جيل يمني، قُدر له أن يرى النور مع حدث كبير.. صادف ولادة هذا الجيل ذات العام الذي تحققت فيه الوحدة اليمنية في يوم 22 مايو 1990. لا يخلو الآن هذا الجيل من عُقد راكمتها السنين الصعبة، لكن 19عاما ليست كافية للحديث عن تجربة بشرية، فهي فترة انتقال بين طفولة حانية ورجولة لا يعرف أحد ما يخبئ لها القدر. إن لم تكن الأقدار قد استثنت أحدهم فإن معظم مواليد العام 1990 أضحوا شبابا الآن ويضعون أقدامهم على أول سلم في التعليم المهني والعالي. صحيفة السياسية الصادرة عن وكالة سبأ صنعاء: وهيب النصارى وشاكر أحمد خالد/عدن: بسام عبد السلام "نحن جيل الوحدة" هكذا عرّف أحدهم نفسه وبقية زملائه الذين يدرسون معه في المستوى الأول لإحدى الكليات الجامعية. لا يعرف هذا الجيل الواقع المأساوي لسنوات التشطير، لكنهم يسمعون عنه من أبائهم وإخوانهم وحتى أجدادهم. بيد أن هذا الجيل لا ينظر كثيرا إلى الماضي، فعينه على المستقبل الذي سيصنعه يوما ما. وهو ما يشير إليه الشاب محمد الطيري الذي يدرس في السنة الأولى بالمعهد التقني بعدن "الوحدة هي الأفضل لنا، مقارنة بما نسمعه من أبائنا وما نقرأه في كتب التاريخ، لا أحد ينكر المآسي التي حدثت، ولا أحد يريدها أن تتكرر، لكننا نتطلع إلى مستقبل أفضل في ظلها". يختزل محمد احتياجات مستقبل جيله بنظرة يرى من خلالها أن على الدولة صناعة أفضل الطرق التي توصلهم لمستقبل جيد في ظل الوحدة، يقول "نريد وظائف بعد التخرج، نريد سكنا مناسبا لحياة زوجية كريمة". أما الشابة أريج توفيق فقد صادف ميلادها بعد أيام من إعلان تحقيق الوحدة اليمنية، وساقتها الأقدار الآن إلى كلية الطب. تقول: "أحب الوحدة وأشعر أنها أساس في حياتي لا أتنازل عنها، فأنا لم أعش يوما في غير دفئها، آمل أن أوفق في دراستي الجامعية الآن". تشعر أريج، التي تدرس في جامعة عدن، بارتفاع طلاب الدراسات العليا مقارنة بالجامعات: "كنت أسمع من أبي أن الناس كانوا قليلين، لكن الآن خريجي الثانوية في ازدياد مقارنة بعدد الجامعات، أتمنى أن تُبنى جامعات وكليات جديدة في ظل الوحدة لمواجهة الكثافة السكانية". وعن المستقبل تتفاءل طالبة الطب به كثيرا فهي تقول: "الغد مشرق لليمن السعيد في ظل وحدته، فنحن جيلها أكثر وعيا وإدراكا لقيمتها". حلم ديمقراطي: من ثوابت الوحدة اليمنية التي ارتكزت على الديمقراطية انطلقت فاطمة أحمد لتحقيق حلمها في أن تكون رئيسا للجمهورية. فاطمة من مواليد 1995 وتدرس في الصف الثامن الأساسي لكن حلمها الكبير وضعت له وسائل لتحقيقه، تقول: "آمل أن أدرس علوما سياسية في جامعة صنعاء، وأناضل لأكون مشهورة فأتقدم للترشيح لمنصب الرئاسة، وأنجح وأحكم اليمن". تستفيد فاطمة من دروس التاريخ وهي تنظر إلى المستقبل.. تقول "أنا حفيدة الملكة أروى والملكة بلقيس وليس جديدا على اليمنيات الوصول إلى هذا المنصب..نحن يمنيات أصحاب تاريخ واحد وبلاد موحدة وحضارة قديمة من أعرق الحضارات وآن الأوان أن نعيد أمجادنا في ظل يمن واحد. نحن جيل الوحدة عشنا في ظلها وفي ظل الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير التي ترتكز عليها". أما سارة عبد الرزاق والتي ولدت في أكتوبر 1991 بأحد أحياء عدن فهي لا تخاف على الوحدة.. تقول "ولدنا والوحدة موجودة وهي واقع لا نخاف عليها فهي قدرنا -نحن اليمنيين- من قديم الزمان لأننا كنا يمنا واحدا وعدنا كذلك بعد سنوات من التمزق والتشطير المؤلم". أما عن المستقبل فتقول سارة التي بقي عام على دخولها الجامعة إنها "قلقة من عدم الحصول على وظيفة في ظل ارتفاع معدلات البطالة بين أوساط الجامعيين". وبعكس سارة بدأ الشاب محمد أحمد (سنه أولى إعلام) أكثر تفاؤلا: "الشباب اليوم يتمتعون بأهداف الثورة ومجالات عمل الشباب في ازدياد لتركيز القيادة السياسية على هذه الشريحة باعتبارها الفئة الفاعلة والحامية لمكاسب وأهداف الثورة والوحدة". ويرى محمد أن برنامج رئيس الجمهورية جسّد تطلعات الشباب، وتوجيهاته المستمرة في كل خطاباته التي لا ينسى فيها الشباب". جيل محظوظ: شذى عبد الله محمد حزام (طالبة في أحد معاهد اللغة الانجليزية) تعتز أنها ولدت في عام تحقيق منجز عظيم مثل الوحدة اليمنية.. فتقول: "والدي ووالدتي وأسرتي دائما ما يعتبروني محظوظة لأني ولدت في عام تحقيق الوحدة اليمنية. نشعر-نحن جيل الوحدة- بتميز عن الآخرين، لكني آمل أن تكون نواة لتحقيق الوحدة العربية". ومثل أسرة شذى تنظر أسرة أحمد الشهاري (طالب بمستوى أول في كلية التجارة) بجامعة صنعاء، لقد صادف تاريخ ميلاد أحمد قبل إعلان تحقيق الوحدة اليمنية بعشرة أيام، فقد ولد في 12 من مايو 1990، يقول: "جيلي سعيد الحظ في ميلادهم، لكني أشعر أن حظنا في بقية المجالات من تعليم وحياة معيشية ليس مُرضيا لنا". طموح مشروع: هشام عبد الله خالد، ولد قبيل أشهر من إعلان تحقيق الوحدة، أصبح يحلم كثيرا بالهجرة للعمل خارج الوطن. هشام من مواليد محافظة تعز يقول "كان من المفترض أن ألتحق بالجامعة قبل سنتين. لكن معدلي لم يسمح لي بدخول كلية الطب ولا حتى القبول في كلية التربية قسم انجليزي، فأصابني ذلك بالإحباط وتركت الجامعة". يعمل هشام سائقا لأحد باصات النقل الداخلي في صنعاء، يقول، "أتمنى أن تسمح لي الظروف بالدراسة في الجامعة، والدي المغترب في السعودية يرفض مساعدتي بحجة انه يريد أن اعتمد على نفسي، ولذا الآن يراودني حلم الاغتراب". أما الطالب في كلية التربية بجامعة صنعاء (عبد الرحمن نصر) فيأمل في إيجاد وظيفة محترمة تكلل مشواره الدراسي. ويرى عبد الرحمن أن الظروف صعبة جدا والحال يضيق يوما إثر يوم: "أدرس الجامعة وأعمل حارسا في إحدى العمارات التي يوفر صاحبها لي السكن وبعض المصاريف، أنعم بالوحدة مثلي مثل الكثيرين فأتنقل بين المحافظات بحرية تامة، لكن الوحدة ما زالت بحاجة إلى الرعاية والتحصين من خلال خلق ظروف معيشية أفضل". الشاب صقر أحمد، من كلية العلوم الإدارية في جامعة عدن، يعتبر الوحدة "حدثاً استثنائياً في ذاكرة اليمنيين أنهت أسوأ وأقسى الظروف جراء التشطير". يأمل صقر الآن في أن يحصل على وظيفة بعد التخرج، يقول "أخاف من بطالة تحبطني". أعداء الوحدة: الطالب "س. س. ع" يرى أن مشاكله تهون حين يسمع بما يعانيه زملاءه، يقول "كانت عيني على الطب لكني لم أتمكن، وأدرس الآن في كلية الهندسة، ورغم أني من مواليد عدن إلا أن سكن أخي في صنعاء ساعدني في التغلب على الظروف المادية، تهون مشكلتي حين أستمع إلى مشاكل بعض زملائي". يقلق هذا الطالب ما يسمعه من محاولات تخريب ضد الوحدة من قبل أطراف، قال "إنها لا تريد لليمن أن يظل مستقرا وموحدا" كما يقول. ومثله يقلق الطالب ذي يزن عبد الله - من مستوى أول قسم الفرنسي كلية الآداب بجامعة صنعاء- من أصوات "تدعو إلى المناطقية". يقول "الوحدة اليمنية منجز تاريخي كبير، لكن المناطقية تحرف مسارها، وهناك من يعطي منطقته أو قبيلته ولاءً أكبر من الوطن". أما بسام طاهر فرحان (طالب في المستوى الأول انجليزي) فيرى أن هناك سلبيات تشوه منجز الوحدة. فيقول"هناك بعض المسؤولين في الدولة استغلوا مناصبهم لمآرب شخصية". يدعو بسام مسؤولي الدولة إلى النظر إلى مستقبل الوطن "بدلا من المصالح الشخصية"، ويضيف "الوحدة ليست منجزا شخصيا لأحد بل منجز لكل اليمنيين وأبنائهم وأحفادهم، وهي مستقبل اليمنيين، ونطمح -نحن جيلها- أن نجد رعاية كافية من خلال الحصول على تعليم وصحة وعيش كريم، وإلا سنُحبط، ويعود ذلك سلبا على وحدتنا الوطنية".