حين يرفع الانتقالي علم الدولة وتمسك السعودية ختم الدولة... رحلة الاعتراف الدولي للجنوب    قيادة السلطة المحلية بالبيضاء تنعي حاتم الخولاني مدير مديرية الصومعة    شرطة المرور تعلن إعفاء أكثر من ثلاثة ملايين مخالفة مرورية    الرئيس المشاط: خروج الجماهير اليمنية رسالة رفض للإساءات بحق المقدسات    قراءة تحليلية لنص "نور اللحجية" ل"أحمد سيف حاشد"    مهرجان ثقافي في الجزائر يبرز غنى الموسيقى الجنوبية    أمطار شتوية غزيرة على الحديدة    معارك ليست ضرورية الآن    بوتين يؤكد استعداد موسكو للحوار ويشيد بتقدم قواته في أوكرانيا    الموسيقى الحية تخفف توتر حديثي الولادة داخل العناية المركزة    أبناء سقطرى يؤدون صلاة الجمعة في ساحة الاعتصام المفتوح تحت شعار "الثبات والتمكين"    "المحرّمي" يُعزِّي في وفاة السفير محمد عبدالرحمن العبادي    الأرصاد تتوقع أمطارًا متفرقة على المرتفعات والهضاب والسواحل، وطقسًا باردًا إلى بارد نسبيًا    تشييع رسمي وشعبي بمأرب لشهداء الواجب بالمنطقة العسكرية الأولى    تقرير حقوقي يوثق ارتكاب عناصر الانتقالي 312 حالة اعتقال وإخفاء قسري بحضرموت خلال اسبوعين    بالتزامن مع زيادة الضحايا.. مليشيا الحوثي تخفي لقاحات "داء الكلب" من مخازن الصحة بإب    الأوبئة تتفشى في غزة مع منع دخول الأدوية والشتاء القارس    "أسطوانة الغاز" مهمة شاقة تضاعف معاناة المواطنين في عدن    قوة أمنية وعسكرية تمنع المعتصمين من أداء صلاة الجمعة في ساحة العدالة بتعز    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    أمين عام الأمم المتحدة تؤكد: قضية شعب الجنوب مفتاح السلام المستدام في اليمن    الحبيب الجفري يحذّر من تسييس الدين: الشرع ليس غطاءً لصراعات السياسة    الإصلاح يصفي أبناء تعز: استقالات تتحول إلى حكم إعدام بسبب رغبتهم الانضمام لطارق صالح    الذهب يسجّل أعلى مستوى له في التاريخ    أزمة خانقة في مخابز عدن.. المواطن يعاني والانتقالي يبيع الأوهام    خبير دولي: على الانتقالي التركيز على الإعلام الخارجي بالإنجليزية لبناء التفهم الدولي لقضية الجنوب    كأس ملك اسبانيا: تأهل اتلتيك بلباو وبيتيس لدور ال16    صحيفة أمريكية: خطاب ترامب الأخير .. الأمور ليست على ما يرام!    التكتل الوطني للأحزاب: استهداف مقر الإصلاح محاولة لجر تعز إلى الفوضى    السبت .. انطلاق سباق الدراجات الهوائية لمسافة 62 كم بصنعاء    المغرب يتوج بطلاً لكأس العرب بانتصاره المثير على منتخب الاردن    الحرية للأستاذ أحمد النونو..    انعقاد الاجتماع الفني لبطولة مديريات محافظة تعز - 2026 برعاية بنك الكريمي    القرفة في الشتاء: فوائد صحية متعددة وتعزيز المناعة    الرئيس الزُبيدي يؤكد أهمية البيانات الإحصائية في بناء الدولة وصناعة القرار    تجار تعز يشكون ربط ضريبة المبيعات بفوارق أسعار الصرف والغرفة التجارية تدعو لتطبيق القانون    إقامة ثلاثة مخيمات طبية خيرية مجانية في الحديدة    صنعاء.. البنك المركزي يعيد التعامل مع شبكة تحويلات مالية    انفجار حزام ناسف لأحد المجاهدين لحظة خروجه من مقر الإصلاح في تعز    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    المحافظ لملس يعزّي الصحفي صلاح السقلدي في وفاة والدته    نادية الكوكباني تفوز بجائزة نجيب محفوظ لأفضل رواية عربية للعام 2025    سان جيرمان يتوج بكأس القارات للأندية لأول مرة في تاريخه    طائرة شحن إماراتية محمّلة بالسلاح تصل مطار الريان بحضرموت    أرقام فلكية.. الفيفا يعلن عن الجوائز المالية لكأس العالم 2026    بين الاعتزاز والانسلاخ: نداءُ الهوية في زمن التيه    شرطة أمانة العاصمة تكشف هوية الجناة والمجني عليهما في حادثة القتل بشارع خولان    من بينها اليمن.. واشنطن توسع حظر السفر على مواطني دول إفريقية وآسيوية    اتحاد كرة القدم يعلن استكمال تحضيراته لانطلاق دوري الدرجة الثانية    روائية يمنية تفوز بجائزة أدبية في مصر    صباح عدني ثقيل    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    صباح المسيح الدجال:    مأرب.. السلطة المحلية تكرم فريق نادي السد لكرة القدم بمناسبة الصعود لدوري الدرجة الثانية    تأكيداً على عظمة ومكانة المرأة المسلمة.. مسيرات نسائية كبرى إحياء لذكرى ميلاد فاطمة الزهراء    جوهرة الكون وسيدة الفطرة    بدعم سعودي.. مشروع الاستجابة العاجلة لمكافحة الكوليرا يقدم خدماته ل 7,815 شخصا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهاشمية السياسية والحوثية وعبث الملالي
نشر في الوسط يوم 03 - 07 - 2013

ملالي طهران يلعبون بكل الأوراق في المنطقة يبحثون عن حلفاء في كل الاتجاهات لديهم قدرة عجيبة في إدارة علاقاتهم الخارجية بالتناقضات، إلا ان استراتيجية الاختراق وفتح النفوذ وتعظيمه تسير باتجاه واحد، وللملالي أدوات متنوعة في التعامل مع المنطقة تبدأ بوزارة الخارجية والاستخبارات والحرس الثوري ومنظماتها الأهلية المتنوعة التي تعمل كشبكة أمنية لنشر الخمينية، وقد تمكنت من تحويل أتباعها إلى قوة مساندة وفاعلة لحماية أمنها القومي وجعل نفوذها أمرًا واقعًا يتحرك يوميًّا في عالمنا العربي، وأصبحت ايران فاعلا في صناعة قرارات الاقليم من خلال اذرعها داخل الدول.
تدخل إيران اليوم في اليمن ليس جديدا فقد تم بناء نفوذها بشكل تدريجي، وأخذ طابعًا سريًّا، ولم تتضح معالمه إلا مع بروز الحركة الحوثية، راهنت إيران على الفئة الهاشمية الزيدية واخترقت اليسار ونخبة القبيلة، وفي القطاع الخاص لها اذرعها غير المرئية، ولم تكن صعدة إلا بوابتها لإعادة صياغة الزيدية بما يمكنها من خلق طائفية ممتدة تخلط بين العرق والمذهب وتركز القوة في محاور متحكم فيها، تعمل إيران على بناء طائفية مائعة، لكنها متماسكة مؤثرة قادرة على المواجهة، بحيث تساند النواة الصلبة التي تعمل على تحفيز طاقة القبيلة من خلال الفقيه الهاشمي المتوائم مع العقائد الحوثية.
صانعو استراتيجية ايران في اليمن ليسوا مهمومين بالمصالح الفعلية للهاشمية ولا بالزيدية ولا باليمن، بل بتخليق انقسام طائفي يمكنها من توظيف طاقة التابعين لها في صراع منهك لليمن وتحويل جغرافيته الى مجال حيوي منتج للفوضى لإسناد قوتها وتأثيرها في السياسات الاقليمية وتحويل اليمن إلى ورقة ضغط دائمة في صراعاتها المتنوعة وقوة ضاغطة لحماية أمنها القومي.
القارئ العادي للواقع اليمني ومصالحه يدرك أن القوى المتحفزة في لعبة إيران ستتحول الى ضحية لاستراتيجية الملالي على المدى البعيد، فالجغرافيا السياسية لليمن إذا اقتربت من ايران ستختنق، ومن تريدهم إيران طائفة صلبة ومنتشرة في الجغرافيا اليمنية سيتحولون بفعل التداخل الاجتماعي إلى بؤرة مستهدفة ومنتجة لصراعات عبثية ناسفة للسلم الاجتماعي وللتغيير المدني الذي ترسم ملامحه طموحات يمنية همها الاول والأخير بناء دولة وصياغة هوية وطنية مدنية.
ولفهم أعمق للحوثية لابد من تناول الفئة الهاشمية اليمنية والتي تشكّل طاقة حيوية تمتد في الجغرافيا شمالًا وجنوباً ولها وجودها في بنية المذاهب كما انها فاعل مؤثر في اغلب التكوينات السياسية وفي منظمات المجتمع المدني وتأثيرها في البنية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية جعلها قوة ايجابية، وهذا الوجود والفاعلية لا يثير أية حساسية، ويتم التعامل مع ابنائها كأفراد فاعلين، بل إن البعض يعتبرهم ملح الهوية اليمنية.
تعاظم تأثير الفئة الهاشمية في تاريخ الجمهورية جعل من الهاشمية السياسية وجودًا طبيعيًّا وغير محاصر رغم شعور بعضهم بالضيم، ومصدر قوتها أنها ليست منظمة ولا تمتلك اجندات خاصة ذات نزوع عرقي، والتعاطف بين ابنائها مسألة تلقائية في المجتمع اليمني، وهذا جعلها تمتلك قوة كافية وتقدير مكنها من حماية مصالح ابنائها وربما يتجاوز تأثيرها قوة القبائل اليمنية على مستوى صناعة القرار حتى داخل القبائل.
وقوة الهاشمية السياسية أنها تتحرك وفق مصالح يخلقها أفرادها، ومصدر ضعفها الذي سينمو مع الوقت ان استراتيجية الملالي تركز على إعادة تعبئتها عرقيًّا واحتوائها داخل بنية طائفية تمزج بين العرق والعقائد والولاء لإيران وتحويلها الى فعل سلبي مدمر لعلاقة اليمن مع الاقليم، وهذا الامر يتم تصنيعه من خلال العقائد الحوثية التي تنفي المذاهب وتؤسس لعقائد محورها يدور حول الولاية السياسية والدينية لآل البيت.
الحوثية هي صاعق تفجير الاستراتيجية الايرانية، وهي الجناح الامني والعسكري الذي يتحرك ولديه شبكات تديرها إيران في الجغرافيا اليمنية، وفي مؤسساتها الرسمية والأهلية والمدنية، ولها علاقة مع تكوينات متنوعة خارج اليمن بعضها تابع لإيران، والآخر يعمل بتلقائية في دول أخرى. الحوثي حتى اللحظة لا يُعبّر عن الهاشمية السياسية، وهو جزء منها وسُمّها فهو رأس الأفعى الايرانية، وهو اشبه بشيخ قبلي بعمامة غامضة، وهدفه ابتلاع الهاشمية السياسية، فهي قوته المضافة إن تمكن من إعادة بنائها وفق استراتيجية الملالي، وهي في الوقت نفسه مصدر فشله إن استوعبت مصدر قوتها ومخاطر الحوثية عليها.
من ناحية عملية إذا تمكنت الحوثية من تمثيل الهاشمية مع اختراقها للقبائل وللتكوينات السياسية فإن الحوثية ستكون قوة شرسة خانقة للهاشمية السياسية لصالح العائلة الحوثية وحلفائها، وهذا الامر هو ما سيدفع الهاشمية السياسية الى مواجهة الحوثية ورميه الى دوائر اكثر حذقا ودهاء في رقعة شطرنج الصراع اليمني!!، فالهاشمية السياسية لا يمكنها ان تتحول الى بيدق في معركة الحوثي ولا يمكنها ان تعبر عن نفسها إلا من خلال التكوينات المتنوعة وحتى المتناقضة وبشكل مدني!!
يبدو لي ان الهاشمية السياسية اكثر عقلانية في فهم الصراع الداخلي والخارجي وخياراتها اكثر براغماتية من الهوس الحوثي الذي سيختنق بمجرد ولادة دولة قانونية، وترسيخ التحولات الديمقراطية!!، الاشكالية تأتي من الفئة الشابة من ابناء الهاشميين الذين لم يتمكنوا من فهم واقعهم اليمني، ولديهم طموحات في ظل تنافس شديد وحاد على الموارد، وهذا جعل بعضهم ينخرط في الحركة الحوثية كقوة منظمة بإمكانها ان تمكنهم من اثبات وجودهم، والحوثي يريدهم جنودًا في معركته التي يديرها ملالي مهووسون بالعقائد وبوعي قبلي ذات نزوع عرقي.
التكوين الهاشمي ليحمي نفسه يحتاج الى مواجهة الحوثية، فهي مشنقة غير مرئية حتى اللحظة للانسجام الاجتماعي، والمنخرطون في بنيتها والمتعاطفون معها يريدون بعث الهاشمية بروح طائفية أثنية مقدسة للقهر والقوة، وهذا التفكير الساذج سيجعل منهم قبيلة ممتدة في اليمن مثيرة للشكوك ومنتجة لوحش من العنف لن يرحم أحدًا، والتركيز على البُعد الديني العرقي سيفقدهم مصدر ثرائهم وقوتهم، فالتقدير الذي يحظون به ليس دينيًّا، بل لأن ابناءها يمتلكون أفرادًا لهم قدرات وخبرة ونعومة انسانية متمدنة، وتوريطهم في العصبية سيحولهم إلا أقلية محاصرة في مجتمع تقليدي يحمل غضبًا متراكمًا ضد الحكم الإمامي البائس، وضد العصبيات المتعالية، وقد تُدخل الهاشمية نفسها في صراعات بينية تجعلهم صورة بائسة لقبلية معيقة للتقدم.
لدى الهاشمية السياسية تراكم رائع ومتنوع في مختلف المجالات مقارنة ببقية التكوينات الاجتماعية الاخرى في اليمن، وانتشارهم وتشتتهم في التكوينات المتنوعة دليل على التنوع والثقة، وتنمية لروح الفردية، وهذا يساعد على تحريرهم من إشكالية وعي القبيلة المعيق لبناء هوية وطنية جامعة، وسعي الحوثية الى تحويل الهاشمية الى عصبية مرتهنة للعرق المشرعن بالعقائد الحوثية قد يبدو طموحًا لبناء عصبية لحكم العصبيات اليمنية الاخرى، وهذا الامر له مخاطر كثيرة فقد تبعث نفورًا يحاصر الهاشمية، ويؤسس لصراعات متنوعة وانشطارية، ناهيك أنها تقتل طاقة الأفراد الابداعية للهاشمية السياسية وتخنقهم في صراعات وعقد مركبة مع انفسهم ومع المجتمع الحاضن لهم، وستكون اشبه بحبل مشنقة لقدراتهم التي بإمكانها ان تكون الأبرز في العطاء المدني.
والأخطر انها ستدخلهم في صراعات مع الكل، وتقودهم الى تحالفات داخلية وخارجية مناهضة لمصالح اليمن، وهذا سيفقدهم هيبتهم ويحولهم الى ضحايا لعبث السياسة اليمنية وتدخلات الخارج الحاسمة، والصراع بوعي القبيلة قد يقودهم في حالة الانفجارات الخبيثة الى زوايا الحصار والعزلة، وهذا سينسف نعومة الهاشمية السياسية وذكائها وسيجعلها طاقة مضرة باليمن لأن هكذا فعل بفعل النزاع والخسائر سيحول الطاقة النافعة للناس الى فعل تآمري للانتقام الدائم، وهذا سيفقد اليمن طاقة لديها من النضج والقدرات ما يكفي لمساعدة اليمن على صناعة التقدم.
والخلاصة أن اليمن سيخسر الكثير في حالة توريط الهاشمية في عصبية عرقية مذهبية وسيجعل اليمن مشوشًا ومشتتًا ومرهقًا لأن الابداع الايجابي الحر للطاقة الهاشمية سيتحول إلى فعل سلبي مضر بها وبوطنهم!!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.