يعيد الجيش المصري الدراما السياسية في البلاد إلى نقطة البداية مانحاً دور البطولة لوزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي في إطار تغيير يحمل في طياته أصداء ماضٍ له ما له وعليه ما عليه، لكن فيه ما هو أفضل . وظهر السيسي في صورة بطل في أعين الكثير من المصريين بعدما عزل الرئيس السابق محمد مرسي واتخذ إجراءات صارمة ضد جماعة الإخوان المسلمين . ويشبه الكثيرون السيسي بالرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر الذي يتمتع بكاريزما قوية وقاد انقلاباً بنكهة ثورة (23 يوليو) على الملكية في مصر في عام ،1952 وأسس حكماً يقوده الجيش وسجن الآلاف من الإخوان . انتشرت في القاهرة ملصقات عليها صورتان للرجلين ونزل الملايين إلى الشوارع دعماً للسيسي . بينما لاحقت قوات الأمن الإسلاميين بضراوة لم تحدث منذ أيام عبدالناصر . ولزاماً على السيسي (58 عاماً) أن يخطو بخطى حثيثة، فخلافاً لما كان عليه الأمر في الماضي، أصبحت قوة الشعب سيفاً مسلطاً على كل من هو في السلطة . ولم يشر السيسي الذي كان رئيساً للمخابرات الحربية إلى أنه سيسعى لأي منصب، لكن لا يشكك الكثيرون في أنه سيفوز بأي انتخابات إذا جرت الآن . ويقول الجيش إنه لا يريد أن يحكم ووضع خريطة طريق لعملية انتقالية تقضي بإجراء انتخابات رئاسية في غضون تسعة أشهر . قال محمد أبو الغار رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي وهو من الأطراف الأساسية في الحكومة المؤقتة المدعومة من الجيش: "لا أريد عبدالناصر آخر" . وينتمي رئيس الوزراء المصري ونائبه إلى الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي . وتحدث أبو الغار في مكتب وسط القاهرة قرب ميدان التحرير، حيث احتشد مئات الآلاف من المصريين الجمعة استجابة لدعوة السيسي لتفويضه من أجل محاربة "العنف والإرهابش . وأبو الغار (72 عاماً) طبيب يخشى مثله مثل بعض الليبراليين الذين أيدوا عزل مرسي أن يصبح السيسي قائداً منتخباً يحظى بشعبية تفوضه بتغيير البلاد كيف يشاء . وقال: "انظروا إلى هتلر، كان منتخبا بطريقة ديمقراطية . انظروا إلى موسوليني، كان منتخبا بطريقة ديمقراطية" . لكنه يرى أيضاً خطراً على الديمقراطية مما وصفه بعنف جماعة الإخوان المسلمين . وأضاف: "الآن، هذه ليست ديمقراطية" . والمخاطر جد جسيمة . فما يحدث في مصر سيلقي بظلاله على العالم العربي، حيث أحيت انتفاضة عام 2011 الآمال في تغيير ديمقراطي في منطقة يحكمها العسكريون منذ وقت طويل . وقال ناثان براون الأستاذ في جامعة جورج واشنطن والخبير البارز في الشأن المصري: "لا أعتقد أنك سترى أية ديمقراطية واضحة في وقت قريب" . وليس من الواضح إن كان السيسي سيخوض انتخابات الرئاسة لكن ملصقات في القاهرة تحثه على ذلك . وبغض النظر عن هذا فإن أي سياسي طموح عليه أن يحظى بدعم الجيش . وقال جوشوا ستاتشر الخبير في شؤون مصر وأستاذ العلوم السياسية في جامعة ولاية كنت إن السيسي لن يسعى لمنصب رئاسي مضيفاً "لماذا تصبح رئيساً وبوسعك أن تكون الملك؟ السلطة ستأتي من خلال الجيش" . وأضاف "هذه روسيا في أوائل ،1992 ونحن نبحث عن بوتين"، مشيراً إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي خرج من المخابرات ليهيمن على الساحة السياسية . وتسلط الضوء على دور السيسي المتنامي على الساحة السياسية عندما دعا المصريين للنزول في مظاهرات حاشدة لتفويضه لمواجهة "العنف والإرهاب" . وعززت الدعوة شعبيته وتلألأ نجمه السياسي لكن الأمر أثار قلق بعض الليبراليين . إلا أن وزير الخارجية نبيل فهمي رفض هذه المخاوف . وقال إن الجيش - الذي تعهد بالابتعاد عن السياسة بعدما قاد البلاد خلال فترة انتقالية مضطربة أعقبت إطاحة بمبارك- انحاز للإرادة الشعبية عندما عزل مرسي تماماً مثلما دفع مبارك للتخلي عن منصبه في 2011 . وأضاف "عندما ننفذ خارطة الطريق ونسوي القضايا الأمنية سيتبدد هذا القلق شيئا فشيئاً" . وقال أحمد ماهر مؤسس حركة 6 ابريل التي لعبت دوراً واضحاً في انتفاضة 2011 إنه يخشى أن تكون الحملة على الإخوان سابقة تمهد لأحداث أخرى . وأضاف إن حركته كانت ضد مرسي وطالبت برحيله لكنها لن تسمح بعودة النظام القديم . (رويترز)