زاهد في المال ورجل أعمال في السياسة كتب/نجيب غلاب لا تدري أقومي هو أم إسلامي، علماني أم إسلاموي، تنويري أم تقليدي، مع الغرب أم ضده، ليبرالي أم يساري، لكنه بالتأكيد وطني، مع الكل ضد الكل. مشكلته أنه جمهوري قادم من خلفية ملكية، مدني من دعاة الحرية، يصارع بأفكاره فيقاتله الجميع بتاريخ مضى، لغة الشك ظلام حالك، سياسي يدرك منطق اللعبة، يتهمه الجميع بالتآمر، يبحث عن مشروع لا تفاصيل له، يبحث عن المعاصرة المولدة من نور التراث، بلده غارق في تراث التراث. يقتنع كل من يحاوره أن كلامه كلام العقلاء، يشكك أصحاب المصالح بالنوايا، كل التهم قد ألصقوها في طريقه، ملكي، عنصري، انفصالي، حاقد، قائمة طويلة من أسفار الجهالة. يناضل دون يأس من أجل دولة القانون، لا يهم أن يحكمها رجال الدين أو رجال القبيلة، لعبة من عقل مصقول بالدهاء، خيار الشعب مقبول حتى وإن اختار التخلف. لا تدري أهو باحث عن وطن أم هو باحث عن زعامة، زاهد في المال، عاشق نفوذ، ينتشي عندما يلتقي بالرئيس، يحاور الرئيس فلا تدري أيهما خدع الثاني، الهجوم على الرئيس والنظام وصفة طبيب مدرك للمسرح الخفي، يبتلع الإخوان الجدد وصفة الدهاء برضا كامل، يدرك نتائج السرطان المحتل لمفاصل الدولة، الفساد طريق الانهيار. يقال إن وثيقة العهد والاتفاق من بنات أفكاره، وأنه رأى في الحزب الاشتراكي مشروع حياة للحداثة في يمن القبيلة والغنيمة، ورط الحزب في قعر الصراع، قاتل مع البيض حتى النهاية، وحدوي حتى النخاع، الانفصال خنجر قتل مشروعه، مشروع من منطق العصر، مشروع تائه في بحر من غموض. هادئ في حديثه رقيق في تعامله، صبور في نسج حلمه، يمنح من يلتقي بهم وداً من أدب أرستقراطي، تكشفه بساطته في التعامل وشموخ ثقته بالنفس، لا يهتم بخلفيات محدثه السياسية، يبحث بجهاد فيلسوف عن أنصار للفكرة، أفكاره تحمل جرأة ثوري في غسق ليل موحش. يصفه معارضوه بأنه من حكام المعارضة، أفكاره مصبوغة بحكمة مغرية، يقال إنه والمرحوم جارالله عمر مهندسا تحالف النقائض، ورطة أبتلعها الواقع في سخافات العقائد ومؤامرات السلطة الغنيمة، وأطماع الطامحين بالهيمنة. متصالح مع نفسه، يخاصم أفكار التقاليد البالية، لكنه يتحالف مع القبيلة الحاكمة عندما تعارض، ويراهن على الفساد أن يقتل وجهه الآخر، لا يدرك أن الفساد لا ينتج إلا الوبال، القسمة وإن كانت ظيزى مقبولة، القسمة خير من الخسارة.عندما يخاصمه الإخوان يصبح زعيم الملكيين وعميلاً أمريكياً وطائفياً مدعوماً من إيران، صالح الإخوان بلغته المنمقة فأصبح رمزاً وطنياً، المؤتمر القومي الإسلامي أحلام معزولة عن واقع التحولات وحقائق الصراع وأحلام المستقبل، لا يخاف ان وصل الإخوان ومعهم جنبية الشيخ إلى السلطة، رجال من ورق ستبتلعهم الشهوة في جحيم الضياع. يؤمن بالفكر والنضال السلمي كطريق لخلاص بلده، المعارضة القوية والمنظمة هي مفتاح جودة النظام السياسي ومغالبة الحاكم، كرس العقد والنصف الأخير من عمره من أجل المشترك، مشروع لملمة المعارضة ذات التوجهات الإشعاعية بألوان الطيف في حزمة واحدة، ضاعت أحلامه في وسوسة التاريخ المعاد. محاور من الدرجة الأولى، يبحث عن نقاط اللقاء، يتفق معك فيما تطرح ثم يقودك إلى طرحه لتصبح قناعاته بوابة تمرق إليها بهدوء وتتعايش معها لكنك تخاف ان تدافع عنها رغم قوتها في كشف صرح الواقع الغامض. يهادن النظام فيصادقه الزعيم وتسلخه أدوات الزعيم، هو زعيم مدني يتحالف مع القبيلة وفي مجلسها الوطني يبحث عن حلول الجهالة، مشكلة دعاة التغيير أنهم كالفراش المنتحرة في نيران الظلم والظلام، يدفع بالقوي لمواجهة قوة السلطة، يقاتل الأقوياء بالأقوياء، يورط تناقضات النخبة في صراعات تمنح السياسة ملحاً من عرق الشعب. لا يهتم بالغنائم ولا بالمناصب، مضمون خطابه يحمل ليبرالية ناقصة، يبحث عن زمن جديد، ضائع في متاهات السياسة، وفي المسألة الجنوبية يناقض أفكاره، قوة في وجه الحكم، ومع الحوثية يشوه الحقائق، إنسانية طاغية مهيمنة على فكره. من يعرفه يعجب بشخصه وتستهويه بساطة أفكاره، ويخاف من شيطان مكره.