هوت أسعار النفط أكثر من دولارين للبرميل، أمس ، لتصل إلى أدنى مستوياتها في عام ونصف العام، وسط طقس شتوي معتدل في الولاياتالمتحدة، أكبر مستهلك للخام. وعلى الرغم أنها عوضت جزءا من خسائرها، فإن أسعار النفط فقدت حتى هذ اليوم ما يقارب 8 بالمائة من قيمتها ضمن موجة هبوط جديدة دفعتها إلى أقل من 56 دولارا للبرميل من الخام الأمريكي الخفيف. ويرى مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية أن تضاؤل أو تبدد العوامل التي أسهمت في صعود الأسعار إلى مستويات قياسية خلال السنوات الثلاث الماضية قد مثل الأرضية التي استندت إليها موجة الهبوط الحالية. مشيرا الى أنه وبعد ان وقفت شحة طاقة الإنتاج الاحتياطي العالمية كسبب رئيسي وراء الأسعار القياسية في العام الماضي، خصوصا وسط تصاعد المخاطر الجيوسياسية المهددة للإمدادات العالمية، استعادت تلك الطاقة الكثير من عافيتها. والمفارقة بحسب المركز في تقريره الذي اصدره اليوم أن ذلك قد نجم عن سعي منظمة "أوبك" إلى منع هبوط الأسعار من خلال خفض الإنتاج الذي قاد بدوره إلى إضافة نحو ما يقرب من مليوني برميل يوميا إلى طاقة الإنتاج الاحتياطية لتصل إلى مستواها الاعتيادي عند نحو ما يزيد على 3 ملايين برميل يوميا. ويشير تقرير المركز الى انه على الرغم من استمرار تفاعلات أزمة البرنامج النووي الإيراني التي تركت ولا تزال آثارا مباشرة في أسواق النفط، فإن تأثير هذا العامل في الأسعار قد خف نوعا ما نتيجة للزيادة المذكورة في طاقة الإنتاج الاحتياطية، كما تقلصت وإلى حد كبير آثار التوتر والنزاعات الأخرى على الأسواق، ما دفع ببعض المحللين إلى الحديث عما تم تسميته ب "الملل الجيوسياسي" للأسواق، في إشارة إلى ما أصبحت تتمتع به من حصانة أمام التطورات السياسية والعسكرية التي كانت حتى وقت قريب تؤثر بشكل مباشر في الأسعار وتدفعها إلى الارتفاع. يضاف إلى كل ذلك التواضع الذي طرأ على نمو الطلب العالمي على النفط نتيجة تباطؤ النمو الاقتصادي الأمريكي مقابل مؤشرات زيادة طاقة الإنتاج لدى العديد من الدول المنتجة الرئيسية. واعتبر التقرير أن من الطبيعي أن يؤدي الانخفاض الأخير في أسعار الخام إلى تزايد قلق الدول المنتجة من احتمالات تعرض أسعار النفط إلى مزيد من الخسائر خلال هذا العام، وهو ما أعرب عنه عدد من مسؤولي "أوبك" خلال الأيام الماضية. ومن الطبيعي أيضا أن تدفع حدة الهبوط وسرعته بمنظمة "أوبك" إلى التفكير جديا بتدخل أكبر في الأسواق للحد من الإنتاج من أجل إشاعة التوازن وتخفيف حدة العوامل الحالية المؤثرة، بعد أن ظهر الآن بأن المنظمة باتت تمثل المنقذ الرئيسي للأسعار، غير أنه مهما كانت طبيعة التدخل، فإن التزام الدول الأعضاء بالحصص المقررة حسب التخفيضات الأخيرة في سقف الإنتاج يبقى مؤشرا مهما إلى جدية "أوبك" في منع الأسعار من الهبوط دون 60 دولارا للبرميل كما هو مستهدف الآن بصورة غير رسمية،ومن دون وجود التزام صارم بالحصص فإن كل ما تتخذه "أوبك" من خطوات سيبقى محاطا بالشكوك ولن يحقق الأهداف المرجوة منه.