وصفت فرنسا محاكمة السائق السابق لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، اليمني سالم أحمد حمدان -الذي أدانته الأربعاء هيئة محلفين عسكرية بتقديم "دعم مادي للإرهاب"- "بغير العادلة" و"غير منصفة". وقال الناطق الرسمي باسم الخارجية رومان نادال إنه يجب تطبيق الضمانات التي يقدمها القانون الدولي الإنساني والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان على جميع المعتقلين أيا كانت وضعياتهم وأيا كانت جنسياتهم. و"تتعلق هذه الضمانات بالحق في عدم سجن الشخص بطريقة اعتباطية والحق في محاكمة عادلة ومنصفة وهو ليس متوفرا حاليا في قضية" هذا السائق، حسب تصريحات نادال. وأدين حمدان (38 عاما) من قبل هيئة محلفين عسكرية في أول محاكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب بمعتقل غوانتانامو. وردا على سؤال عن موقف فرنسا من هذه المحاكمة، ذكرت وزارة الخارجية الفرنسية بأن موقف باريس "واضح وثابت" بخصوص التشريعات القضائية الاستثنائية المثيرة للجدل التي يتم اعتمادها في قاعدة غوانتانامو في كوبا. وذكر المتحدث بالنتائج التي خلصت لها لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة عام 2005 والتي تثبت "دون لبس" أن "معتقل غوانتانامو يجب إغلاقه"، ملاحظا أن "فرنسا والاتحاد الأوروبي سبق لهما المطالبة بذلك في أكثر من مناسبة". وكان المحلفون قد أدانوا حمدان الذي قد يواجه عقوبة السجن المؤبد, لكنهم برؤوه من تهم "التآمر". ويقول حمدان اليمني إنه عمل سائقا لدى بن لادن في أفغانستان لاحتياجه إلى الأجر الشهري البالغ 200 دولار، لكنه ينفي الانضمام للقاعدة أو مبايعة بن لادن أو المشاركة في أي هجمات. وكانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) استبقت الحكم بقولها إن حمدان سيبقى معتقلا حتى لو برأته المحكمة العسكرية. وقال المتحدث باسم البنتاغون إنه قد "لا يتم أبدا إطلاق سراح" بعض المعتقلين في قاعدة غوانتانامو وأولئك الذين أحيلوا على المحاكمة حتى لو تمت تبرئتهم بسبب "الخطر" الذي يشكلونه. وقال إنه إن كان سيسمح لحمدان باستئناف الحكم أمام محكمة فدرالية، أي بالتالي محكمة مدنية، "فإننا سنعتبره في المدى القريب على أقل تقدير بمنزلة مقاتل عدو وسيبقى يشكل خطرا" على الولايات المتحدة. وأضاف أنه "سيبقى على الأرجح معتقلا فيما بعد لمدة من الوقت". وقالت الإدارة الأميركية في وقت سابق إن باستطاعتها احتجاز سالم حمدان بوصفه "مقاتلا عدوا" حتى نهاية ما تسميها الحرب على الإرهاب التي أعلنها الرئيس جورج بوش بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001. وقال المدعي جون ميرفي "كان يعرف كل اللاعبين الأساسيين الذين يحيطون بالقاعدة ويحمونها" و"كان يعرف أن الإرهاب سيحدث قبل وقوعه". وانتقدت منظمتا العفو الدولية و"ريبريف" اللتان تعنيان بالدفاع عن حقوق الإنسان إدانة حمدان. واعتبرت منظمة العفو الدولية أن إجراءات المحاكمة لا ترقى إلى المعايير الدولية، ودعت واشنطن إلى التخلي عن المحاكم العسكرية ومحاكمة معتقلي غوانتانامو أمام محاكم مدنية. وفي تحليل لها كتبت تايمز أن العقوبة المخففة المثيرة للدهشة -خمس سنوات ونصف السنة، التي تلقاها سالم حمدان السائق السابق لأسامة بن لادن- ستثير هلعا في البيت الأبيض، لأن المحاكمة التي كانت أشبه بجلسة استماع استعراضية هي أولى محاكمات جرائم الحرب في غوانتانامو بعد سبع سنوات على هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول. وقالت الصحيفة إن العقوبة المخففة على حمدان كانت كارثة لإدارة بوش التي تجد نفسها الآن في وضع لا تحسد عليه -في عيون المدافعين عن الحقوق المدنية وجل المجتمع الدولي على الأقل- برفضها إطلاق سراح حمدان بعد إتمامه مدة عقوبته. فهو مؤهل لإطلاق سراحه بعد خمسة أشهر فقط، لكن البيت الأبيض أوضح منذ أشهر أنه مهما كانت نتيجة الحكم على حمدان فسيظل معتقلا لأجل غير مسمى بسبب تصنيفه ك"محارب معاد غير شرعي". وأشارت إلى أن واقع الأمر في الولايات المتحدة هو أن مصير حمدان ومعتقل غوانتانامو نفسه بيد خليفة بوش القادم. فقد تعهد باراك أوباما وجون ماكين بغلق غوانتانامو، رغم أن ماكين أيد التشريع الذي جعل نظام المحاكمة في القاعدة البحرية الأميركية ممكنا. وأعلنت المحكمة الأميركية العليا عدم دستورية هذا النظام عام 2006، لكنه أعيد ثانية مع بعض التعديلات بواسطة الكونغرس. وقالت تايمز إن الرئيس الجديد وخاصة أوباما سيتعرض لضغط كبير لإطلاق سراح حمدان، من قبل الجماعات الحقوقية المحلية وربما أكثر من قبل الحلفاء في الخارج، الذين تعهد لهم بأسلوب جديد في حكم الولايات المتحدة المتأصل في مُثُل العدالة الصريحة وكرامة الإنسان. وعلقت بأن سعي أوباما للبيت الأبيض ضد خصمه الجمهوري ماكين جعله يبدو أكثر مركزية، وفي بعض الأحيان من الصقور، عندما يتعلق الأمر بأعداء أميركا. فسوف يبدو الأمر صعبا من الناحية السياسية أن يطلق سراح حمدان ويسمح لسائق بن لادن السابق بأن يجول شوارع أميركا حرا. وإعادته إلى موطنه الأصلي اليمن، إذا أطلق سراحه، سيبدو أنه الخيار الوحيد، ولكن لن يكون هناك ضمان لسلامته. كما أن غلق غوانتانامو يعتبر أيضا حقل ألغام سياسيا ولوجستيا. فما زال هناك مائتا سجين وكثير منهم يعتبرون خطرا حقيقيا. والمشكلة الثانية هي ماذا سيُفعل بالمعتقلين إذا ما أُغلق غوانتانامو؟ فبعد حكم المحكمة العليا الأخير، سيحق الآن للمعتقلين الطعن في حبسهم غير المحدد أمام محكمة فدرالية أميركية. وهذا الأمر يشكل معضلة قانونية من المحتمل أن تبقي على غوانتانامو مفتوحا لفترة من الوقت. وختمت تايمز بأن إدارة بوش متهمة بتعجيل جلسة حمدان لكي تتمكن من جعل نظام المحاكمة يأخذ مجراه لإرغام خليفة بوش على الإبقاء عليه. وكان حكم الأمس آخر شيء كانت الإدارة تريده أو تتوقعه. الفرنسية + الجزيرة نت