عزيز محمد - حشرت الولايات المتحدة الأمريكية اليمن في زاوية ضيقة بعد اعتراف المخابرات الأمريكية بتنفيذ عمليات عسكرية سرية ضد عناصر تنظيم القاعدة داخل الأراضي اليمنية. واشنطن أفصحت عبر قادة الCIA والجيش عن أهمية استهداف مراكز القاعدة في اليمن استنادا إلى تقارير استخباراتيه وضعت خطر القاعدة في اليمن على الأمن الأمريكي قبل طالبان باكستان التي تستهدفها واشنطن بطائرات من دون طيار على مدى السنوات الماضية رغم اعتراض الحكومة الباكستانية العلني على ذلك. وكانت اثار الهجمة التي تعرضت لها قرية المعجلة في محافظة ابين العام الماضي أكدت مسئولية واشنطن عن موت أكثر من 50 مدنيا بينهم نساء وأطفال في قصف قتل 3 من قادة القاعدة بصواريخ لازالت بقاياها المتفجرة موجودة في وديان المعجلة وشعابها. ورغم أن واشنطن كانت نفت مسئوليتها عن الهجوم الا ان بقايا القنابل الانشطارية والتي لا تملكها اليمن وتسريب وثائق للصحافة الأمريكية كشفت مسئولية البنتاجون عن هجوم قتل فيه نائب محافظ مأرب الشيخ جابر الشبواني في هجوم جوي اثار موجة استياء ضد الحكومة في الأوساط القبلية في مأرب التي تعد احد معاقل القاعدة المهمة في اليمن. التصعيد الأمريكي ضد القاعدة في اليمن رغم التعاون الكبير الذي أبدته اليمن في الحرب على الإرهاب تزامن مع تصعيد إعلامي أمريكي بريطاني رأى محللين انه وفر غطاء لأية خطوة مقبلة قد تقدم عليها واشنطن وقواتها المنتشرة في المياه المجاورة لحدود اليمن. السلطات اليمنية وجدت نفسها في موقف حرج بعد العلانية التي طرح بها موضوع استهداف الجيش الأمريكي لخلايا القاعدة في أراضيها وأعلنت رفضها لاي تواجد اجنبي او استهداف مباشر يتجاوز السيادة اليمنية لكن هذا الرفض لن يكون سوى نسخة مكررة من موقف باكستان من قصف الطائرات الامريكية لعناصر طالبان داخل الحدود الباكستانية . مصدر يمني مسئول نفى مطلع الاسبوع الجاري أي تواجد عسكري أجنبي على أراضيه بعد انباء تحدثت عن نقل قوات امريكية من العراق الى اليمن . وأكد المصدر ان اليمن تمتلك مؤسسات أمنية وعسكرية قوية وقادرة على القيام بدورها في مكافحة الإرهاب وتحقق نجاحات في هذا المجال. المصدر اشار الى إن تعاون اليمن مع المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب سواء مع الولايات المتحدة الأمريكية أو غيرها يقتصر على تبادل المعلومات والتي تسهل في تعقب العناصر الإرهابية وتقديمها للعدالة وهاجم اليمن تقارير لوسائل الإعلام الأمريكية والغربية صبت مؤخرا حول التضخم من حجم خطر عناصر القاعدة في اليمن بوصفها المهدد الاكبر للدول الشقيقة والصديقة وتفوق في قدراتها الفرع الام في افغانستان، واصفا ايها ب"تسريبات لاصحة لها". و أكد مصدر يمني مسؤول أن ما تقوم به الأجهزة الأمنية وقوات مكافحة الإرهاب من عمليات ناجحة في مواجهات القاعدة والعمل على اجتثاثهم من المناطق التي يتحصنون فيها قد أثبت قدرة وكفاءة قوات الأمن اليمنية ونجاحها في التصدي للعناصر الإرهابية ومكافحة الإرهاب. ولم يستبعد المصدر اليمني المسئول ان تكون حملة التسريبات الأخيرة مرتبطة بأجواء الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة الأمريكية ، غير انه اكد انها لن تؤثر على سياسة الحكومة اليمنية في مكافحة الإرهاب أو على التعاون مع المجتمع الدولي في مواجهته ودون المساس بسيادة اليمن ودستورها وقوانينها. وجدد المصدر التأكيد على تمسك الجمهورية اليمنية, بأن مكافحة الإرهاب ستظل مسؤولية أجهزة الأمن اليمنية. وتقابل الاوساط الدينية والقبلية وحتى السياسية فكرة التدخل الامريكي المباشر في اليمن بالرفض التام بعيدا عن اية تبريرات قد تساق في هذا الجانب. وكان علماء اليمن اعلنوا العام الماضي رفضهم القاطع لاي تدخل امريكي في اليمن او تواجد عسكري في الحرب على الارهاب بل وصل الامر الى مطالبة الحكومة اليمنية بوقف أي تنسيق امني مع واشنطن . ومن شأن التدخل الأمريكي المباشر في الحرب على القاعدة في اليمن أن يؤثر على مجريات المواجهة التي تخوضها الأجهزة الأمنية اليمنية مع عناصر التنظيم والنجاحات التي تحققت خلال الأشهر المنصرمة حيث تمكنت اليمن من اعتقال عدد من قادة التنظيم إضافة إلى قتل آخرين في مواجهات متفرقة. وأشارت مصادر للوطن ان الرئيس علي عبد الله صالح تلقى عتب من مسئولين بريطانيين في زيارته الأخيرة إلى لندن تتعلق بتمدد القاعدة في محافظات جنوبية وشرقية على نحو يدعو للقلق. وحذر مراقبون من خطورة المرحلة المقبلة في حرب اليمن والقاعدة بعد المواقف الأمريكية التي كانت تشدد على عدم تدخلها في الشأن اليمني واقتصار المساعدة لليمن في الحرب على القاعدة في الجانب المعلوماتي والمادي فقط. وقالوا للوطن أن وجود القوات الأمريكية في الصورة إلى جانب قوات الأمن اليمنية المتخصصة في مواجهة القاعدة سيوسع قاعدة المناصرين للتنظيم في الجيوب القبلية والمتشددة وسيجعل من الصعوبة التفريق بين استهداف القوات اليمنية والأمريكية لعناصر التنظيم . ورأى خبراء عسكريون أن اليمن ستعمد إلى مواجهة القاعدة على الأرض بقوات برية كما حصل في مديرية لودر مؤخرا الأمر الذي سيصعب عملها دون مساندة من الطيران الذي ستقيده التأويلات بكونه أمريكيا . وبذلك تكون واشنطن وضعت اليمن في اختبار صعب يحتم عليها مواجهة القاعدة بإستراتيجية جديدة تمنع التنظيم من استثمار الغطرسة الأمريكية لتأليب الرأي العام اليمني ضد حرب الحكومة عليه.