ابتسام أمين: أهلا بكم إلى محطات، أنا ابتسام أمين أقدم لكم حلقة جديدة من البرنامج من دبي: - أن تكون فنانا تشكيليا في اليمن فلا يجب أن تمتلك فقط حسا فنيا مرهفا، وقدرة إبداعية تمزج جمال اللون بروح المضمون، بل ينبغي أن تتسلح بالصبر على شظف العيش. - كيفكون بونجور.. كيف صحتك عربية.. كيف أحوالك منيحة؟ إيه منيحة كتر خير الله، كيفكن أنتو ماشي الحال أنا صحيح خرفان بس واقعة كلشي بعملوا.. ابتسام أمين: ريشة الفنان وشظف العيش عنصران متلازمان يشكلان معظم تفاصيل حياة الفنان التشكيلي في اليمن، ولكن الذوق الجمالي للمجتمع اليمني والذي يبدو واضحا في النمط المعماري وأشكال الزخرفة لم يتوافق بعد مع اللوحة التشكيلية، رغم مرور أربعين عاما تقريبا على بدء التجربة التشكيلية اليمنية. وعلى الرغم من ذلك فإن جريان الإبداع التشكيلي لم ينقطع، فهناك من الفنانين من يواجهوا أوضاعا معيشية غير مرضية معتمدا على بيع بعض لوحاته وحياة تقشفية، بينما فضّل بعض آخر الانسحاب من حياة الإبداع إلى وظائف أخرى. في هذه الحلقة يأخذنا إيهاب الشوافي في صنعاء بجولة على عالم الفنانين التشكيليين في اليمن، حيث الصعوبات لا تزال قائمة بوجه التجربة التشكيلية اليمنية بعد أربعين عاما على بذلها. الفقر.. قدر الرسام اليمني إيهاب الشوافي: أن تكون فنانا تشكيليا في اليمن فلا يجب أن تمتلك فقط حسا فنيا مرهفا وقدرة إبداعية تمزج جمال اللون بروح المضمون، بل ينبغي أن تتسلح بالصبر على شظف العيش أو أن تبحث عن مصدر آخر للكسب يعينك على متطلبات الحياة ومستلزمات هذا الفن. د. آمنة النصري (فنانة تشكيلية): أتصور أن المحظوظين من الفنانيين التشكيليين في اليمن قليلين جدا يعدون على الأصابع، الذين يستطيعون تسويق أعمالهم والذين يمتلكون حضور داخل المجتمع معروفين سواء على مستوى اليمن أو العالم العربي فبالتالي الفنانون يعانون معاناة شديدة. عادل الماوري (فنان تشكيلي): كثير منهم لا يعتمد على الفن التشكيلي، بعضهم يشتغل كمهندس أو في الدعاية والإعلان أو في الجامعة كمدرس، لهذا السبب لا ينصب كل وقته في هذا الجانب. طلال النجار (فنان تشكيلي): كل فنان تشكيلي في يوم من الأيام قال كلمة ياريت لو كنت رحت.. لو درست تخصص ثاني. مظهر نزار (فنان تشكيلي): نحنا عايشين في صحراء فين الفن وفين اليمن.. فإن أنا آسف أنا عضو في جريدة السياسة أنا تكلمت هذا الكلام.. الفن في البلاد هذا آخر يتطور ما يتطور الفن في خلال العشرين سنة أنا ما أشوف المستقبل. إيهاب الشوافي: منذ أربعة عقود على ظهور الحركة التشكيلية اليمنية على يد الرواد المبدعين لم تستطع اللوحة إلا قليلا أن تغادر مرسم الفنان أو تخلق حوارا مع الوعي الثقافي التقليدي للمجتمع اليمني. طلال النجار (فنان تشكيلي): لا توجد تقريبا علاقة حقيقية أو قوية بين اللوحة والمجتمع، ولكن تتشكل الآن تتشكل فئة أو جماعة من الناس من نسميهم بالمتلقين من اليمنيين وغالبا هي من الشباب الذين يتابعون إلى حد ما هذا الفن. عادل الماوري (فنان تشكيلي): أنا أشتغل لوحة وآخذ فيها مثلا مدة شهر أو شهرين، طبعا اللوحة تعتبر جزء من تكوين الفنان وجزء من أحاسيسه، فلما تعرض ولا يوجد من يقتني هذه اللوحة فما النتيجة؟ ممكن اللوحة الأخرى أو الثانية ما يكون فيها نفس الإحساس ونفس المشاعر. د. آمنة النصري (فنانة تشكيلية): المجتمع يتهم الفنان أنه يعيش في برجه العاجي ولا يدرك ما هو المحيط حوله، ولكن هذه الإشكالية أنا أعتقد أنها تزيد حدة في اليمن، لأن الجمهور اليمني لا زال بعيد تماما عن قضايا الفن التشكيلية، ولا زال ربما لا يمتلك الوعي الجمالي والفني الكافي، فبالتالي التشكيل بالنسبة للفنان اليمني.. بالنسبة للفنان لا تستطيع أن تقول لا تبدع مثلا لا تستطيع أن تقول لا ترسم في مجتمع جاهل. إيهاب الشوافي: جريان الإبداع التشكيلي لم ينقطع فهناك من يواجه أوضاعا معيشية غير مرضية معتمدا على بيع بعض لوحاته وحياة تقشفية، بينما فضّل بعض آخر الانسحاب من حياة الإبداع إلى وظائف أخرى. طلال النجار (فنان تشكيلي): ثمانين في المية من التشكيليين انسحبوا وللأسف فنانين محترفين كانوا دارسين للفنون التشكيلية في دول في الخارج يعني وعدد منهم تحولوا إلى أنواع أخرى من المهن. إيهاب الشوافي: ثقافة الجمال المرتبطة بالفن التشكيلي التي تكاد تنعدم في أوساط المجتمع اليمني، طالت آثارها كثيرا من الإبداع التشكيلي للفنانين اليمنيين، إذ اتجه بعضهم إلى ما يسمى بالفن السياحي. د. آمنة النصري (فنانة تشكيلية): الفنان ليس شخصية.. وليس شخصية مثالية تماما، الفنان بحاجة إلى أن يعيش وهذا يدفع الكثيرين إلى العمل بما أسميناه بالفن السياحي، بمعنى أنه يرسم للسائح الأجنبي فهو يضع في اعتباراته الشروط الضمنية التي يضعها السائح لأي لوحة يشتريها، هذا السائح عندما يأتي إلى اليمن هو يريد أن يحمل لوحة تذكره بصنعاء أو بأي مناطق يمنية وبالملابس وبالزي وبالموروث الشعبي، ولا يريد قضية معاصرة بالمعنى المفاهيمي المعاصر ربما في الفن لا يريد لوحة تجريدية أو لا يريد موقف فني. إيهاب الشوافي: حصاد أربعين عاما من الحركة التشكيلية اليمنية قدم أعمالا جمة تقوم على الفلسفة التجريبية والحداثية وما بعد الحداثية، بيد أن أكثرها ينتمي إلى المدرسة الواقعية. د. آمنة النصري (فنانة تشكيلية): لا يمكن أن يتجاهل الفنان وهو وسط صنعاء القديمة مثلا هذه العمارة المحيطة، لا يمكن أن لا تظهر هذه العمارة داخل اللوحات، لا يمكن أن يتجاهل الفنان كل هذه الحلي والزركشة الموجودة في السوق، لا يمكن أن تغفل عيناك عن المنظر الطبيعي عن هذا التنوع الجغرافي في اليمن، وأنا أعتقد أن واحدة من مشاكل التشكيليين اليمنيين هو طغيان البيئة المحيطة على أعمالهم، حتى من يشتغل في مجال التجريد وفي اللوحات الحداثية تجد ملامح من البيئة الموجودة داخله إما في الزخارف إما في اللون في أشياء كثيرة. إيهاب الشوافي: الرسم على الزجاج لون جديد في مشهد الفن اليمني، ربما كان رواده أقدر على النفاذ إلى واقع المجتمع وإيجاد سوق متفاعل يتزايد اهتمامه باقتناء مخرجات هذا الإبداع. طلال النجار (فنان تشكيلي): الفئات الجديدة من الأثرياء الجدد في اليمن اهتموا بالرسم على الزجاج لأنه تقريبا قريب من القمريات أو شيء أشبه بعمل القمريات، القمرية هي وحدة زخرفية في الهندسة اليمنية هي عبارة عن زجاج الملون المعشق بالقوس، ويمكن لتقارب الشيئين اللي هو الرسم على الزجاج مع القمرية فيبدو لهذا السبب لاقى إقبال إلى حد ما. إيهاب الشوافي: ورغم الحراك التي شهدته الساحة التشكيلية اليمنية في الأعوام الأخيرة إلا أن الفنان اليمني ما يزال يرى مسافة بعيدة بين إبداعه والوعي العام في ظل عدم وجود ما يهيأ لخلق بيئة متلاقية للوحة الفنية. فضاء يتحرك فيهما الفنان التشكيلي اليمني فضاء اللوحة المفتوح لخياله وألوانه وأحاسيسه، وفضاء مغلق حصر دوران المشهد التشكيلي في فلك النخبة بعيدا عن إطار أوسع ليسمح بظهور سوق اللوحة تسهم في تطوير تجربة الفنان اليمني. *إيهاب الشوافي – لبرنامج محطات – العربية – صنعاء.