تحرص السلطنة في سياستها الداخلية والخارجية على مبادئ التسامح والسلام والألفة بين الناس، بما يحفظ الأخوة بين أبناء الوطن الواحد ومع العالم الخارجي ابتداء بالجيران الأشقاء في المحيط الإقليمي إلى المحيط العربي فالدولي. هذه المبادئ المستمدة من نهج حكيم وسياسة راسخة لا تحيد السلطنة عنها، وهي تثبت يوما بعد يوم أنها بلد السلام والمحبة للجميع، تحت قيادة جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه، فقد عمل جلالته منذ أول يوم تولى فيه مقاليد الحكم وإلى الآن، على توطيد سياسة التعايش الإنساني التي تؤمن بأن الحوار الهادئ والبنّاء واحترام الذات والآخر، هو ما يحقق الاستقرار والأمن لبني الإنسانية جمعاء. وقد حرصت السلطنة دائما على حق الجيرة وأن تكون علاقتها مع الجيران قائمة على الأخوة والاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الغير. وهو ما أسس لعلاقتها مع اليمن باعتبارها جارا وشقيقا، ومن هذا المنطلق كان حرص الحكومة على سلامة أراضي اليمن ووحدته واستقراره. ولم تكن السلطنة ذات يوم ومنذ حرب الانفصال في عام 1994، منطلقا لأي معارضة دخلت إلى اليمن لمساندة الجنوب ضد الشمال أو الشمال ضد الجنوب. وإذا ما تم الترويج لأي أمر في هذا الجانب، فهو لا يعدو ما ينطبق عليه المثل: اختلاط الحابل بالنابل. وهو ما تعلمه جيدا قيادتا البلدين، في إطار سعيهما الدائم نحو المزيد من مد أواصر الإخاء وترسيخ التعاون المشترك بما يخدم المصالح الثنائية. إن ما أعلنته السلطنة أمس على لسان مصدر مسؤول في شرطة عمان السلطانية بخصوص سقوط الجنسية العمانية تلقائيا حسب القوانين المعمول بها في السلطنة، عن علي سالم البيض، يأتي ليؤكد ما تقوم عليه سياسة السلطنة في إطار ما أكدنا عليه من حرص على العلاقات الأخوية مع دول الجوار والعالم بشكل عام، وعدم التدخل في شأن الغير أو تعريض أي بلد لما يمكن أن يهدد أمنه واستقراره. إن إعلان البيض عودته للعمل السياسي واتخاذه هذا القرار دون إذن من السلطنة التي قصدها في عام 1994، ودون أي تشاور مسبق، يعد اختراقا للقوانين العمانية التي يخضع لها باعتباره يحمل الجنسية العمانية، كما يعد ما قام به نقضا لمبادئ السياسة العمانية في حرصها على وحدة اليمن واستقراره، وعدم التدخل في شؤون أي بلد آخر بشكل عام. فالسلطنة التي ظلت تحمل دائما لواء السلام والإخاء مع الجميع، وظل مواطنوها يحملون في قلوبهم وأفعالهم المحبة للآخرين وعدم التدخل في شؤونهم لا يمكن أن توافق على أن يحمل جنسيتها وينسب لها، من يفكر بأي شكل كان في بلبلة استقرار واختراق سلام الآخرين. ستظل السلطنة بلدا مضيافا ومحبا للجميع لإيمانها بالعالم الكوني والأرض التي تسع الجميع، ولكن هذا مشروط بالمبادئ الإنسانية التي تؤمن بها السياسة الحكيمة لبلادنا والتي أكدها جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه - قولا وفعلا، في أن نحترم الآخر مثلما نطالبه بأن يحترمنا. هذا الاحترام هو الذي أكسب السلطنة موقعها كرائد من رواد السلام في العالم المعاصر وباعتراف منظمات دولية كبرى، لذلك لن نرضى لمكاسبنا أن تنهدم بين ليلة وضحاها بما يخرق صورة زاهية للسلطنة قائمة على الفعل الماثل، أنتجت أدبيات مدركة ومعايشة. إن ما نؤكد عليه في هذا الإطار حرص بلادنا وتعهدها لجيرانها بشكل خاص، ولدول العالم أجمع، في أنها ستظل دائما الجار الوفي والشقيق المحب الذي لا يرضى للآخر ما لا يرضاه لنفسه. كما نؤكد أنه لا مجال أبدا لمن يريد أن يتخذ من السلطنة منطلقا لأي عمل ضد أي جار أو أي بلد في أي بقعة كانت من العالم. فالسلطنة كانت وستظل البلد الرافض للإرهاب والغلاغل السياسية والتصرفات غير المسؤولة تجاه وحدة شعوب الأرض واستقرارها. نتمنى لليمن الشقيق كل الخير والازدهار ونبارك له الاحتفال بالعيد الوطني التاسع عشر، ونؤكد حرصنا على وحدة أراضيه وعلى تطوره والتعاون المثمر معه فيما يخدم مصالحنا المشتركة وعلاقتنا الأخوية. ونؤكد مجددا أننا بلد السلام والمحبة وأن السلطنة تظل دائما أرض التسامح والأفق البعيد في النظر إلى عالم يسوده الحب والوئام والتعاون الإنساني.