اثار الحكم الصادر الاثنين من محكمة البدايات الجزائية بمحافظة عمران في قضية مقتل احد المواطنين من أبناء الطائفة اليهودية مخاوف حقيقية من ان يكون موجها نحو الدفع بهجرة باقي اليهود اليمنيين إلى إسرائيل . وكانت قد أحدثت «العملية الخاصة» التي نقلت سعيد بن إسرائيل وأسرته من صنعاء إلى تل ابيب قبل اسابيع ، جدلا واسع النطاق في اليمن ، حيث وصفها البعض ب«بساط ريح» جديد، في إشارة إلى عملية «بساط الريح» التي هاجر فيها عشرات الآلاف من اليهود اليمنيين إلى إسرائيل عقب عام 1948. وأعلن أبناء الطائفة اليهودية في اليمن رفضهم القاطع للحكم الصادر من المحكمة الجزائية المتخصصة بعمران في قضية المتهم بقتل ماشا النهاري ، مطالبين بالقصاص العادل من القاتل عبدالعزيز العبدي.. الحكم الذي تلاه قاضي محكمة البدايات بعمران قضى بإدانة المتهم العبدلي ، غير انه اكتفى بالدية وقدرها خمسة ملايين وخمسمائة ألف ريال كون القاتل يعاني من مرض عقلي وفقا لتقرير النيابة وكذلك إحالة المتهم إلى مصحة عقلية. وفيما قدم محامو أولاء الدم طلب الاستئناف وذلك لاعتراضهم على الحكم ، علمت "الوطن" أن استئناف الحكم سيوجه معززا بمطالب نقل المحاكمة الاستئنافية الى المحكمة الجزائية بالعاصمة صنعاء" . وصدر الحكم وسط إجراءات أمنية مشددة وذلك بسبب خوف السلطات من اي مواجهات مع قبيلة خارف التي ينتمي اليها المدان، وعبر ابناء الطائفة اليهودية ومثلهم والد وزوجة المجنى عليه عن خيبة الامل من الحكم الصادر ، مطالبين بشريعة "محمد بن عبد الله". اما القاتل (العبدي) الذي كان يثير الفوضى في جلسات سابقة, فاقتصر حديثه في جلسة إصدار الحكم باعتراض على منطوق ما تلاه القاضي متمسكا بتأكيد قتله ماشا النهاري وهو في كامل قواه العقلية مطالبا "بالاستئناف" و "محامي أمريكي" قائلا للقاضي "أعدموني أحسن ما تطلعوني مجنون,أنا مش مجنون." ممثلي الطائفة اليهودية بعمران في اجتماعهم عقب صدور الحكم استنكروا إجراءات المحكمة و العبث بالقضية في أورقتها منذ الوهلة الأولى- حسب قولهم - مؤكدين رفضهم الحكم جملة وتفصيلا. وناشدوا في اجتماعهم رئيس الجمهورية بالتدخل السريع لوقف الحكم ومحاسبة كل من شارك بإصدارة بهذه الطريقة ، كما ناشدوا مسئولي الدولة و القضاء ومجلس النواب بالتدخل السريع ووقف الحكم كونه صدر في ظروف عبثية ، غامضة ، مطالبين بالتحقيق في كل إجراءات القضية والمحاكمة . كما ناشدوا المنظمات الحقوقية و المجتمع المدني وعلماء اليمن بإعلان التضامن مع أولياء دم المجني عليه والمناصرة و التضامن الفعلي معهم ، بالقضية كونها ليست الأولى التي يتعرض لها أبناء الطائفة اليهودية . محاموا اولياء دم ماشا ، اكدوا عدم تفاجئهم بالحكم بعد ان رفض تحول المحكمة إلى صنعاء ، وعلق على ذلك خالد الانسي-احد محامو الدفاع-" بالقول ان الأوضاع في عمران سوف تدفع القاضي للحكم لصالح المتهم حيث أن العسكري في المحكمة يلعن اليهود فهذه البيئة لا تبشر بقرار مستقل حينما يكون فيه القاضي خائف." ووصف المحامي الآنسي الحكم الصادر ب "فضيحة" ، وأضاف" سيدفع هذا الحكم بقية اليمنيين اليهود بالهجرة إلى إسرائيل كما حصل قبل فترة مع الأسر اليمنية التي هاجرت عقب التهديدات التي طالت الطائفة اليهودية بعد مقتل ماشا ومع عدم إيفاء الحكومة بتوفير مساكن أمنة لهم". وكان ماشا النهاري -احد اليهود اليمنيون من يهود ريدة بمحافظة عمران -قتل في ديسمبر العام الماضي على يد عبد العزيز يحيي العبدي طيار سابق والذي كان قد قتل زوجته في وقت سابق وتم حل القضية بالدية. والقتيل ماشا النهاري هو أب لتسعة أطفال ويعتبر عيلوم يهودي ومن أحد أكثر اليمنيين اليهود المختلطين في عمران وكان قتله بعد رسالة تحذير من العبدي للطائفة اليهودية بأنهم إذا لم يسلموا أو يرحلوا فانه سوف يستخدم العنف. و كانت الجلسة السابقة مخصصة لعرض المرافعات الختامية والتي قام محامو المتهم بعرض تقرير الطبيب الشرعي الذي أكد بأن القاتل يعاني من مرض عقلي (الفصام الزوري) منذ فترة طويلة والمتهم من الناحية المرضية يعد خطيراً جداً وقد يكرر أي جريمة أخرى- حسب التقرير الطبي – الذي أوصى بوجوب حجزه في مصحة عقلية. ورفض القاضي دفع محامو أولياء الدم بعدم صفة محامو الدفاع وذلك لأن المتهم العبدلي رفضهم في اكثر من جلسة ، وبرر القاضي ذلك بأنهم محامون يقدمون العون القضائي. وكانت النيابة طالبت بإنزال العقوبة المقررة شرعا بحق المتهم ، وقال ممثل النيابة (إن المتهم خطط لجريمته وحرر رسالة ليهود اليمن لدخول الإسلام أو الرحيل، وأعطاهم مهلة محددة، وقام بقتل المجني عليه عند انتهاء تلك المهلة, معتبرا ذلك دليلا على أنه ليس مختلا عقليا). ويتعرض اليهود خصوصا في الآونة الأخيرة لسلسلة مضايقات بعضها مرتبط بالفهم المغلوط للشباب اليمني تجاه عقيدة اليهود اليمنيين الذين عبروا في أكثر من مناسبة عن رفضهم لدولة إسرائيل وأنها «كيان صهيوني محتل». وبحسب مصادر رسمية فإن يهود اليمن لا يتجاوز عددهم 380 شخص بعد أن هاجر الكثيرين منهم إلى فلسطين في العملية التي عرفت باسم «البساط السحري»، وبدأت عام 1948 وحتى عام 1950 من القرن الماضي. وهاجر من اليمن في هذه الفترة زهاء 50 ألفا من اليهود اليمنيين .