كان 2012، حتى بمقاييس المنطقة، عاما صعبا لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع الانتفاضات والحروب وفوضى تحولات ما بعد الثورات. وعلى الرغم من ذلك، كان 2012 أفضل عام منذ العام 2008 لناحية عمليات الاندماج والاستحواذ، مع تزايد قيمة صفقاتها بنسبة 33 في المئة خلال العام الماضي وفقا لمؤسسة «ستاندرد آند بورز كابيتال آي كيو». وتظهر بيانات «ستاندرد آند بورز كابيتال آي كيو» عمليات الاندماج والاستحواذ المعلنة والمغلقة ل14 دولة في المنطقة، اذ حققت نموا ملحوظا بالنظر الى انخفاض حجم عمليات الاندماج والاستحواذ عالميا بنسبة 20 في المئة في العام 2012 مقارنة بالعام 2011، منخفضة من 2.5 تريليون دولار الى تريليوني دولار. وتقول صحيفة «فايننشال تايمز» انه في الوقت الذي تشكل فيه منطقة الشرق الأوسط نسبة 1 في المئة فقط من قيمة عمليات الاندماج والاستحواذ العالمية، بيد أن هذه النسبة تعد مؤشرا يمكن أن يكون مفيدا لمعنويات المستثمرين في المنطقة. وعلى نحو غير مفاجىء، شهدت تركيا، التي تعد من بين الأسواق الناشئة الأفضل أداء في العام 2012، تنفيذ الصفقة الأعلى قيمة في المنطقة بمبلغ وصل الى 10.1 مليار دولار. بيد أنه، وعلى نحو أكثر اثارة للدهشة، احتلت مصر المركز الثاني لناحية صفقات الاندماج والاستحواذ، على الرغم من أنها عانت من عام صعب من الناحية الاقتصادية، في وقت تعصف فيه الاضطرابات السياسية بالبلاد، ما أدى الى تراجع الثقة بالاستثمار فيها. وتشير «فايننشال تايمز» الى أن قيمة الصفقات في مصر سجلت ارتفاعا أعلى ب20 مرة في العام 2012 مقارنة بالعام 2011، لتصل الى أعلى مستوى لها منذ العام 2007، في وقت لا تزال فيه قيم صفقات الاندماج والاستحواذ العالمية بعيدة جدا عن هذا المستوى. وتفوقت مصر على دولة الامارات العربية المتحدة صاحبة المركز الثالث مع قيم صفقات اجمالية زادت قليلا على 5 مليارات دولار، وعلى الكويت، التي احتلت المركز الرابع بين دول المنطقة بقيم صفقات اجمالية بلغت 3.5 مليار دولار. وتؤكد الصحيفة أنه قبل التوصل الى الاستنتاج بأن الأوضاع في مصر قد تعود الى ازدهار ما قبل الأزمة وقبل الثورة، من الضروري الوضع في الاعتبار الفرق بين حجم وقيمة عمليات الاندماج والاستحواذات. وتوضح «فايننشال تايمز» أن المليارات العشرة الخاصة بتركيا نتجت عن 142 عملية منفصلة، في حين نتجت المليارات ال9.8 الخاصة بمصر عن 38 عملية فقط، قيمة ثلاثة منها مجتمعة 9.1 مليار دولار: 4.5 مليار دولار من «فرانس تيليكوم»، التي استحوذت على 95 في المئة من أسهم الشركة المصرية لخدمات الهاتف المحمول، و2.6 مليار دولار من بنك قطر الوطني للاستحواذ على بنك «سوسيته جنرال» الوطني، وملياري دولار دفعتها «أورنج» ل«موبينيل تيليكومس». والى حد أقل، ينطبق الشيء نفسه على المستوى الاقليمي. فقد كانت القطاعات الأكثر قيمة في المنطقة قطاعا الاتصالات والتمويل، اللذان استحوذا على 56 في المئة من اجمالي قيم الصفقات. ولكن مرة أخرى، حجم الصفقات يلقي الضوء على أن تسع صفقات فقط نفذت في قطاع الاتصالات، أي أقل من أي قطاع آخر، وجميع الصفقات الخمسة الأعلى قيمة التي نفذت في المنطقة كانت اما في قطاع الاتصالات أو التمويل. وتمثل أكبر 10 صفقات، بقيمة مجتمعة بلغت 21.2 مليار دولار، نسبة أقل من 60 في المئة من اجمالي قيم عمليات الاندماج والاستحواذ في المنطقة. وتلفت «فايننشال تايمز» الى أن اللاعب الأكثر نشاطا في المنطقة كان شركة الاتصالات القطرية «كيوتل». وعلى الرغم من أن حجم الاندماجات والاستحواذات في قطر نفسها تراجع بشدة في العام 2012 الى أقل من مليار دولار، نفذت «كيوتل» صفقتين بقيمة 1.8 مليار دولار للاستحواذ على شركة الوطنية للاتصالات في الكويت و1.5 مليار دولار ل«آسيا سيل» للاتصالات في العراق. وتقول الصحيفة: «بصورة عامة، ما يبدو وكأنه عام جيد للغاية كان يمكن أن يبدو أكثر سوءا لولا بعض الصفقات الضخمة القليلة في قطاعي الاتصالات والتمويل».
