لم تخرج جمعة اليمن عن سابقاتها خلال الأسابيع الأخيرة في استعراض القوة جماهيريا بحشود إلى الشوارع بمسميات جديدة بين المؤيدين للنظام وللشرعية الدستورية وبقاء الرئيس ، والآخرين المطالبين بإسقاط النظام ورحيله الفوري ورفض أي مبادرات سياسية، غير أن هذه الجمعة تأتي قبل يومين من توقيع أطراف الأزمة اليمنية على وثيقة المبادرة الخليجية في الرياض وبرعاية أمريكية أوربية لإنهاء الأزمة بما يؤدي لانتقال سلس وامن للسلطة وسط مخاوف من عراقيل ومبررات جديدة تحول دون ذلك. وعلى جانب حشود الموالاه ،دان الرئيس علي عبدالله صالح الاعتداء على المعتصمين المؤيدين للشرعية الدستورية في مدينة الثورة الرياضية من قبل عناصر اللقاء المشترك والشباب الذين تحركوا من حي جامعة صنعاء الى مدينة الثورة الرياضية عصر يوم الاربعاء والذي سقط على اثره قتلى وجرحى . وقال في كلمة مقتضبة ألقاها أمام ملايين من انصاره الذين احتشدوا في ميدان السبعين في اطار ما سمي "جمعة الشرعية الدستورية" " لقد رأيتم وهم يسحبون الشيوخ ويدسونهم و لا يحترمون الدم ولا يحترمون الشايب الكهل ولا يحترمون الشباب هؤلاء القتلة فلندينهم جميعا فلندين قطاع الطرق وندين الخونة إدانة كاملة لا للخونة ولا للعملاء" . وثمن الرئيس صالح التفاف أنصاره ومؤيديه حوله ، الذي شكرهم على تحملهم عنا السفر من مناطقهم للحضور إلى صنعاء لتأكيد تمسكهم بالشرعية الدستورية ورفضهم للفوضى والعنف والتخريب والفتن وللعمليات الانقلابية على الحرية والديمقراطية والتعددية السياسية. واضاف " هذه الحشود الملايينية الهائلة للمواطنين الذين توافدوا من جميع محافظات الجمهورية, وهذه هي جماهير 2011م تظهر من جديد مثل ما ظهرت في 2006م". معتبرا في تلك الحشود "رد على من يسعون إلى الانقلاب على الشرعية الديمقراطية والدستورية ومن يريدون أن ينقضوا على السلطة ويدمروا مكاسب ثوره السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من اكتوبر والثاني والعشرين من مايو وتقول نعم نعم للشرعية الدستورية لا للانقلابات ولا للفوضى ولا لقتل النفس المحرمة ". وكان الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام الدكتور أحمد عبيد بن دغر ااستبق في كلمته امام الجماهير المحتشدة في ميدان السبعين تأكيد أن "أن المتآمرين على الوطن اليمني اليوم سوف لن يحصدوا سواء خيبة الأمل وسوف تتحطم مؤامرتهم على صخرة الصمود الوطني والالتفاف الشعبي حولكم ممثلا للشرعية الدستورية وحاميا للانجازات الوطنية التي تحققت على مدى عقود خمسة مضت". وتابع مخاطبا الرئيس صالح :" لقد أراد الأعداء في الداخل والخارج النيل من شرعيتكم لكنهم في الواقع إنما أرادوا النيل والإجهاز على المكتسبات الوطنية والشعب اليمني العظيم ولكن محاولاتهم لم تحصد سواء خيبة الأمل"، داعيا القطريين إلى تحرير قطر أولا من العبودية الاستعمارية" . واعتبر بن دغر حضور هذه الحشود والجماهير في الأسابيع الماضية بمثابة رسالة وطنية هامة للذين حاولوا التأمر والانقلاب على الشرعية الدستورية .. لافتا إلى أن هذا الحضور غير المعادلة وحفظ التوازن وهم الآن قاب قوسين او أدنى من النصر فالثبات والصمود والنصر سيكون إنشاء الله قريباً . وعرض في كلمته الى دولة قطر ، وخاطب القطريين بقوله "حرروا ارض قطر من الوجود الأجنبي حققوا ان استطعتم سيادتكم اولا على أرضكم حققوا ان استطعتم أولا سيادتكم على أرضكم ابحثوا عن الحرية لأنفسكم قبل ان تهبوها للآخرين. وأردف قائلا "ان أردتم التغيير فابدوا بأنفسكم حرروا مجتمعكم من الاستبداد ابحثوا عن الديمقراطية لأنفسكم ولمجتمعكم وفاقد الشيء لا يعطيه ومن لم يكن ديمقراطيا لا يمكنه الحديث عن التغيير". وتساءل الدكتور بن دغر عن حقوق الإنسان في قطر التي يتحدثون عن هدرها عند الآخرين وأين المساواة والعدالة التي يلوحون بها في فضائيتهم الجزيرة صباحا مساءا ..لافتا إلى ان اليمن هو بلد الحرية ولديه من التجربة الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية وحرية الرأي والتعبير والمشاركة الوطنية ما يفخر به. وأكد " هذا شعبا عظيما يذكركم ان تعداده ما يقرب من الخمسة والعشرين مليون نسمة ولديه عمق حضاري وثقافي يفخر به كل العرب بالانتساب إليه" . وكان جزء من الحشود الكبيرة من أنصار حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم ومؤيدي الرئيس صالح انطلقوا في مسيرة عقب أدائهم صلاة الجمعة في ميدان التحرير في سادس جمعة من نوعها على التوالي أطلق عليها إسم "جمعة الشرعية الدستورية" ، حيث جاب المشاركون في المسيرة ميدان التحرير بوسط العاصمة رافعين صور صالح ولافتات تضمنت عبارات تحث على الحوار والتفاهم لإنهاء تداعيات الأزمة السياسية القائمة، وتندد باستمرار الاعتصام المطالب بإسقاط النظام الحاكم مثل عبارة "لن يرحل"، قبيل أن تتوجه المسيرة إلى ميدان السبعين، المقابل لمقر دار الرئاسة حيث تلاقت الحشود هناك من عديد من المناطق وسط إجراءات أمنية مشددة. وعلى بعد كيلومترات قليلة من ميدان السبعين احتشد مئات الآلاف من المتظاهرين في "جمعة الوفاء للشهداء" بشارع الستين للمرة الثانية بعد انتقالهم من ساحة التغيير بالعاصمة امام جامعة صنعاء لأداء فريضة صلاة وخطبتي الجمعة، واكتظت الساحة بالمحتجين الذي استمر تدفقهم إلى حين انتهاء الصلاة . وطالب المتظاهرون عقب صلاة الجمعة برحيل نظام الرئيس صالح الفوري، مؤكدين رفضهم أية حوارات تجرى من شانها إجهاض ثورتهم وتحقيق أهدافها المتمثلة في سقوط رأس النظام وكافة رموزه ، منددين بالمبادرة الخليجية ، ورفع المشاركون شعارات توكد على سقوط شرعية النظام ، وبروز ما أسموه الشرعية الثورية. وطير المحتجون بالونات في الهواء كتب عليها "ارحل" بينما تعهد خطيب الجمعة في شارع الستين بمواصلة "الثورة وعدم التراجع حتى لو استشهد مليون إنسان". وتجمع عشرات الآلاف بالمناسبة ذاتها "جمعة الوفاء" في مراكز محافظات إب والحديدة ومدينة البيضاء فيما احتشد عدد مماثل من مناهضي صالح في مدينة تعز. وعبر المتظاهرون عن رفضهم للمبادرة الخليجية مؤكدين أنها "تستهدف الشعب اليمني وحركته نحو التحول والتغيير" وأدانوا أعمال العنف والقتل وطالبو برحيل صالح فورا. ودعا خطيب ساحة الحرية بتعز جمال الرازي دول الخليج إلى الوقوف إلى جانب الثوار ، وقال ان ذلك خير لها من الوقوف إلى جانب نظام متهالك فقد شرعيته وأصبح يمثل عبئا على اليمن وعلى الإقليم – حد تعبيره. وأضاف أن الشعب يريد رحيل نظام وليس المبادرات والحوارات وأن هذه هي ثورة شعب وليست أزمة بين طرفين ولذالك نقول لدول الخليج لا للمبادرات نعم للتنحي الفوري والمحاكمة العادلة لهذا النظام. وفي صعدة تظاهر انصار الحوثي في مسيرة جماهيرية حاشدة صباح اليوم رُفِعت فيها اللافتات التي عبرت عن الرافض للمبادرة الخليجية –الأمريكية بحسب وصفهم ، واعتبرتها تدخلاً سافراً في شئون اليمن الداخلية ( لا عمالة لا ارتهان لا لوسيط الأمريكان) ( لا تفاوض لا حوار ) كما هتفوا بشعارات ( الشعب يريد إسقاط النظام ) ( إرحلوا نحو الجحيم ،، والحياة ستستقيم). ومن المقرر أن يعقد وزراء مجلس التعاون الخليجي يوم الأحد المقبل في الرياض إجتماعاً حول اليمن، قد يشهد توقيع الإتفاق بين السلطة والمعارضة اليمنية حول انتقال السلطة أو في اليوم التالي بعد اعلان موافقتهما على المبادرة ، بحسبما أفادت مصادر متطابقة. وأوضح المجلس في بيان أنّ "الرياض تستضيف الأحد المقبل إجتماعاً استثنائياً لوزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، لاستكمال الإجراءات الخاصة بإقرار المبادرة الخليجية، التي وافق عليها كل من "حزب المؤتمر الشعبي العام" الحاكم وحلفائه والمعارضة اليمنية ممثلة في اللقاء المشترك وشركائه". وذكر مسؤول في المجلس أنّ "ممثلين عن المعارضة والسلطة في اليمن سيحضرون الإجتماع"، مشيراً إلى أنّ "توقيع الإتفاق قد يحصل بمناسبة هذا الإجتماع". إلا أنّ تاريخ التوقيع على هذا الاتفاق ما زال غير واضح.