أثارت رسالة جديدة للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين بمصر، محمد بديع، بختام عام 2011 عن قرب إعلان الخلافة الإسلامية حكما جديدا محققا لغاية المؤسس البنا، جدلا حادا في الحياة السياسية، مثيرا حفيظة كل المحللين والمتابعين مع ثبوت المخاوف فى نفوس كل من لديه شكوك وقلق حول جماعة الإخوان المسلمين ومنهجها واهدافها، وبات العنوان الأبرز " الثوار و البسطاء راحوا في الرجلين" ، "انقلاب الاخوان على ثورة 25 يناير الساعية للدولة المدنية". المرشد فى رسالته الأخيرة التى عنونت ب«وضوح الهدف والإصرار عليه.. طريق النهضة»، تحدث عن اقتراب الوصول إلى الخلافة الإسلامية، وقال المرشد فى رسالته الأخيرة «إن الجماعة أصبحت قريبة من تحقيق غايتها العظمى التى حددها مؤسسها الإمام حسن البنا، وذلك بإقامة نظام حكم عادل رشيد بكل مؤسساته ومقوماته، يتضمن حكومة ثم خلافة راشدة وأستاذية فى العالم». يأتى ذلك بعدما تصدر الإسلاميون المشهد السياسى فى العالم العربى، بداية من تونس، مرورا بالمغرب، ثم مصر، مشيرا إلى اقتراب تحقيق غاية عظمى بإقامة نظام حكم عادل رشيد بكل مؤسساته ومقوماته. وأضاف المرشد فى رسالته: «لقد حدد الإمام البنا لتلك الغاية العظمى أهدافا مرحلية ووسائل تفصيلية، تبدأ بإصلاح الفرد، ثم بناء الأسرة، ثم إقامة المجتمع، ثم الحكومة، فالخلافة الراشدة، فأستاذية العالم». وحاول المرشد كما يرى البعض من خلال الرسالة مخاطبة مشاعر ملايين المسلمين فى مصر والعالم العربى المنتظرين لحكم الإخوان فى الفترة المقبلة. يأخذ مخالفو بديع عليه عدم الحديث بوضوح وشفافية عن برامج واضحة للنهوض بالمجتمع المصري خصوصا من الناحية الاقتصادية التي كانت من أهم العناصر التي أشعلت الثورة ضد نظام مبارك، بعد ان تخطت معدلات الفقر والبطالة النسب العالمية، وهو ما يؤشر من وجهة نظر المخالفين-الى ان تيار الإسلام السياسي سيجر المجتمع الى «متاهات وجدليات فكرية»، ويترك القضايا الملحة والمصيرية التي ينبغي مواجهتها. ونلقت صحيفة الدستور عن يسرى العزباوى، الباحث السياسى فى مركز «الأهرام»، قوله أن الإخوان يصرون على تخطى الحالة القطرية لمصر، وتهميش ما يسمى بالوطنية المصرية، من خلال الحديث عن الخلافة الإسلامية، وأنهم لا يجدون أى غضاضة فى أن يحكم مصر شخص من أى دولة أخرى، كما قال مرشدهم السابق. العزباوى يرى أنه حتى لو وافق الشعب المصرى بما فيه من سياسيين وليبراليين بفكرة الخلافة الإسلامية، فإن العالم العربى والإسلامى لن يرضى بتلك الفكرة على الإطلاق، مدللا على حالة التناقض التى يعيشها الإخوان فى تلك التصريحات بأنهم على الرغم من سعيهم إلى الاستفادة من التجربة التركية فى الجانب الاقتصادى والاجتماعى والسياسى فإن الجميع لم يسمع أو يقرأ ل«العدالة والتنمية» التركى أى حديث عن الخلافة الإسلامية، على الرغم من أن الأتراك هم الأحفاد الحقيقيون للخلافة الإسلامية والأصحاب الحقيقيون لها. العزباوى لا يستطيع إخفاء تعجبه من الدعوة إلى تبنى الخلافة الإسلامية كنظام حكم جيد، ودعوة الإخوان إلى ذلك، فى الوقت الذى يسعى فيه الأتراك إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى، مشيرا إلى أن غياب الأمن والعدل فى مصر يدفع الإخوان بقوة إلى ترديد مصطلح الخلافة الإسلامية كحل وبديل سياسى للخلل الأمنى وغياب العدل فى مصر، وهو ما يلاقى قبولا لدى الشارع المصرى. مجدى قرقر، القيادى فى حزب العمل، يرى أن الوحدة الإسلامية هى الأصل الذى يجب أن يلتف حوله المسلمون فى كل بقاع العالم، أما ما يسمى بالخلافة الإسلامية فهى اجتهاد سياسى، مستنكرا الحديث عن الخلافة الإسلامية فى الوقت الذى ضاع فيه جنوب السودان وتمزق العراق، مؤكدا أن الخلافة ما هى إلا نمط من الحكم السياسى القابل للتغيير أو القبول به على حسب المزاج السياسى الموجود، وليس هناك أى نص شرعى يلزم المسلمين بنمط معين من الحكم.( صحف ووكالات )