قال تحليل لوكالة رويترز، الأربعاء 24 أغسطس/ آب 2016 عن الصراع الدائر باليمن.. أن الحكومة المنفية التي توجد خارج البلاد والموالية للسعودية والمدعومة من قبلها ارتأت أن البنك المركزي اليمني هدف أسهل من العاصمة صنعاء التي تحصنها جبال وعرة تمتد على مسافة 60 كيلومترا وتعج بالمقاتلين. وذكر تحليل الوكالة إن مرسوما تدعمه السعودية بعزل البنك المركزي اليمني عن العالم الخارجي في مسعى لممارسة ضغوط اقتصادية لدحر الحوثيين وحلفائهم الذين يحكمون العاصمة ومعظم شمال اليمن منذ نحو عامين بعد ان عجز التحالف الذي تقوده السعودية في تحقيق ذلك الوصول عسكرياً.. وطبقا لتحليل رويترز فان هذا يعني أن الحوثيين ربما يجدون صعوبة في دفع رواتب موظفي الدولة بمن فيهم المدرسون والأطباء وجنود جيش يقاتل معظمه بجانبهم في الحرب ، لكنه يعني أيضا أن ملايين اليمنيين في المناطق التي يسيطر عليها أي من الطرفين سيزدادون فقرا وربما تعجز الدولة التي تستورد 90 بالمئة من طعامها عن توفير الاحتياجات الغذائية. ويقول دبلوماسيون وخبراء اقتصاد وموظفون في البنك المركزي نفسه إن قرار حكومة هادي المعلن من الرياض يخاطر بقطع شريان الحياة عن ملايين الفقراء في اليمن ويدفعها كأفقر دولة في شبه الجزيرة العربية إلى شفا المجاعة. وقال الوزير السابق رأفت الأكحلي لرويترز "في الجبهة الاقتصادية أعتقد أن هناك توجها لمسناه من خلال الأشهر الماضية تقريبا منذ أبريل أو مايو. إن ما لم يتم تحقيقه عسكريا يمكن تحقيقه في الاقتصاد.. في الحرب الاقتصادية." وأضاف أن الإجراءات التي تستهدف البنك المركزي تأتي في إطار استراتيجية جديدة مفادها "دعنا نترك الاقتصاد يفشل وهذا سيضع مزيدا من الضغط على الحوثيين وصالح". * شريان حياة ويضيف تحليل وكالة رويترز بالقول إن البنك المركزي اليمني الذي يديره المحافظ المخضرم محمد عوض بن همام هو أحد آخر مؤسسات الدولة التي صمدت في وجه صراع وحرب مزقت البلاد. ورغم ضعف الإمكانيات واصل البنك توفير خطوط ائتمان تضمن الواردات واستمر في دفع رواتب العاملين بالدولة بمن فيهم قوات وحدات قاتلت في صفوف جانبي الصراع. وعجزت قوات هادي التي تشكلت على عجل وتتلقى الجانب الأكبر من رواتبها من السعودية وحلفائها الخليجيين عن دحر القوات المتحالفة مع الحوثيين وتكاد خطوط الجبهة لم تتزحزح منذ أكثر من عام. وقالت مصادر في حكومة هادي بالرياض إنه يتطلع لاختيار مجلس إدارة جديد للبنك المركزي اليمني ومحافظ جديد يحل محل بن همام ونقل مقره إلى مدينة عدن - وهي الخاضعة مع عدد من المحافظات جنوبي البلاد لسيطرة واحتلال قوات التحالف العسكري بقيادة السعودية والامارات والحكومة الموالية وبالشراكة مع فصائل متعددة ومتشددة بينها "القاعدة" و"داعش". وطبقا لرويترز قال فارع المسلمي المحلل في معهد الشرق الأوسط بالعاصمة الأمريكيةواشنطن إن الإجراءات التي تستهدف البنك المركزي ستقطع "الشريان الوحيد" الذي يبقي على تماسك اليمن. وأضاف "من الحماقة أن يعتقد البعض أن بالإمكان استنساخ البنك المركزي بهذه السرعة" في عدن. ويرى المسلمي أن الوضع الأمني في المدينة يجعلها غير مناسبة للبنك. وشهدت المدينة الساحلية تفجيرات انتحارية عديدة استهدفت مسؤولين كبارا من بينهم محافظ عدن وقائد شرطتها. * تراجع الاحتياطي وطلبت الحكومة المنفية المتواجده بالسعودية في السادس من أغسطس آب من المؤسسات النقدية الدولية والبنوك منع البنك المركزي اليمني في العاصمة اليمنيةصنعاء من استخدام حسابات وأرصدة الدولة في الخارج. واتهمت البنك بتوجيه نحو أربعة مليارات دولار من الاحتياطي النقدي الأجنبي في تمويل الجهد الحربي للحوثيين. وينفي البنك المركزي هذا. ويقول دبلوماسيون إن الاحتياطي النقدي الأجنبي محفوظ في الخارج ولا يمكن أن يكون جاهزا للنهب أو توجيهه لمقاتلين في اليمن. ومع ذلك تراجع احتياطي البنك بسبب الحرب التي أوقفت العائدات القادمة من بيع النفط ومصادر أخرى. ووفقا لوثيقة داخلية اطلعت عليها رويترز انخفض احتياطي النقد الأجنبي اليمني إلى 1.318 مليار دولار في نهاية يونيو حزيران 2016 من 2.085 مليار دولار في نهاية ديسمبر كانون الأول 2015. وقال مسؤول بالبنك المركزي في صنعاء في يونيو حزيران إن البنك ظل مستقلا في جهوده لتخفيف التداعيات الاقتصادية للصراع واتهم حكومة هادي المتواجدة في السعودية والمدعومة من قبلها بالسعي لزعزعة الاستقرار وإثارة التمرد. وقال المسؤول الذي تحدث إلى رويترز شريطة عدم نشر اسمه "لو لم يكن هناك بنك مركزي في اليمن يعمل بهذه الطريقة لكانت آثار الحرب أكثر سوءا وهذا ما يريدونه" في إشارة إلى حكومة هادي. وأضاف "إنهم يريدون أن يغضب الناس داخل اليمن. يريدون أن يخرج الناس إلى الشوارع ويحاولون دفعهم لتغيير الحوثيين." وقال دبلوماسي غربي كبير لرويترز شريطة عدم نشر اسمه نظرا لحساسية انتقاد حكومة تعمل من الخارج ولا تزال دول أجنبية تعترف بها "رأينا محاولات حمقاء لنزع الشرعية عن محافظ البنك المركزي." وأضاف "لماذا تفعل حكومة وطنية بحق شيئا كهذا؟" وقال الدبلوماسي إن على الحكومة أن تضع مصلحة مواطني اليمن قبل أهدافها الحربية: "هذا أجدر نظرا لمدى فقر اليمن والوضع الإنساني." وفي ظل ما يعانيه من فقر وجفاف يستورد اليمن أكثر من 90 بالمئة من طعامه بما في ذلك معظم استهلاكه من القمح وكامل احتياجاته من الأرز. ويحتاج نحو 21 مليون من أصل 28 مليون نسمة باليمن إلى شكل ما من المساعدات الإنسانية ويعاني أكثر من نصف السكان من سوء التغذية. وبسبب نقص السيولة المالية اضطر البنك المركزي لعدم تقديم ضمانات لاستيراد مواد غذائية حيوية مثل الأرز والسكر. وذكر المحلل فارع المسلمي إن الإجراءات ضد البنك المركزي تشكل خطرا أكبر من قرار الحرب على اليمن نفسه ، فهذه الاجراءات يعتقد انها تخنق (الحوثيين) ولكنها في الحقيقة تخنق اليمن وشعبه كله.