بائع متجول بصقت في وجهه شرطية تونسية تحمل رتبة ضابط، ذلك البائع الذي يحمل شهادة جامعية سعى من أجل تحقيق العدالة واسترداد كرامته ولكن السلطات المتجبرة لم تلتفت إلى شكواه فقام بإحراق نفسه وعلى إثر ذلك تحرك الشعب التونسي بثورة زلزلت الأرض من تحت أقدام الحكام وتحول ذلك البائع إلى قائد لتلك الثورة الشعبية التي أجبرت رئيس الجمهورية زين العابدين بن علي مغادرة تونس مخلوعا مذموم، فهنئيا لتونس ومبروك للشعب التونسي الحر الذي أذهل العالم وأثبت أن الشعوب العربية ما زالت حية وأن الشعب حقا زلزلة عاتية. حصل هذا قبل أيام وبالتحديد غادر الرئيس المخلوع زين العابدين تونس مساء يوم الجمعة 14 يناير الحالي وبكل تأكيد سيخلد التاريخ التونسي ذلك البائع الذي حرك حماس ونخوة الشعب. وفي بلادنا صنعاء التاريخ يواجه الباعة الجوالون أبشع أنواع القمع وامتهان الكرامة حتى اليوم ما زالت البلدية تخرج برفقة الأطقم المدججة بالسلاح التابعة لوزارة الداخلية تحطم وتجرف وتصادر وتنهب الباعة الجائلين في كل مكان وما زالت البلدية في باب اليمن تواصل تعسفها لهم وتفرض عليهم الإتاوات بل تلاحقهم إلى داخل الفنادق التي يأوون فيها للراحة بل وصل الحد بهم إلى اعتقال صاحب الفندق عدة مرات طالبين منه كتابة تعهد وإقرار بعدم تسكينهم. أما الضحايا الذين نالت منهم البلدية وألحقت الأذى الجسدي بهم كثر والأكثر منهم من تم سجنهم بمسوغات غير قانونية وفرض عليهم غرامات مالية والأفظع في ذلك أن البعض منهم تم نهبهم ومصادرة بضائعهم المتواضعة بدون شفقة أو رحمة، هذه الحقائق التي نوردها ليس مجرد أقاويل بل حقائق موثقة بعضها وثقت بالصوت والصورة تلك البشاعة التي ما زالت مستمرة ويشهد عليها الشعب اليمني برمته من مشاهدة تلك الحملات التي تمارس العنف إلى حد أنها تعتدي على الصحفيين وتقوم بمصادرة كاميراتهم وأدواتهم الصحفية بل ضبطنا سيارات تابعة لأمانة العاصمة أفرادها يمارسون الرشوة ويمررون المخالفة بالمقابل المادي وللأسف أن القضاء لا ينصف مثل هؤلاء الباعة الفقراء حين يلجأون إليه، حيث يجدون أنفسهم في مواجهة شريعة طويلة ومماطلة وإرهاق. فالبائع الجوال حسن القوز الذي كسرت يده اليسرى جراء قيام مدير الأشغال بذات نفسه بدهسه بالسيارة والذي تم نقله إثر ثلاثة كسور في ساعد يده إلى مستشفى الثورة وتم حجز الصحفي الذي وصل المستشفى لالتقاط الصور له وهو بتلك الحالة التي يرثى لها، وليس القوز وحده بالصور التي ترونها في الإطار فالصورة تتحدث عن عمق المأساة وبشاعة التعامل، فهل يمكن لهؤلاء مقاضاة أمانة العاصمة والأجهزة الأمنية التي تمارس معهم الاعتقال والبطش؟ إن الغريب في الأمر في هذا الوطن أن من كان مسئولاً في قمة هرم أمانة العاصمة الوزير والأمين الأكوع الذي قدم استقالته لترشيح نفسه للانتخابات وهو مطمئن بالفوز يبدو وكأنه ليس مسولاً عما يحصل وما يحصل إلى اليوم، فأي دائرة أبناؤها سيرشحون الأكوع وهو لم يقم بحماية المواطنين وفقا للقانون الذي يحمي الحق والكرامة ويكفل الحصول على لقمة عيش ليست مغمسة بالذل.