تقرير - جمع الرئيس السابق لجمهورية اليمن الديمقراطية ونائب رئيس دولة الوحدة علي سالم البيض عدد من قادة الجنوب المساندين لفكرته الرامية الى انفصال الجنوب واستعادة دولتة في بالعاصمة البلجيكية بروكسل لبحث ترتيبات تؤسس لتحقيق هذا الهدف. البيض والذي لم يجد له مكانا في خارطة الترتيبات الجارية حاليا بتنسيق دولي لحل الأزمة في اليمن بما فيها الوضع في الجنوب في سياق تغيير شكل النظام السياسي وطرح بدائل لا تغفل الخصوصية الجغرافية للجنوب على شكل اقليمين كما يتفق الكثير من قيادات الجنوب في الداخل والخارج . يقود حيدر ابوبكر العطاس أول رئيس وزراء لدولة الوحدة والرئيس الجنوبي السابق علي ناصر محمد وياسين سعيد نعمان وآخرين من قيادات الحزب الاشتراكي والحراك تيار يسعى الى ايجاد حل للقضية الجنوبية في اطار دولة الوحدة بينما يقود البيض واخرين تيارا ينادي بتقرير مصير الجنوب وانفصاله عن الشمال لان الوحدة في نظر البيض وتياره انتهت بعد حرب 94 . لقاء البيض وأنصاره في بروكسل جاء من اجل الإعداد لمؤتمر يضم كافة قادة الجنوب المطالبين بالانفصال كآلية من شأنها حشد الطاقات واستيعاب الكفاءات الوطنية وفقا لتصورات عامة وشاملة يتم الاتفاق والتوافق عليها بمشاركة جميع أبناء الجنوب في كل مكان بمختلف شرائحهم الاجتماعية وتوجهاتهم السياسية حسب كلمة البيض التي ألقاها في اللقاء. واعتبر البيض في كلمته " قضية الجنوب " قضية سياسية ذات هدف كبير، يستلزم إنجازه توافر جميع عناصر النجاح في مقدمتها إيجاد حامل سياسي كبير يمتلك الرؤية الواضحة لمفهوم القضية وفقا لواقعها الفعلي، ويستند إلى ثوابت محددة ودقيقة لا تقبل التأويل ولا التفسيرات المتعددة حمالة الأوجه، . وحذر البيض في كلمته من القبول بمفاهيم أخرى قد يشكل اعتمادها والاتكاء عليها حرفا تاما لمسيرة شعبنا النضالية والسير بها إلى مناحي وطرق أخرى لا نرتضيها ولا نقبل بها و لا يقرها شعبنا أيضا. البيض نبه المجتمع الدولي ودول الخليج العربية إلى ضرورة التعاطي مع الوضع في اليمن من منظار واقعي يستشعر حقيقة الوضع الذي نتج عنه كل هذا التأزم السياسي الخطير، و اعتبار " قضية الجنوب " أهم القضايا الفعلية التي سيكون القفز عليها بحلول ترقيعيه من قبيل ما نشهده ونتابعه من مبادرات وجهود تهدف إلى تحقيق تسويات سياسية منتجا لحالة من عدم الاستقرار في المنطقة بشكل عام. وقال البيض أن شعب الجنوب لا يمكن أن يقبل بسياسة الأمر الواقع مهما كانت إمكانياتها وضغوطها وانه لا وصي على شعب الجنوب إلا نفسه في رسالة واضحة لقادة تيار حل قضية الجنوب في اطار دولة الوحدة . وكان العطاس قال انه لم يتسلم دعوة لحضور اللقاء في تأكيد واضح على افتراق مساره عن البيض رغم تزعمهما سابقا العمل السياسي لمعارضة الخارج والحراك في الداخل مع الرئيس علي ناصر محمد خلال الفترة الماضية والتي كانوا ينسقون مواقفهم حول قضايا الداخل سويا لتصدر في بيان مشترك . رؤية البيض وانصار الاستقلال يرفضها القيادي في المشترك وزعيم الحزب الاشتراكي الشريك الاساسي في اعلان الوحدة حيث اعتبر نعمان في اخر حوار له الانفصال أو فك الارتباط، مطلب بدون أفق وهو يضر بالجنوب أكثر مما يفيده. وقال نعمان ان الجنوب كدولة موحدة استمرت 23 سنة فقط من بعد رحيل المستعمر البريطاني إلى تاريخ إعادة الوحدة اليمنية، بينما السلطنات والإمارات التي تكون منها الجنوب تجاوز الكثير منها 200 إلى 250 سنة، أي أن هوية هذه السلطنات والإمارات ستطغى على هوية الجنوب في صيغته الموحدة. نعمان رفض منطق التعامل مع قضية الجنوب بشكل عاطفي أو بمنطق رد فعل لفشل نظام سياسي في الحفاظ على الوحدة واكد ان الجنوب يستحق من أبنائه التفكير بعمق في مستقبله ومن دون مزايدات أو عواطف. واعتبر ياسين سعيد نعمان الدولة الاتحادية الديمقراطية بنظامها السياسي العادل هي الحامل الفعلي للحل العادل لقضية الجنوب والشمال على السواء رغم انتقاده للسلطة التي قال انها نظرت إلى الجنوب باعتباره إضافة جغرافية ودفعت الناس الى الخروج للشارع للمطالبة بالانفصال. العطاس كان استبق البيض وتزعم مؤتمرا لقادة جنوبيون عقد في مايو الماضي بالقاهرة لتعزيز روية التيار الذي يقوده العطاس وبدعم خليجي ودولي حيث اكد بيان المؤتمر ان حل القضية الجنوبية يأتي عبر إعادة صياغة الوحدة فى دولة اتحادية-فيدرالية بدستور جديد من إقليمين جنوبي وشمالي، كواحد من أرقى أشكال الوحدة السياسية والوطنية، . واعتبر البيان هذا الحل مكوّن أساسي في حزمة الحلول والمخارج للحفاظ على الوحدة المرتكزة على الشراكة المتكافئة بين شريكي الوحدة، وكشكل من أشكال اعادة الاعتبار لقيم الوحدة التي عصفت بها النوازع الإقصائية والفيدية (الغنيمة) القهرية اللاوحدوية، وكضمانه جوهرية لإعادة صياغة وبناء المشروع الوحدوي الحضاري على أسس جديدة،. مؤتمر القاهرة اعتبر حلّ الدولة الفيدرالية من إقليمين شمالي وجنوبي والمشروط ببناء الدولة المدنية ليس حلاً فقط للقضية الجنوبية ولكنه يشكل حلاً آمناً لنظام الحكم في اليمن وهو الحد الأدنى لمطالب الجنوبيين المشروعة والعادلة، التي إن لم تجد طريقها للتحقيق فإن الجنوبيين في حلّ من أية حلول لا تخاطب تلك المطالب. تنازع مرجعية الجنوب من قبل قادة الجنوب في الخارج خلق تباين بين مكونات القوى الناشطة في الداخل والتي هي الأخرى انقسمت بين المعسكرين مع وجود معسكر ثالث يساند النظام الحاكم ويعتبر الحديث عن الانفصال خطا احمر يجب مواجهته بكل الوسائل. وكانت حركة تقرير المصير الجنوبي (حتم) أعلنت في اجتماع لها في السادس من يونيو الحالي استئناف نشاطها المسلح جنوب اليمن بغرض ما أسمته تحرير الجنوب المحتل. وأعلنت الحركة مسؤوليتها عن إعطاب آليات للجيش وإصابة ضابط وجندي وسط مدينة الضالع في الرابع عشر من الشهر الحالي. وقال رئيس حركة "حتم" عيدروس قاسم إن التنظيم اختار العمل المسلح كرد على ما تقوم به قوات الجيش والأمن اليمني في الجنوب، وكذلك للدفاع عن النفس "كون الجنوب محتلا منذ 1994". وأضاف قاسم في حديث للجزيرة نت أن نشاط الحركة لا يقتصر على المقاومة المسلحة بل يشمل المقاومة السياسية والاقتصادية. ونفى تلقي الحركة أي دعم من علي سالم البيض نائب الرئيس اليمني الأسبق أو من المملكة العربية السعودية, في حين رجح مراقبون أن الحركة كانت تتلقى دعماً من البيض ومن المملكة، وأن نشاطها توقف إثر توقف الدعم بعد ترسيم الحدود اليمنية السعودية في العام 2001. وعن صلة الحركة بالحراك الجنوبي قال قاسم إن الحركة تبنت الكفاح المسلح فيما تبنى الحراك النضال السلمي ولكل برنامجه وأهدافه، نافياً أن تكون الحركة هي الفصيل المسلح للحراك. بدوره نفى القيادي في الحراك السلمي الجنوبي العميد حسن البيشي أي صلة للحراك بحركة حتم كونها تبنت الكفاح المسلح والحراك نضاله سلمي. وأضاف البيشي أن الحراك يسعى لتحرير الجنوب بالنضال السلمي، ولكن نحن لا نستطيع فرض خيار النضال السلمي على جميع أبناء الجنوب فمن حق أي جماعة أن تتبنى ما تراه مناسباً لها. ومع تمدد مسلحو تنظيم القاعدة وتشتت اداء الاجهزة الامنية والعسكرية بفعل الأزمة التي تشهدها البلاد منذ اشهر يتوقع مراقبون تزايد نشاط حركة العنف من قبل خصوم النظام في الجنوب مالم تحسم الاطراف السياسية خيار تسوية شاملة للازمة تستوعب القضية الجنوبية.