قالت الهيئة العامة للثورة السورية المعارضة الأحد أن 23 شخصا قتلوا اليوم في أنحاء متفرقة في سوريا معظمهم في العاصمة دمشق. وتحدثت الهيئة عما تقول إنها مجزرة جديدة راح ضحيتها ثمانية أشخاص تم إعدامهم ميدانيا وعثر على جثثهم ملقاة قرب مشفى تشرين العسكري في برزة وسط دمشق. وكانت لجان التنسيق المحلية قالت إن القصف المدفعي تجدد منذ صباح الأحد على أحياء الإذاعة والفردوس وبستان القصر والكلاسة في مدينة حلب. كما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل ثمانية من القوات النظامية السورية وإصابة أكثر من 15 آخرين في انفجار سيارة مفخخة بمدينة القامشلي بمحافظة الحسكة، والذي يضم مقار عدة أجهزة أمنية، شمال شرقي البلاد.. وحسب المرصد، فقد استهدف الانفجار مفرزة الأمن السياسي بشكل رئيسي. من جانبه قال التلفزيون السوري الرسمي إن أربعة أشخاص قتلوا في تفجير انتحاري بسيارة مفخخة في مدينة القامشلي، موضحا أن "التفجير الانتحاري بالحي الغربي في القامشلي يسفر عن استشهاد اربعة واصابة آخرين في حصيلة اولية". في هذه الأثناء يخشى المراقبون للازمة السورية مخاطر تقسيم البلاد وهو ما تم التطرق إليه غالبا منذ بدء النزاع ويرون في ذلك أرضا خصبة لفوضى مستقبلية على الصعيدين الداخلي والدولي، حسبما جاء في تحليل لوكالة الأنباء الفرنسية. وبدأ تقطيع الأراضي مع إقامة مناطق "محررة" حيث لم يعد لقوات الرئيس السوري بشار الأسد سلطة عليها. ويتولى نحو 700 ألف شخص حسب مصادر فرنسية من أصل شعب سوريا البالغ عدده 23 مليون نسمة تسيير أمورهم بأنفسهم في هذه المناطق الواقعة شمالي البلاد قرب الحدود التركية وجنوبا قرب الأردن تحت حماية المعارضة المسلحة. وبالطريقة ذاتها بدأ نحو مليوني كردي يقيمون في مناطق موزعة في سوريا من الشمال وصولا إلى شمال شرقي البلاد تنظيم صفوفهم مع رغبة في تشكيل نواة دولة مستقلة. ويرى فابريس بالانش الأستاذ في جامعة ليون الثانية أن "الجيش السوري يتركهم يقومون بذلك، فالنظام ليست لديه الإمكانات للسيطرة على هذه المناطق وهو يعلم من جانب أخر أن الأكراد معارضون بقوة للجيش السوري الحر وتلك ورقة في يديه". وأكد بالانش أن الأقلية الدرزية المؤلفة من نحو 700 ألف نسمة قد تغريها أيضا فكرة إقامة منطقة حكم ذاتي في الجنوب. لكن مخاطر التقسيم مصدرها الأقلية العلوية التي ينتمي إليها رئيس الدولة والتي إذا شعرت أنها وصلت إلى وضع ميؤوس منه يمكن أن تلجأ إلى معقلها في المنطقة الساحلية غربا في جنوب غرب حمص وصولا إلى مرفأ اللاذقية المطل على البحر الأبيض المتوسط. وتشكل الأقلية العلوية نحو 11% من مجموع الشعب. ويقول بالانش إن "عملية التقسيم ليست واقعا بحد ذاته لكن إذا سقط نظام بشار الأسد فمن الواضح أن العلويين سيتحصنون في مناطقهم على الساحل فيما سيأتي قسم من المسيحيين أيضا وهم يشكلون نحو 10% من السكان للجوء إلى المنطقة ذاتها". وأضاف "إذا تولت الغالبية السنية التي تزيد عن 74% من السكان السلطة فإن الروس والإيرانيين سيكتفون بإبقاء العلويين المدعومين من قبلهم في هذا القسم من الساحل السوري حيث تملك موسكو في طرطوس قاعدتها الوحيدة في الشرق الأوسط". وكان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس قد تطرق إلى هذا الاحتمال في مطلع الأسبوع وقال "إذا بقيت الأمور على ما هي عليه سنواجه خطر تقسيم سوريا وسيكون هناك قسم خاضع بشكل كامل تقريبا للنفوذ الإيراني وفي ظل الانقسامات الشديدة في المنطقة فان ذلك سيشكل منطلقا لنزاعات مستقبلية". اشتباكات في حلب وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني اعتبر في أغسطس الماضي أن هذه الخطة البديلة القائمة على إقامة جيب علوي تشكل "أسوأ السيناريوهات". ويرى كريم إميل بيطار من معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية أن دولة علوية مصغرة لن تتمتع بالحكم الذاتي اقتصاديا ولن تحظى باعتراف دولي كما أن ضمان "الوحدة الطائفية في المنطقة لا يمكن أن يتم دون القيام بنوع من تطهير أو ترحيل سكان، ما سيكون مأساويا". وأضاف "حتى الروس قد يترددون بعض الشيء وإيران أيضا بحاجة لسوريا موحدة لتكون حليفتها وانبثاق جيب علوي لن يكون في مصلحة إيران". أما فيليب مورو ديفارج الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية فيقول إن "الخطر في سوريا لا يكمن على الإطلاق في التقسيم وإنما في الغرق للأسف في النزاع مع المزيد من الدماء". من جهة أخرى قال مستشار الزعيم الأعلى لإيران إن الرئيس السوري بشار الأسد سيدحر الانتفاضة، ويحقق نصرا على الولايات المتحدة وحلفائها في خطوة ستكون أيضا نصرا لإيران، وفق ما نقلت رويترز. ودعمت طهران جهود الأسد لقمع الانتفاضة التي تدخل فيها أطراف إقليمية حيث تتهم إيران قطر والسعودية وتركيا بتسليح المعارضة التي تسعى لإسقاط الرئيس السوري. وتحاول إيران التصدي لمساع غربية ولدول عربية حليفة للولايات المتحدة لتقليص نفوذها في الشرق الأوسط وتخشى أن يكون لنجاح الانتفاضة في سوريا انعكاسات خطيرة عليها. وجاءت تصريحات علي اكبر ولايتي - مستشار الشؤون الخارجية للزعيم الأعلى لإيران علي خامنئي - لتكون من أشد التصريحات تأييدا للأسد من جانب طهران حتى الآن وفي وقت عبرت فيه الولايات المتحدة وفرنسا عن تأييد أكبر للمعارضة السورية يوم الجمعة. وتعتبر إيران الأسد -إلى جانب جماعة حزب الله اللبنانية- جزءا من "محور المقاومة" ضد نفوذ إسرائيل والولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن ولايتي قوله "انتصار حكومة سوريا على المعارضين في الداخل وأمريكا وأنصارهم الغربيين والعرب الآخرين يعد انتصارا للجمهورية الإسلامية الإيرانية." وأضاف أن الهجمات التي شنتها المعارضة في الآونة الأخيرة لم تضعف الحكومة السورية وقال "انتصار الحكومة السورية أكيد." وقال إن"موقف الحكومة السورية مستقر وبعض التفجيرات والاغتيالات لا يمكنها إن تسقط النظام." وأصاب تفجيران واحدا من أهم مراكز القيادة العسكرية في العاصمة السورية دمشق يوم الأربعاء وأسفر هجوم بقنبلة في دمشق في 18 من يوليو عن مقتل عدد من كبار القادة الأمنيين. وتشك الدول الغربية وجماعات المعارضة السورية طوال الوقت في أن إيران تساعد الأسد عسكريا وهي تهمة تنفيها إيران لكن قائد الحرس الثوري الإيراني قال في وقت سابق هذا الشهر إن أعضاء بالحرس الثوري يقدمون مساعدات غير عسكرية لسوريا. وقال تقرير مخابرات غربي اطلعت عليه رويترز إن إيران تستخدم طائرات مدنية في نقل جنود وكميات كبيرة من السلاح عبر المجال الجوي العراقي إلى سوريا لمساعدة الأسد. * وكالات