*بقلم الكابتن سفن اقتربت معركة رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم من محطتها الأخيرة، وبعد أقل من ثمانية أيام بالتحديد في الأول من شهر يونيو ستعلن الفيفا اسم الرئيس القادم للإمبراطورية الجديدة التي لا تغيب عنها الشمس، المعركة كانت لا تتجاوز عن كونها مجرد اجراء لاستكمال مشاريط شكلية قانونية فحسب، لكن دخول محمد بن همام رئيس الاتحاد الأسيوي وعضو المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي لكرة القدم على الخط في اللحظات الأخيرة بتقديم أوراق ترشيحه لرئاسة المكتب التنفيذي لإمبراطورية كرة القدم غير مناخ هذا الاستحقاق وحول مجاريه من اجراء روتيني إداري إلى معركة ملتهبة... وقد تعوّد محمد بن همام على الانتصارات المدوية في معارك انتخابية مشابهة؛ حيث خاض استحقاقات تنافسية قوية داخل القارة الآسيوية استطاع أن يتغلب فيها بالنهاية على خصومة؛ بفضل الدعم القوي الذي يتلقاه بشكل مُباشر وغير مباشر من الأسرة الحاكمة لقطر الإمارة الصغيرة التي تقع على ضفاف الخليج الفارسي الغنية بالنفط والغاز وتقوم الأسرة الحاكمة في هذه الإمارة بدعم بن همام ضمن مسارها العام لمخططها الاستراتيجي السياسي!!؟ ففي فترة سابقة استطاع محمد بن همام أن يتغلب على الشيخ سلمان آل خليفة أحد أبناء الأسرة الحاكمة لدولة البحرين في انتخابات عضوية اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي عن القارة الآسيوية بعد معركة طاحنة وقف فيها ضده عتاولة القارة الصفراء ضم تحالفاً قوياً دخلت فيه اليابان وكوريا الجنوبية والسعودية والكويت وساندهم بقوة من الصفوف الخلفية الاتحاد الأوربي بإدارة شخصية من ميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الأوربي لكرة القدم، ثم استطاع بن همام وبتربيطات من تحت الطاولة مازالت كثير من أوراقها غامضة حتى الآن أن يكسب لقطر حق استضافة بطولة كأس العالم2022م على حساب الولايات المُتحدة الأمريكية واستراليا بعد تقديم هذه الإمارة ملفاً ضخماً وخرافياً للاستضافة وصفته دوائر صحفية دولية بأنه ملف يستحيل تحقيقه عملياً ويبدو علمياً أكثر خُرافة..... ومع ان الرجل خسر معركة نائب رئيس الاتحاد الدولي عن القارة الآسيوية لمصلحة الأمير علي بن الحسين على حساب الكوري الجنوبي تشونغ مونغ الذي كان بن همام يدعمه بقوة إلا انه بقى تقريباً صاحب الكلمة القوية بالقارة الصفراء ولم تسحب هذه الخسارة من خطورة وكاريزمية شخصيته شيئاً.... ومن الأهمية بمكان الإشارة هنا وإن كانت إشارة خارج السياق أن علي بن الحسين يعتبر ثالث عربي في عضوية المكتب التنفيذي للفيفا مما يعني أن العرب الآن أضحوا قوة مؤثرة فعلياً داخل أروقة الفيفا ولكن بلغة التكتلات التي لا نجيدها نحن العرب بتاتاً!!! بن همام يطوف الآن العالم ويلتقي رؤساء الاتحادات القارية والمحلية ولا يتردد في منح الوعود العريضة لهذه الاتحادات وتلك، كما أن الرجل ليس بذلك الغباء الذي يجعله يكتفي بالوعود المُتلفزة المشروعة؛ فالقطري يعلم جيداً أن هناك اتحادات يمكن شراؤها بالمال، ويعلم أكثر أن كثيراً من مندوبي الاتحادات الذين سيصوتون كمندوبين عن اتحاداتهم في الانتخابات المنتظرة لديهم أحلام وتطلعات شخصية هم بأمس الحاجة إلى تحقيقها؛ وهو بكل تأكيد ومن ورائه الإمارة الغنية لن يتردد في زيارته لهم تحت جنح الظلام لتحقيق أحلامهم وطموحاتهم المشروعة!!! الشيء المؤكد أن بن همام خبَر التربيطات وحركات الجذب والمغنطة في الانتخابات وكولسة التصويت والاقتراع أكثر من بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم الذي خاض في ما مضى معارك سهلة جداً للوصول إلى سدة رئاسة الفيفا جُلّها بالتزكية، كما ان السويسري ابن الاثنين والسبعين خريفاً تجنب عملياً دعم مرشحين معينين في انتخابات الاتحادات القارية والمحلية خلال فترة رئاسته السابقة للفيفا لذا فهو يخوض الآن التجربة الحقيقية الأقوى والتحدي الأصعب أمام خبير اليد الخفية وألعاب تحت الطاولة الأول في الانتخابات الرياضية، وهذا من شأنه أن يمنح تفوق بالخبرة لبن همام لكنه تفوق نظري متعلق بسير عملية استقطاب الحلفاء لا تفوق يُمكّنه من تجاوز منافسه في المحطة الأخيرة...... في وقت سابق من هذا العام كتبَ الصحفي المُبدع احمد الظامري سطور نارية سخر فيها من إعلان لبيب المهدي مسؤول باتحاد كرة العيسي تأكيده عدم تأخر الاتحاد اليمني لكرة القدم من الوقوف إلى جانب بن همام ودعم ترشيحه لرئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم مبعث السخرية أن اعلان المهدي أكبر من حجم بلادنا وتأثيرها على الغير والذي يكاد يكون صفراً، فنحن كما يعتقد الظامري لا نعدو عن كوننا كمالة عدد في الخارطة الرياضية العالمية لا نمتلك أي تأثير على أي احد وهو مُحق في هذا وواقعي جداً، فالعيسي في اليمن ومساعديه في حقيقة الأمر لا يستطيعون أن يحققوا لكرة القدم اليمنية أي دعم دولي أصلاً حتى يدعمون ويساندون القطري في معركته غير المتكافئة مع السويسري بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم والذي تدعمه تقريباً أكثر من ثلثي الكرة الأرضية!!!! كما أن هذا الإعلان المبكر بالوقوف وراء بن همام ودعمه لم يكن حصيفاً وملائماً إذ يعني أن اليمن ستخسر مجاناً بطريقة علنية لا تخلو من البلادة والغباء ودون أي مصلحة رئيس الاتحاد الدولي المضمونة ولايته فعلياً وبلغة الأرقام ونتائج استطلاع الرأي الدقيقة.. أكثر مسافة معقولة يمكن أن نصل إليه في مسألة إعلان لبيب اتحاد العيسي هذا هو أن الحاج العيسي باسم اليمن سيعطي بن همام صوتاً واحداً مضموناً، فمن المعلوم أن عدد أعضاء الفيفا 208 أعضاء لهم حق الانتخاب من بينهم بلادنا مع استبعاد دولة أو اثنتين لأسباب إدارية، وهذا واقعي هو أكبر دعم يمكن أن نقدمه للرجل لأننا لا نملك في الحقيقة غيره، إذ لا يستطيع اتحاد العيسي برئيسه الحاج وأعضائه الإرجوازات وأمينة العام المستر حميدو شامل أن يقنع ولو حتى حماراً واحداً مع احترامي للتصويت لبن همام....... إن دعم بن همام في هذه الانتخابات بالنسبة لليمن ليس مجدياً البتة لكرة القدم اليمنية التي وصلت إلى حضيض الحضيض بفعل سياسات اتحادها الجاهل، ولعل الكثير مازال يتذكر كيف عندما تم إقصاء منتخبنا للناشئين قبل ربع ساعة من مباراة حاسمة للمنتخب في الدور الثاني لتصفيات نهائي ناشئ آسيا قبل سنوات حيث عجز اتحاد الكرة اليمني وقتها أن يجري اتصال هاتفي واحد بأي مسؤول في الاتحاد الآسيوي زلز حتى بعامل الكافتيريا للاحتجاج مجرد الاحتجاج ليس إلا، فرئيس الاتحاد الأسيوي كما ذكر في وقت لاحق عندما زار اليمن ضمن إطار حملته الانتخابية في معركته مع سلمان بن خليفة مُبرراً لأسباب عدم تدخله لإيقاف تلك المهزلة كان يقضي وقتها مع العائلة الكريمة إجازة في إحدى جزر جنوب شرق أسيا، وهذا غريب جداً وتبرير سخيف يعكس عدم تقديره واحترامه لليمن واليمنيين ففي الوقت نفسه الذي كان يتمتع الرجل بإجازته هذه كما قال كانت تقام بطولة رسمية من بطولات الاتحاد الأسيوي الذي هو المسؤول الأول فيه تنقلها محطات إعلامية عديدة؛ وكانت تجري فيها عمليات بيع وشراء ملوثة داخل لجان تنظيم البطولة ولجان الاتحاد الأسيوي ظهر دنسها على الفضائيات ووسائل الإعلام العالمية المختلفة بشكل فاضح ومخجل للكرة الآسيوية أفضت نتائجها بالأخير إلى حرمان اليمن البلد الضعيف المكسور الجناح من لعب مباراة الدور الثاني لمصلحة ذوي نفوذ البزنس والسياسة تحدثت عنها كل وسائل الإعلام حتى لو كان بن همام بكوكب المريخ لسمع بها، الأغرب الآن أن هذا البلد المغلوب على أمره والمقهور بفعل تلك المؤامرة الإدارية المنظمة يدعم بقوة بن همام، وليس مستبعد إذا سمعنا مُستقبلاً إعلان من (حميدو شامل) أمين سر اتحاد العيسي أو من هُبل الاتحاد ذاته بإنه سيقوم بجولة أسيوية لتجميع ما قدر له أن يجمعه من أصوات لدعم القطري لاسيما أن محفظة هذا الأخير منتفخة ولسانه (يقطِر) منها عسلاً ووعوده عادتاً ما تتحقق!!! هُناك حقيقة مُرة يجب وجوباً أن نمر عليها ولو باقتضاب أن بن همام لم يستطع أن يحقق للقارة الأسيوية أي تقدم على الصعيدين الفني والتنظيمي؛ إذ ظلت كرة القدم الآسيوية تعيش ثغره كبيرة تجاوزتها الاتحادات القارية الأخرى منئذ زمن طويل؛ حيث ما زالت تطل علينا الكرة الآسيوية بمشاهد الفرق الكبيرة التي تطيح بالفرق الصغيرة وتبتلعها بالعشرة والعشرين ومازالت كثير من نتائج مباريات منتخباتها تتحدث عن رقم بخانتين، أو لنقل بلغة فنية أدق أن الفارق الكبير بين مستوى دول القارة الواحدة سائداً وبقوة، وهذا الفارق الشاسع يُشكل في حقيقة الأمر إحراجاً كبيراً لكرة قدم القارة الصفراء، كما انه يعني بالمفهوم الاستراتيجي البعيد القضاء كلياً على مواهب قد تظهر في الدول ذات المستوى الأضعف لأن مثل هذه الدول لن تجد فرصة للخروج من ورطة مقابلة الفرق الكبيرة لتتمكن من الإطلال على الكرة العالمية فقدرها كتب عليها أن تخوض دائماً منافسة غير متكافئة، وهو ما يعني أيضاً عدم تطور كرة القدم في أغلب دول آسيا مما يشير بدلاله واضحة أن بن همام لن يحقق شيئ لكرة آسيا على الأقل على مستوى المنظور القريب والدليل على ذلك أنه رغم كل ما يقدمه من دعم سخي وعريض فنياً وإدارياً وتنظيمياً للكرة الهندية إلا أنها رغم ذلك مازالت بلد كرة القدم المتخلفة، فضلاً على أنه فشل حتى الآن في رسم أي صورة واضحة لتطوير كرة القدم داخل الكرة الأسيوية منئذ استيلائه على كرسي رئاسة الاتحاد الآسيوي بالعام2002م، إذ ظل سعادته مهموماً طوال فترة عمله السابقة بمعارك انتخابية هنا وهناك شغلته كلياً عن الجلوس مع مستشارين لأجل بحث تطوير مستوى كرة القدم في بلدان أسيا القارة الأكبر في العالم مساحةً وسكاناً وهي مقومات تفترض أن تدعم وتضمن للقارة الكبيرة على الأقل الوصول إلى الربع النهائي لكأس العالم بصورة مستمرة...... وهذا يؤكد عملياً أن الرجل لن يكن ناجعاً في الاتحاد الدولي على الأقل في هذه النقطة لا سيما وأنه عضو المكتب التنفيذي ً للاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) منذ العام 1996م فلو كان يملك شيئ لكرة القدم العالمية لقدمه من خلال صفته هذه منئذ تقريباً خمس عشر عاماً!!!! ليس الأمر متعلقاً بالجانب اليمني فحسب بل والعربي أيضاً فدخول بن همام المعترك الانتخابي على رئاسة الفيفا لا يرتكز بالأساس على الواجهة العربية ولا يمكنه أن يظهر ورائها لأكثر من سبب أهمها أن بن همام نفسه ترك العروبة والانتصار للإخوة والقومية عندما صوت لألمانيا حلى حساب المغرب حال تنافسهما على استضافة بطولة كأس العالم ما قبل الماضية وأفضى صوته لفوز ألمانيا بشرف التنظيم، وعندما دعم الكوري الجنوبي بقوة على حساب الأردني علي بن الحسين في انتخابات كرسي نائب رئيس الفيفا عن قارة أسيا بحجة المهنية ومصلحة الكرة التي هي أكبر من مجرد تعصب للون أو العرق، ولا أدري ماذا سيقول بن همام الآن وهو يستمع إلى ما صرح به السيد ليز رئيس الاتحاد الأمريكي الجنوبي الذي قال أن أصوات دول أمريكاالجنوبية ستذهب حزمة واحده باتجاه احد المرشحين وهو ما يعني أن ما تحرج منه بن همام ورفضه قامت به صراحة دول أمريكاالجنوبية التي وحدت صفها وقررت أن تعطي أصواتها ال12 كدفعة واحدة لمن تجد فيه الأنفع لكرة القدم الأمريكية أولاً والعالمية، ولم يقف الحد عند الأمريكيين الجنوبيين وحلفائهم من الجزر المتناثرة بالقرب منهم فقد أعلن الاتحاد الأفريقي بعد تدارس وتفاكر موضوع انتخابات رئيس الفيفا الأسبوع الفائت انه استقر على التصويت للسيد جوزيف بلاتر كأصوات حزمة واحدة تتكون من 52 صوتاً لجميع الدول المنطوية تحته بما فيها تلك العربية.. أما في قارة أسيا التي يرأس بن همام اتحادها لكرة القدم فإنه بات من المؤكد عدم قدرة الرجل هذه المرة على أن يقنع كل دول القارة بالتصويت له كما فعل في انتخابات رئاسة الاتحاد الآسيوي الأخيرة والتي تم تزكيته كرئيس للاتحاد دون منافس، أما في أوربا فإن بلاتيني وعداوته الشديدة لبن همام وعدم استساغته لغموضه الشديد وأجندته المستقبلية (الخاصة) ستدفع بالكثير من دول الاتحاد الأوربي للتصويت لإبنها البار السويسري بلاتر فهي ليست مستعدة أن تعطي صوتها لأسيوي قادم من البادية العربية حتى لو كان بابا نويل الأسمر!!! باستثناء انجلترا التي قالتها صراحة أنها تفضل أن تصوت للشيطان على أن تصوت لبلاتر الذي تعتبره الأوساط الرياضية هناك عدو كرة القدم الإنجليزية الأول لاسيماأن صوته ذهب للملف الروسي على حساب الانجليزي في سباق استضافة كأس العالم مابعد القادمة...... وبهذه الصورة وهذا الدعم العريض جداً الذي يتلقاه بلاتر من الاتحادات القارية والمحلية يبقى سيناريو انسحاب بن همام مفتوحاً على مصراعيه في أي وقت قبل الشروع بعملية الاقتراع ليحفظ ماء وجهه بل يبقى هو الاحتمال الأقوى، وهو أحد أساليب المناورة التي تتبعها قطر في سياستها؛ إذ دأبت هذه الدولة على الدخول إلى مثل هذه المُعتركات الانتخابية على الصعيد الدولي بشقيه السياسي والرياضي لمزايدات إعلامية إعلانية ذات غرض سياسي بحت، ولعل المتابعين بدقة مازالوا يتذكرون كيف انسحب بن همام في انتخابات رئاسة الاتحاد العربي لكرة القدم أمام الأمير السعودي سلطان بن فهد مقابل وعد اتحاد الأخير للرجل بعدم وضع مطبات وأشواك أمام ترشّحه لولاية جديدة للاتحاد الأسيوي تمتد حتى العام2015، وأيضاً لاحظ الجميع كيف انسحب عبدالرحمن العطية مرشح قطر لانتخابات أمين عام الجامعة العربية في اللحظات الحرجة الأخيرة لصالح تبديل المرشح المصري، بل حتى مازالت دول أوربا تفتش بهدوء وخبث عن أبعاد خلفيات سحب فايل استضافة كأس العالم والذي تقدمت به قطر للعام 2018م لصالح روسيا في أخر اللحظات، وكيف تم سحبه وتحويله لمزاد البطولة نفسها لكن للعام2022م والتي فازت به فعلاً، وهو ما فتح فيه الفيفا قبل أيام قلائل من الأن تحقيقاً لما قيل أن هنالك رشاوى دفعت، ولذلك واستناداً إلى معطيات سياسة هذه الانسحابات التكتيكية يبقى احتمال انسحاب القطري من سباق رئاسة الفيفا كبير جداً وفي حال انتهاج هذا الخيار سيقوم بن همام أولاً بعقد صفقة خروج محترم يحفظ ماء وجهه مع بلاتر الذي هو الأخر مستعد لتوقيع أي اتفاق من شأنه أن يضمن له كُرسي رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم لفترة رابعة قادمة ولو حتى بالقول أن بن همام رجل أرسلته السماء لتطوير كرة القدم الأسيوية العظيمة!!!!!!؟
