العميد صموده يناقش مع مدير عام الأدلة الجنائية بوزارة الداخلية آليات سير العمل في إدارة الأدلة في محافظة المهرة    يوفنتوس مصمم على التعاقد مع ريكاردو كالافيوري    نادٍ إيطالي مغمور يحلم بالتعاقد مع مودريتش    وزارة الحج والعمرة السعودية توفر 15 دليلاً توعوياً ب 16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    العليمي يصل المنامة للمشاركة في القمة العربية    الاتحاد الأوربي يعلن تطور عسكري جديد في البحر الأحمر: العمليات تزداد قوة    كلوب يسخر من واقعة المشادة مع صلاح    ريال مدريد يحتفل بلقب الدوري الإسباني بخماسية في مرمى ديبورتيفو ألافيس    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    بمشاركة أهلي صنعاء.. تحديد موعد بطولة الأندية الخليجية    وزيرا المياه والصحة يبحثان مع البنك الدولي تمويل إضافي ب50 مليون دولار لمشروع رأس المال البشري مميز    نيمار يتصدر معدل صناعة الفرص في الدوري السعودي رغم غيابه! (فيديو)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    الخطر الحقيقي على الجنوب وقضيته يكمن في معاشيق    هيو جيو كيم تتوج بلقب الفردي وكانغ تظفر بكأس الفرق في سلسلة فرق أرامكو للجولف    ولي العهد السعودي يصدر أمرا بتعيين "الشيهانة بنت صالح العزاز" في هذا المنصب بعد إعفائها من أمانة مجلس الوزراء    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    «البلسم»تختتم حملتها الطبية في اليمن وتنجح في إجراء 251 عملية قلب مفتوح وقسطرة تداخلية للكبار والأطفال    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    دعوة مهمة للشرعية ستغري ''رأس المال الوطني'' لمغادرة صنعاء إلى عدن وتقلب الطاولة على الحوثيين    وصول شحنة وقود لكهرباء عدن.. وتقليص ساعات الانطفاء    11 مليون دولار تفجر الخلاف بين معين عبدالمك و مطيع دماج بالقاهرة    قطع الطريق المؤدي إلى ''يافع''.. ومناشدات بتدخل عاجل    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    عار على الجنوب وقيادته ما يمارسه الوغد رشاد كلفوت العليمي    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    ثنائية هالاند تُسحق ليفربول وتضع سيتي على عرش الدوري الإنجليزي!    شاهد:الحوثيون يرقصون على أنقاض دمت: جريمةٌ لا تُغتفر    ليست السعودية ولا الإمارات.. عيدروس الزبيدي يدعو هذه الدولة للتدخل وإنقاذ عدن    عدن تنتفض ضد انقطاع الكهرباء... وموتى الحر يزدادون    "امتحانات تحت سيف الحرمان": أهالي المخا يطالبون بتوفير الكهرباء لطلابهم    صراع على الحياة: النائب احمد حاشد يواجه الحوثيين في معركة من أجل الحرية    رئيس انتقالي لحج "الحالمي" يعزي في وفاة الشخصية الوطنية والقيادية محسن هائل السلامي    الذهب يرتفع قبل بيانات التضخم الأمريكية    في الذكرى ال 76 للنكبة.. اتحاد نضال العمال الفلسطيني يجدد دعوته للوحدة الوطنية وانهاء الانقسام مميز    وفاة امرأة وطفلها غرقًا في أحد البرك المائية في تعز    سنتكوم تعلن تدمير طائرتين مسيرتين وصاروخ مضاد للسفن فوق البحر الأحمر مميز    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الولايات المتحدة: هناك أدلة كثيرة على أن إيران توفر أسلحة متقدمة للمليشيات الحوثية    اليمن تسعى للاكتفاء الذاتي من الألبان    وصمة عار في جبين كل مسئول.. اخراج المرضى من أسرتهم إلى ساحات مستشفى الصداقة    بن عيدان يمنع تدمير أنبوب نفط شبوة وخصخصة قطاع s4 النفطي    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    إنجاز يمني تاريخي لطفلة يمنية    ما معنى الانفصال:    جريمة قتل تهز عدن: قوات الأمن تحاصر منزل المتهم    البوم    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    فريق مركز الملك سلمان للإغاثة يتفقد سير العمل في بناء 50 وحدة سكنية بمديرية المسيلة    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    هل تعاني من الهم والكرب؟ إليك مفتاح الفرج في صلاةٍ مُهملة بالليل!    دموع "صنعاء القديمة"    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    وزير المياه والبيئة يزور محمية خور عميرة بمحافظة لحج مميز    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضحايا و أوطان (!!)
نشر في الوطن يوم 30 - 06 - 2011

منذ متى ونحن نتحدث عن الثورة، والتغيير .. حتى أكلتنا الثورة، وصار اقتصاد الثوار أكثر ازدهارا من معيشة ملايين الناس التي بدأت بالتناقص المريع وخلق أسباب حقيقية لأزمة تقضي على مدخرات البخلاء منهم، وتأكل صافي رأس المال المقدس للدولة .. بينما لا يشعر المعتصمون الثوار بما يجري، يأكلون وينامون مجاناً (!!)، شعورهم الفريد بهذه الحياة السهلة كان مفقوداً قبل أن يجدوا جيباً سخياً، ومكاناً ملائماً لتفريغ شحنات الغضب والسخط الكبيرين.
أعرف أن أحلام «ماوتسي تونغ» كانت إعادة الأمل للشعب الصيني الفقير .. فرسم ما ينبغي له أن يفعله وبعد أن حقق ثورته الثقافية أولاً .. وجد الصينيون أن هذا الرجل لم يرتق بثورتهم المأمولة .. أصيبوا بخيبة أمل، لكن وفاته مثلت إعلاناً صادماً لمراجعة تاريخ هذا الأب الصيني الضخم وتقديس دوره كمحافظ على هوية الشعب الصيني متعدد الأعراق والطوائف، لم يسمح هذا الرجل في غمار ثورته أن يتخلى عن مفهوم الوحدة أو يتنازل عن مستعمرة «هونج كونج» بل كانت أحلام اليقظة تدعوه لتذكر الحق التاريخي في «تايوان»، لم يكن «ماو» ليسمح بانهيار الصين وفشل شعبها في الحياة الكريمة ولو في حدودها الدنيا، كان ثائراً حقيقياً في زمن الثورات الخالدة، والقيم الأصيلة التي نتذكرها اليوم كجزء من التاريخ الذي لا يقرأ .!!.
في ثورة بعض أهلنا يباح كل شيء، مزاعم الحفاظ على الوحدة كهوية تسويق مكتوم في ظل مشاريع أدنى مما تحقق قبل 21 عاماً، منها الوحدة الاتحادية التي أعادها إلى السطح الدكتور يس سعيد نعمان وهو أحد الموقعين على قرار انفصال الجنوب اليمني عن شماله بعد وحدة دامت 4 سنوات في 94م، أعقبها هروب الانفصاليين الكبير إلى دول مختلفة، وانشطار مشاريعهم الخارجية - كان يس واحداً من هؤلاء - بيد أن عودته الأخيرة إلى وطنه حملت مشاريع مؤذية للوطن اليمني، وكان بإمكانه حمل صفة الثائر الحقيقي والملهم الفعلي للقيم النبيلة التي تعود إلى أصلها حين يرى الفعل الغاضب يدمر اقتصاد الناس ويطيل عمر أزمة ليس لها أن تنجلي بفعل القوة والنزع الخيالي .
ياسين الآن يسخر من إمكانية المعيشة الضائقة لدى المواطنين بغيابه عن دور المرشد الثوري ورحيله إلى جزر أسكتلندا اليانعة يحاول استلهام أسطورة الثائر الاسكتلندي الشهير «ويليم والاس» أول مناد للحرية في تلك الأراضي الشاسعة التي لم تعرف هذا المصطلح إلا بوجود «قلبها الشجاع». لكن الحديث عن «والاس» حديث متكرر عن تاريخ محترم من الثورات الخلاقة، والتضحية السامية بالروح كأغلى ما يحمل الثائر لشعبه المرهق الضعيف .!!.
حين أقرأ ما تحمله كتب السير الذاتية ووقائع الثورات المرتبطة بذوات محددة أصاب بخيبة أمل، أشاهد ما يجب أن يشاهده الثوار التواقون للمعرفة والحقيقة .. أتلمس طريقاً بدأه غيري بالخروج على الفساد والبحث عن حياة كريمة، فإذا به يفسد ذائقتنا الثورية، ويقلص معيشتنا السابقة بكثير من الإرهاق والصداع المزمن.
ليس ثم جناح على من يعتصم سوى أنه لم يفكر بما يمكن أن يحدث لو شلّت مطالبه، وسرقها غيره . جاء من هو أقوى وأكثر إنفاقاً ليتحد معه في خندق التغيير وكل منهما له هدفه . كان تفكير الشباب النزيه في ضرورة إيجاد مستقبل لا يعتمد على العائلة الحاكمة، وخلق عالم أنيق وشفاف يحكمه القانون ويظلله الدستور بغمائم الإنفتاح والتطور . عالم يدان فيه اللص أخلاقياً قبل أن تطاله يد العدالة . وفضاء يحلق فيه الشاب المتوهج ليضيء قناديل السماء بأفراح الإنجازات المتوالية، والذكاء الخارق . والأهداف التي تحقق للأمة مكانتها بين أمم العالم المتزاحمة . كان الحلم كبيراً ولم يكن مستحيلاً .. إلا أن من قذفوا الرعب في أتون الأفكار الثورية كانوا أكثر قدرة على جعلها تنسلخ من وجوبيتها إلى تشتيت محاورها باستدعاء الفاسدين لساحتها وتعميق الشعور بإعادة إنتاج ذلك النظام المأساوي الذي لا يستطيع سوى الانتصار للحمقى وتوليتهم في مناصب الرق والعبودية المذلة .!!.
حين أشمخ وحيداً في تباب المدينة تهزني مناظر البؤس المتراكم على أحيائها المتلاطمة، ينتابني شعور العاجز عن فعل شيء، وعن تنبيه القاطنين بمستقبل مشوه لمدينتهم الصغيرة .. كنت أريد لهذه الأشياء أن تتحقق في ثورة الشباب، أن يصلوا إلى القدرة على تخطيط أحيائهم على الورق وتنفيذها كما يشاء المهندس البارع في واقع فسيح لا يحتمل مجرد الندم على ما يقرره من جماليات الذوق والنحت والزخرف المشيد.
كنت أرجو أن تكون كل الأماكن متساوية، ولا أرى معها شيخاً يحمل بندقيته وجنوده ليسطو على أرضك ويستبيح فيها لغط القذارة التي تمزق الضلوع حين ترى أرضك يعبث في ترابها رجلٌ أمي بينما لا تسعفك رجولتك لإثبات أنك المالك القديم، ورجال الأمن يحرسونه ولا يحمونك . المحافظ يسمع ويشهد ويشاهد، ونائبه يحمل عصاه الغليظة يوقعها على رأس «جهران» كولي لعهد «الراعي» الجريح، وينظم طوابير السير في محطة البترول خاصته وفيها لا ينقطع مدد النفط والديزل وتنساها خيوط الظلام فتتوهج بالنور والكهرباء .!!
على هذا كان لنا أن نثور .. نمزق أضلعنا ونجعلها سلالم لإخوتنا يرفعون في شاهقها علم التغيير واليمن الجديد .. نخرج إلى ميادين الفضاء الرحب نتذوق النضال الحقيقي والسلام الذي رفعناه بأيدينا، وشاء لسموه أن ينتصر على مؤلفات الغدر وحكايا الفساد .. على هذا وغيره من الآفات الكبار كان لنا أن نتحدث وبصوت جهور .. كل ما يجب أن يقال وبثورية الصراخ في وجه الدمامة والقبح، غير أننا أستعرنا أقنعة تشبه أخطاء النظام وعالجنا القبح بالأدنى، والفسق بالكفر، والقبيلي بالشيخ، والظالم بالطاغية، والأحمر بالأسود، والعائلة بأخرى.
لم يكن أحدٌ من معتصمي الحرية يعرف أن وطنه سيصبح هكذا، وأن الأزمة التي أوجدها كيانه العاري قد تعدته إلى إمكانية حدوث كارثة اقتصادية مؤلمة لا يحتمل وقوعها شهر فضيل كرمضان الذي يدخل علينا وفي جعبتنا عتاب الشهور الماضية، وأنين ما سيلحق بنا، يختلط الإفطار بمرارة كل السيئات المرافقة لأعمال التقطع والسلب والنهب، وكيف يمكن لمدينة ك«تعز» أن تنام على سحور أسود وطعم مختلف بنكهة البارود .
هي رسالة لا تتكرر : إن كان في المعتصمين خيرٌ لهذا الوطن فليحموا بلادهم من مزالق الفوضى والخراب، إن جاد فيهم عرق وطن نابض فليتذكروا دعاءنا المخنوق في بهيم الليل الحزين، ويدركوا أننا بهم وعليهم وهم سبب ما يكون وما سيحدث، فلا يرهقونا بأكثر مما نحن عليه، لا خبز ولا ماء ولا وقود . نورنا مظلم، ليلنا أسود وحياتنا توقفت عند صلاة المغرب، يغلفنا الأسى أكثر مما كان يستفزنا النظام، يحاصرنا شيخ مخضب ويقول أنه معكم وقد حاصركم قبل أن يحاصرنا .
يا أحرار من يعتقدون في الحرية ملاذاً لأرض ظامئة، لقد تحققت مكاسبكم .. كفى ما ترون غير ما يرى شيخكم، لا تقاتلوا بسيف قائدكم، ستكون الطعنة نجلاء، ولن يعود السيف إلى غمده إلا بعد أن يشبع دماً وعويلاً وصراخاً وأسى .. يكفي ما فعلناه بكم، وما فعلتموه بنا وبالوطن . فكروا من أجلكم لا من أجلنا .. ومرة أخرة: كفى .
.. وإلى لقاء يتجدد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.