بعد المهرجان الكبير الذي شهدته منصورة عدن بعيد الاستقلال والذي كان أبلغ رسالة لكل من لا يزال يرفض الاعتراف بقضية الجنوب لمسنا في صنعاء استياء بعض الأصوات ووصفهم لكل جنوبي حر بالانفصاليين، فمن هم الانفصاليون.. هل من وحدوا (23) سلطنة وإمارة ومشيخة أم من دمروا وحدة اليمن؟.. للإجابة على هذا نقول: أولا: لقد قدم أبناء الجنوب يوم ال30 من نوفمبر الحالي 2012م رسالة قوية للرأي العام المحلي والدولي بمهرجانهم الكبير الذي شهدته مدينة المنصورةعدن وكان للحشود الجماهيرية التي سارت على الأقدام من المنصورة إلى مدينة المعلا قاطعة الطريق البحري مشيا على الأقدام لأداء صلاة الجمعة والصلاة على الشهيدة فيروز اليافعي ثم مهرجان المنصورة.. كان هذا أبلغ رسالة لمن لا يزال يتجاهل القضية الجنوبية أو يكيل التهم لكل صوت جنوبي حر بالانفصال، نستغرب من لهجة بعض إخواننا أبناء الشمال الذين لا يزالون يطلقون تهمة الانفصاليين على شعب الجنوب العظيم الذي كان قد وحد 23 سلطنة وإمارة ومشيخة عشية استقلال الجنوب في 30 نوفمبر 1967م في إطار دولة واحدة هي جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية ولو كان أبناء الجنوب دعاة انفصال ما سعوا إلى توحيد الجنوب على الرغم من أن بعض السلطنات كانت تمتلك كل مقومات الدولة المستقلة ولديها نظام مالي وإداري، ويحمل أبناؤها الجوازات باسم السلطنة ويحظى سلاطينها وأمراؤها بكل ما يحظى به السلاطين والأمراء في دول الجوار ويتم أثناء سفرهم استقبالهم وتوديعهم مثل رؤساء الدول العربية ومع ذلك تنازل الجميع بقيام ثورة 14 أكتوبر وخروج الاستعمار البريطاني من الجنوب في 30 نوفمبر 67م عن كراسيهم وغادر بعضهم ليعيش في المنفى مضطرا ولا يزال بعضهم يعيش حتى اليوم في المنفى أو صنعاء محروم من حقوقه وملكياته، لكنهم صابرون من أجل وحدة الجنوب واستقرار اليمن، فماذا قدّم من يتشدقون بوحدة اليمن من أجل الوحدة؟ ألم ينهبوا الجنوب وثرواته وخيراته ثم ألم يدمروا خيرات الجنوب، ومن هم الذين -أصلاً- حافظوا على الوحدة أليس أبناء الجنوب هم من سعى إلى وحدة اليمن وتنازلوا عن كل شيء من أجل قيام الوحدة ثم تحملوا نتائج حرب 94م وحافظوا على الوحدة أم أن دعاة الفيد والغنيمة والنهب هم الوحدويون وأبناء الجنوب انفصاليون؟، فإذا كان كل صوت حر يبحث عن نصرة الحق والمظلومين وإقامة العدل الذي أمر به الله سبحانه وتعالى وإعادة الحقوق المسلوبة إلى أهلها ويطالب بالتكافؤ بين الشمال والجنوب كطرفين في الوحدة ويدعو إلى نصرة القضية الجنوبية هو انفصالي فاكتبوا أننا جميعا أبناء الجنوب انفصاليون، ووحدة 7 يوليو 94م لكم، ويكفينا ما قدمناه من أجل وحدة أثبت الواقع أنكم قضيتم عليها بالحرب. ثانيا: إن انعدام امتلاك الحقائق لدى بعض الأقلام أو الإخوة الأعزاء من أبناء محافظات الشمال تجعلهم يطلقون عبارات التخوين لكل جنوبي حر اختار طريق الحرية ويرفض التبعية لأية جهة، ولهذا كنا نتمنى أن يقف هؤلاء مع الحقائق ويسألوا أنفسهم ما الذي جعل أبناء الجنوب يتحولون من حب جارف للوحدة إلى رفع المطالب والمناداة بفك الارتباط بين الجنوب والشمال؟.. أليس العيب في صنعاء وحكامها وأخطائها أم في أبناء الجنوب الصابرون على الظلم والمعاناة والحرمان؟ ولماذا لم تقم السلطة بصنعاء منذ 94م بإزالة أضرار الحرب وإعادة الاعتبار للجنوب؟، وبعد أن غادر الرئيس السابق علي عبدالله صالح لماذا لم تقم السلطات والقوى السياسية بصنعاء بإعادة الحقوق إلى أهلها وتهيئة الأجواء للحوار الذي يطالبون بإجرائه؟.. ألم يقولوا إن علي عبدالله صالح هو المعرقل عندما كان في الحكم ونحن لا نعفيه من المسئولية، لكن لماذا اليوم يستمرون في رفض الدعوات التي تنادي بمعالجة الأوضاع المتأزمة في الجنوب وإعادة الحقوق إلى أهلها.. إن رفضهم الاعتراف بأن الجنوب طرف في الوحدة وأن حرب 94م قد دمرت مشروع الوحدة السلمية مع الشمال هو استمرار لأخطاء السلطات السابقة، وبالتالي من العيب عليهم الحديث عن الوحدة في ظل استمرارهم بنهب الجنوب وتشريد أبنائه وتدمير مؤسساته وقد يقولون إن الرئيس جنوبي ورئيس الوزراء ووزير الدفاع ووزير التخطيط والإدارة المحلية وغيرهم من الوزراء المهمين، ونقول لهم (نعم) نشاطركم الرأي أن هؤلاء جنوبيون ولكن مع تقديرنا لهم فإن القرار يبدو ليس بأيديهم والجنوب ودولته ومقدراته ومؤسساته وأبناؤه ليسوا مجموعة من القياديين مهما بلغ شأنهم أو أعطي لهم من مناصب، بل الجنوب دولة ومؤسسات وحقوق تم نهبها لا يمكن أن تعالج سوى بعودة الحقوق إلى أهلها وحل قضية الجنوب التي لا تعني الحصول على مناصب في السلطة بل المكانة والكرامة والتكافؤ مع الشمال والحل السياسي الذي يرضي أبناء الجنوب، وبالمناسبة لا ندافع عمن هم في السلطة بل نشاطر إخواننا أبناء الشمال قولهم فندعو إخواننا في السلطة إلى أن يكونوا صناع قرار، ما لم فندعوهم لترك السلطة ما داموا غير قادرين على اتخاذ أي قرار أو إنصاف إخوانهم أبناء الجنوب المظلومين، فهم محسوبون جنوبيون وموقفهم يؤثر على الجنوب، لكننا ما زلنا على أمل بأنهم سينصفون الجنوب وأبناءه، ما لم فأمرهم إلى الله. ثالثا: إننا نكن كل التقدير والاحترام لإخواننا أبناء الشمال (جماعات وأفراداً) ممن يعلنون صراحة دعمهم لقضية الجنوب ويشاطروننا الهم والمعاناة ونقدر أن الظلم لا يقتصر على الجنوب بل والشمال، ولكن لا بد من التفريق بأن ما جرى للجنوب من ظلم ناتج عن حرب 94م وتدمير مؤسساته وتاريخه وإقصاء أبنائه من وظائفهم والاستيلاء على أراضيهم ليس كمثل الظلم الموجود في الشمال الناتج عن ممارسات يومية توجد في دولة لا تحكم بالعدل والقانون أو عن سكوت أبناء الشمال عن هذا الظلم ومثلما ندعو لحل قضية الجنوب ندعو لحل قضايا الشمال الحقوقية وفي نفس الوقت نشير إلى أن الشمال احتفظ بمؤسساته كما هي واحتفظ بالعملة وهي الريال واحتفظ بشركة الطيران اليمنية وهذه مسائل تمثل هوية بينما دمرت مؤسسات الجنوب وألغيت عملته الدينار وطيران اليمن وتم تركيز كل شيء في صنعاء وأمام ما وصل إليه الوضع في الجنوب فإنه لا يوجد خيار سوى القبول بالحوار مع من يمثل الجنوب وقضيته وعلى رأسهم الحراك السلمي الحامل الرئيس لقضية الجنوب وشركائه، ثم سيحدد الحل السياسي مستقبل اليمن واستقراره ولا يستطيع أحد منا أن يفرض على أبناء الجنوب أي حل سياسي، بل هم من سيقررون ما ينفعهم، والأهم أننا ندعو للحفاظ على المحبة والإخاء بين أبناء الوطن شمالا وجنوبا ونبذ الكراهية والأحقاد واحترام الرأي مهما كان ونبذ العنف، وسوف يصل الجميع إلى حل سلمي -بإذن الله- ومن يعتقد أن القوة سوف تحل الخلاف فهو مخطئ، وسيرتكب جريمة عند الله لأن الوطن وأبناءه سئموا من القتال ومن يحب الوحدة لا نريده أن يضحي بدمه لأن الدماء هي من أوصلتنا إلى هذا الوضع بل يحترم خيار أبناء الجنوب ويعيد حقوقهم حتى يحصل الموعود. والله الهادي إلى طريق السداد برقية: في العدد الماضي أشرت إلى ما لحق بالعديد من السلاطين والمشائخ في الجنوب عند الاستقلال عام 67م وما قدمه العديد منهم من مواقف دفاعا عن ثورة 14 أكتوبر لكنهم ظلموا وتم إقصاؤهم وطالبت بإنصافهم وذكرت منهم السلطان فيصل بن سرور سلطان الحواشب والذي لا يزال في بيته بدون حقوق وزملائه من السلاطين والمشائخ، وقد جاءني أكثر من اتصال يشيدون بهذه الكلمة التي قلناها، وهي كلمة حق لوجه الله، فنأمل من رئيس الجمهورية رد الاعتبار لهم وعودة حقوقهم مع العلم أن الجنوب والشمال فيهم مظاليم كثر، والله ينصفنا ممن ظلمنا.