قضت محكمة يمنية بتثبيت مسئولة في منصبها وإلغاء قرارات رئيس الحكومة ووزير الصحة واعتبارها باطلة. وتضمن منطوق الحكم - الصادر عن محكمة غرب أمانة العاصمة الابتدائية برئاسة القاضي محمد بن أحمد محمد فاضل الأحد الماضي في القضية الإدارية رقم (13) لسنة 1431ه، المرفوعة من المدعية الدكتورة أروى أحمد عون، ضد المدعى عليهما الدكتور علي محمد مجور رئيس مجلس الوزراء بشخصه وصفته والدكتور عبدالكريم يحيى راصع وزير الصحة العامة والسكان بشخصه وصفته - بإلغاء القرار الإداري الصادر تحت توقيع رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة العامة والسكان برقم (12) لسنة 2010م وتاريخ 19-1-2010م القاضي بتعيين فوزي محمد صالح بارحيم مديراً عاماً للمركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه خلفاً لمديرة المركز أروى عون. وقضى الحكم بعد قبول الدعوى ب"إلغاء القرار الإداري المذكور، واعتباره كأن لم يكن" وألزم المدعى عليهما تسليم مصاريف وأتعاب المدعية في هذه القضية. وتضمنت حيثيات الحكم- حصلت "كل أحد" على نسخة منه- الذي تلاه رئيس المحكمة القاضي محمد بن أحمد محمد فاضل أنه بعد الاطلاع على ملف القضية والتأمل والتمعن في جميع ما حواه ثبت للمحكمة قانوناً صحة الدعوى المرفوعة من قبل المدعية ضد المدعى عليهما مصدري القرار الإداري المطلوب إلغاؤه، وثبوت كون القرار الإداري المذكور قد صدر معيباً بعيبي المحل والسبب، وترتب على صدوره إلغاء المركز القانوني للمدعية التي كانت تشغله قبل صدور القرار كمدير عام للمركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه، وإنشاء المركز القانوني للمدعو فوزي بارحيم بالمخالفة الصريحة للفقرة (أ) من المادة (14) من القرار الجمهوري رقم (85) لسنة 2005م بشأن إنشاء المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه، بالإضافة إلى ثبوت افتقاره إلى بيان لأسباب الواقعية والقانونية التي حصلت من قبل المدعية وأدت بالمدعى عليهما إلى إصداره. وثبت للمحكمة كون ما أورده محاميا المدعى عليهما من ادعاءات بارتكاب المدعية لبعض المخالفات أثناء توليها إدارة المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه واللذان أوردا أنها كانت الدافع لإصدار القرار- لا يعد في مجمله سبباً قانونياً لإصدار القرار الإداري المذكور. كما ثبت عدم توافر الشروط القانونية في المدعو فوزي بارحيم لشغل الوظيفة العامة التي عين فيها، لا من ناحية حصوله على المؤهل العلمي المطلوب، ولا من حيث حصوله على الخبرة اللازمة العملية لذلك المؤهل، لا سيما مع إلزام المحكمة لمحامي المدعى عليهما بإحضار ما يثبت حصول بارحيم على المؤهل العلمي المطلوب مع صورة من قرار تعيينه ابتداءً لدى وزارة الصحة، واستيعاد أحد المحامين بإحضار ذلك في جلستين قضائيتين إلا أنهما لم يحضرا شيئاً. وشدد الحكم أنه لا وجاهة فيما دفع به محاميا المدعى عليهما في إجابتهما على دعوى المدعية من أن لجهة الإدارة الحق في إصدار قرارها بحق أي موظف، وأنه لا يجوز مخاصمة صاحب القرار في قراراته، لأنه الوحيد من يدرك متطلبات المصلحة الوطنية في قرارات التعيين أو العزل، الثابت - بنص الحكم- عدم وجاهتها، بل وثبوت تعارضها مع النصوص القانونية التي ألزمت جهة الإدارة باتباع إجراءات قانونية محددة منصوص عليها بشأن تعاملها مع موظفي الدولة عموماً، من حيث الاختيار والتعيين أو إجراءات وشروط التقييم الدوري للموظف وشروط إحالة الموظف المخالف للتحقيق والمساءلة. وأكدت المحكمة أن القانون لم يطلق لجهة الإدارة العنان في اتخاذ وإصدار القرارات الإدارية بحق أي موظف بدون ضوابط أو رقابة القانون على ذلك، لاسيما وأننا نعيش في مجتمع ديمقراطي مؤسسي تحكمه سيادة الدستور والقوانين النافذة. وعليه، ولحيثيات واستدلالات أخرى تضمنها الحكم حكمت المحكمة حضورياً بقبول الدعوى، وإلغاء القرار الإداري المذكور، واعتباره كأن لم يكن، وإلزام المدعى عليهما المذكورين تسليم مصاريف وأتعاب المدعية في هذه القضية وهي ما تقدرها المحكمة بمبلغ (300،000) ثلاثمائة ألف ريال. وبهذا تصل قضية المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه (حريق دم) إلى نهايتها بعد أشهر من المتابعة والمراجعات والمرافعات، وعلمت "كل أحد" أن محامي المدعى عليه رئيس الوزراء لم يطلب الاستئناف فيما طلب استئناف الحكم محامي المدعى عليه وزير الصحة العامة والسكان.. وأوضح مصدر قانوني في تصريح للصحيفة أن القضية كانت من الوضوح بحيث طمأنت المحكمة إلى قرارها الأخير وأن الاستئناف تحصيل حاصل ولن يغير شيئاً في النتيجة أو الحكم، كون الدفاع لا يملك أن يختلق وقائع جديدة أو اثباتات عجز عن توفيرها خلال وقائع الجلسات والمرافعات طوال الأشهر الثلاثة الماضية. إلى ذلك أشاد حقوقيون ونقابيون متابعون لتفاصيل القضية، ووقائع المحاكمة، بحكم المحكمة وبرئيسها القاضي محمد بن أحمد محمد فاضل الذي أظهر كفاءة ونزاهة في التعامل مع ملف القضية من البداية وكان مثالاً حياً لنزاهة القاضي وعدالة القضاء. معتبرين هذا الحكم مكسباً حقيقياً للقضاء اليمني وأنموذجاً يستحق الشكر والإشهار والإشادة، تعزيزاً للثقة بالقضاء اليمني المرجعية النهائية للجميع.