على العكس مما كان متوقعًا أن تدفع حالة اللا دولة، التي وصات إليها البلاد في الآونة الأخيرة، في تشظي وانفصال جنوباليمن عن شماله، تشظت مواقف القيادات الجنوبية وازدادت انقسامًا، وتوارت محاولات فرض الانفصال على الأرض. حيث فشلت القيادات الجنوبية في توحيد صفوفها خلال الأسبوعين الماضيين، وإعلان موقف موحد قد يفضي إلى انفصال الجنوب عن الشمال الذي يعيش حالة فراغ دستوري بعد استقالة الرئيس هادي ورئيس حكومة الكفاءات مع حكومته، فالتهديدات التي أطلقتها عدد من القيادات الجنوبية عبر عدد من القنوات الإخبارية العربية بفك الارتباط خلال ساعات من إعلان هادي استقالته كردّ فعل تراجعت، بل وتورات بعد عودة القيادات الجنوبية إلى صراعاتها السابقة بالتبنّي المزدوج للمبادرات والتسابق على القيادة الموحدة، وبعد فشل محاولات القيادي في الحراك محمد علي أحمد التوصل إلى أي اتفاق من شأنه أنْ يوحّد صف القيادات الجنوبية بمختلف مكوناتها، الأسبوع قبل الماضي.. وفشل القيادي عبدالرحمن الجفري هو الآخر في التوصل إلى أي اتفاق مع المكونات التي عقد معها عددًا من الاجتماعات؛ بسبب تنصيب نفسة رئيسًا لأي كيان موحد يتحدث عن الجنوب. صراع المصالح بين قيادات الحراك الجنوبي أصاب الشارع الجنوبي بصدمة أخرى، إضافة إلى الصدمات السابقة التي تلقاها من القيادات الجنوبية التي تمسك بها، واعتبرها قيادات تاريخية ارتبط اسمها بالقضية الجنوبية ليواصل مشواره النضالي في سبيل قضية عبر تنفيذ العصيان المدني السلمي في شوارع عدد من المحافظاتالجنوبية كل يوم اثنين وخميس، إلا أنه منذ أسبوعين لم يعد يخرج لتنفيذ العصيان تلبية لدعوات الحراك الجنوبي، بل وفاء لشهداء الجنوب وأسرى الحراك، وهو ما يؤكد أن قيادات الحراك الجنوبي قد نجحت بالفعل بفك ارتباطها بالشارع الجنوبي قبل أن تحقق مطلب الجنوبيين في فك الارتباط عن الشمال. وفيما ظهرت عدد من القيادات الجنوبية، التي لاتحظى بثقل في الشارع الجنوبي، كرئيس مؤتمر شعب الجنوب محمد علي أحمد، والسيد عبدالرحمن الجفري - رئيس حزب رابطة أبناء الجنوب، غاب الزعيم حسن باعوم والرئيس السابق علي سالم البيض عن المشهد، كما غابت العشرات من القيادات الميدانية في المحافظاتالجنوبية التي ارتبطت بالشارع الجنوبي وفعاليته خلال الفترات الماضية. انشقاق الجنوب من الداخل انشقاق الجنوب من الداخل امتد إلى الهيئة الشرعية الجنوبية التي تعاني انشقاقات من الداخل، كما كشف بيان صادر عن الهيئة الأسبوع الجاري.. وفيما نشرت بعض المواقع الجنوبية بيانًا قالت إنه للهيئة الشرعية الجنوبية تدعو فيه إلى تنصيب الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض رئيسًا للدولة الجنوبية القادمة، نفى رئيس الهيئة الشيخ حسين عمر بن شعيب - أمس الأول الاثنين - صلتها بالبيان السياسي، وقالت في بيان صادر عنها: إن البيان السياسي الذي نُشر باسم الهيئة محض افتراء على الهيئة، لا علم لنا به، ولذلك ننفي صلتنا وعلاقتنا به، وطالبت بعد اعتماده.. إلا أن مصادر مقربة من الهيئة الشرعية للجنوب قالت إن البيان السياسي صادر عن الهيئة، وأشارت إلى وجود خلافات داخل أعضاء الهيئة أنفسهم، كما أشار البيان السياسي إلى أن الهيئة الشرعية الجنوبية للإفتاء بينت وجهة نظر شرعية وجوب وجود الحاكم المسلم الذي يسير شؤوننا في دولة الجنوب حتى لا ينفرط العقد وتزداد الأمور سوءًا، وذلك من خلال عودة الاخ الرئيس علي سالم البيض أو من يتم التوافق عليه في الداخل.. مع ضرورة التزامه منهج الشورى في الحكم وإقامة العدل والمساواة، وحفظ الحقوق والحريات، ووجوب المحافظة على سيادة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وحماية أمنها واستقرارها ووحدة أرضها من باب المندب غربًا إلى المهرة شرقًا، وفقًا وحدودها المتعارف عليها قبل العام 1990م. ودعت الهيئة الشرعية الجنوبية حكام الأمتين العربية والإسلامية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي والجامعة العربية إلى سرعة إعادة الاعتراف بدولة الجنوب وردع فرقاء العمل السياسي من القوى المتصارعة في الشمال من نقل خلافاتهم إلينا أو زج الشعبين الشقيقين في الدولتين الجارتين في حرب لا تخدم إلا أعداء أمتنا في الداخل والخارج، وحفظًا لحق الجوار، وتمهيدًا لبناء علاقات إسلامية حميمة في المستقبل بين البلدين الجارين. ودعت الهيئة الشرعية كل القوى الجنوبية من مكونات وهيئات ونقابات ومنظمات إلى وجوب جمع الكلمة ووحدة الصف والاصطفاف الشعبي لاستعادة وبناء الدولة.. كما دعت الهيئة الشرعية الجنوبية إلى عقد لقاء عام لكل القوى والفصائل والمكونات والهيئات والشخصيات السياسية والدينية والاجتماعية والتجارية.. إلخ، الجنوبية في العاصمة عدن في تاريخ يتم الاتفاق عليه في أقرب فرصة. فشل فكرة إسقاط معسكرات الجيش وفيما أعلنت السلطات المحلية - الأسبوع الماضي - إغلاق الأجواء وعدم الانصياع لأي أوامر تأتيها من صنعاء، وإعلان مجالس عسكرية بعد تسلم اللجان الشعبية التي سبق أن شكلت في محافظاتأبينولحجوعدنوشبوة خلال العامين الماضيين لمساندة الجيش في مكافحة الإرهاب، اكتفت اللجان الشعبية - منذ نهاية الأسبوع الماضي - باتخاذ إجراءات أمنية لعدم تسلل المسلحين الحوثيين إلى المحافظاتالجنوبية، ولم يعد الحديث يدور عن الانفصال وفرض السيطرة على مؤسسات الدولة ومصالحها في المحافظاتالجنوبية، بعكس ما كان الجمعة قبل الماضية. كما تراجعت فكرة إسقاط المعسكرات في المحافظاتالجنوبية بعد فشل اللجان الأمنية في محافظتي شبوةولحج في إسقاط عدد من المواقع العسكرية، وقوبلت برد عنيف من القوات المرابطة في عتقشبوة وملاح ردفان، وهو ما دفع بعدد من القيادات الجنوبية إلى إعلان موقفها من محاولات إسقاط ألوية الجيش من قبل اللجان الشعبية على غرار ما حدث في صنعاء من قبل اللجان الشعبية الحوثية، واعتبر عدد من القيادات الجنوبية، من بينهم محمد علي أحمد، محاولات إسقاط الجيش في الجنوب محاولة لإدخال الحراك الجنوبي السلمي في صراع وفي دوامة العنف، وأكدت عدد من المكونات تمسكها بالخيار السلمي لحل القضية الجنوبية. مجلس الحراك يدعو لمؤازرة ردفان المجلس الأعلى للحراك الثوري السلمي من جانبه أصدر بلاغًا صحفيًّا (الجمعة الماضية) دان فيه اجتياح الجيش لردفان، ودعا المجلس الأعلى أبناء الجنوب إلى التحرك لمساندة أبناء ردفان وفك ما أسماه "الحصار" عنهم، ووقف القتل والدمار الذي خلفته المواجهات، وأعلن المجلس أسماء قتلى المواجهات في ردفان، وهم: "يسلم عبدالله علوي، مأمون فضل، علي محمد حسن". وأكد أن شعب الجنوب مستمر في نضاله بكل الخيارات المتاحة، ولن يقف مكتوف الأيدي، مشيرًا إلى أن دخول المليشيات "الإرهابية" في خط المواجهة ضد شعب الجنوب للسيطرة على المعسكرات والوحدات العسكرية في الجنوب، كما هو جارٍ في معسكرات العند وردفان، تتطلب مسؤولية جماعية من كل القوى الرافضة للعنف والإرهاب وحكام الاحتلال الجدد. وفي ذات السياق كشف نائب رئيس المجلس الأعلى للحراك الجنوبي عن توجه الحراك لإسقاط معسكرات الجيش في الجنوب.. وقال صالح يحيى سعيد - النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للحراك الثوري: إن الهدف من الهجمات إسقاط معسكرات الجيش وطرده من تلك المناطق. وأضاف: أن هذا التحرك يأتي "ضمن توجه الحراك الجنوبي لفرض السيطرة على جميع مناطق ومحافظاتالجنوب بالطرق السلمية أو عبر الدفاع عن النفس". المجلس الموحد ينشق من الداخل الأحد الماضي أعلنت مجالس الحراك من معظم محافظاتالجنوب انسحابها من الهيئات العليا للمجلس الأعلى للحراك الثوري الموحد.. وقالت المجالس: إنها أقرت تعليق ارتباط هيئاتها في المحافظات مع الهيئات العليا للمجلس الأعلى للحراك الثوري؛ احتجاجًا على انشغالها بالاجتماعات الخلافية، بالإشارة إلى الاجتماع المزعوم بصفة "الدورة الأولى للمجلس الأعلى للحراك الثوري"، المنعقد في العاصمة عدن الخميس. وعبّرت هيئات مجالس الحراك السلمي لتحرير واستقلال الجنوببالمحافظات عن التزامها بتوجيهات الزعيم حسن أحمد باعوم لتهيئة الفرصة المناسبة لنيل الاستقلال.. مؤكدة امتثالها للعمل مع كافة القوى الجنوبية الحية الفاعلة في سبيل فرض استعادة الدولة الجنوبية. وعزت تعليق ارتباطها بالهيئة التوحيدية بسبب إقدام العناصر من أعضاء اللجنة التوحيدية المشتركة على ترتيب هذا الاجتماع بصورة فردية دون مشاركة تلك الهيئات، وأقرت تعليق ارتباط الهيئات القيادية للمحافظات مع المجلس الأعلى للحراك الثوري السلمي لتحرير واستقلال الجنوب، واعتبار الهيئات القيادية العليا للمجلس الأعلى للحراك الثوري السلمي - جميعها - مُعطلة وكأن لم تكن، وطالبت تدخل الزعيم حسن أحمد باعوم لردع التجاوزات من أعضاء اللجنة التوحيدية المشتركة، وإعادة النظر في إعادة الهيكلة لقوامها، وكل ما يراها من الإجراءات والوقت والظروف المناسبة. النوبة: استقلال الجنوب من إقليمين وفي ذات السياق أكد مؤسس "الحراك الجنوبي" العميد ناصر النوبة - الجمعة الماضية - أنه بإعلانه استقلال جنوباليمن إلى إقليمين وتشكيله مجلسًا عسكريًّا لإدارة أمور محافظة شبوة التي يتواجد فيها، حاليًّا، لم ينقلب على نتائج مؤتمر الحوار الوطني، بل ينفذها مستندًا في ذلك إلى قرار تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم، اثنين في الجنوب وأربعة في الشمال. وأوضح: أن المجلس العسكري، الذي شكّله في شبوة، يضم عددًا كبيرًا من القادة والضباط والجنود في المحافظة، إضافة إلى تشكيل لجان شعبية لحفظ أمن واستقرار مدن ومناطق شبوة. وشدد على أنه "إذا استمر الوضع كما هو عليه فسيكون لنا موقف أكثر تصعيدًا بالتنسيق مع إخواننا في محافظاتحضرموت والمهرة وسقطرى، وسنعمل على بناء إقليمنا وفق ما تضمنته المبادرة الخليجية ونتائج مؤتمر الحوار واتفاق السلم والشراكة، ولن ننتظر حتى يسبقنا الزمن، والحوثيون يتحملون مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع الراهنة". دعوة لطرد بقايا النظام وفي اتجاه التصعيد اعتبر الدكتور عبدالحميد شكري - رئيس المجلس الوطني الأعلى للنضال السلمي لتحرير واستعادة دولة الجنوب - الأحداث التي شهدتها محافظتا عدنولحج بأنها تأتي ضمن خطة يقوم بتنفيذها أعوان الحوثيين من محافظي النظام في عدنولحج بُغية السيطرة على المحافظتين. وأضاف شكري - في بلاغ صحفي- "أن خطط محافظي لحجوعدن, ستفشل، وأنهم يعيشان في وهم ويعتقدان أن النظام ومليشيات الحوثي والقوات الخاصة ستحميهما من غضب شعب الجنوب الذي يرتكبون بحقه الجرائم".. مُحمِّلاً محافظي عدنولحج مسؤولية سقوط الشهداء في الحراك، وتوعَّدهم بأنهم سيقدمون للمحاكمة مهما طال الزمن. وأشار إلى تدشين محافظ عدن - الأحد - ومعه قائد القوات الخاصة، الاستعراض العسكري للقوات الخاصة، وإصدار محافظ عدن الأوامر لقيادة القوات الخاصة بالتحرك لقمع أبناء شعب الجنوب، حسب تعبيره، ولفت إلى أن توجيهات المحافظ لقوات الأمن تأتي بعد أن فشلت القوات الخاصة في النيل من صمود اللجان الشعبية الجنوبية التي تحفظ الأمن من فوضى عصابات النظام. وقال: "إننا في المجلس الوطني الأعلى للنضال السلمي لتحرير واستعادة دولة الجنوب نهيب بجماهير شعبنا الجنوبي العربي وشبابه الأبطال الوقوف جنبًا إلى جنب مع اللجان الشعبية الجنوبية لفرض واقع جديد، وطرد بقايا النظام على طريق تحقيق الاستقلال، وإقامة دولة الجنوب العربي المستقلة عضوًا في الأممالمتحدة". عدن تستعرض القوة محافظة عدن التي تحولت إلى مسرح لاختبار القوة بين اللجان الشعبية وقوات الأمن خلال الأيام الماضية، وعلى عكس مواجهات الأسبوع المنصرم، التي تسببت باعتقال طقم بكامل أفراده من قِبل اللجان الشعبية، نجحت قوات الأمن الخاصة في الحد من تجاوزات اللجان ووقف عملياتها ضد أفراد الأمن. وحاولت اللجان تهميش دور أجهزة الأمن في مدينة عدن منذ مطلع الأسبوع الجاري، وخصوصًا عقب العرض العسكري الذي شهدته عدن (الأحد)، والذي من خلاله أوصلت السلطات الأمنية عددًا من الرسائل السياسية إلى أطراف سياسية مختلفة، ومنها الحراك واللجان الشعبية. ووفق مصدر مسؤول في اللجنة الأمنية بعدن فإن مجموعة مسلحة أقدمت على قطع الطريق العام (الخط البحري خور مكسر - المنصورة)، ووضع نقطة وبرميل، ومارست تفتيش السيارات والمارة في هذا الخط، وقيامهم بإطلاق النار على أيّة سيارة لا تقف للتفتيش، وقد أصابوا إحدى السيارات المحملة بمواد غذائية، الأمر الذي أوجد حالة من الفوضى والهلع وإقلال السكينة العامة في المحافظة بشكل عام. وقال المصدر: إن اللجنة الأمنية حاولت التواصل مع الكثير من الحراك واللجان الشعبية لمعرفة المجموعة ومحاولة رفعهم من الخط، وفتح الطريق دون جدوى، وبعد كل ذلك اضطرت الأجهزة العسكرية والأمنية إلى التعامل مع هذه المجموعة الخارجة عن القانون، وقد تم القبض على اثنين منهم، ولاذ بقية أفراد المجموعة المسلحة بالفرار إلى ساحة العروض بمديرية خور مكسر، بالإشارة إلى أنهم من الحراك الجنوبي. وفي أول ردة فعل على وقوف محافظ لحج أحمد عبدالله المجيدي مع النظام والقانون، ورفضه محاولات ما تُسمى بالمقاومة الجنوبية بإسقاط معسكرات الجيش، هاجم مسلحون يرجح بانتمائهم لتنظيم القاعدة، مكتب محافظ لحج وملعب معاوية، مساء أمس الأول الاثنين، بقذيفتين، أعقبه اندلاع اشتباكات. ويأتي الهجوم بعد يومين من فك حصار فرضه مسلحون على كتيبة للجيش في منطقة "الملاح".