وافق الرئيسان السوري واللبناني يوم السبت على تطبيع العلاقات المتقلبة بين بلديهما فيما وصف بأنه انقلاب دبلوماسي للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عشية قمة انطلاق الاتحاد من اجل المتوسط. وأكد الرئيس السوري بشار الاسد الذي استأنف نشاطه الدبلوماسي في اوروبا عقب تجميد استمر ثلاث سنوات بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري ان البلدين يزمعان فتح سفارتين كل في عاصمة البلد الاخر للمرة الاولى. وقال الاسد الذي كان يتحدث بجوار ساركوزي والرئيس اللبناني ميشال سليمان انه يمكنه القول بأن لبنان تحرك من كونه منطقة اضطرابات ومنطقة حرب الى منطقة يسودها قدر أكبر من السلام يكون للبنانيين واللبنانين وحدهم الحق في تقرير مستقبلهم. كما طلب الاسد من فرنسا القيام بدور مع الولايات المتحدة في دعم محادثات مباشرة بين سوريا واسرائيل. لكنه قال انه لا يتوقع ان تجري مثل هذه المفاوضات الى ان يترك الرئيس الامريكي جورج بوش منصبه في يناير كانون الثاني لان الادارة الامريكية الحالية ليست مهتمة بالسلام في الشرق الاوسط. ووصف ساركوزي اعلان الاسد اقامة علاقات دبلوماسية مع بيروت بأنه "تاريخي تماما" وخطوة عظيمة للامام بالنسبة للبنان لكنه سلم بأن بعض القضايا اللبنانية بقيت دون حل. والاستقبال الرسمي للاسد في باريس يمثل تغيرا مثيرا لرئيس كان جاك شيراك سلف ساركوزي والصديق الحميم للحريري ينأي عن التعامل معه. وتعتقد فرنسا ان دمشق وراء اغتيال الحريري. كما نسب الرئيس الفرنسي لنفسه الفضل في الجمع بين زعماء سوريا واسرائيل للمرة الاولى في نفس القاعة التي ستبدأ فيها قمة الاتحاد من اجل المتوسط التي تشارك فيها 43 دولة من حوض البحر المتوسط والاتحاد الاوروبي. غير ان دبلوماسيين قالوا انه لا توجد خطط لمصافحة أو عقد اجتماع خاص بين الاسد ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت وحتى التقاط صور جماعية أمر مستبعد. وقال دبلوماسيون ان مسؤولين كبار اجتمعوا عشية انعقاد المؤتمر فشلوا في حل الخلافات بشأن كيفية التعامل مع عملية السلام في الشرق الاوسط ودور الجامعة العربية وقضية اسلحة الدمار الشامل في بيان مشترك مزمع. لكنهم قالوا انه يوجد اجماع على ان تشترك فرنسا ومصر في رئاسة المنظمة الجديدة في اول عامين. وسيحاول وزراء الخارجية تسوية الخلافات الباقية صباح الاحد. وقال وزير الخارجية التركي علي باباجان ان بلاده ستلعب دورا نشطا في التجمع الجديد برغم المخاوف الاولية من ان ساركوزي صاغ مبادرة الاتحاد من اجل المتوسط لتكون بديلا عن عضوية تركيا بالاتحاد الاوروبي. وقال باباجان في مؤتمر صحفي "بخصوص مبادرة الاتحاد من اجل المتوسط فانا نعتقد انها ستعزز السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة وتركيا تدعم هذه المبادرة." وقال باباجان ان دور انقرة في الاتحاد الجديد سيكون نفسه في الشراكة الاورومتوسطية الحالية المعروفة باسم عملية برشلونة والتي تقول فرنسا انها بحاجة الى تنشيط. واصرت فرنسا على ان مشروعها ليس له علاقة بطموحات تركيا نحو الاتحاد الاوروبي وقال مصدر فرنسي كبير ان باريس لن توقف فتح المفاوضات بشأن مجالات جديدة تتعلق بسياسة الاتحاد الاوروبي مع تركيا خلال رئاستها للاتحاد التي تستمر ستة اشهر شريطة الا تتضمن خمسة " فصول" تفترض مقدما العضوية في نهاية المطاف. واضطرت فرنسا الى تغيير خططها الاصلية باقامة ناد قاصر فقط على الدول المتوسطية في مواجهة معارضة من دول الاتحاد الاوروبي الشمالية مثل المانيا التي خشيت من ان باريس تسعى للحد من نفوذها في الوقت الذي تجعلها تدفع الاموال لتمويل ذلك النادي. وأعطت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل التي انتقدت الشكل الاولي للمبادرة باعتباره مثيرا للانقسام موافقتها على النص النهائي. وقالت "في المستقبل نريد بحث المشاكل مع الدول التي تقع على البحر المتوسط من وضع الندية" مشيرة الى اهداف مثل مكافحة تدفق الساعين للحصول على حق اللجوء بالتعاون المشترك والعمل على تطوير البنية الاساسية والاقتصاد والنظام التعليمي لدول جنوب البحر المتوسط. واضطرت فرنسا الى اسقاط بعض الاقتراحات مثل خطط لانشاء "بنك استثمار متوسطي" ويقول منتقدون انه لم يتخلف سوى حفنة من المشروعات تختلف قليلا عن تلك التي تعمل عليها عملية برشلونة. (رويترز)