يشكل جمع خصوم ومتنافسين وأشقاء أعداء حول طاولة واحدة رهان قمة الاتحاد من أجل المتوسط التي تجمع اليوم الأحد في باريس بعد ترقب شديد وصعوبات، قادة أكثر من 40 دولة. وتعين على الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بذل جهود حتى آخر لحظة وتكثيف اتصالاته الهاتفية وإرسال العديد من المبعوثين، للتمكن من جمع دول عارض بعضها المشروع في بدايته أو متخاصمة فيما بينها أو منخرطة في منافسة منذ عقود..ونجح ساركوزي في إقناع الرئيس السوري بشار الأسد بزيارة باريس على خلفية تطبيع العلاقات بين فرنسا وسوريا..وسيجد الأسد نفسه في باريس وكذلك رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت في الوقت الذي ما زالت فيه الدولتان رسمياً في حالة حرب منذ 1948 حتى وإن دخلا في مفاوضات جديدة غير مباشرة. وأوضح دبلوماسي فرنسي: "سيجلسان إلى الطاولة ذاتها وهي مستديرة لكنهما لن يكونا جنباً إلى جنب" مشيراً إلى انهما سيكونان متباعدين بحكم الترتيب الأبجدي.. وأضاف: "اسرائيل ستكون بين ايرلندا وايطاليا أما سوريا فستكون إلى جانب تركيا". وأملت فرنسا في تكتم في حصول لقاء مباشر بين الأسد وأولمرت غير ان مثل هذا اللقاء ليس وارداً..وأوضح انطون بصبوص من مرصد الدول العربية انه "بالنسبة للأسد فان مقابلة أولمرت تعني القطيعة مع مجمل إرثه" في حين ان "أولمرت، بالمقابل، كان سيرمي بنفسه في أحضان الأسد لو استطاع لأنه يعيش صعوبات داخلية" بسبب قضية فساد. ويلتقي أولمرت على هامش القمة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في حين يلتقي الأسد الرئيس اللبناني ميشال سليمان للمرة الاولى منذ توليه منصبه. ويريد سليمان تطبيع علاقات بلاده مع سوريا. من جانبه يخشى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ان يشكل الاتحاد من أجل المتوسط وسيلة للرئيس الفرنسي لابقاء تركيا خارج الاتحاد الاوروبي. وتطلب الأمر أن يتصل ساركوزي بنفسه بأردوغان الثلاثاء ليعطي هذا الاخير رده بأنه سيشارك في القمة "إلا اذا حال حدث طارىء دون ذلك". كما أبدى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة القليل من الحماس للقمة ولم ينه حالة الترقب بشأن حضوره الا الاثنين خلال لقاء على انفراد مع ساركوزي في قمة مجموعة الثماني في اليابان. وقال دبلوماسي عربي متهكماً انه ترقب "لا يطاق".ومن المسائل المثيرة للقلق بالنسبة للاتحاد من أجل المتوسط حالة التنافس التي تشل اتحاد المغرب العربي (ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا) والتي لم تتوصل إلى تفاهم فيما بينها بشأن الدولة التي ستستضيف الامانة العامة للاتحاد من أجل المتوسط..وقال الدبلوماسي الفرنسي: "تونس مرشحة والمغرب مرشحة وليس هناك اتفاق".أما الزعيم الليبي معمر القذافي الذي استقبل بمنتهى التقدير من قبل ساركوزي في كانون الاول ديسمبر الماضي فانه انتقد مجدداً الاربعاء المشروع الفرنسي ووصفه ب"المخيف والخطر" مهاجماً القادة العرب المشاركين في القمة. وتأمل باريس رغم التصريحات اللاذعة للقائد الليبي أن ترسل ليبيا وزيراً ليحضر قمة الاتحاد من أجل المتوسط بصفة "مراقب"..بيد أن معظم القادة العرب لم يتبعوا سياسة الكرسي الشاغر التي اختارها القذافي.وقال دبلوماسي مغاربي :إن هؤلاء القادة اعتبروا أنه "من الأفضل أن يكونوا داخل الاتحاد بدلاً من البقاء خارجه وانتقاده".