ا علمت "الوسط" من مصادر موثوقة إن حكومة الوفاق الوطني لجأت خلال الشهرين الماضيين إلى الإصدار النقدي المكشوف من خلال طباعتها لمليارات من الريالات بعد عجزها عن دفع رواتب الموظفين، وأشارت المصادر ذاتها إلى أن الحكومة أقرت طباعة مبالغ تزيد عن ال50 مليار ريال يمني خلال الأشهر القادمة، وهو ما يمكن أن يؤثر على قيمة الريال أمام الدولار في حالة ما اعتمدت الحكومة على الإصدار المكشوف. وقالت مصادر مالية مطلعة ل"الوسط": إنه لولا التدخل السعودي خلال العامين الماضيين والعام الحالي في دعم لحكومة اليمنية من خلال تعزيز البنك المركزي بمليارات الريالات كوديعة لدعم الريال اليمني والمساعدة على استقرار صرف العملة لكان الوضع الاقتصادي تعرض لتداع سريع يمكن أن يعرضه للانهيار. وكان هادي قد كشف عن تعرض الخزينة العامة للدولة للإفلاس خلال شهر يوليو/تموز من العام المنصرم 2011 واضطرار الحكومة لطباعة عملة نقدية دون غطاء. وقال هادي خلال اجتماع استثنائي للحكومة والبرلمان منتصف يناير الماضي إن الدولة كانت مفلسة، الأمر الذي استدعى إصداره توجيهات بطباعة 27 مليار ريال (ما يساوي 135 مليون دولار أمريكي) من دون غطاء نقدي وعلى المكشوف، لافتاً إلى أنه تمت طباعة المبلغ خلال الفترة من يوليو/تموز وحتى سبتمبر/أيلول 2012 بموافقة البنك الدولي نظرا لظروف اليمن آنذاك. ويأتي لجوء الدولة للإصدار النقدي بموازاة عجز الحكومة عن استيعاب المنح الأجنبية التي تقارب ال 8 مليارات دولار، التي تم إقرارها في مؤتمري أصدقاء اليمن في الرياض ونيويورك في مايو وسبتمبر من العام الماضي على الرغم من التزام مجتمع المانحين بسرعة تقديم تعهداتها المالية وفق خطط ودراسات جدوى يقدمها الجانب اليمني، إلا أن الوزارات فشلت بتقديم ما عليها من التزامات، وهو ما دعا الرئيس عبدربه هادي في الثاني من فبراير الماضي إلى إصدار قرار جمهوري قضى بإنشاء الجهاز التنفيذي لتسريع استيعاب تعهدات المانحين، ويهدف إلى الإشراف والمتابعة على تنفيذ المشاريع الممولة من المانحين، ورفع مستوى تسريع استيعاب تعهدات المانحين ودعم تنفيذ الإطار المشترك للمسئوليات المتبادلة بين الحكومة والمانحين. إلاّ أن اقتصاديين عبروا عن خيبتهم من الصلاحيات الممنوحة لهذا الجهاز، والتي لا توازي حجم مهمته مما يجعل مسألة إنشائه فقط بغرض إرضاء المانحين، على غرار مؤسسات تم إنشاؤها مثل مكافحة الفساد وغيرها. وكان وزير الدولة البريطاني لشؤون التنمية الدولية آلان دنكان انتقد حكومة الوفاق الوطني على خلفية عدم تقديم خطتها لاستيعاب المنح المعلنة من مجتمع المانحين، وشكك آلان دنكان في نهاية يناير الماضي من قدرات الحكومة اليمنية على استيعاب تمويلات الدول المانحة، وأشار (آلان) على هامش المؤتمر الدولي حول اليمن في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية (SOAS) التابعة لجامعة لندن الذي عقد في لندن، إلى أن شركاء اليمن الدوليين الذين تعهدوا بتقديم ما يقرب من 8 مليارات دولار لدعم العملية الانتقالية، لكنهم لا يزالون في انتظار صدور مقترحات مشاريع ملموسة، على الرغم من أن مشروعات المعونة الإنسانية محددة بوضوح في خطة الاستجابة الإنسانية للأزمة اليمنية لعام 2013 غير الممولة حتى الآن.. مشيرا إلى أن الأموال جاهزة، وتنتظر فرصة مواتية لإنفاقها، ولا يمكننا الانتظار ومشاهدة هذه المليارات الموعودة غير مستغلّة، وأضاف: أتينا إلى هنا للمؤتمر نناقش قضايا اليمن (الاقتصاد والماء والتعليم وحتى القات وأضراره)، ولم نجد من الجانب اليمني أي شيء عملي سوى المعتاد عليه من قبل المسئولين، خطابات رنانة وشكوى لا غير. وفي تصريح لصحيفة "الحياة" أمس الأول الاثنين، قال الآن: إن مؤتمر «أصدقاء اليمن» الذي سيعقد في لندن غدا الخميس بمشاركة أكثر من 35 دولة ومنظمة مانحة وبرئاسة مشتركة لكل من الجمهورية اليمنية والمملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة لا يمكن حل كل مشاكل اليمن من خلال هذا المؤتمر. مشيراً إلى أن الهدف من اجتماع أصدقاء اليمن هو «دعم الحوار الوطني وتشجيعه، إضافة الى التأكد من أن الدعم الذي قدم لليمن خلال مؤتمرات سابقة وبلغ 7.9 مليار دولار، سينفق على مشاريع محددة ومدروسة . وأوضح الوزير البريطاني أن السبب في عدم إرسال هذه الأموال إلى اليمن في السابق كان رغبة الدول المانحة في صرف هذه الأموال على مشاريع محددة وليس لخزانة الدولة مباشرة، بعد أن نُهبت وتبخرت هذه الأموال في السابق. عدم ثقة المانحين بحكومة الوفاق الوطني دفعت الدول المانحة مثل السعودية وهي الداعم الأكبر من المانحين 3 مليارات و250 مليون دولار للإشراف على المشاريع التي تتقدم بها الحكومة ولضمان الإنجاز أفتتحت دول مجلس التعاون الخليجي مكتب لها في العاصمة صنعاء في يناير الماضي للتنسيق مع الجانب اليمني والاشراف على تنفيذ المشاريع الممولة خليجياً . هذا وقد توجه وفد اليمن برئاسة وزير الخارجية إلى لندن لحضور اجتماع اصدقاء اليمن ولم يبد اقتصاديون تفاؤلاً من تحقيق المؤتمر لنتائج تضيف لما تم تحقيقه في المؤتمرين السابقين نظرا لسوء الأداء الحكومي وعدم قدرتها على تنفيذ متطلبات المانحين، بالإضافة إلى أن المؤتمر طابعه سياسي وأمني أكثر من كونه اقتصادياً. وسيناقش ثلاثة محاور رئيسة، متعلقة بالأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية فضلا عن الوقوف على آخر المستجدات في العملية السياسية في اليمن. بالإضافة إلى تقييم مستوى تنفيذ المخصصات والالتزامات المقدمة من المنظمات الدولية لدعم برامج التنمية في اليمن. كما سيتناول الاجتماع الجانب الأمني والتحديات التي تواجهها اليمن والمتمثلة في الإرهاب والقرصنة والتهريب للبشر والمخدرات.