الأمن .. مطلب شرعي ولا غنى عنه .. تطلبه الدول والشعوب على حد سواء ، الجميع يبحث عنه ويسعى إليه ولا تطور ولا تنمية بدون أمن لأنه بمثابة حجر الأساس لنهضة الشعوب وتقدمها وهذا لا جدال فيه خصوصا في ظل الوضع القائم في اليمن والذي يمثل فيه الأمن رهان حقيقي للقفز على حاجز أهداف ومخططات وأطماع من يسعون لتحويل اليمن لمستنقع الفوضى والعبثية حتى تتحقق كوابيس هواجسهم المريضة . من هنا ندرك جميعا أهمية ظاهرة الانتشار الأمني من خلال الدور الكبير الذي يقدمه رجال الأمن بمختلف أدوارهم وجهاتهم لضبط النفس الأمارة لدى من تسول له هواجسه الخبيثة التخفي لتفريغ وازعه الشيطاني لإرهاب الأمنيين وإفزاعهم بدوي إنفجار عبثي بعبثية المخطط والممول له ولا نامت أعين الجبناء . وإن كان ذلك الفعل القبيح يعد إرهابا فهناك إرهاب من نوع أخر يمارسه بعض من ينتمون لرجال الأمن في مفهوم عكسي لدورهم المنوط على عواتق ضمائرهم ولباسهم الرسمي كرجال أمن لا رجال ينشرون الرعب في الشوارع العامة وهم في أبشع صوره من صور الاستغلال للوظيفة الرسمية التي حولوها لمجرد وسيلة للكسب الرخيص وابتزاز المواطن البسيط . إنهم بعض رجال المرور ممن لا هم لهم لا وطن ولا مواطن ولا أمن ولا سكينة تعنيهم وهم يمارسون دور قاطع طريق وبغطاء بمظلة وفرتها لهم الوظيفة الرسمية فإذا بهم مجرد جباة لثمن قنينة دواء يجتهد سائق أجرة لتوفيرها لمريض يعوله أو موظف بسيط يسابق الزمن وصولا لمنزله لتوفير ثمن علبة حليب يسعى من خلالها لسد رمق جوع طفل يصرخ طلبا لها . ندرك تماما أهمية دور رجال الأمن في الحد من الجريمة بمختلف صورها وأشكالها قبل أن تقع الفأس الآثمة على رؤوس الموطنين .. لكن أن يتحول ذلك لمجرد إشباع لنزوات ورغبات بعض الطامعين العابثين بحقوق وواجبات الوظيفة الرسمية فهذا في حد ذاته إرهاب وإفزاع ورعب للمواطن . . فمثلا على سبيل الذكر لا الحصر قسم مرور يقع على خط شارع مأرب بأمانة العاصمة يخرج عدد من ضباطه وعدد أكبر من أفراده للشارع الرسمي وبشكل يومي حتى في العطل الرسمية الهدف منه الإيقاع بعدد من السائقين ممن لا يحمل رخصة قيادة أو كرت أو انتهت صلاحيتها الزمنية والمطلوب فيها التجديد وما بين برميل القطاع الخاص برجال المرور بهذا القسم الذي يقع قرب قسم المرور تتم المفاوضة والإبتزاز على مسمع الجميع وعلى عينك يا مواطن . بل إن بعض الأقسام وضع له سقفا معينا في عدد السيارات المطلوب دخولها ( حوش ) المرور بشكل يومي وعلى كل سيارة سند يصل إلى قرابة خمسة ألاف ريال يسلمه صاحب السيارة قبل أن يذهب لإحضار أوراقه أو التفاوض معهم في مبلغ أعلى لإخراج سيارته إذا كان لا يملك وثائق السيارة . بل الإبتزاز الأكبر أن يتحول رجل الأمن لتاجر ورجل أمن في آن واحد فمدرسة تعليم القيادة هي تابعة لرجال أمن من العيار الثقيل وهذا يسمى في قاموسهم شطارة والتجارة شطارة ، والتعميم الصادر يمنع أي قسم مرور أن يمنح رخصة قيادة لسائق مهما كانت مهارته في السواقة ما لم يحصل على شهادة من تلك المدرسة أو أحد فروعها في عموم المحافظات . الأدهى والأمر أن من يحمل رخصة قيادة من قبل وانتهت فترة استخدامها الزمنية ومطالب بالتجديد لا يمكن التجديد له ما لم يحضر شهادة تلك المدرسة ما لم فإن التجديد لرخصة القيادة سيظل رهن الشهادة ولا عزاء لمواطن لا يملك في جيبه ثمن قنينة ماء يبل بها جفاف حلقه بعد مجادلة عبثية مع القائمين على أمن المارة . . لعلهم تناسوا بأن الوضع المعيشي للمواطن بلغ حالة من السوء لا حد لها وأن المواطن المسكين لا يملك مفتاح علي بابا وأربعين رجل مرور ، لم يدرك القائمين على صناعة القرار بأن المواطن البسيط اشترى سيارة بسيطة متواضعة من قوت أبنائه ولم يتحصل عليها من أموال الشعب بتوقيع يمنحك سيارة لا يمكن للبسطاء من أمثالنا إلا مشاهدتها في أحلامهم . . ليس المواطن مجرد سخره عند هؤلاء ولا يمكن لنا وقد ولدتنا أمهاتنا أحرارا أن نظل رهن تلك القطاعات التي يقوم بها هؤلاء المرضى وباسم القانون .. وإذا كان القانون قد منحهم ذلك فأي قانون يمنح المواطن حريته وأمنه وأمانه سؤال نطرحه على المسئولين عن أمن البلد من أعلى منصب من كرسي الداخلية والمسئول الأول عن مجلس الثلاثاء وصولا إلى العرضي فدار الرئاسة لعلهم في جلسة مقيل يعيدوا رسم تفاصيل سيناريو الأمن لجادة الصواب لنجد بأن براميل المرور قد أزيلت من شوارعنا الرسمية .. شكرا لسعة صدوركم