عادت صور الأطفال الجوعى في شرق إفريقيا لتسلط الضوء من جديد على بطون منتفخة وأجسام من العظام والجلد . وتخشى الأمم المتحدة ومنظمات إغاثية من تكرار سيناريوهات مرعبة في هذه المنطقة بعد فترة جفاف تام استمرت موسمين على التوالي في منطقة القرن الإفريقي . ويهدد الجفاف والجوع نحو 11 مليون شخص خاصة في الصومال وجنوب أثيوبيا وشمال كينيا . ووصفت منظمة "اوكسفام" الإنسانية البريطانية، التي بدأت أكبر حملة لجمع تبرعات لها في إفريقيا حتى الآن هذا الخطر بأنه "أكبر أزمة منسية في العالم" . وأصبح موظفو الإغاثة مرة أخرى في سباق مع الزمن وذلك بعد مرور عامين على تعرض نفس المنطقة لكارثة جفاف بنفس الحجم تقريباً . وهناك إجماع بين برنامج الغذاء العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" ومنظمات إنسانية على أن ما تم جمعه من التبرعات حتى الآن أقل بكثير مما هو مطلوب لمواجهة الأزمة . وليس هناك تعاطف حتى الآن مع صور تلفزيونية للمناطق التي أصابها الجدب والتي تذكر بكارثة الجوع في أثيوبيا مطلع الثمانينات من القرن الماضي وذلك على الرغم من حرص موظفي الإغاثة على القيام بعمل شيء قبل وقوع الكارثة وليس بعد أن يصبح من غير الممكن إنقاذ ضحايا الكارثة . ومعظم الناس في مناطق الجدب في الصومال وشمال كينيا شبه بدو ويناضل الكثير منهم من أجل البقاء في شبه الصحراء القاحلة . قبل عامين، دفع الجدب ونفوق الكثير من قطعان الماشية سكان هذه المناطق الذين تتمثل مواردهم الوحيدة في الماعز والغنم والأبقار والجمال إلى الفقر المدقع . وأصبح التقدم المتواضع الذي تحقق هناك مهدداً من جديد . وحذر جان كوكين من منظمة أوسكفام من أن "60% من القطعان نفقت في بعض المناطق" . وتذهب تقديرات منظمة اليونيسيف إلى أن هناك 480 ألف طفل مصاب بسوء التغذية في منطقة القرن الإفريقي، أي بزيادة 50% عن عدد الاطفال الذين أصيبوا بسوء التغذية في جفاف عام 2009 . وتعتبر الصومال أكثر الدول تضرراً من هذا الجفاف خاصة في ضوء استمرار الحرب الأهلية هناك منذ نحو 20 عاماً، مما دفع الناس للهروب إلى مخيمات اللاجئين . وأصبح البقاء على قيد الحياة أصعب وأكثر قسوة، وأصبح الناس في منطقة داداب التي تمثل أكبر مخيم للاجئين في العالم، يشعرون بذلك أكثر فأكثر . ويصل لهذا المخيم نحو 800 طفل يومياً قادمين من الصومال بعد السير لعدة أيام على الأقدام حفاة وجوعى، وذلك حسبما ذكرت منظمة "سيف ذا تشيلدرن" الإغاثية المعنية بمساعدة الأطفال . لا يمكن مساعدة جميع الأطفال المتضررين الذين توفي الكثير منهم أثناء السير . وأصبح مخيم داداب مكتظاً بعد أن بلغ عدد لاجئيه نحو 350 ألف لاجئ . ويؤدي ضيق المخيم والشجار على إمكانيات الإغاثة المحدودة إلى حدوث توترات . ووقعت في المخيم مؤخراً اشتباكات عنيفة بين نزلائه . ولكن هناك أيضاً توترات بين لاجئي المخيم وسكان القرى المتاخمة له والذين يخشون من أن يصبحوا في دائرة الظل فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية . وارتفعت أسعار الذرة التي تعتبر مصدر غذاء رئيسي في كينيا بنسبة 40% . ولم يصل الوضع في ماكويني، إحدى مناطق جنوب كينيا، لنفس الدرجة السيئة التي وصل إليها الحال في الشمال، ولكن الجفاف أدى إلى عدم نضج حقول الذرة هناك وهو ما جعل سيلفيا موتوا، إحدى سكان القرى، تشتكي من هذا الجفاف وتقول "لا يمكن أن نأمل في الحصول على محصول للذرة قبل العام المقبل" . (الالمانية )