تصاعد الجدل في اليمن بشأن الضربة الجوية التي نفذتها القوات اليمنية الخميس الماضي واستهدفت معسكرات وتجمعات لتنظيم القاعدة بمنطقة المحفد بمحافظة أبين جنوبا وبمنطقة ارحب القريبة من العاصمة ، في وقت طالبت فيه أحزاب المشترك المعارضة ونشطا سياسيين وقادة مقيمين في الخارج بالتحقيق حول الحادث الذي تقول انه أوقع عشرات القتلى والجرحى في صفوف المدنيين. وعقد مجلس الدفاع الوطني السبت برئاسة علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة وبحضور عدد من القيادات العسكرية والأمنية . وقال بيان صادر في ختام الاجتماع أن المجلس بحث نتائج العملية الأمنية الاستباقية المزدوجة الناجحة التي نفذتها الأجهزة الأمنية ضد الإرهابيين من عناصر تنظيم القاعدة في كل من أرحب وأبين وأمانة العاصمة. وذكر ان المجلس أشاد بنجاح العملية والأداء البطولي لأفراد الأمن وقوات مكافحة الإرهاب التي عكست المستوى العالي من التدريب والكفاءة واليقظة لديهم لتنفيذ المهام والواجبات المناطة بهم والقيام بالعمل الوقائي الذي يحول دون ارتكاب الأعمال الإرهابية والإجرامية. ووصف مجلس الدفاع العملية بأنها مثلت ضربة استباقية قاصمة للعناصر الإرهابية التي كانت تخطط لتنفيذ أعمال إرهابية وانتحارية تستهدف الأضرار بأمن الوطن والمواطنين ومصالحهما. وأكد الاجتماع أهمية تضافر جهود الجميع من اجل مكافحة الإرهاب واستئصال هذه الآفة التي تهدد امن وسلامة الجميع في الوطن والمنطقة والعالم. وجدد التأكيد بان اليمن سيواصل جهوده الدؤوبة من اجل مكافحة الإرهاب وملاحقة عناصر تنظيم القاعدة والحيلولة دون تنفيذ مخططاتهم المستهدفة زعزعة الأمن والاستقرار في الوطن. كما اكد مجلس الدفاع انه وقف أمام تقرير عن سير المواجهات الجارية في محافظة صعدة ومديرية حرف سفيان ضد العناصر الإرهابية المتمردة الخارجة على النظام والقانون هناك ، معبرا عن ارتياحه للنجاحات التي تحققها القوات المسلحة والأمن والقوات الشعبية في مواجهة تلك العناصر. وأشاد بدور القوات الجوية والقوات الخاصة في تنفيذ المهام الموكلة اليها بكفاءة عالية. مثمنا التضحيات الغالية التي يقدمها المقاتلون الشجعان في ميداين الواجب. وأكد بأن النهاية الحتمية لتلك العناصر الإرهابية قد دنت وأن بشائر النصر تلوح في الأفق بصورة جلية بفضل البطولات وروح الاستبسال التي يبديها المقاتلون الأبطال من منتسبي القوات المسلحة والأمن والقوات الشعبية في ميادين المواجهة. وشدد المجلس على عدم التهاون مع كل من تسول له نفسه المساس بأمن الوطن واستقراره وسكينته العامة. وشهدت ثلاث محافظة جنوب البلاد السبت تظاهرات منددة بالهجوم الجوي الاستباقي الذي تقول السلطات انه استهدف مخيما لتدريب القاعدة ، مطالبين بتشكيل لجنة تحقيق في الحادثة، فيما طالب مشايخ قبائل أبين وشبوة المسؤولين ممن ينتمون إلى مناطقهم بتحديد مواقفهم مما جرى . وكان نائب الرئيس السابق علي سالم البيض جامعة الدول العربية والأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي بالتحرك الفوري من أجل تشكيل لجنة تحقيق في الحادثة التي وصفها ب"المجزرة"، مشيراً إلى أن "القصف استهدف تجمعات سكنية وخلف عدداً كبيراً من الشهداء والجرحى والجثث المتفحمة" . وقال في بيان إن "اللجوء إلى استخدام سلاح الطيران لضرب المدنيين العزل مؤشر خطير يؤكد ضلوع نظام صنعاء في الإجرام ويدل على إفلاسه السياسي، وعدم قدرته على الوقوف في وجه الحراك السلمي في الجنوب" . وأشار البيض إلى أن "تذرع نظام صنعاء بوجود لتنظيم القاعدة في الجنوب ادعاء عار عن الصحة، ويعرف القاصي والداني بأن نظام صنعاء هو الذي احتضن التنظيم الذي لا وجود له أو حضور في الجنوب"، وحذر مما سماها "العواقب الخطيرة" . وردت صنعاء على البيض بمطالبة الدول التي يتواجد فيها بتسليمه إليها باعتبارها خائناً لبلده، وأكد مصدر في اللجنة الأمنية العليا أنه "تبين بالدليل القاطع أن عناصر القاعدة ظلت تجد في مثل هذه العناصر الانفصالية المتآمرة ضالتها المنشودة والحاضنة لها التي توفر لها الدعم والملاجئ" . من جانبهما دان الرئيس الجنوبي الأسبق علي ناصر محمد ورئيس الوزراء الأسبق حيدر أبو بكر العطاس في بيان مشترك أحداث أبين، ووصفا القصف بأنه تم "بطريقة وحشية"، ويعتبر امتداداً لأحداث سابقة كان الجنوب مسرحاً لها . واعتبر ناصر والعطاس أن "السكوت عن هذه الأعمال لا يعني فقط الموافقة عليها بقدر ما يعني المشاركة السلبية فضلاً عن أنه يوفر غطاء لارتكاب أعمال مماثلة والتمادي في العنف" . واستغرب الرئيسان " أن تتزامن هذه الأعمال الوحشية مع إطلالة العام الهجري الجديد وبعد إطلاق الرئيس علي صالح الدعوة للحوار وقبل أن يجف حبرها تماماً كما حصل إبان القتل والحصار في زنجبار في وقت سابق ما يؤكد عدم جدية ومصداقية هذه الدعوات" . وقالا إن "استخدام القوة لا يقدم حلاً وإنما يعمق المشكلة ويثير الكراهية ويؤثر في الوحدة"، مؤكدين أن " لا سبيل لحل الأزمة اليمنية إلا عبر الحوار وطنياً وبإشراف إقليمي ودولي" . وكانت صنعاء قد أشادت بالعملية التي تم تنفيذها في أبين ضد القاعدة، وقالت إنها "شكلت ضربة قاسية وموجعة، وتعتبر من أنجح وأقوى العمليات ضد خلايا القاعدة" . وأشارت مصادر إلى أن عدداً كبيراً من الإرهابيين أصيبوا . وفي رد على اتهامات بقصف مناطق يسكن فيها مدنيون قالت إن "عناصر أخرى كانت تسكن بداخل خيام بالقرب من منطقة جبلية جرى تجهيزها لتكون منطقة تدريب للعناصر الإرهابية، حيث جاءت الضربة لتلك العناصر أثناء تجمعهم وقيامهم بعملية التدريب" . وقالت ان من ابرز العناصر الإرهابية القيادية في تنظيم القاعدة التي لقيت مصرعها في العملية النوعية الناجحة التي قامت بها قوات الأمن ضد احد مراكز التدريب لعناصر تنظيم القاعدة في منطقة المعجلة بمديرية المحفد بمحافظة أبين هي محمد صالح الكازمي ومقبل عبدالله عوض شيخ واحمد عبدالله عوض شيخ وميثاق الجلد وعبدالله عوض شيخ. ولم يتأكد بحسب تأكيد السلطات الرسمية حتى الآن من مصرع عبدالمنعم الفطحاني وهو من العناصر القيادية الخطرة التي ظلت تقود عناصر القاعدة وتوفر لها المأوى في تلك المنطقة. كما ذكرت : إن من بين القتلى من عناصر القاعدة الذين قبروا في مقبرة صيرة بمديرية مودية عدد من العناصر الأجنبية من مجهولي الهوية احدهم يدعى إبراهيم النجدي (سعودي الجنسية) تم العثور في جيبه على رسالة موجهة إليه وكذلك وجدت بطاقة شخصية باسم محمد بن محمد راجح الذرعان. لافتة إلى أنه تم أيضا قبر خمسة من القتلى من عناصر تنظيم القاعدة من الأجانب من مجهولي الهوية في مقبرة زارة بمديرية لودر. وجددت التأكدت بان الضربة التي وجهت لعناصر التنظيم في المعجلة في تمام الساعة السادسة صباح الخميس الماضي نفذت أثناء قيام تلك العناصر بإجراء تدريبات في المركز التدريبي الذي انشأوه بالقرب من احد المناطق الجبلية في المنطقة التي كانوا يتخذون منها ملجئا لهم بحماية ودعم من طارق الفضلي وعبدالمنعم الفطحاني ومحمد صالح الكازمي وميثاق الجلد. وأوضحت بان من بين المصابين من عناصر تنظيم القاعدة في تلك العملية عبدالله سالم علي وعبدالرحمن محمد قائد وحيدرة سالم علي وفتاح العمري ومحمد علي سالم. مبينة أنه تم نقلهم عقب الحادث إلى مستشفى لودر لتلقي العلاج. وأشارت إلى أن عناصر من تنظيم القاعدة قامت وعقب تنفيذ العملية الناجحة ضد عناصر التنظيم في المجعلة بقيادة الإرهابي علي علوي يحمر بعملية تقطع استهدفت طقما عسكري باتجاه مدينة لودر وقاموا بإطلاق قذيفة آر بي جي باتجاه الطقم مما أدى إلى إصابة 3 من أفراد الطقم بالإضافة إلى إصابة 2 مواطنين كانوا متواجدين بالقرب من مكان الحادث. وعلى صعيد متصل كشفت مصادر أمنية بان الملاحقات التي قامت بها الأجهزة الأمنية بعد العملية الاستباقية التي استهدفت إحدى الخلايا الإرهابية الانتحارية والتي كانت محاصرة في احد الأوكار الإرهابية التابعة للإرهابيين عارف وحزام مجلي والكائن في قرية سلم بمديرية أرحب قد أسفرت عن ضبط حوالي 29 شخصاً من عناصر تنظيم القاعدة من بينهم 13 عنصرا تم إلقاء القبض عليهم داخل أمانة العاصمة وكانوا مكلفين بتقديم الدعم المعلوماتي واللوجستي لأفراد تلك الخلية الانتحارية. وأوضحت أن تلك الخلية الانتحارية المكونة من ثمانية أشخاص معظمهم من الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم ال20سنة كانوا يلفون أجسامهم بأحزمة ناسفة عند مهاجمتهم وكانوا على وشك تنفيذ عملياتهم داخل العاصمة صنعاء والتي كانت تستهدف تنفيذ سلسلة من التفجيرات الانتحارية بالأحزمة الناسفة أو السيارات المفخخة ضد عدد من المنشآت والمصالح اليمنية والأجنبية. وبحسب المصادر الأمنية فان نجاح هذه العملية مثل ضربة استباقية قاصمة لعناصر تنظيم القاعدة, مرجعة النجاح الكبير لهذه العملية وعمليات المباغتة لتلك العناصر في الوقت الذي كانت تشعر فيه بالاطمئنان وعلى وشك تنفيذ عملياتها الإرهابية إلى متابعة الأجهزة الأمنية لتلك العناصر الإرهابية وامتلاكها الكثير من المعلومات عن مناطق تواجدها وخططها.