كتبت مقالا سابقا في الوسط بعنوان "هل ينجح الإخوان؟"، وها أنذا أكرر العنوان مع استبدال الفعل في الجملة من "ينجح" إلى "يفشل"! فبقدر ما كان أمل كثير من المراقبين أن تنجح تجربة حكم الإخوان في مصر من خلال تحولهم إلى فصيل ديمقراطي بقدر ما ترغمنا الأحداث والمصائب التي تتوالى على مصر إلى التشاؤم. نشبت قبل أسابيع قليلة معركة كلامية وإعلامية بين محمد البلتاجي الطبيب والقيادي الإخواني المعروف وبين الباحث في معهد واشنطن والكاتب في مجلة السياسية الخارجية الأمريكية إريك تراجر على خلفية تصريحات أدلى بها الأول للثاني حول دور الأول المرتقب في إعادة هيكلة الداخلية المصرية، تعكس هذه المعركة بعضا من الواقع السياسي المرتبك والمتأزم حتى في إطار العلاقات الإخوانية الأمريكية، وقد ظهرت مؤخرا كتابات في الصحافة وما يسمى بمؤسسات " خزانات الفكر" الأمريكية يمكن تلخيصها في أن إخوان مصر ليست لديهم القدرة على الحكم، والشك في نجاحهم يتزايد، وكلما زادت محاولاتهم للسيطرة عبر ما يسمى ب"الأخونة" بدلا عن التوافق كلما عظمت مقاومة المصريين لهم، والحقيقة أن هذه الكتابات تشمل أيضا الإخوان خارج مصر بما في ذلك تونس إذ يرى المراقبون مثلا أن الغنوشي قد تراجع إلى الوراء عن مواقفه وفكره قبل الثورة فأصبح اليوم على يمين حزبه! يقول المراقبون أن الدعم الأمريكي للحكم في مصر يقوم على أسس رئيسة ثلاث هي: (1) الحفاظ على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية بإعتبار أمن إسرائيل هو جزء لا يتجزء من الأمن القومي الأمريكي، (2) تعزيز الاستقرار في المنطقة يمر من خلال استقرار مصر، (3) دعم الإخوان المسلمين في المنطقة في إطار تحولهم الديمقراطي العلني المدني مع ضمان المحافظة على المصالح الحيوية الأمريكية في المنطقة. قال لي صديق مصري على الإيميل معلقا على فشل الحكومة المصرية الحالية اقتصاديا قبل كل شيء أن "قنديل الشاطر مرسي" لا يضيئ على حد تعبيره وهو يقصد أن رئيس الوزراء هشام قنديل الذي عينه الرئيس مرسي بناء على توجيهات رجل الإخوان القوي خيرت الشاطر هو أفشل رئيس وزراء عرفته مصر حتى الآن، والحقيقة أنه بالرغم من فوضى اللاحكم واللاستقرار الأمني والسياسي في مصر وإمكانية الإنزلاق المطلق نحو العنف والعنف المضاد، والتلميح بعودة سلطة قانون الطوارئ، فإن التحدي الاقتصادي هو التحدي الأكبر أمام المصريين فيكفي أن يقال أن الأحتياطي الرسمي من العملة الصعبة في شهر فبراير قد إنحدر إلى 13.5 مليار دولار (وتقول التقارير أن المتاح سيولة منه لا يتجاور سبعة مليارات)، وهذا لا يكفي لتغطية الاستيراد المصري (بما في ذلك ما تحتاجه الصناعة المصرية) لأكثر من شهرين. الوضع الاقتصادي كارثي والأمني والسياسي يغلي، فهل يفشل الإخوان؟ اللهم احفظ مصر وأهلها وارشد إخوانها إلى الصواب لعلهم يفلحون، إنك أنت السميع العليم. د. مصطفى يحيى بهران استاذ الفيزياء النووية وميكانيكا الكم [email protected]
