مشروع قانون الصحافة العصا التي سيتم إشهارها في وجوه الصحفيين إذا تم إقراره من رئاسة الوزراء وإحالته إلى مجلس النواب من أجل التصويت عليه، ولا نقصد هنا أن الصحافة في الوقت الحالي تمارس عملها بحرية بل بالعكس تقمع بعصا البلطجة خارج إطار القانون وبطرق متنوعة ولكن (لوزي) وزارة الإعلام يسعى من خلال هذا القانون إلى إشهار عصا إرهاب الصحافة تحت مظلة القانون الذي تسعى السلطة لإقراره والذي يحمل الصحفيين ما لا طاقة لهم به، حيث تضمن القانون إقرار عقوبة الإعدام على الصحفي -حسب المحامي الوادعي- وعقوبات أخرى تحت ذرائع دبجت بشكل عجيب، منها مثلا نشر الصحفي لمعلومة غير موثوق بصحتها في وقت نشرها يناله العقاب مما يعني أنه حتى لو تم تأكيد صحة المعلومة فيما بعد فلا مفر للصحفي من العقوبة، فمشروع هذا القانون "اللوزي" الغرض منه تسوية الملعب من أجل الانقلاب على الديمقراطية والمزيد من الفساد والتسلط والنهب والديكتاتورية والتطرف. وبغير المتوقع فاجأت السلطة معشر الصحفيين بهذا المشروع الذي يخالف ضمير عالمنا اليوم الذي أصبح يحتكم إلى الأجندة العالمية لحقوق الإنسان وبدلا من أن تقوم السلطة بتنقية تشريعاتها وقوانينها بما يتناسب مع الأجندة الحقوقية العالمية والمعاهدات التي وقعت عليها ولكنها متعودة أن تفاجئ شعبها بغير المتوقع. وأعدوا لهم ما استطعتم صباح يوم الأحد 12/12/2010م فجع الصحفيون من حجم المظالم التي ترتكب في حقهم وتهدد الرسالة السامية لمهنتهم عبر مؤامرات القانون الذي يراد اعتماده من أجل الإجهاز عليهم بعد أن فند نشطاء حقوقيون وصحفيون مخضرمون الحيثيات وما سيترتب عليها وما نال زملاء لهم ما زال بعضهم رهن السجون كان هذا في الندوة التي نظمتها منظمة صحفيات بلا قيود برعاية بعثة الاتحاد الأوربي التي عبر رئيسها في صنعاء (ميكيليه سيرفونه دورسو) عن قلقه من مشروع قانون الصحافة الجديد (الشيء الذي لا يحتاجه اليمن) والذي لا ترغب به نقابة الصحفيين وأن تفي الدولة بالتزاماتها في مجال حرية الصحافة مؤكدا أن الاتحاد الأوروبي سيعمل بشكل أوسع مع المجتمع المدني وتواصله مع المدافعين عن حقوق الإنسان. وقد تمنى نقيب الصحفيين الأسبق الأستاذ عبدالباري طاهر أن لا يُقرا للمشروع المقدم من اللجنة الإعلامية في البرلمان .. الأستاذ الطاهر عبدالباري لم يستطع أن يخفي حسرته وأسفه من حال الشتات الذي يعاني منه الوسط الصحفي بدا ذلك خلال حديثه وهو يستعرض الوضع الشائك لحزمة من مشاريع قوانين الصحافة شهدها اليمن منذ عام 1994م ورغم تعدد وسائل الإعلام الحكومية والخاصة من إذاعة وفضائيات وغيرها إلا أن البرع فيها يستحوذ على أكبر مساحة ولا يضاهيه إلا البرع السياسي حول الحاكم ويعتبر الأستاذ طاهر من أكثر الصحفيين الذين يتحدثون بشكل دائم عن مخاطر مشروع قانون الصحافة على الصحفيين وكذلك عدم تضامن الصحفيين مع أنفسهم ومواجهة هذا المشروع الذي يهدد مستقبل مهنة الصحافة وبالتالي حرية التعبير وما يندرج في مفهومها من الحريات المتعددة. أما المحامي خالد الآنسي فقد دعا الاتحاد الأوروبي وهو يتساءل باستغراب لماذا الحكومة لم تخصخص المؤسسات الإعلامية التابعة لها باعتبارها تشكل عبئا على الميزانية العامة، رغم أن الحكومة خصخصت كل شيء حتى قوت المواطن ولقمة عيشه وطالب بوقف الدعم الذي اعتبر عبثاً بأموال الشعب مطالبا بإنشاء مؤسسات صحفية ذات نشاط اقتصادي وتحويل الصحف الحزبية إلى مؤسسات وصحف استثمارية. وحول مشروع قانون الصحافة المزعوم تحدث الآنسي وهو يبتسم ساخرا ربما من فطاحلة المشرعين أشار إلى عدم وجود أهمية لقانون الصحافة في ظل وجود قانون العقوبات والذي تتضمن نصوصه تجريم (القذف والسب) وأن وسائل الإعلام من خلال منابرها ترتكب أكثر من ذلك أما نشره الأسرار فليس من مهمة الصحفي أو المواطن حفظها وإنما هي من مسئولية الموظف المؤتمن عليها أو المكلف بحفظها واقترح الآنسي بدلا عن ذلك القانون إصدار قانون رعائي وتنظيمي منوها إلى عدم اهتمام المشرع اليمني بالصحافة كمهنة تقتضي وجود حماية وتعامل البرلمان مع الصحافة كعدو. أما الناشط الحقوقي الدكتور محمد المخلافي فقد دعا الإعلام الأهلي إلى البحث عن حلول لأنفسهم حتى يتم تحقيق الاستقلال لوسائل الإعلام التي بدونها اليمن تتجه إلى الفوضى، موضحا أن صحف الأحزاب لا تقوم على مؤسسات إعلامية وأن الصحفي العامل في الصحف الحزبية لا يمكن له أن يتحرر في ظل الضغط الذي تواجهه وسائل الإعلام الحزبية ودعا إلى ضرورة مناقشة أخلاقيات المهنة من قبل الوسط الصحفي والسياسي والحقوقي حتى يتم الرقي بمهنة الصحافة. أما الأستاذ نبيل الصوفي فقد بدا أكثر انزعاجا -ربما من التقارير الأمنية- حين أشار إلى أن جهاز الأمن القومي أكثر التصاقا بالإعلام من وزارة الزراعية على سبيل المثال وربما قصد الصوفي من ذلك لأن وزارة الزراعة هي الضمان للأمن القومي لأي بلد وأوضح الصوفي أن سوق المعلومة وحق الاطلاع يتطلب إصلاحات إدارية أكبر حتى يتم التمكن من مواكبة التوجهات الاجتماعية الحديثة بشكل فاعل. رئيسة منظمة صحفيات بلا قيود الأستاذة توكل كرمان صاحبة إطلاق شرارة الندوة التي أبرزت أوجاع الصحفيين طالبت باسم المشاركين في الندوة إطلاق صحيفة الأيام وإيقاف المحاكمات غير الدستورية بحق ناشريها معتبرة امتلاك وسائل الإعلام بكافة أنواعها وضمان حق الحصول على المعلومة الوسيلة الفعالة لكبح الانتهاكات الصحفية واعتبرت الاستحواذ عليها من قبل الحكومة من أبشع الانتهاكات التي تطال حرية الصحافة ولم تنس خلال حديثها أن تفصح عن شكرها لرئيس المفوضية الأوروبية بصنعاء لمساندته ومنظمته حقوق الإنسان ورعاية الحريات الصحفية ودعم التنمية والديمقراطية. سكون في أواخر العام المنصرم أقيمت ندوة مماثلة في فندق تاج سبأ برعاية ألمانية وتنظيم منظمة التغيير بعنوان (رفع إدراك البرلمان) وفي تلك الندوة تم تفنيد مشروع قانون الصحافة المزعوم وإيضاح مخاطره ولكن بعد تلك الندوة خيم السكون والصمت على أمر مشروع ذلك القانون ولم تتناول أي صحيفة أهلية أو حزبية مخاطر القانون وتذكير الصحفيين به، خاصة وأن ذلك القانون يستهدف الصحافة الحرة والحزبية وباقي الوسائل الأخرى ولا يتطرق إلى وسائل الإعلام الحكومية بأي عقوبات واليوم تأتي ندوة بلا قيود لتجعل القضية تطفو على السطح من جديد لتذكر الصحفيين بأن ما يحتاجونه اليوم هو النهوض من أجل الدفاع عن حريتهم ومهنتهم في مواجهة ذلك القانون الذي يستهدف وجودهم وليس حريتهم فقط.