استطلاع/ نشوان المصغري المديرية التي اعتنقت الجمهورية في وقت مبكر، لا تزال في انتظار منجزات الثورة مديرية الوازعية التابعة لمحافظة تعز كونها كانت تمثل مركزا مهما للقوى المناهضة للملكية والتي تطلعت لتوسيع رقعة الجمهورية. خارطة المعاناة: إني أرى كل يوم وأنا مسافر على الطريق المؤدي إلى هذه المديرية أعمدة الكهرباء وربط الأسلاك وهي وهم بدون تيار كهربائي. *الأدوار النضالية لهذه المديرية: لعب أبناء الوازعية دورا كبيرا ومتميزا في النضال ضد الملكيين والحكم الإمامي وسقط في ميدان النضال العديد من أبناء هذه المديرية أثناء المواجهات وكانوا في مقدمة الذين خاضوا الكفاح والعمل الفدائي. ويحسب لمديرية الوازعية أنها رفدت الحركة الوطنية بخيرة أبنائها ومثقفيها والذين كان لهم بصماتهم البارزة ويعدون من رواد العمل السياسي والوطني، ومارسوا هذا العمل منذ زمن مبكر من القرن الماضي فأبرزوا وأبدعوا في كل مجال، نعم لم تبخل برفد الوطن بالثوار والكوادر العلمية وما زالت تعطي ولم تأخذ شيئا. * ضعف التعليم والتسرب منه: ترتفع الكثافة الطلابية ويرحل الأطفال والشباب لتلقي العلم في مدارس خارج المديرية إلى المحافظة. إذ نجد أن البنية الأساسية لا بأس بها إلى حد ما ولكن هناك عجز في الكادر التعليمي وخاصة الكادر المتخصص فهذا هو حال تلك المنطقة. إن العملية التعليمية في هذه المديرية تعاني من مشكلات كثيرة هناك مدارس باتت غير صالحة للتعليم جراء تسيب الكادر وضعف خبرته ومؤهله، وكذلك عدم توفر الكتاب المدرسي بشكل كامل لدى الطلاب وفي وقته المناسب. وهناك مشاكل أخرى كضعف التعليم وتفشي ظاهرة الغش بل وصل الأمر بطالب وولي أمره إلى أنه ينظر للغش كحق مكتسب، فالغش أضحى يمارس كسياسة معتمدة من الجهات المسئولة وكذلك تشهد المديرية ارتفاعاً في نسبة الأمية وانسحاب الطلاب من الدراسة وتسربهم في تلقي العلم والسفر إلى مناطق ودول مجاورة لطلب الرزق وترك المدارس. والأهم من هذا تعاني المديرية من نقص المدارس الثانوية لذلك فإنها في حاجة ماسة إلى مجمع تربوي تتوافر فيه جميع المتطلبات التعليمية، هذا بالإضافة إلى أهمية إيجاد مدارس خاصة للبنات حيث لا توجد إلا حوالى مدرستين بالمديرية لا تكفي لكل مناطق المديرية والمدارس الموجودة للبنات تعاني من عدم توفر كادر نسائي كاف في هذه المدارس ونرى أن إقبال البنات في الصفوف الأساسية بشكل كبير جدا ولكن للأسف بعد الانتهاء من المرحلة الأساسية لا يستطيعن مواصلة التعليم لعدم توفر المدارس الخاصة بالبنات وعدم توفر الكادر النسائي وهذا سبب لتركهن التعليم. *ليالي الظلام والفوانيس النووية: يخيم على كل قرى المديرية الظلام الدامس فيذوقون ليالي قاسية ولا يزال الأهالي يعتمدون على (الفوانيس) القديمة في إضاءة لياليهم بدلا عن وعود دولتنا بقدوم الطاقة النووية والتي أصبحت فوانيس نووية. قال مديرية محرومة من هذه الخدمة الضرورية ولا ندري إلى متى ستبقى تتكبد هذا الظلم. بينما بدأت وزارة الكهرباء بإنزال الأعمدة الكهربائية وغرسها كأنها جذوع نخل خاوية وربط الأسلاك الكهربائية على أغلب المنازل وإلى الآن لها ما يقارب سنتين الأعمدة مغروسة والأسلاك موصلة بدون فائدة. يا ترى هل الوزارة صعب عليها توصيل التيار لهذه المنطقة أو هي دعاية انتخابية منتظرين قدوم الانتخابات أم أن أهلها لا يستحقون هذه الخدمة. عندما قمت أتساءل مع أغلب سكان المديرية حول هذه الخدمة المقدمة من الدول أجابونا جماعيا لو كانت الوزارة تأخذ هذه الأعمدة والأسلاك الكهربائية ونقلها إلى مديرية أخرى يمكن أن سكان هذه المديرية الأخرى يستحقون وهذه المديرية لا تستحق الربط والتوصيل. وهذا هو الهدر والنهب لميزانية الدولة ما دامت على وشك الهلاك بدون فائدة. وننظر إلى أهالي هذه المديرية عدم تصديقهم حتى اللحظة أن التيار الكهربائي سيصلهم نتيجة كثرة الوعود الكاذبة. *علة الصحة: حرمت مديرية الوازعية من أبسط الرعاية الصحية وتساهم المياه الراكدة غير النظيفة في انتشار الأمراض إلى جانب غياب الدواء والكادر الطبي المتخصص وإذ لا يوجد مستشفى عام أو ريفي فإن هناك وحدات صحية محدودة في المنطقة أغلبها مغلقة تفتقر إلى المعدات والكادر المتخصص مثل بعض الوحدات في المديرية ومنها. *وحدة الجرين عزلة الصوفة مثلا لها منذ أن بنيت ما يقارب سنتين ومجهزة بأغلب المعدات الطبية بعد الجهد الذي بذله الأستاذ الشيخ/ حسن علي عبدالله في المتابعة لهذه العزلة ونزول واعتماد هذه الوحدة وتجهيزها وغيرها من الخدمات طيب الله ثراه ولكن بعد تجهيزها أصبحت إلى الآن مغلقة لها ما يقارب سنتين لا ندري ما السبب هل وزارة الصحة ليس لها القدرة على إنزال الكادر الطبي لهذه الوحدة أم غياب جهات الرقابة والتفتيش بالاهتمام والتركيز والمتابعة لا ندري ما السبب فالأمر هذا يتطلب اعتماد مستشفى واحد فقط ريفي لهذه المديرية على الأقل وتجهيزه بالمعدات والكادر الطبي المتخصص للتخفيف من معاناة الأهالي وتوفير المختبرات والأشعة المقدمة في مختلف المرافق الصحية بالمديرية.. يا ترى متى سيكون. *أين اعتمادات المديرية وأين تذهبون بها: الطريق هي شريان الحياة والمواصلات لها أهمية كبرى وهي خدمة أساسية لا غنى عنها وبما أن مديرية الوازعية مديرية كبيرة وذات كثافة سكانية عالية وقرى متناثرة فإنها لا يوجد فيها إلا الخط الرئيس ومنذ أن اعتمد له ما يقارب عشرين عاما واستمر في الشق حوالى ثلاثة عشر سنة وبعدها تمت بحمد الله السفلتة ولكن يا ليت اكتملت الطريق لم تكتمل إلى الآن رغم أننا نجد الخط يفصله جسران في منتصف الطريق أودية صغيرة تحتاج إلى جسرين صغيرين وإلى الآن لا تستطيع مصلحة الطرقات على بنائها، من الممكن أن أصغر المقاولين في المحافظة له الاستطاعة ولكن لها سبع سنوات لم تنفذ يا ترى هل هذه المصلحة منتظر استقدام شركة أجنبية عملاقة لبناء هذين الجسرين أم قد ألغيت من قبل المصلحة أو منتظرين اعتماد ميزانية ثانية لبنائها وتكملة الطريق لا ندري ما السبب. * المنطقة تعاني من الجفاف والفقر وعدم اعتماد درجات وظيفية إلا محدودة جدا كما أنها محرومة من درجات التوظيف في الشركات العاملة بالمحافظة، ونجد أن مكتب الخدمة المدنية ومكتب العمل والجهات ذات العلاقة لم يعيدوا النظر في هذا الجانب وتقوم بمنح المديرية درجات وظيفية وفرص عمل مناسبة لإنقاذ مستقبل الشباب الذين أضحوا وقودا للبطالة وشباباً عاطلين. والملاحظ أن أبناء مديرية الوازعية أغلبهم لم يستفيدوا من شبكة الضمان الاجتماعي للتخفيف من معاناتهم ولم يستفيدوا من ذلك سوى أقل القليل. ولو نظرنا لأبناء المديرية لوجدنا جلهم مستحقون.. حيث أن فيروس المجاعة منتشر في كل أنحاء اليمن وكذلك هذه المديرية نجد أن كل شخص مستحق لهذه الخدمة في هذه المديرية. ولكن نرى أن الحصص التي اعتمدت من قبل قليلة جدا ولا تفي بالغرض. ورغم إجراء المسح العام للحالات المستحقة لم تفد ولم تعط المديرية بحجم كثافتها السكانية العالية ومعاناتهم والحالات التي اعتمدت سابقا للمديرية تصرف بها القائمون عليها كما يشاءون وحرم منها عدد كبير من الفقراء والمستحقين من الأيتام والأرامل والعاطلين عن العمل من العجزة وذوي العاهات والإعاقات في ظل غياب دور لجان البحث والتحري.. فالمواطنون بحاجة إلى معاملة خاصة بهم ومنحهم هذا الاستحقاق المفروض على الدولة فرضا في ظل تردي المعيشة واحتدام موجة الغلاء الذي أرهق العباد والبلاد. *سلطة المدير الغائب والمدير المفقود: إذا أمعنا النظر اليوم في حال المجلس المحلي والمكاتب التنفيذية بالمديرية لوجدنا أنها إعجاز نخل خاوية والمواطن لم يشاهد أعضاءها إلا في الصور فقط أيام الانتخابات كونها مجالس فاشلة. وإذا كان المؤتمر مسيطر عليها فإنها لم تقدم أي إضافة من شأنها إنعاش التنمية أو خدمة المواطن، كما أن مدير المديرية أغلب الأحيان غائب عن المنطقة، يشهد المجلس بين الفينة والأخرى خلافا حادا بين أعضائه يرجع بعض المواطنين أسبابها إلى وجود فساد إداري وغيرة ومحاولات اختلاس ومشاريع متعثرة وأخرى وهمية. *انطباعات أخرى: في الوازعية لا تستغرب بحث الناس عن (الموت) بعد الغداء مباشرة، فالكل يبحث عن ذلك الاسم المرعب الجميع ينتظر وصوله أو تحديد مكانه في هذه المنطقة بشكل كبير يطلبونه. *تلك هي الوازعية لقطات بدون مؤشرات: تفاصيل الحقيقة الموجعة لواقع الحياة المثخن بخناجر الشكوى وسكاكين الآمال العريضة. لكن ما خفي من الآلام والهموم البعيدة عن فلاشات الرصد بسكان هذه المديرية هو بلا شك أكثر مرارة وأصعب معايشة.