خاص - يبدأ فصل جديد من الدراما الصابونية " داحس والغبراء" لصراع الاحزاب في اليمن (السلطة والمعارضة ) على ميدان ديمقراطي من رمال متحركة ، فبقرب الموعد الدستوري للانتخابات البرلمانية الرابعة والمقررة في إبريل من العام القادم ، تشتد ضراوة الضربات تحت الحزام وفوق الحزام ،ومعه تتداخل فقرات "رومانسية" لتضفي نوع من "الإثارة" ، فالسياسة فن الممكن. وبعيد عن ساحة هذه الحرب المستعرة التي تجتر اتهامات مملة أنهكت الوطن والمواطن، تدفع الفقرات "الرومانسية" لتقديم شيء جديد للمتتبع للقصف اللفظي بين ( المؤتمر الحاكم وأحزاب المشترك الخمسة المعارضة) ، اذ يبدو ان (المغازلات) الذي شهدته الأشهر القليلة الماضية بين المؤتمر الشعبي العام الحاكم والحزب الاشتراكي اليمني المعارض بشان خوض الانتخابات البرلمانية ، انتهت إلى "طلاق بائن" ونقطة اللاعودة نظراً لإفراط الأخير في مواقفه التي يرى فيها الشريك السابق أنها خارج السياق الوطني وتوفر الغطاء لمشاريع مشبوهة تنسف الوحدة الوطنية التي كان الاشتراكي شريكاً في تحقيقها مع المؤتمر في العام 1990م. المؤتمر بدء من خطابه الإعلامي –بعد انسداد التوافق بشأن الانتخابات مع أحزاب المشترك مجتمعة وابرزها الاصلاح والاشتراكي والناصري- مهادناً تجاه الحزب الاشتراكي وردد قادته مراراً أنه شريك في تحقيق الوحدة اليمنية وربما لوح بحزمة حوافز عبر تنسيق مشترك لدخول الانتخابات القادمة برؤية موحدة ،ولم يستبعد المراقبون أن يؤدي هذا التقارب على الواقع إلى ارتفاع أسهم الحزب الاشتراكي في مجلس النواب تؤهله لائتلاف حكومي في المرحلة القادمة خصوصاً وأن الأخير يشهد صراعات مزمنة دفعته إلى تغيير وتلوين مواقفه إرضاء لتيار الحراك الجنوبي الذي كان مرفوضاً في السابق من قبل قيادة الحزب التي انحرفت بخطابها نحو تبرير الدعوة للانفصال والدفاع عنهم وربطت مصير المشترك بالإفراج عن المعتقلين ومنهم حسن باعوم رغم دعوته الصريحة للانفصال ونسف الوحدة الوطنية . فالمرونة التي أبداها المؤتمر تجاه الاشتراكي تبعتها تسريبات عن حوار يدور في الكواليس بين الحزبين على قاعدة (فرقاء الأمس حلفاء اليوم ) ومقولة أن السياسة ليس فيها مواقف ثابتة حيث لاحت مؤشرات اعتبرها المؤتمر ضوء أخضر للتقارب ومنها انفراد الحزب الاشتراكي بالترحيب بقرار رئيس الجمهورية في 20/7 /2008م إنهاء الحرب في محافظة صعدة واعتبره "مطلباً شعبياً ووطنياً" بخلاف بقية أحزاب المشترك وفي مقدمتها الإصلاح ، غير ان علاقة الغزل تعززت بتصريحات سلطان البركاني الأمين العام المساعد للشئون السياسية للمؤتمر في منتصف سبتمبر حيث أكد حرص حزبه على وحدة الحزب الاشتراكي اليمني باعتباره شريكاً ومساهماً في إعادة تحقيق الوحدة اليمنية ، نافيا أن يكون للمؤتمر نية في تفكيك الحزب الاشتراكي اليمني ولا يمكن له أن يسهم في انشقاقه، قائلا" أن من حق المؤتمر أن يساعد الحزب الاشتراكي في خروجه من محنته الداخلية ومن محنته مع المشترك ". رسالة المؤتمر الغرامية لاقت رواجاً في أروقة الحزب الاشتراكي العتيق واعتبرها البعض فرصة لنهوض الحزب من جديد ، لكن أصوات أخرى حذرت من إغراء السلطة بانقسام المواقف حيال الانخراط منفردة في الانتخابات القادمة دون شروط وضمانات على الأرض من الحاكم في تخصيص دوائر برلمانية للاشتراكي لا يتعدى عليها نافذو الحزب الحاكم من سياسيين وقبليين، قبل أن تصطدم بمواقف القوى التقليدية التي اعلنت صراحة مقاطعتها للانتخابات البرلمانية وأنها لن تنصاع لأي اتفاقات وتحالفات لانها ستفضي لتعزز شرعية الرئيس صالح شعبيا ومن طريقة إدارته للبلاد. حالة الغزل "السري منه والعلني" التي انتعشت بين شريكي الوحدة مؤخرا ، سرعان ما فشلت قبل شهر العسل نتيجة ضغوط "الأخ الأكبر غير الشقيق في المشترك " الذي نجح في إقناع الاشتراكي بعدم جدوى هذه العلاقة وعودة القطيعة والمناكفات التي انتهت بضربة قاضية سددها المؤتمر الحاكم عبر أمينه العام المساعد الدكتور أحمد عبيد بن دغر (احد ابرز قيادات الحزب الاشتراكي سابقا ، استقال من مركزية الحزب وانضم للمؤتمر إبان الانتخابات الرئاسية في سبتمبر 2006 ) ، حيث شن بن دغر هجوماً هو الأعنف حتى الآن ضد الحزب الاشتراكي مفنداً إدعاءات الأخير بتمثل المحافظات الجنوبية والأخطاء الفادحة التي ارتكبها الحزب وضعضعته شعبياً وفكرياً ، ساردا مواقف الحزب الباهتة التي قال انها "لا تخدم المصلحة الوطنية" . ومع "الطلاق البائن" بين المؤتمر والاشتراكي نهاية أكتوبر الفائت ، تظهر ملامح المبادرات الغزلية على شاطئ السياسة بطليها المؤتمر الشعبي العام ، وحزب الإصلاح الديني شريك الائتلاف الحكومي حتى عام 98 ، و"كبير" أحزاب المشترك ، حيث بدت ماكينة التيارات الدينية والسياسية داخل الإصلاح ( اعلاميا وسياسيا ) حانقة ناقمة وما بين ثناياها مهادنة باتجاه رفض خيار الاشتراكي بمقاطعة الانتخابات ، وصوب الرئيس صالح من اجل الضغط على حزبه (المؤتمر) من جديد للعودة لإقرار مشروع التعديلات التوافقي على قانون الانتخابات ((كان قد توافق المؤتمر ، واحزاب المشترك الممثلة في البرلمان عليه بعد حوار طويل رعاه الرئيس صالح ، غير انه أسقط من قبل أغلبية الحاكم في البرلمان لصالح القانون النافذ ، بعد ان حال تفجر الخلافات بين الإصلاح والاشتراكي نتيجة عدم الثقة دون الوفاء بالالتزام بموعد التصويت النهائي على تلك التعديلات في 18 اغسطس الماضي)) . ومع الليونة الإصلاحية انتعش الغزل المؤتمري ، حيث نشرت الصحيفة الناطقة بلسان المؤتمر امس الاثنين رسالة مفتوحة عنونت (من قيادي مؤتمري محب لوطنه إلى إخوانه في الإصلاح) تضمنت وقوف على أطلال الائتلاف الثنائي وإمكانية عودة المياه الى مجاريها بعيداً عن الاصطفاف المشبوه المستند على المؤامرات ضد الوطن – حد قول رسالة المحب المؤتمري- الذي لم ينسى ان يذكر الإصلاح ب"مواقفه الوطنية المشرفة ضد أصحاب المشاريع الصغيرة وحرصه على الوحدة ومواقفه الثابتة فكراً وممارسة وما آل إليه وضع الإصلاح من مواقف تخالف قناعات المنضوين في إطاره وتخبطه ذات اليمين وذات الشمال تارة مع الأماميين يبرر رجعيتهم وتارة يوفر الغطاء للتحركات المشبوهة ضد الوحدة الوطنية إرضاء لشركائه وتماهت مواقف الإصلاح واصطدمت بما يحمله الإصلاحيين من مبادئ وقناعات" . واعتبر أن هذا النهج لن يؤدي إلى انشقاقات داخل الإصلاح بل إلى كارثة حقيقية وخسارة لن تعوض في مسيرته السياسية . ووصفتهم رسالة الحب المؤتمري بالأخوة الأعزاء والرديف الأخر الذي يمكن أن تتعز به مسيرة الديمقراطية والتنمية والوحدة شريطة التفكير في الرسالة وقراءتها بإمعان بدلاً من الانتحار السياسي .