السلطة المحلية بمارب توجه بتحسين الأوضاع العامة بالمحافظة    صحيفة بريطانية تفجر مفاجأة.. الحوثيون دعموا تنظيم القاعدة بطائرات مسيرة    الرئيس الزُبيدي ينعي المناضل محسن أبوبكر بن فريد    قناص اسرائيلي شارك في حرب غزة يستفز طلاب جامعة جوروج واشنطن المتظاهرين وهكذا كانت ردة فعلهم    بيان حوثي بشأن إغلاق مكتب قناة الجزيرة    الوكيل الحسني يطلع على سير اعمال مشروع إعادة تاهيل الشارع العام مدخل مدينة الضالع    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    افتتاح دورة مدربي الجودو بعدن تحت إشراف الخبير الدولي ياسين الايوبي    الحبيب الجفري ناعيا الشيخ بن فريد.. أكثر شيوخ القبائل والساسة نزاهة في بلادنا    خصوم المشروع الجنوبي !!!    قيادي حوثي يعاود السطو على أراضي مواطنين بالقوة في محافظة إب    سر خسارة برشلونة لكل شيء.. 270 دقيقة تفسر الموسم الصفري    الدوري الانكليزي: خماسية صارخة لتشيلسي امام وست هام    مجلس القضاء الأعلى يقر إنشاء نيابتين نوعيتين في محافظتي تعز وحضرموت مميز    إنعقاد ورشة عمل حول مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب مميز    تنفيذي الإصلاح بالمهرة يعقد اجتماعه الدوري ويطالب مؤسسات الدولة للقيام بدورها    بعد رحلة شاقة امتدت لأكثر من 11 ساعة..مركز الملك سلمان للإغاثة يتمكن من توزيع مساعدات إيوائية طارئة للمتضررين من السيول في مديرية المسيلة بمحافظة المهرة    الإصلاح بحضرموت يستقبل العزاء في وفاة أمين مكتبه بوادي حضرموت    تقرير يكشف عن توقيع اتفاقية بين شركة تقنية إسرائيلية والحكومة اليمنية    بخط النبي محمد وبصمة يده .. وثيقة تثير ضجة بعد العثور عليها في كنيسة سيناء (صور)    ماذا يحدث داخل حرم جامعة صنعاء .. قرار صادم لرئيس الجامعة يثير سخط واسع !    أمريكا تغدر بالامارات بعدم الرد أو الشجب على هجمات الحوثي    عندما يبكي الكبير!    غدُ العرب في موتِ أمسهم: الاحتفاء بميلاد العواصم (أربيل/ عدن/ رام الله)    حادث تصادم بين سيارة ودراجة نارية على متنها 4 أشخاص والكشف عن مصيرهم    الحكومة تجدد دعمها لجهود ومساعي تحقيق السلام المبني على المرجعيات    أطفال يتسببون في حريق مساكن نازحين في شبوة بعد أيام من حادثة مماثلة بمارب    اشتباكات بين مليشيا الحوثي خلال نبش مقبرة أثرية بحثًا عن الكنوز وسط اليمن    نجوم كرة القدم والإعلام في مباراة تضامنية غداً بالكويت    أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني في صنعاء وعدن    كارثة وشيكة في اليمن وحرمان الحكومة من نصف عائداتها.. صندوق النقد الدولي يدق ناقوس الخطر    ماذا يحدث في صفوف المليشيات؟؟ مصرع 200 حوثي أغلبهم ضباط    ثعلب يمني ذكي خدع الإمام الشافعي وكبار العلماء بطريقة ماكرة    قطوف مدهشة من روائع البلاغة القرآنية وجمال اللغة العربية    الحرب القادمة في اليمن: الصين ستدعم الحوثيين لإستنزاف واشنطن    كيف تفكر العقلية اليمنية التآمرية في عهد الأئمة والثوار الأدوات    المشرف العام خراز : النجاحات المتواصلة التي تتحقق ليست إلا ثمرة عطاء طبيعية لهذا الدعم والتوجيهات السديدة .    الحوثيون يزرعون الموت في مضيق باب المندب: قوارب صيد مفخخة تهدد الملاحة الدولية!    شيخ حوثي يعلنها صراحة: النهاية تقترب واحتقان شعبي واسع ضد الجماعة بمناطق سيطرتها    أرسنال يفوز من جديد.. الكرة في ملعب مان سيتي    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    مارب.. تكريم 51 حافظاً مجازاً بالسند المتصل    مأرب تغرق في الظلام ل 20 ساعة بسبب عطل فني في محطة مأرب الغازية    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يفوز على مايوركا ويقلص الفارق مع برشلونة    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    #سقطرى ليست طبيعة خلابة وطيور نادرة.. بل 200 ألف كيلومتر حقول نفط    صندوق النقد الدولي يحذر من تفاقم الوضع الهش في اليمن بفعل التوترات الإقليمية مميز    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألا هل بلغت.. اللهم فاشهد
القضية الجنوبية مجدداً
نشر في الوسط يوم 02 - 10 - 2013

ألفي المقالة السابقة نبهنا وحذرنا وأوضحنا خطورة وكارثية تكرار تجارب سابقة خاطئة ومدمرة باللجوء إلى اعتماد حلول ومعالجات مسلوقة وعشوائية وترقيعيه وغير سليمة وغير عملية لقضايانا الوطنية لكبرى، والعاصفة تستند إلى أساليب الإغراءات والترضيات ومنح مكاسب تمييزية لهذه المنطقة أو تلك ولهذا المكون الوطني أو ذاك بالتعارض الكلي مع بسط الأسس والمعايير الدستورية السائدة وطنيا والمتعارف عليها عالميا تحت ضغط وخطورة تلك القضايا بهدف زحزحتها وترحيلها المؤقت إلى حين وإلى أن تتفجر مجددا على نحو أوسع وأعمق وأكثر خطورة مما كانت سابقاً.
واتخذنا القضية الجنوبية في تلك التي تقترح إعادة بناء الدولة بحيث تصبح دولة اتحادية من إقليمين هما الجنوب والشمال كما كانا عليه قبل وحدة 1990م وتقاسم كافة وظائف الدولة مدنية وعسكرية من الرئيس إلى الفراش بالمناصفة بين الجنوب والشمال بعد تنفيذ النقاط العشرين المتعلقة بمعالجة آثار ونتائج ما بعد حرب 1994م وبما يزيل كافة المظالم والتجاوزات التي لحقت بالإخوة الجنوبيين.
وفي هذه المقالة سنسلط أضواء أكثر حول ما ذكرناه آنفا فنقول إن الرافضين للإقليمين في الدولة الاتحادية المقترحة يستندون إلى مخاوف من خطورة إعادة رسم حدود الإقليمين على النحو الذي كانا عليه قبل الوحدة باعتبار ذلك من وجهة نظرهم مكرسا لواقع التشطير السياسي لما قبل الوحدة وخطوة تمهيدية لفرض العودة إلى واقع الدولتين الشطريتين في حين يرى المناديون والمطالبون بالإقليمين الرافضين له من ضمن ما يرونه يضمرون شراً وسوء نية مبيتة ضد الجنوب ويسعون الى تمزيقه وطمس هويته وإحكام الهيمنة عليه من قبل الشمال كما كان عليه الحال في أعقاب حرب 1994م. والحقيقة الماثلة أمامنا أن كلا الفريقين ينطلقان من حسابات وأجندات ومصالح متباينة، فالفريق الرافض لفكرة الإقليمين يتكون أساساً من مستويين رئيسيين، مستوى شعبي عام تحركه وترسم رؤيته مشاعر عاطفية متأججة وبريئة تجاه الوحدة والحفاظ عليها بأي ثمن.. مستوى نوعي من قوى النفوذ والمصالح والهيمنة يرون بأن الأخذ بفكرة الإقليمين لا يعدو كونه مجرد خطوة تأسيسية تقضي على استعادة الدولة الجنوبية يقيناً، وهم في رؤيتهم هذه ينطلقون من معرفة وإدراك عميقين بأن الغالبية الساحقة من أبناء الجنوب يتوقون إلى هدف استعادة دولتهم وبالتالي فإن المستوى النوعي في هذا الفريق يدافع بكل استماتة عن مكاسب وامتيازات ومصالح حصل عليها خلال سنوات الوحدة سواء من كان منهم ممسكاً بمقاليد السلطة أو تلك القوى ومراكز النفوذ السياسي والاجتماعي التي ارتبطت بالسلطة وتحالفت معها، وأن التغني بالوحدة ورفع شعار الدفاع عنها ما هو إلا ستار يخفي تراكم مصالحهم وامتيازاتهم ومكاسبهم غير المشروعة التي حصلوا عليها من مقدرات الجنوب وثرواته، وهم لهذا يعبرون عن مخاوفهم وقلقهم العميق من ضياعها في حالة استعادة الجنوب لدولته المستقلة. أما الفريق المطالب والمساند لفكرة الإقليمين فهو الآخر يتكون من مستويين رئيسيين، مستوى شعبي عام وغالب من أبناء الجنوب وصل إلى درجة الكفر بالوحدة سواء بفعل ما لحق به من أضرار وما عاناه من عبث ومظالم السياسات الرعناء للسلطة الحاكمة العائلية الفاسدة منذ ما بعد حرب 1994م ورأى بأم عينيه نهب أراضيه واستنزاف ثرواته من قبل تلك السلطة ورمزها ومراكز قواها المتخلفة أو بفعل عملية الشحن والتعبئة السياسية والإعلامية الممنهجة والمكثفة على مدى الخمس سنوات الأخيرة خاصة وما بعد حرب 1994م عامة.. ومستوى نوعي من قوى وشخصيات سياسية واجتماعية ومنظمات مجتمع مدني أهلية لها طموحات وأماني مشروعة في معظمها الغالبة ويتزايد شعورها بالتهميش والإقصاء ولم تجد المجال والبيئة والآفاق المتاحة والقادرة على استيعابها وتمكينها من ممارسة دورها الحقيقي وملكاتها وقدرتها ومؤهلاتها والتعبير عن طموحاتها وتطلعاتها المتفجرة، وهذا الفريق بمستوييه وصل إلى قناعة راسخة وعميقة بأن استعادة الدولة الجنوبية مجددا هو الخيار الاستراتيجي الوحيد لاستعادة هويتها وتأسيس وقيادة دولتها الوطنية التي يتصورونها نموذجاً تحديثيا مدنيا ديمقراطياً معاصراً على مستوى الإقليم الأوسع كله، ولهذا فإن هذا الفريق يبدو واضحاً بأنه غير مستعد للقبول مطلقاً بالوحدة مجدداً لشكوكه العميقة وشعوره اليقيني بأن قبوله بدولة الوحدة من شأنه أن يجعله عرضة وضحية للتآمر والخديعة والمكر الشرير على نحو أخطر وأدهى مما تعرض له في ظل تجربة دولة الوحدة 1990م من أساليب الترغيب والترهيب والاغتيالات وزرع الفتن والانقسامات وانتهاء بحرب 1994م الطاحنة والمدمرة وما تلى ذلك من قمع وقهر ونهب وسلب وإقصاء وتسلط، وهو مصمم على أن لا يلدغ من نفس الجحر مرتين مهما بلغت الإغراءات والامتيازات والمكاسب والمصالح المعروضة عليه! أما فيما يتعلق بتقاسم كافة وظائف الدولة مدنية وعسكرية من أعلى قمتها إلى أدنى حضيضها مناصفة بين الجنوب والشمال فقد ناقشنا متاعبها ومخاطرها الجمه في سياق المقالة السابقة وبينا بأن هذا الأسلوب في بناء الدول القائم على منح أو إعطاء فئة أو شريحة من فئات الشعب الواحد مكاسب وامتيازات وحقوق أكثر وأوسع من بقية الفئات والشرائح سابقةٌ مستهجنه لا تعمل بها كافة دول العالم بما فيها حتى تلك الدول المتخلفة غير الديمقراطية ناهيكم عن الدول المتقدمة والديمقراطية ، ولم تكن مطبقة أو معمولا بها سوى في دول التمييز العنصري "الابارشايد" والتي لم يعد لها وجود تقريباً في أي مكان من العالم اليوم. وإلى ما سبق ذكره فإن إقامة الدولة اليمنية اللامركزية التي تعد المطلب الاستراتيجي الأول لجماهير الشعب وثورته الشعبية السلمية العظيمة على قاعدة تقاسم وظائفها بكافة مؤسساتها واجهزتها ومرافقها المدنية والعسكرية بحيث يمنح خمس السكان تقريبا نصفها من الرئيس إلى الفراش، والنصف الآخر لباقي السكان كافة يترتب عليه وينتج عنه مخاطر كارثية عديدة لعل أهمها: 1- أنه يخالف كافة المعايير والأسس والاعتبارات الدستورية والقانونية والمتعارف عليها محليا وعالمياً ويخلق داخل الدولة مواطنتين، مواطنة درجة أولى ومواطَنة درجة ثانية، ويؤسس لتمايزات وتميزات بين أبناء الشعب الواحد وبنفس دولة المواطنة المتساوية وتساوي المواطنين في الحقوق والواجبات والتساوي التام أمام القانون.. 2- أنه يربك ويخلخل الأجهزة الإدارية للدولة ويدخلها في دوامة الفوضى والاضطراب، وإذا كانت دولة وحدة عام 1990م قد قامت على قاعدة المناصفة في وظائف الدولة كافة ولكن بين كيانين سياسيين صانعي دولة الوحدة، المؤتمر الشعبي والعام والحزب الاشتراكي اليمني، فإن قاعدة المناصفة المقترحة لوظائف الدولة اليمنية الاتحادية الجديدة ستقوم هذه المرة على أساس مناطقي جهوي جغرافي جنوب وشمال، وإذا كان هذا التقاسم بالمناصفة يناقض تماماً معايير وأسس بناء الدولة والمواطنة المتساوية كما أسلفنا القول فإنه سيدخل البلاد في دوامة عاصفة حول تحديد وتعريف من هو الجنوبي وهل هو المولود في الجنوب أم هو من يولد لأبويين أو ربما جدين جنوبيين؟. هذا من ناحية أخرى فإنه سيكشف تماماً معايير الكفاءة والمؤهل والخبرة والقدرة في التنافس على وظائف الدولة لاختيار الأفضل والاكفأ والأقدر وسيجعل من وظائف الدولة مجرد شواغر تشغل على معيار الهوية والانتماء المناطقي ولا يهم في هذه الحالة الكفاءات والمؤهلات والاقتدار العلمي والوظيفي وهو ما سيجعل من الجهاز الإداري للدولة كله مدنيا وعسكرياً أجوف وهشاً وغير كفؤ ولا فعال في أداء مهامه وأعماله على أحسن وجه حيث ستفتح أبواب الفساد والإفساد على مصارعها في تأسيسه وبنائه على معايير المحسوبية والولاءات الشخصية والمناطقية والرشاوى.. الخ، ويعطل دورة فعاليته بفعل التنافس والصراع المناطقي داخله. 3- أنه يشعر الغالبية الساحقة من السكان بالغبن والدونية والظلم الفادح وهو ما سيؤدي حتماً وعلى المدى القصير إلى تعميق العداوات والكراهية والبغضاء بين الشعب الواحد وسيؤلب أبناء الشمال ويدفعهم إلى الاصطفاف والتوحد ضد إخوانهم أبناء الجنوب ويخلق البيئة والشروط والعوامل الملائمة والدافعة والمحرضة على نشوب حرب أهلية شاملة ومدمرة وكارثية بين الشمال والجنوب لا أحد يمكن أن يتنبأ بمداها ونتائجها وقد تؤدي بالكيان الوطني لليمن إلى الانهيار والتمزق والضياع.. 4- وستحل حينها هيمنة أخرى جديدة مناطقية هذه المرة محل الأنواع السابقة من الهيمنة والاستئثار الأسري أو القبلي على نحو أو آخر، وبذلك تصبح أحاديث وشعارات الدولة اليمنية الاتحادية المدنية الحديثة والديمقراطية مجرد لغو أحاديث فارغة من المحتوى وليس لها على أرض الواقع وجود مجسد عملياً. ومع ما سبق ذكره آنفاً وغيره ورغم وضوح مخاطر وكارثية النتائج والآثار التي ستترتب حتماً على استعجال اللجوء في بناء الدولة الاتحادية المنتظرة على معايير ومقومات وأسس خاطئة وغير سليمة وخاصة تلك المتعلقة بإعادة تقسيم البلاد إلى أقاليم اتحادية وفق أسس ومعايير تتناقض تماماً مع الاسس والمعايير العلمية والجغرافية والسكانية والاجتماعية والاقتصادية المتعارف عليها والعمول بها عالمياً وكذا إعادة بناء الجهاز الإداري المدني والعسكري للدولة على قاعدة مناصفة وظائفه كافة من أعلاها إلى أدناها بين جنوب وشمال ورغم اقتناع وتسليم المحلين بمقاليد السلطة الحاكمة وكذا قادة أحزاب وقوى سياسية واجتماعية عديدة بخطأ مثل ذلك النهج والأسلوب في بناء الدولة الجديدة بل وخطورته الفادحة في قرارة انفسهم، إلا أنهم يبذلون جهوداً مضنية وشاقة لتبريره وتسويقه باعتباره وفقاً لرؤيتهم خيار الضرورة الذي لا خيار غيره ولا مهرب منه ويعتبرونه وسيلة لإقناع الجنوبيين وتطمينهم وكسب ثقتهم ونيل موافقتهم على البقاء ضمن تلك الدولة الاتحادية بالأسس التي أوضحناها آنفاً وإسقاط خيار الانفصال واستعادة دولتهم المستقلة من جديد خاصة وأن الثروات الاستراتيجية تتركز اساساً على أرض الجنوب ويجب الحرص على ضمان عدم ضياعها مهما كان الثمن الواجب دفعه في سبيل ذلك!! والواقع أن هذا الأسلوب البراجماتي الذرائعي الميكافيللي إلى جانب عدم اخلاقيته ابتداء فإنه ربما كان صالحاً إلى حدما في ادارة دفة المفاوضات والصفقات والمؤامرات والمناورات السياسية بين أطراف عديدة ومتصارعة خاصة إذا كان فيها غالب ومغلوب ومنتصر ومهزوم لكنه على وجه اليقين لا يصلح ولا ينجح في تأسيس وبناء الدول الحديثة القوية وإرساء مقوماتها وأسسها الراسخة والسلمية والصحيحة وذلك لأن بناء هكذا دول يعد مسألة استراتيجية مستقبلية وليس مسألة تكتيكية آنية قصيرة الرؤية وأن الإصرار على اعتماده والأخذ بمقتضاه في بناء دولتنا الاتحادية الحديثة المنشودة لن يحافظ على الجنوب وثرواته بل سيفضي يقيناً إلى فقدان الوطن اليمني برمته وضياعه ككيان وطني والدفع به داخل نفق مظلم ومصير مجهول.. والثابت والجلي والواضح تمام الوضوح أن إقناع الجنوبيين وكسب ثقتهم وتطمينهم ونيل موافقتهم على البقاء ضمن إطار دولة اتحادية حديثة جديدة لا يتحقق إلا عبر الحوار المفتوح والمتكافئ لإقناعهم: 1- أن حاضرهم ومستقبلهم وحريتهم وكرامتهم وعزتهم لا يتحقق ولا يضمن إلا في اطار حاضر ومستقبل وحرية وكرامة وعزة الوطن والشعب اليمني كله على امتداد أراضيه وبشمول هوياته وخصوصياته مكوناته وهم جزء أساسي فيه وفي القلب منه فالأفراد والمكونات تقوى وتزدهر في وطن وشعب قوي وعزيز. 2- أن تأسيس وبناء الدولة اليمنية الاتحادية الحديثة الديمقراطية القائمة على مبادئ المواطنة المتساوية الكريمة والمؤسسات الدستورية الكاملة وسيادة القانون واستقلال ونزاهة القضاء والتداول الوطني السلمي للسلطة وبالسلطات والصلاحيات الواسعة للأقاليم الاتحادية هي أفضل ضمان وأقوى كافل ومحقق لتطلعات وآمال وطموحات الجنوبيين وقواهم الطليعية والحية مثلهم تماماً مثل سائر إخوانهم الشماليين فالمواطن والأحزاب والمنظمات والقوى السياسية والاجتماعية كافة تكون دائما قوية وكبيرة ومتآلقة وشامخة في ظل دولة محترمة كبيرة وشعب عزيز مزدهر كريم ومؤثر إيجاباً داخله وعلى محيطه الإقليمي والدولي أكثر وأعمق وأوسع مما تتيحه وتحققه الدولة الأصغر والأضعف. 3- أن تطمين الجنوبيين وإزالة هواجسهم وشكوكهم المرتابة ومخاوفهم المعلقة إنما يتحقق فقط عبر اتخاذ سلسلة من الإجراءات والخطوات العاجلة الفورية لوضع النقاط العشرين التي أقرها مؤتمر الحوار الوطني منذ فترة ماضية والخاصة بمعالجة وإزالة آثار ونتائج السياسات الهوجاء لسلطة الحكم العائلية الفاسدة البائدة ورفع المظالم والانتهاكات والتجاوزات بحق الجنوب ومقدراتهم في أعقاب حرب أكتوبر باعتبار تلك النقاط وتنفيذها ممهدة وميسرة لمؤتمر الحوار الوطني وعلى التحديد تلك النقاط المتصلة بإعادة ضباط وجنود وقادة جيش الجنوب وأجهزته الأمنية والقادة الموظفين المدنيين الذين تم تسريحهم بالجملة عقب حرب 1994م إلى أعمالهم ووظائفهم وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم إضافة إلى استرجاع الأراضي والعقارات والشركات والمشاريع التنموية التي نهبت ووزعت لمراكز القوى النافذة في السلطة أو حلفائهم الموالين لها أو التعويض العادل عنها، وهذه القضية الاخيرة بالذات يعلم الجميع أنها تتطلب توفر إمكانيات مالية كبيرة لتغطيتها، لا شك أن موارد الدولة لا تستطيع الوفاء بها غير أن ذلك يتطلب من قادة الدولة
التفاهم العاجل مع الدول الراعية للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وسائر الدول المانحة بهدف الحصول على التمويلات المالية اللازمة لتأسيس صندوق يتولى تنفيذ متطلبات واحتياجات التعويضات المطلوبة، ولا شك بأن اتخاذ مثل هذه الإجراءات والخطوات العاجلة والفورية المشار إليها آنفاً إضافة إلى باقي ما تضمنته النقاط العشرين من شأنه تطمين الإخوة الجنوبين وزالة شكوكهم وهواجسهم وارتيابهم وبالأخص منها عودة جيش وأمن الجنوب إلى اعمالهم ومواقعهم ووظائفهم اذ ان مثل هذا الاجراء من شأنه اعادة التوازن الى القوات المسلحة والأمن وسيعجل بعملية إعادة بناء الجيش والأمن على أسس ومعايير وظنية وعلمية حديثة ومتطورة وسيمثل الجنوبيون فيه قوة رئيسية مؤثرة وفاعلة وهو ما يوفر للجنوبيين أقوى عقب حرب 1994م. وعلى ضوء ما سبق وبناء عليه فإننا سنصبح جميعاً وفي المقدمة من الجميع إخواننا الجنوبيون أمام التحدي الاستراتيجي الأعظم المتمثل بالدفع إلى تأسيس وبناء الدولة الاتحادية الديمقراطية الحديثة على أحدث وأمتن الأسس والمقومات المعاصرة لننطلق جميعاً كشعب واحد بها ومن خلالها وفي ظلها نحو إعادة صنع الحياة واليمن الجديد على أرضنا حرية وتقدماً وعدلاً ومساواة وكرامة ولنبني بتضافر وتكافل طاقاتنا وإمكانياتنا وقوانا الكامنة العظيمة صرح نهضتنا الحضارية الشاملة لخيرنا وخير أجيالنا القادمة من بعدنا لنحتل عن جدارة واقتدار مكانتنا اللائقة بنا وبتاريخنا تحت الشمس. وإذا لم ننجح في حل ومعالجة القضية الجنوبية التي لا ينكر أحد مركزيتها وتعقيدها على النحو الذي تصورناه في سياق هذه المقالة ومع التنبيه والتحذير من خطورة اللجوء إلى سلق حلول ومعالجات مبترة وقاصرة وخاطئة وعشوائية وآنية وما سينتج عنها من آثار ونتائج كارثية مدمرة وشاملة فإن على الجميع أن يتحلى بأقصى درجات الشجاعة والمسئولية الوطنية ويواجه القضية الجنوبية بحل جذري جريء وحاسم يقود على الفور إلى منح إخواننا الجنوبيين الحق في تقرير مصيرهم من خلال استفتاء حر ونزيه ومحايد لشعب الجنوب يختار من خلاله وبإرادته الحرة بين البقاء ضمن دولة اتحادية جديدة أو استعادة دولته المستقلة ويجب على الجميع احترام إرادته وخيار موضع التنفيذ ذلك هو الحل الأمثل والأصوب والأحرص والأقل كلفة وإضراراً بالأمن سبيلاً مما يمكن أن ينتج عن أساليب الحل والذرائعية البراجماتية الميكافيلية من مخاطر وكوارث انفجار حرب أهلية شاملة وواسعة لا تبقي ولا تذر. هذه هي رؤيتنا التي حرصنا كل الحرص المستطاع على استنادها إلى أقصى درجات الموضوعية والواقعية والمسئولية والواجب الوطني والأخلاقي، وحسبي أنني قد بلغت اللهم فاشهد.
عبدالله سلام الحكيمي
بريطانيا - شيفلد في 21/9/2013م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.