصيا هناك عبد الله حسين الدفعي، ولا يسمح لغيره بالمشاركة في هذه العملية التي وصفت ب(السرية). مشيرة إلى أن السفير الدفعي مستنفر لوحده للقيام بهذه المهمة الخاصة، من خلال عمليات الاستقبال لأفراد عائلة صالح وترتيب الاقامات لهم في قصور الأسرة الحاكمة، التي على ما يبدو تم شراؤها منذ وقت مبكر في العديد من مناطق الإمارات العربية. ويضع كل طرف على الساحة السياسية حساباته وخططه ومناوراته في كفة، وما يصدر عن البيت الأبيض والمسؤولين الأمريكيين على الكفة الأخرى. وكلما ارتفعت نبرة التصريحات الأمريكية المطالبة لصالح بالتنحي، سارع إعلام المعارضة إلى نشرها وعمت الأفراح ساحات المعتصمين، معتبرين أن واشنطن قد رفعت غطاء الحماية عن النظام، وكلما جاءت لهجة البيت الأبيض خفيفة ومبهمة، اعتبر أنصار النظام أن ذلك دليل رضا أمريكي ومباركة لاستمرار حكم الرئيس صالح .في حين يعبر الثوار عن أسفهم لما يعتبرونه موقفاً متخاذلاً تجاه ثورتهم. هذا الأسبوع عبر الشباب الثوار في "جمعة الوفاء لأهداف الثورة" عن غضبهم من الموقف الأمريكي الذي أعلنته كلينتون تجاه ثورتهم . ونظم المئات عصر السبت الفائت مسيرة في العاصمة صنعاء للتنديد بالموقف الأمريكي تجاه ثورة الشباب السلمية ومحاولة إحياء روح المبادرة الخليجية.وطالب المحتجون الولايات المتحدةالأمريكية بعدم التدخل في الشأن اليمني، داعين الولايات المتحدة إلى احترام إرادة الشعب. وطالب المتظاهرون قيادات القوى السياسية في البلاد بالإسراع في تشكيل مجلس انتقالي لليمن، وعدم العودة للمبادرة الخليجية، ودعوا في الوقت ذاته لإسقاط بقية أركان النظام الحاكم. وردد المتظاهرون هتافات مناوئة للنظام وللولايات المتحدةالأمريكية، كما رددوا شعارات تؤكد على سلمية الثورة. وقال بيان صادر عن(5)كيانات شبابية في ساحة التغيير شاركوا في المظاهرة إن الموقف الأمريكي الداعم للنظام يتمثل في دعم المبادرة الخليجية والضغط في اتجاه تنفيذها والتي تتعامل مع المرحلة في اليمن على أنها أزمة سياسية وليست ثورة شبابية شعبية. هذا الموقف المتشنج للمعارضة جاء بعد التصريحات الأخيرة لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون على هامش حضورها اجتماع مجموعة الاتصال الدولية بشأن ليبيا في ابوظبي والتي أكدت فيها أن واشنطن تدعم انتقالا سلميا ومنظما للسلطة بما يتناسب مع الدستور اليمني، وهو ما تباهى به النظام كون البيت الأبيض يشاطره نفس الرؤية بأن اليمن ليست مصر ولا تونس. وفي هذا الإطار وصف قيادي في حزب المؤتمر الشعبي الحاكم تصريحات الوزيرة كلينتون بشأن حل الأزمة السياسية في اليمن بأنها تمثل تحولا ايجابيا يعكس إدراكا حقيقيا من قبل المجتمع الدولي للأوضاع في اليمن حتى ولو جاء هذا الإدراك متأخرا. وعلى العكس من ذلك فعندما كانت تصريحات المسؤولين الأمريكيين تأخذ منحى الحديث عن ضرورة أن يفي صالح بوعوده، ويشرع فورا في عملية الانتقال السلمي والسلس للسلطة، قوبل حينها بارتياح المعارضة، وجوبه بموقف متشنج من أركان النظام الذين أكدوا رفض أي تدخل أجنبي في الشأن الداخلي اليمني. وقد أيد حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) التوجه الذي أعلنه شباب الثورة لإنشاء مجلس انتقالي يكون البديل لقيادة البلاد في الفترة الانتقالية، بحيث ينشأ عنه مجلس رئاسة مؤقت وحكومة مؤقتة. ودعا الحزب بأن يكون المجلس الانتقالي متوازن التمثيل، وأن يحتل الثوار في كل الساحات ما لا يقل عن 40% من قوامه، وأن تمثل فيه القوى الوطنية والحراك الجنوبي، وأن تناقش فيه قضايا الوطن الأكثر إلحاحا ومنها القضية الجنوبية بكل أبعادها. وناشد الحزب الأشقاء والأصدقاء بدعم هذا التوجه كما طالب القوات المسلحة والأمن أن يكونوا حماة للثورة وأن يقفوا إلى جانبها كما وقف زملاء لهم من قبل. وفي ذات السياق قال رئيس وزراء اليمن الأسبق والقيادي الجنوبي حيدر أبوبكر العطاس إن صالح خرج من الحياة السياسية والمطلوب المبادرة بتشكيل مجلس انتقالي وتسلم نائب رئيس الجمهورية سلطات الرئيس وأن يوقف أبناء الرئيس عن ممارسة أي سلطة. و لم يستبعد العطاس توجه الجنوب اليمني للانفصال عن الشمال بناء على ما تتمخض عنه الثورة ، وقال ضمن مشاركته في حلقة عن تداعيات الأزمة اليمنية لبرنامج "واجهة الصحافة" على قناة "العربية" إن الجميع ينتظر انتصار الثورة , مشيرا إلى أن ما ظهر حتى الآن من نتائجها يشجع على معاودة النظر في صياغة الوحدة على أساس فيدرالي بإقليمين في إطار دولة مدنية. و يواصل عبدربه منصور هادي المباحثات مع دبلوماسيين غربيين بشأن نقل السلطة وقد التقى مطلع الأسبوع الجاري بالسفير الأمريكي في صنعاء جيرالد فايرستاين في لقاء هو الثالث من نوعه منذ مغادرة علي صالح للبلاد إلى المملكة لتلقي العلاج.. ويأتي ذلك في ظل جهود دبلوماسية غربية وخليجية تسعى لنقل السلطة إلى هادي كجزء من ترتيبات المرحلة الانتقالية في البلاد . وقالت مصادر مطلعة إن هناك ترتيبات فعلية لبدء نقل السلطة إلى النائب هادي لكن هذه المهمة تنفذ بخطوات هادئة خشية وقوع صدام مباشر مع نجل صالح وأبناء اخوته الذين لا يزالون يسيطرون على قوات مهمة في الجيش اليمني. وقالت وكالة الأنباء اليمنية إن هادي ناقش مع السفير الأمريكي "أهمية استمرار تثبيت وقف إطلاق النار وفتح جميع الطرقات والشوارع وعدم التعرض لمحطة الكهرباء التي تخدم الناس جميعا باعتبارها ملكاً للشعب وليس لحزب أو شيخ أو متنفذ وما يرتبط بها من ضخ للمياه واحتياجات الناس الحياتية المختلفة". حسب تعبيرها. ولم تذكر الوكالة ما إذا كان اللقاء ناقش سبل انتقال السلطة عبر حوار سياسي بين الأطراف اليمنية. وكانت معلومات قالت إن السفير الأمريكي مع سفراء الاتحاد الأوروبي يبذلون جهوداً لإقناع هادي وحزب المؤتمر الشعبي الحاكم للبدء بنقل السلطة ، وسط ضغوط أمريكية وبريطانية على السعودية لإقناع الرئيس صالح بالاستقالة. والتقى عبدربه منصور هادي بشكل منفصل ذات اليوم برئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في صنعاء السفير بيكيليه سيرفونه دورسو والسفير البريطاني جون ويلكس والسفير الفرنسي جوزيف سيلفا، الذين سلموه رسالة من الممثلة العليا للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون. ونشرت وكالة سبأ مقتطفات من الرسالة التي عبرت عن إدانتها للهجوم الذي استهدف مسجد النهدين الواقع في دار الرئاسة والذي أصيب فيه الرئيس صالح بجروح، إضافة إلى كبار قيادات نظامه. وأضافت الوكالة إن الرسالة أشارت إلى "أهمية جلوس جميع الأطراف السياسية في اليمن على طاولة الحوار بما يسهم في الانتقال السلس للسلطة بصورة منظمة ودستورية وبما يتماشى مع المبادرة الخليجية والعمل لما فيه مصلحة الشعب اليمني". وتسعى الدول الغربية للضغط على صالح لتقديم استقالته والبدء بتنفيذ باقي بنود الخطة الخليجية المتمثلة بتولي عبدربه هادي السلطات رسمياً لمدة ستين يوماً يشكل خلالها حكومة بقيادة المعارضة تعمل على تهيئة الأجواء لإجراء انتخابات رئاسية بعد شهرين من تولي النائب. وما يزال أفراد عائلة الرئيس صالح الممسكين بزمام الأجهزة الأمنية وبعض وحدات الجيش يمثلون عقبة أمام تسليم السلطة بسبب تشبثهم بصالح، ورفضهم البدء بتنفيذ أي خطوة في غيابه عن اليمن. وفيما تدعم المعارضة تولي هادي لمنصب الرئاسة لفترة انتقالية، كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن وجود انقسام شديد بين صفوف المعارضة حول كيفية إعادة تشكيل اليمن والمضي قدما، حيث يؤيد البعض إحداث تغييرات بعيدة المدى، فيما يحث آخرون على قرار سياسى أكثر اعتدالا صدقت عليه الولايات المتحدة ودول عربية مجاورة لليمن . وأوضحت الصحيفة - فى تقرير نشرته على موقعها الالكترونى- أن معظم الذين شكلوا الأساس الجوهري لحركة التظاهرات يقولون انهم يسعون للحفاظ على تحويل مطالبهم ورؤيتهم إلى إجراء فعلي مثل أقرانهم في مصر، كما يعارضون بشدة الحل السياسي التي أيدته الولايات المتحدة والسعودية وفحواه منح صالح وأسرته عفوا قضائيا . ويقف اللقاء المشترك مربكاً في خطوته الحالية بين تبني مطالب الشباب الثوار بتشكيل مجلس انتقالي أو السير في حوار سياسي مع الحزب الحاكم. وبحسب عضو المجلس الأعلى للمشترك الدكتور محمد عبدالملك المتوكل فإن "الفرصة لاستكمال التسوية السياسية مشروطة بقبول القائم بأعمال الرئيس تنفيذ المبادرة الخليجية" لكنه نبه إلى أن المعارضة "لن تنتظر طويلا"، لافتا إلى أن المشهد السياسي الحالي في اليمن يتطور على مسارين، يتعلق أحدهما بدعوات تنفيذ المبادرة الخليجية وحسم الموقف بتوقيع القائم بأعمال الرئيس على المبادرة التي تقضي بنقل السلطة والشروع في التحضير لانتخابات نيابية ورئاسية بعد عقد مؤتمر وطني عام. ويرتبط المسار الثاني بالجهود الجارية لإنشاء مجلس انتقالي تشكله المعارضة ويكون "الرافعة السياسية للثورة الشعبية في البلاد".وأوضح المتوكل في تصريح لوكالة الأنباء الروسية(نوفوستي) إن الخيار الأول يعتمد على توافر القناعة الكاملة لدى نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي وقيادات الحزب الحاكم بأن السلطة "انتقلت بالفعل" ونبه إلى أنه "في هذه الحال فقط يمكن استكمال تنفيذ المبادرة الخليجية" وإلا فإن المعارضة "سوف تضطر إلى المضي في طريقها مع التيار الشعبي والمطالب الواسعة للثورة عبر تأسيس مجلس انتقالي رئاسي مؤقت يفرض سيطرة مطلقة على المناطق الخاضعة لسلطة الشعب". وعلى ما يبدو فإن الإبقاء على حالة الرئيس علي عبدالله صالح الصحية رهناً للغموض والضبابية والإبقاء على أقاربه في مناصبهم ربما يهدف إلى خفض سقف طموحات المنتصرين بنظر الغرب ودفعهم إلى القبول بتسوية مع بقية الأطراف السياسية في البلاد وفي مقدمتها المؤتمر الشعبي العام لإدارة الفترة الانتقالية بشراكة كاملة ودون تفرد قد يفضي إلى رسم صورة أحادية لمستقبل اليمن قد يفجر المزيد من الصراعات . وربما في هذا السياق يأتي الموقف الذي أطلقه مطلع الأسبوع الجاري رئيس اللجنة التحضيرية للحوار الوطني حميد الأحمر خلال لقائه بالسفير الأمريكي والذي عبر فيه عن أسفه للموقف الأمريكي تجاه ثورة الشعب السلمية المطالبة بحقوقها المشروعة، مثيراً في بلاغ وزعته اللجنة التحضيرية قضية استخدام السلطة للمساعدات الأمريكية الخاصة بالإرهاب في قمع الشعب اليمني . انتقاد الأحمر لأداء الأمريكيين تجاه الوضع في اليمن هو الأول من نوعه خلال أشهر الثورة الشعبية ضد نظام الرئيس صالح وهي الفترة التي حرصت مختلف أطراف المعارضة والأجنحة القبلية والعسكرية المؤيدة للثورة على عدم التصعيد في وجه أي طرف إقليمي أو دولي بهدف استدراج الجميع إلى دعم الإطاحة بصالح ونظامه .. وهذا التحول في الخطاب يعكس حقيقة أزمة الثقة بين الأمريكيين وآل الأحمر والتي بدأ التعبير عنها من قبل الطرف الأمريكي تجاه أولاد الشيخ الأحمر وحلفائهم في حزب الإصلاح أو في الجيش ، حيث كان مسئولون أمريكيون تحدثوا عن مخاوفهم من نظام قادم في اليمن يتحكم به مشائخ القبيلة والإسلاميون رغم محاولات التطمين التي بعث بها هؤلاء بعدم وجود أي نزعة لديهم للحكم.