الوسط - تقارير على غير ما قصدته الحكومة من أن إقرار الاعتذار للجنوب عن حرب صيف 94 سوف يكون عاملًا لإنجاح مؤتمر الحوار فقد فجّر الاعتذار موجة رفض غاضبة لدى قيادات جنوبية في الخارج وفي أوساط الحراك كما أوجد تباينات داخل الحزب الاشتراكي نفسه، إذ وفيما انتقد الحزب الاشتراكي اليمني بشدة صيغة الاعتذار الذي وجهته الحكومة بشأن الحرب ضد الجنوب قائلًا: إنه "منطق يتسم بالغطرسة وتجاهل الحقائق مما يفسد الاعتذار، ويبدو كما لو أنه استمرار للتمسك بالحرب ونتائجها، وأن الاعتذار مجرد رفع عتب وصك يقيد الحرب ضد مجهول". اعتبر وزير الشؤون القانونية عضو المكتب السياسي للحزب الدكتور محمد المخلافي الاعتذار بأنه يُعبّر عن اعتراف بأن الحروب الأهلية والحروب الداخلية التي وقعت في اليمن خطأ وأنه خطأ سبّب الضرر لليمن، والحكومة الحالية تعتذر عما فعلته السلطات السابقة، وأيضًا باعتبار الأطراف التي كان لها يد في الحروب، وهي أطراف في الغالب ذات مكونات سياسية، وبالتالي أتى هذا الاعتذار للجنوب وصعدة اعترافًا بأن ذلك خطأ يجب ألّا يتكرر في المستقبل. وقالت مصادر ل"الوسط": إن دفاع المخلافي عن صيغة الاعتذار بسبب كونه ضمن اللجنة الوزارية التي كُلّفت بدراسة صيغة الاعتذار واقتراح صيغ الحلول للنقاط العشرين المقدمة من اللجنة الفنية للحوار والنقاط الإحدى عشرة المقدمة من فريق القضية الجنوبية، وبحسب ذات المصادر فإن الدكتور ياسين اعترض ليلة اجتماع الحكومة على صيغة الاعتذار حينما عرضه عليه المخلافي، وأضاف ملاحظاته على الاعتذار الذي تقدم به صباح اليوم التالي باسندوة في اجتماع الحكومة يوم الاربعاء، ولاقى رفضًا من قِبل الوزراء باعتبار أنه قد تم التوافق عليه بين الرئيس وهيئة رئاسة الحوار.. ودافع المخلافي عن صيغة الاعتذار في مقابلة له مع صحيفة الثورة قائلًا أنه يعني ثلاثة أمور، الأول: أن يتخذ كافة التدابير التي تمنع تكرار هذه الأحداث في المستقبل، والثاني: أن تعمل الحكومة مع الأطراف السياسية المعنية سواء أكانت في تلك الحروب أم التي لم تكن فيها من أجل خلق أجواء ملائمة للحوار الوطني والتوافق.. أما الأمر الثالث: فهو الأمر الذي يحقق إزالة الغبن والضرر الذي لحق بأبناء الجنوب وأبناء صعدة، والمتمثل في تحقيق العدالة الانتقالية. وعلى ذات السياق الرافض فقد اعتبر رئيس الوزراء الأسبق حيدر أبو بكر العطاس الاعتذار الحكومي أنه استهتار مطلق بمشاعر شعب الجنوب قاطبة، واستهتار وإيذاء مقصود لمشاعر الجنوبيين المشاركين في الحوار،. واصفًا إياه بكونه "الاستهتاري والابتزازي، ومن أنه ضحك أبله على الذقون. من جانبه اعتبر السياسي المعروف الاستاذ عبدالله الأصنج - وزير الخارجية اليمني الأسبق، ورئيس تكتّل الجنوبيين المستقلين، المشارك في الحوار الوطني - الاعتذار الصادر عن الحكومة اليمنية بأنه مخيب للآمال، ولا يساوي ثمن الحبر الذي كتب به. وقال الأصنج في تصريح صحافي: إن البيان لم يُشِر بوضوح الى أن حرب 94 الظالمة كانت ضد دولة الجنوب، بل جعلها مبهمة وجمعها مع محافظات كصعدة ومديرية حرف سفيان القريبة من عمران، وإن هدف الاعتذار كما أرادته سلطة الوفاق هو إسقاط العتب عنها دون أن تعترف بأن الجنوب (دولة وشعبًا) قد تم استباحته من قِبل شركاء تلك الجريمة.. من جهتها رفضت مجموعة الاتصال للحوار الجنوبي الاعتذار، واعتبرته مرفوضًا رفضًا قاطعًا، ووصفته بالاعتذار المهين. وقالت: إن الاعتذار اعتبر قضية الجنوب جزءًا من الكل، ولم يؤكد على حق شعب الجنوب في تقرير المصير أو تعويض عادل عن فترة احتلال الجنوب. وطالبت مجموعة الاتصال القيادات الحركية والمكونات على تأسيس ائتلاف جنوبي موحد كإطار ائتلافي يضم كل المكونات والتيارات والقيادات الجنوبية لقيادة هذه المرحلة وصولًا لمحطة الاستقلال واستعادة الدولة. إلى ذلك عبّر خطباء الجُمع في عدد من محافظات عدن عن رفضهم الاعتذار الحكومي. وقال خطيب جامع "تريم" خالد فضل بازمول: إن ما صدر من اعتذار من الحكومة اليمنية في هذه الأيام بخصوص الاعتذار نحن - كأبناء الجنوب - لن نقبله؛ لأن المؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين. وفي ردفان مدينة الحبيلين سخر خطيب الجمعة الشيخ عبدالله الحضرمي من الاعتذار الحكومي.. معتبرًا أن الاعتذار الحقيقي هو الرحيل من الجنوب من غير رجعة، ودعا إلى تلبية الدعوة الشبابية للعرض العسكري في 1 من سبتمبر في عدن. مطالبًا بالتصعيد الثوري، ومن جهة أخرى، وفيما يبدو رد فعل شمالي على تعنت إصرار الجنوبيين على الانفصال، فقد أعلن السفير عبدالوهاب طواف - المستشار السياسي للواء علي محسن، ومعه عدد من الشخصيات، تأسيس الحراك الشمالي، والذي يدعو إلى انفصال الشمال عن الجنوب، وتأسيس صفحة خاصة على الفيس بوك للدعوة للانضمام لهذا الحراك. كما قال الشيخ عزيز بن صغير، وهو مقرب من رئيس المؤتمر علي عبدالله صالح لقناة "العربية"، إنه كان من الواجب والصحيح أن يوجه الجنوبيون اعتذارًا للشمال عن حرب صيف 1994، مبديًا تحفّظه حيال تقديم الحكومة اليمنية للاعتذار عن الحرب.. موضّحًا من دعا إلى الانفصال هو من يجب أن يعتذر.