كتب/ أ.د. محمد عبد الكريم المنصوب عندما سقطت التفاحة ذات يوم على رأس نيوتن كانت قد سقطت ومازالت تسقط ملايين التفاح على رؤوس البشر في أحوال كثيرة وأماكن كثيرة، لكن أياً منهم قبل نيوتن -أو بعده- ربما تلقاها بشيء من الدعابة أو الضحكة أو اللامبالاة أو أي شيء آخر. وحده نيوتن تفكر وتأمل وتدبر وسأل من فوره ما الذي أسقطها؟ وأي قوة تلك التي ساعدت على إسقاطها من مكانها؟ وأن هناك شيء ما أثر على تلك التفاحة فأسقطها. وبحثاً عن أجوبة لتلك الأسئلة تفتق ذهن نيوتن عن قانون الجاذبية وما تلى ذلك من فتوحات عظيمة في الفيزياء حتى يومنا هذا وما يزال. والآن وبعد أن شاهدنا ولمسنا في الأسابيع القليلة المنصرمة كيف تهاوت عروش وأنظمة ظلت تراهن لسنوات وعقود طويلة أنها أنظمة حديدية سقوطها من معجزات الزمن فكان أن عاثت في مقدرات شعوبها ولاثت الأرض والإنسان ظناً منها أنها محصنة أمام صرخات الشعب وأمام آلام وأحلام الناس ناسين أو متناسين أن الله يمهل لكنه أبداً لا يهمل. سقطت تلك الأنظمة في لحظات من الزمن وأصبح السيد المطاع يبحث من يومه و ساعته عن مأوى ينام فيه أمام نكران العالم وتبرمه أليس في ذلك عبرة للعالمين ...كم أنت عظيم يا الله. في برهات من الزمن سقطت الأقنعة والزيف وحلت محلها حقائق مدوية أن الشعوب عندما تريد الحياة فإن الله لابد أن يستجيب. وبعد ذلك السقوط هل نتدبر وهل نعتبر من تلك الأحداث أم أنها ستمر مر الكرام؟ هل سيكون لنا رأساً كرأس نيوتن أم سندسه في التراب كالنعام. هل سنعقد الندوات والمؤتمرات ونقيم الأبحاث والدراسات تحليلاً وتمحيصاً لما جرى وننصت للمخرجات ونلبي التوصيات؟. هل سنستخلص العبر ونخلق السياسات، وهل سنناقش بشفافية ومسئولية وبصراحة وصدق ونضع برامج إصلاحية حقيقية؟. هل سنستوعب كل مفردات وحيثيات ما حدث وننتقل بكل قوة وثبات صوب الإصلاحات أم أننا سنكتفي برؤية الصدامات والمظاهرات والمظاهرات المضادة والاتكال على ما سيختاره القدر لهذا الوطن العزيز والغالي مكتفين بالدعاء بأن يصلح الله الحال. نحن شعب له خصوصيات اجتماعية غاية في التعقيد وإدارة هذا التعقيد أمر بالغ الصعوبة دون شك، وبالتالي هناك مخاطر حقيقية من أي خروج غير محسوب العواقب وفي نفس الوقت من المحال استمرار الوضع الإداري للدولة على هذا الحال لأن هذا لن يقود إلى مستقبل يبشر بالخير بكل تأكيد. إن الخيارات قليلة أمام هذا البلد لكنها خيارات واضحة فإما إصلاح الحال وإما فوضى لا يعلم منتهاها غير الله وهذا ما لا يريده الشعب في كل الأحوال. إذاً نحن بحاجة إلى أن يفيق الكل من غفواته التي طالت قبل أن تسقط على هذا البلد وهذه المرة لن تكون تفاحة ولكنها ستكون .... وأختم حديثي القصير هذا بأمل كبير أن يلهم الله قائد هذا البلد السداد وأن يجنب الله اليمن كل شر ومكروه. - جامعة صنعاء[email protected]