رغم استمرار التأثير الواضح للأزمة المالية على أداء الاقتصاد العالمي ومن ثم معدلات استهلاك الطاقة إلا أن السوق البترولي بدأ خلال الأيام الأخيرة في التفاعل بشكل واضح مع ضغوط العوامل الجيوسياسية نظرا لاستمرار العدوان الإسرائيلي على غزة وما يشكله من توتر خطير قد يهدد إمدادات الطاقة في المنطقة التي توفر نحو 33% من إجمالي المعروض العالمي للنفط. وقد تجاوزت اليوم أسعار النفط مستوى الخمسين دولارا للبرميل وهو ما يعد أعلى مستوى للخام منذ قرابة الخمسة أسابيع حيث سجل خام برنت في بورصة البترول الدولية بلندن لعقود شهر فبراير 51.4 دولار قبل أن يعاود الاستقرار حول مستوى ال 50.8 دولار، كما أشارت صحيفة ال "فاينانشيال تايمز" عبر موقعها الالكتروني، وسجل سعر خام نيمكس في بورصة نيويورك للسلع مستوى ال 50.04 دولار. ويبدو أن السوق البترولي قد بدأ يستجيب من خلال ارتفاعاته الأخيرة لقرارات أوبك المتعلقة بخفض الإنتاج التي تستهدف تقليص المعروض في السوق بأكثر من 4 ملايين برميل خاصة مع بدء الدول الأعضاء في تخفيض حجم الإمدادات. ونقلت وكالة الأنباء الكويتية قول محللون في قطاع النفط أن أحداث غزة أضيفت إلى العوامل الأخرى الجيوسياسية المؤثرة بأسعار النفط, كما أبدى المتعاملون قلقهم إزاء استمرار الأزمة بين أوكرانيا وروسيا حول الغاز. ورغم الهبوط القياسي الذي مني به سعر النفط الخام في 2008 والذي يقدر بنحو 45% كنتيجة لأجواء الكساد القاتمة التي تخيم على الاقتصاد العالمي والتي تعد الأسوأ كما يرى العديد من المراقبين وذلك منذ الحرب العالمية الثانية إلا أن هناك أراء عدد من المحللين ترجح إمكانية حدوث انتعاش نسبي للأسعار خلال 2009 ليكون متوسط مستوى الخام في حدود ال 60 دولارا للبرميل. ويبرر الخبراء الانتعاش المنتظر أن تشهده الأسعار بغض النظر عن العوامل الجيوسياسية وتأثيرها الذي لا يمكن استبعاده على اتجاهات أسواق الطاقة وذلك في ضوء التحركات التي اتخذتها منظمة أوبك خلال 2008 والتي استهدفت إجراء خفض قياسي لحجم المعروض العالمي لوضع حد للانهيارات السريعة التي تعرضت لها الأسعار. وقد تم رصد توقعات المحللين من خلال مسح أجرته شبكة بلومبرج الإخبارية. ويرى أحد المحللين أن أسعار النفط قد اقتربت بالفعل من أدني مستوياتها حيث تصل لتلك المستويات خلال الأسابيع القليلة القادمة.