لبنان المعلّق بحكومته التي تتأخر ولادتها، والمعلّق بتحولات محلية طرأت في المرحلة الأخيرة بدءاً من انتقال النائب وليد جنبلاط الى "منزلة بين منزلتين"، وصولاً الى تحوّل مسألة توزير صهر الجنرال ميشال عون قضية قومية، هذا اللبنان معلّق ايضاً على مصير الحوار السعودي – السوري المفترض في حال نجاحه ان يتوّج بزيارة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز لدمشق، ومعلّق ايضاً كما تشير معلومات متقاطعة على مدى تطوّر العلاقات السعودية – الايرانية، ولا سيما انها تنحو الى التأزم الشديد على خلفية الموقف غير المعلن للرياض في ما يتعلق بالأزمة الرئاسية الايرانية من ناحية، والحرب المفتوحة في اليمن بين الحكومة المركزية المدعومة من المملكة العربية السعودية وانصار الحوثي المدعومين والممولين والمدربين والمسلحين من ايران. من ناحية أخرى ففي زمن الحرب الحاسمة، كما يشيع الوسط الحكومي في اليمن، يصير الملف اليمني ملفاً ملتهباً بين اكبر قوتين في المنطقة، احداهما ترى ان ظاهرة الحوثي في اليمن تمثل استمراراً لنهج تقويض الشرعيات العربية من لبنان الى فلسطين ومصر، في حين تمثل الاخرى تهديداً لامنها القومي انطلاقاً من حديقتها الخلفية اليمن. من هنا لا يعود غريباً ورود معلومات عن تمويل ايران وتسليحها الحوثيين وحتى مشاركة "حزب الله" في لبنان في الامرين معاً.
وفي المقابل لا يعود غريباً الحديث عن مشاركة الطيران السعودي في الحرب الدائرة. اكثر من ذلك، وبمعيار الترابط نفسه في الازمات التي تقع طهران في قلبها، ثمة من يزيد عاملاً سلبياً آخر يضاف الى عوامل تؤخر ولادة الحكومة اللبنانية برئاسة سعد الحريري، الا وهو الحرب الدائرة في محافظة صعدة اليمنية بين محورين كبيرين في المنطقة.
ومن يقف قليلاً امام تراجع "حزب الله" عن التزاماته تسهيل امر تشكيل الحكومة الجديدة باعتباره القائد الفعلي لما يسمى معارضة في لبنان، يكتشف ان ثمة اشارة صادرة من مكان ما تمنح العرقلة مساحة اضافية في الوقت والسياسة. اما "الحرب الكونية" في سبيل توزير الانسباء فعنصر صغير يجري استغلاله في سياق حسابات اكبر واكثر خطورة، وتمثّل شأناً تافهاً مقارنة بقرار الكبار الذين يلعبون على مساحة المسرح الشرق الاوسطي.
مؤسف حقاً ان يصير الحكم في لبنان معلقاً على نتائج حرب صعدة في اليمن. ومؤسف حقاً الا يبارح اطراف لبنانيون موقعاً جعلهم ويجعلهم ادوات في حروب الكبار تخاض بلحم اللبنانيين العاري.
في صعدة حرب ايرانية على حكم عربي. وفي لبنان حرب بأشكال مختلفة على مشروع وطن حر سيد مستقل.. وكلنا في الهم شرق!