"الوسط"- خاص سجلت الحركة التجارية في أسواق الذهب المحلية تراجعا غير متوقع مطلع الإجازة الصيفية متأثرة بتقلبات أسعار الذهب في الأسواق العالمية التي سجلت ارتفاعا متناميا وصل إلى 13% خلال الأشهر الماضية وهو الأمر الذي أصاب أسواق الذهب المحلية بشلل نصفي حيث تراجع مستوى الإقبال على شراء الذهب بنسبة 50% عن الصيف الماضي، مصادر تجارية مؤكدة كشفت عن نمو مضطرد للسوق السوداء في أوساط السوق والتي تقوم بشراء كميات كبيرة من الذهب بسعر البيع حال ارتفاع أسعار الذهب او انخفاضها على مدى العام وأفاد المصدر أن وسطاء محليين "سماسرة" يتولون عملية استنزاف الاحتياطي اليمني من الذهب بالوكالة لصالح جهات أجنبية ويتم تصدير تلك الكميات إلى دبيوالهند تحت مبرر إعادة الصياغة، مشيرا إلى أن السلطات الأمنية في الموانئ الجوية تتخذ إجراءات رقابية لا تتسم بالكفاءة والضبط ولا تتجاوز التزام تاجر الذهب بإعادة الكمية الذي ينوي نقلها إلى خارج البلاد لإعادة تصنيعها وحال عدم عودة الكمية يتم منع التاجر من إخراج أي كمية أخرى ونوه المصدر إلى أن الأسواق المحلية تعتمد منذ سنوات وبنسبة 40% على استيراد الذهب من أسواق سنغافورةودبي بكميات تجارية. حالة الركود التي تشهدها أسواق الذهب المحلي أعادها عدد من كبار تجار الذهب في اليمن إلى عوامل داخلية وخارجية، ففيما تمثلت العوامل الخارجية بحالة عدم استقرار أسعار النفط والدولار كعملة احتياط عالمية وأسعار الفائدة في البنوك ومعدلات التضخم في الدول المتقدمة كالولاياتالمتحدةالأمريكية التي تؤثر تأثيرا مباشرا على أسعار الذهب في الأسواق العالمية والتي بلغ تأثيرها على حركة السوق 20% منذ تصاعد أزمة الديون السيادية اليونانية، كما تمثلت تداعيات حرب صعدة والتدهور اللامحدود للاقتصاد الوطني وعدم استقرار أسعار العملة المحلية في أسواق الصرف المحلي بالإضافة إلى تراجع متوسط دخل الفرد إلى 241 دولاراً، تلك العوامل المحلية انعكست سلبا على حركة أسواق الذهب وقللت من فرص نموها، كما أدت إلى تراجع اهتمام المواطن اليمني بالمعدن النفيس، وفي ذات الاتجاه تشير التقديرات الأولية إلى تراجع مدخرات اليمنيين من الذهب إلى ما يزيد عن 45% خلال العقدين الماضيين نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية التي دفعت المواطن اليمني إلى تسييل مدخراتهم من الذهب المكتنز لغرض الزينة من أجل تحقيق أعلى منفعة وأعلى درجة إشباع كشراء احتياجات أساسية للحياة وما يزيد الأمر غموضا مدى تراجع احتياطي اليمن من الذهب خلال نفس الفترة في ظل حالة الاستنزاف التي تشهدها مدخرات اليمنيين من الذهب. الآثار الجانبية لاضطرابات أسواق الذهب على مدى ال8 أشهر الماضية أطاحت بعدد من صغار تجار الذهب الذين تآكلت رؤوس أموالهم أمام أمواج متغيرات أسعار الذهب في الأسواق ارتفاعا وانخفاضا ودفعت بآخرين إلى تغيير وجهة النشاط التجاري إلى مكان آخر أكثر استقرارا وأمانا تفاديا للوقوع في شراك المتغيرات الفجائية لأسعار المعدن النفيس التي كانت لها آثار فادحة على 20 من تجار الذهب اليمنيين الذين فقدوا رؤوس أموالهم في البورصات العالمية خلال العام الماضي وبداية الجاري حسب مصادر مطلعة وطبقا لعدد من أصحاب محلات الذهب في أمانة العاصمة فإن مستوى الإقبال على شراء الذهب منذ بداية الصيف الحالي عكس كل التوقعات يرتفع خلاله مستوى الأعراس والذي ينعش أسواق الذهب المحلية لارتباط مستوى الإقبال فيها بعادات وتقاليد المجتمع والمناسبات لا بمستوى إقبال المستثمرين على ادخار الذهب، وعزت المصادر تراجع مستوى الإقبال على شراء الذهب إلى تراجع مهر الزواج من 200 جرام خلال الصيف الماضي إلى 30 جراماً خلال الصيف الحالي وأشار طه الراعي صاحب محلات ذهب إلى أن الارتفاع الحاد في أسعار الذهب دفع المواطنين إلى البيع بصورة كبيرة في ظل تراجع مستوى الشراء وحول أسعار الذهب في السوق المحلية فقد سجل مطلع الأسبوع الحالي الجرام عيار 24 مبلغ 38.25 دولاراً وعيار 22 سجل 35 دولاراً للجرام الواحد وعيار 21 سجل 33 دولاراً وعيار 14 سجل 22 دولاراً كما سجل الجنيه من الذهب 366 دولاراً للجنيه الواحد. وكانت أسعار الذهب قد سجلت ارتفاعا يفوق ال50% خلال السنوات العشر الماضية جراء اختلال التوازن بين العرض من الذهب في السوق الذي تراجع منذ بداية العام 2005م نتيجة تراجع إنتاج الذهب الذي تزامن مع تراجع المخزون العالمي للعديد من الدول وسعي كل من الصينوالهند إلى ادخار الذهب بكميات تجارية حيث وصلت مدخرات الهند من الذهب إلى 250 ألف طن فيما وصلت مدخرات الصين إلى 340 ألف طن من الذهب، ومع ارتفاع الطلب على الذهب في الأسواق العالمية نتيجة عدم ثقة المستثمرين في الدولار والذي أدى إلى ارتفاع أسعار الذهب بشكل تصاعدي وسط تكهنات باستقرار أسعار الذهب عند 1500 دولار للأوقية خلال الفترة القادمة، فإن مراقبين اقتصاديين يشككون في أن تكون الأزمة الأخيرة التي طرأت على أسواق الذهب تعبيراً عن الاتجاه العام لسعر الذهب العالمي وأن الاعتقاد باستمرار ارتفاع الذهب إلى ما لا نهاية خطأ فادح في ظل الصراع الاقتصادي الدولي بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الأخرى كالصين الذي لم يبدأ بعد. وتلمح التوقعات الاقتصادية إلى أن أسواق الذهب العالمية قد تشهد تراجعا حادا ربما قد يعيد أسعار الذهب إلى عدة سنوات والتي من شأنها أن تحدد مصير الصراع الاقتصادي الأمريكي الصيني. استشراف أسعار الذهب في المستقبل القريب تم بناؤه على فرضية نجاح خطة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الهادفة إلى إصلاح نظام الضبط المالي والذي سيتم بموجبه تشديد الإشراف على القطاع المالي ومنع عمليات الإقراض المحفوفة بالمخاطر والتي تسببت بالأزمة المالية العالمية ومن المتوقع أن يوقع الرئيس أوباما على قانون إصلاح وول ستريت اليوم الأربعاء بعد أن صادق الكونجرس الأمريكي الخميس الماضي على صيغته النهائية التي من شأنها أن تعيد للدولار ثقته التأمينية وتحد من تصاعد معدلات التضخم في الولاياتالمتحدة. الجدير ذكره أن صادرات اليمن من منجم المحرق خلال الأشهر الماضية من العام الجاري بلغت ألف أوقية ب180 مليون دولار ويتوقع اقتصاديون أن تتحول اليمن خلال السنوات القادمة إلى بلد منتج للذهب بعد أن أكدت الاكتشافات الأخيرة وجود 65 موقعا للذهب في عدد من المحافظات بالإضافة إلى مواقع البلاتين.