في عام 1965 م ، وفي ذروة مؤامراتها السوداء ، على ثورة وجمهورية 26 سبتمبر ، دعت حكومة المملكة العربية السعودية الى عقد مؤتمر في الطائف تشارك فيه كافة الأطراف المتصارعة آنذاك لوضع خل سياسي لما أسمته ( الأزمة اليمنية ) !!؟؟ كان الصراع يدور بصورة أساسية بين الجمهوريين الذين تدعمهم مصر عبدالناصر ، والملكيين الذين تدعمهم السعودية وبريطانيا بالمال والسلاح والاعلام والمرتزقة الأجانب . نجح النظام السعودي آنذاك في شق الصف الجمهوري من خلال شراء بعض الذمم وقتل الضمائر ببالأموال والذهب ، حيث تم الاعلان عن انشاء ما سميت حينها ( القوة الثالثة ) ، وكانت هذه القوة تضم شخصيات ( جمهورية ) تقف في منزلة بين منزلتين . انعقد مؤتمر الطائف عام 1965 برعاية سعودية وتمويل سعودي وأجندة سعودية 100%، ومشاركة يمنية ملتبسة ومشوّهة 100% أيضا ، ولذلك كان طبيعيا جدا أن يلد ذلك المؤتمر جنينا مشوّها 100%، لفظ أنفاسه الأخيرة في لحظة ولادته . لم يكن سبب وفاة المولود المشوّه لمؤتمر الطائف 1965م يعود فقط الى انعقاده في آراضي الدولة المعادية التي كانت تمول وتقود حربا معادية لثورة وجمهورية 26 سبتمبر 1962م ، وتستقطب المرتزقة الأجانب من مختلف أنحاء العالم ، للقتال في اليمن من أجل اسقاط الثورة والجمهورية ، بل أن السبب الرئيسي لفشل مؤتمر الطائف يعود الى من أسموهم آنذاك ( الجمهوريين المنشقين ) الذين ذهبوا الى الطائف ، ولم يكن مطلوبا منهم سوى تمرير الأجندة السعودية المعادية للثورة والنظام الجمهوري مقابل أكياس جلدية مملوءة بالنقود والذهب ، تم توزيعها لكل مشارك في ذلك المؤتمر ، بعد توقيعهم على ما أسموه في ذلك المؤتمر الأسود ( إعلان الطائف) . كان الملكيون في ذلك المؤتمر يطالبون بالعودة الى ما أسموها ( الشرعية ) وإنهاء ما أسموه ( الآنقلاب على الشرعية ) في إشارة الى ثورة 26 سبتمبر ، فيما كان القائد الثوري عبدالله السلال يخطب أمام آلاف المواطنين في ميدان التحرير في العاصمة صنعاء منددا ً بانعقاد مؤتمر الطائف ، والمشاركين فيه من ( الجمهوريين) الذين وصفهم السلال بأنهم يشبهون ( يهوذا الذي باع المسيخ عليه السلام بثلاثين من الفضة ) . كان السلال قويا ومتماسكا في ذلك الخطاب التاريخي الذي أحتفظ ببتسجيل صوتي له ، ، وخاطب الجماهير الغاضبة التي احتشدت في ميدان التحرير إحتجاجا على مشاركة بعض ( الجمهوريين ) في مؤتمر الطائف بأقوى العبارات التي جسدت يقينه بفشل ذلك المؤتمر .. ولعل أهم ما قرأه السلال في أجندة ذلك المؤتمر هو أن هدفه الرئيسي بعد فشل الحرب السعودية المعادية لثورة 26 سبتمبر في اسقاط النظام الجمهوري الجديد كان يستهدف الاتفاق مع أولئك ( الجمهوريين ) على صيغة ملتبسة ومموّهة ، تقضي بتغيير النظام الجمهوري وعدم العودة الى النظام الملكي ، من خلال الانتقال الى نظام سياسي غامض ، يتمثل في الدعوة الى إقامة ( الدولة الاسلامية ) وهي دولة لا ملكية ولا جمهورية . ولذلك رفع السلال في خطابه الثوري المناهض لمؤتمر الطائف الرجعي شعار (الجمهورية أو الموت ) ، والذي تكرر مرة أخرى أثناء حصار صنعاء أوائل 1968م بعد شهرين من الانقلاب عليه في 5 نوفمبر 1967م . انتهى مؤتمر الطائف بعد ان وُلد ميتا ُ . ولم تكن السعودية هي الخاسر الوحيد بفشل ذلك المؤتمر ، لأن ( الجمهوريين ) المنشقين كانوا الخاسر الأكبر ، حيث ظلت مشلركتهم في ذلك المؤتمر رغم إعتذار معظمهم عن تلك الخطيئة التي ارتكبوها نقطة عار في تاريخهم السياسي . بعد خمسين عاما تحاول المملكة العربية السعودية إعادة إنتاج مؤتمر الطائف 1965 في ظروف مختلفة ، ولكنها لا تخرج عن السياق التآمري السعودي الذي يستهدف إضعاف اليمن ومصادرة سيادته وقراره الوطني المستقل وإخضاعه لهيمنة نظام آل سعود .!! نعم بعد خمسين عاما من التآمر .. وخمسين يوما من العدوان السعودي المتوحش على اليمن أرضا وشعبا ، وجدت السعودية نفسها تعيد انتاج الفشل الذي كان مصيرا محتوما لمؤتمر الطائف بعد إن وُلد ميتا عام 1965م ، وتعيد في الوقت نفسه انتاج نخبة أخرى انتهازية و مشوهة وعاجزة وتافهة ، تشبه (الجمهوريين المنشقيتن) عام 1965م ، وتجمعهم في صورة كاريكاتورية يظهر فيها بعض الدمى العميلة والنخب القديمة المنكلسة الى جانب من يسمونه ( الرئيس الشرعي ) !!؟؟ يقينا ان ما يجري في مؤتمر الرياض 2015 ، هو عملية إعادة انتاج قشل مؤتمر الطائف 1965 م.. حيث عجزت المملكة السعودية في مؤتمر الطائف 1965م ،عن صناعة نظام ( لا جمهوري ولا ملكي ) .. وسوف تعجز حتما في مؤتمر الرياض 2015 م عن صناعة (يمن جديد) بلا دولة وبلا جيش وبلا وحدة وبلا انفصال وبلا حاضر وبلا مستقبل زبلا سيادة وبلا استقلال وبلا هوية ) !!!. وكما قرر الناس الذين بقوا ثابتين على مبادئهم فوق الأرض مصير اليمن الجمهوري بعد رفضهم ما كان يسمى ( إعلان الطائف ) 1965م .. فسوف يقرر هؤلاء الناس الثابتين فوق الأرض ، مصير اليمن الديمفراطي الحُر الموحد ، بعد رفضهم ما يسمى (إعلان الرياض ) 2015م ، مهما كانت التحديات والتضخيات . ___ نقلا عن الصفحة الرسمية للكاتب بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك