عبدالله السالمي - سهام الأديمي - لماذا تغطي، والتي نسميها المنقبة وجهها؟ وتكشف عنه «التي نسميها» المحجبة؟ وكيف تنظر كل منهما الى الاخرى.. وما علاقة ما تكون عليه احداهما بالحفاظ على الشرف، والكينونة على الوضوح، والنظر الى التحرر والتعاطي مع فرص العمل؟ البداية مع كريمة الخولاني التي لم تكن تتوقع ان يكون سؤال البدء بهذه الصيغة «لماذا اخترت النقاب» كان ذلك واضحاً في جوابها ، إذ قالت : لأن الله عز وجل أمرنا بذلك في محكم آياته «وروت الآية بالمعنى».. قلت لها قد يكون للامر علاقة بالعادات والتقاليد في اليمن ، فقالت: انا شخصياً ارتدي النقاب لأنه امر من الله سبحانه وتعالى وليس له علاقة بالعادات والتقاليد. وعن ما اذا كان للنقاب علاقة بشرف المرأة والمحافظة على دينها، وايهن الاكثر تعرضاً للأذى، المنقبة ام المحجبة، تقول كريمة الخولاني: المرأة دائماً ما تتعرض للأذى سواء كانت منقبة ام محجبة، وهي وحدها التي تستطيع الحد من هذه الظاهرة ، بطريقة تصرفاتها وردود افعالها تجاه ما تتعرض له من اذى ومضايقات، اما عن شرف المرأة فإنها سواء كانت منقبة او محجبة تستطيع المحافظة على نفسها وسمعتها في كل الحالات.. لأن المسألة تعتمد على ما بداخلها من قيم وافكار تترجمها عملياً.. وليس في المظهر او اللباس ، فالسؤال هو: ما هي القيم التي تحملها والافكار التي تتبناها ، لأنها هي التي سوف تنعكس على سلوكها تلقائياً، وبحسب آليات السلوك الذي تسلكه في حياتها تستطيع المحافظة على نفسها. إذاً فكيف تنظر كريمة الخولاني كمنقبة الى اختها المحجبة؟ تقول: ليس هناك اختلاف فسواء كانت منقبة او محجبة فإنها في الاخير امرأة لابد ان تحافظ على ما فطرها الله عز وجل عليه.. قلت لها : هناك من يقول ان المرأة المنقبة اقل وضوحاً من المحجبة؟ فأجابتني محتدة: غير واضحة في ماذا؟ عند ما يقول شخص انا غير واضحة.. فما هي آليات التعامل التي يفترض ان تكون، ويقاس على إثرها الوضوح؟ وتضيف: انا اعمل مع الرجل في مهام معينة وبضوابط معينة.. وفي فترة زمنية محددة، وعندما انهي عملي يكون قد انتهى كل شيء.. فما هي درجة الوضوح التي يريدها ما دامت المهام واضحة عندي وعنده كذلك..؟ انني حين انجز مهامي الموكلة اليَّ يكون بذلك قد انتهت قضية عملي معه .. فما هي درجة الوضوح التي يريدها من يزعمون عدم الوضوح؟ قلت لها: من نحو تعابير وتقاسيم الوجه مثلاً؟ فأجابت بذات الحدة في ماذا؟ وكررت اذا كنت اتعامل معه في مهام فهي واضحة لدى الجميع، سواء كانوا رجالاً او نساءً.. اما إذا كانت مسألة الوضوح بعيدة عن قضية المهام والاعمال فهنا سوف يظهر الغموض.. وعن ما اذا كان التخلص من النقاب للمرأة شيئاً في طريق التحرر والوصول الى حقوقها تقول كريمة: طبعاً لا.. فبإمكانها ان تتحرر وهي منقبة، وتؤكد ان ازمتنا ازمة فكر، وليست أزمة لباس ، وتضيف: لابد ان نتحرر بالفكر من الاشياء التي تحولنا الى سلع لاشباع غرائز الضعفاء.. فالقضية قضية فكر، اذ كيف يمكن لي بالافكار والقيم ان اغيّر في هذا المجتمع، وان اخرج جيلاً صالحاً سوياً، وان ننهض بأنفسنا سياسياً وثقافياً واجتماعياً واقتصادياً.. فإذا عرفنا حدود الشرع في الحجاب، وكيف يجب ان تكون المرأة في بيئتها سواء كانت منقبة او محجبة فإن عليها ان تلتزم بالحجاب الاسلامي الذي ترتاح فيه وتريح، وان تكون صاحبة افكار ، ولا تشترك في إحداث الازمات الفكرية. سناء الحكيمي لها في كل ذلك رأي مختلف ربما لأنها تتحدث عن ما هو واقع، لا ما تمليه الايديولوجيا لقد كانت محجبة وكاشفة عن وجهها ، ثم تنقبت ، فلماذا اختارت النقاب؟ تقول دونما تردد: لأن الحجاب ملفت للنظر اكثر ، فالمحجبة تثير فضول الكثيرين.. وتؤكد من واقع تجربتها: لقد كنت محجبة ، ثم بفعل هذه الاشياء تنقبت ، وتضيف: والمنقبة لا يعرفها احد، ولذلك فإنها في النقاب تحس براحة اكثر.. ثم ان اكثر اليمنيات منقبات بسبب العادات والتقاليد فوجود النقاب ليس لأن الله سبحانه وتعالى امرنا به فقط، بل لأن العادات اوجدته ايضاً. أعمال تستدعي كشف الوجه وتؤكد سناء الحكيمي ان نظرتها الى المحجبة نظرة عادية، ولكن عندما لا تضع اي مساحيق على وجهها لأنها ليست وحدها التي ستنظر لها نظرة غير سوية عندما تضع شيئاً من ذلك، وانما المجتمع ايضاً. وفي موضوع آخر تشير الحكيمي الى ان ما يتلاءم مع سوق العمل هو الحجاب وليس النقاب وتقول: لقد وجدت ذلك بنفسي ، لأن الاولوية تكون دائماً للمحجبة، حتى لو توافرت كل الامكانيات للمنقبة.. وعلى هذا فإنها تؤكد ان للحجاب علاقة بالوضوح وتقول: نعم للنقاب علاقة بعدم الوضوح، خاصة وان هناك اعمالاً تستدعي ان تكون المرأة كاشفة مثل التدريس، والعمل في الشركات الاجنبية، ناهيك عن ان بعض الشركات تجعل من المرأة ديكوراً للعرض فقط. قلت لها بعيداً عن هذا فهل يؤخذ الحجاب على انه خطوة للتحرر، والانطلاق نحو آفاق اخرى؟ فقالت سناء الحكيمي: هذا يعتمد على المرأة نفسها لأن هناك من البنات من يكشفن من وراء اهلهن ، واذا عدن اليهم عدن منقبات، وعند ذلك فإنهن ينطلقن انطلاقة قوية الى الاسوأ من الاعمال ، وكذلك الحال بالنسبة لبعض المنقبات اللاتي يبقين على النقاب ، فإن منهن من يتخذن من النقاب ستاراً يخفين به ما في انفسهن من مرض فكري.. وتختم بالقول: ان انطلاقة المرأة نحو التحرر يجب ان تكون بالفكر ولا شيء سواه.. اما بشرى العبسي فإنها وان كانت تعتقد ان للنقاب علاقة نسبية بالعادات والتقاليد الا انها اختارت النقاب لسبب آخر لا علاقة له باعتقاد ديني ، أو التزام لوطئة من هذه العادات والتقاليد ، فحين سألتها لماذا انت منقبة؟ وسارعت تحدثني بلهجة عامية ولسان حالها ينوء بحمل اعباء سر طالما تمنى ان يكشف عنه وقد واتته الفرصة، وقالت بشيء من الضنك: «ايش اقول لك» «انا وصلت الى مرحلة مش حلوة» كان الناس من حولي ينظرون اليّ نظرة اخرى، وكانوا ينادونني بالصينية «لأنني نوعاً ما اشبه الصينيين» فأتحرج من ذلك كثيراً.. فاخترت النقاب لأنه فعلاً وقاية للمرأة ، ولقد حفزني أخي الكبير على ذلك. قلت لها: عدا عن هذا كيف يكون النقاب وقاية للمرأة بالنسبة لك على الاقل؟ فقالت: وقاية من المعاكسات والمضايقات، وخاصة مع ظهور تقنية التصوير في التلفون السيار، والبلوتوث وانتشارها في اوساط الشباب في اليمن ، حيث يقوم ضعفاء النفوس بالتقاط صور للبنات الكاشفات وهن في الشارع، ويقومون باستخدامها استخداماً سيئاً مما يسبب لهن الكثير من المشاكل، ومع ذلك تضيف بشرى العبسي: فالنقاب ليس اساسياً للمرأة للمحافظة على شرفها ، فأدب المرأة واستقامتها وحسن سلوكها هي من ستحافظ على شرفها، وتحفظ لها كرامتها. ليس لأهلي دخل من جهتها تؤكد أفراح حيدر انها اختارت النقاب بسبب قناعة داخلية لديها، وتقول: لم يفرض اهلي النقاب عليّ وهم غير ممانعين ان اكون منقبة ام غير ذلك ، وانما اخترته لأنه امر الله، وتضيف: بعض الناس يجبرون بناتهم على النقاب لا لشيء الا لكي لا يقول الناس عليهم تركتم بناتكم من غير نقاب.. والنقاب ليس له علاقة بشرف المرأة، فهل يعني هذا ان المحجبات لا يحافظن على شرفهن؟ وتجيب لا طبعاً.. وكذلك الحال بالنسبة للوضوح .. وانا احترم المحجبة التي لا تضع المساحيق وليس غرضها لفت الانظار ، لكني افضل المنقبة عليها.. سجن المساحيق وعن رأيها فيما قد يقال عن امكانية حصول المرأة على قدر من التحرر بالتخلي عن النقاب تقول افراح حيدر : النقاب لم يمنع المرأة من التعلم، او لم يكن قيداً لها من الالتحاق بالتعليم.. ولو كان كذلك لما وصلت الى ما هي عليه اليوم.. فالنقاب لم يقيد المرأة بل اعطاها كامل حريتها وحررها من سجن المساحيق. واذا كان يسوق العمل محددات تختلف عما تذهب اليه فإنها من قبيل ما تؤكده من ان اكثر الشركات والمؤسسات تشترط ان تكون المرأة محجبة.. وتقول: لكن من ترك شيئاً لامر الله عوضه افضل منه، ولقد تركت الحجاب وتنقبت من اجل ما امرني الله به، وسوف اظل منقبة، وسيعوضني الله بعمل مناسب لا يشترط الحجاب ويرضى بي منقبة. وحدها هبة النصيري بين اللاتي ارجعن اختيارهن للنقاب لكونه امراً من الله - وان زادت على ذلك بالقول: ولا جدال فيه استندت الى نص قرآني تعتقد ان في معناه الدليل على ما تذهب اليه وذلك ما أوردته من قوله تعالى: «يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً حليماًَ» ومعلوم أن الامر لنساء النبي- وهن اطهر النساء- كما هو كذلك لسائر النساء.. هكذا تقول.. غير أنها تؤكد أن للأمر علاقة بالعادات والتقاليد، ولسان حالها أنها آخذة بارتدائها النقاب الجمع بين رأي الدين الذي تعتقده في الحجاب وما جرى عليه العرف ومضت به العادات والتقاليد.. اذ تقول : إن عاداتي وتقاليدي تفرض علي النقاب، وهذا شيء أيده الاسلام. أشفق عليهن ومهما يكن من أمر هذا الجمع او الخلط، فإن النصيري ترى أنه ليس بالضرورة الحديث عن تلازم بين النقاب والمحافظة على شرف المرأة، وتقول: هناك الكثير من الفتيات المجبات من هن محافظات على شرفهن، كما هو الامر بالنسبة للمنقبات.. قلت لها- وكان يمكن بهذا الخصوص ان اكتفي بما سبق- وكيف تنظرين للمحجبة؟ فقالت: تختلف نظرتي لمجبة عن اخرى.. فمهن ما يكون حجابها محتشم، وتلك انظر اليها باحترام- رغم اني اشفق عليها- ومنهن ما يكون غير محتشماً، اذ تظهر زينتها، وتلك - حقيقة- لا احترمها.. وهناك من النساء- اضافت- من تتحجب احياناً، وتتنقب في اخرى، وهذه - حقيقة- تثير استنكاري، لانه لابد ان يكون للانسان مبدأ يسير عليه، فان كانت ترى ان النقاب هو الافضل فلتفعل، وان كانت ترى ان الحجاب هو الاولى فلتكن عليه.. اما ان تنتقل بين الاثنين ولا تستقر على احدهما فلا.. لانها بذلك تثير الشبهات. اما عن علاقة الحجاب بالوضوح، وكذلك التحرر فان النصيري قصرت في الحديث عن هاتين الجزئيتين اموراً كانت هي الحاضرة في اولوياتها وان لم يكن التساؤل يقصد الاستفسار عنهما، وبالتالي فانها فيما يخص الوضوح تذهب الى معنى آخر اذ تقول: صحيح ان المرأة المحجبة عادة ما تكون معروفة في مجتمعها- المجتمع اليمني- لان المحجبات قلة.. ولكن هذا لا يعني ان المنقبة غير معروفة، فقد تكون واضحة للجميع باعمالها. وعن خلع النقاب والتحرر تشير الى تحرر من نوع آخر، وتقول: ان المرأة المجبة تكون اكثر تحرراً من غيرها، كما انها تسمح للرجال بالتحدث معها اكثر من المنقبة .. وتضيف: ان المرأة المحجبة اكثر انطلاقاً وتحقيقاً لذاتها من المنقبة لانها تصبح معروفة. وتختم النصيري حديثها بالاشارة الى شيئين ترى ان فرص المنقبة في كسب احدهما - قد تكون ادنى من المحجبة، والعكس بالعكس في الثاني.. وتقول: في الوقت الحالي - وللاسف- اصبح الطلب في سوق العمل يشغل ايما وظيفة على المحجبات اكثر، وخاصة في المؤسسات المختلطة، وان كان هناك الكثير من المؤسسات التي لا تعارض وجود المرأة المنقبة.. اما عن الزواج فربما في المجتمعات الاخرى تكون فرص المحجبة اكثر من المنقبة اما في المجتمع اليمني وبكل صراحة فلا اعتقد ذلك، لان الرجل هنا يبحث عن المنقبة، فهو يريد ان تكون شريكة حياته محتشمة ولا يعرفها الرجال الآخرون.